بقلم: حامد بن عبدالله العلي
الاثنين, 15 مارس 2010
الإبتلاع الإيراني للكويت وأثره الكارثي على عمقـها العربي والإسلامي
لم يعـد، في ظل المؤامرة الإيرانية المكشوفة على الخليج والإحتلال الإيراني للعراق، الحديث عن أيِّ دولة من دول الخليج شأنا داخليا، هذا بصورة عامة، أمَّا الكويت خاصـة فإنَّ ما يحـدث فيها تجاوز كلَّ حدود ودرجـات الإنذار بالخطر، إلى درجـة أنَّنـا نقـول: لـو تركت الأمور تجري وشأنها، فذلك يعني كارثة وشيكـة وماحقـة للأمـِّة.
ولم يكن ما ذكره السفير الكويتي السابق في واشنطن أنَّ سياسة الكويت تجاه الخطر الإيراني ساذجة، وخطرة، سوى تعبيـر مخـفّف عن تلك الحقيقة، التي سنبسطها بعض الشيء في هذا المقـال.
كما لم يكن ما ذكره السفير الكويتي في طهران من عدم مبالاته لو سُّمي الخليج بالخليج الفارسي! إلاَّ مظهراً واحداً عابراً من مظاهر ذلك الخطـر الذي تحدث عنه السفير السابق في واشنـطن.
والحقيقة أنَّ وصف التعامل السياسي، والأمني، الكويتي مع الخطر الإيراني المستفحل بأنـَّه ساذج، بعيد أيضا عن الوصف المناسب، فهو تعامل بلغ من الحمق، إلى درجة إثارة الظنون أنـَّه تواطـؤ متعمَّـد لبيع البلـد برمتها إلى إيران، بل إهداؤها مجانا بغير ثمـن !
ومع أنَّ هذا الظن بلاريب مُستبعد، غير أنَّ مـن يتابع مجريات الأمور، لايلام أن ينساق وراءه، فالحديث في الكويت (حيث لايخفى سـر) يجري على جميع الأصعدة عن تمكين الجيوب (الإيرانية ـ الكويتية) من أخطر مفاصل الدولة بلا أدنى مبالاة من السلطة السياسية، بل بإزالة المعوقات، وفتح الأبواب الموصدة !!
كما يجري الحديـث الشعبي، وفي الوسط النخبـوي، عن فسح المجال للنشاط الإستخباراتي الإيراني، وللتابع له من محور التحالف العربي الإيراني، لتحويل الكويت إلى ساحة مثالية، ومريحـة جداً (حيث يُستقدمون وعوائلهم) لتهيئة البلاد للإحتلال الإيراني غيـر المباشـر، كما كانت تحكم سورية لبنان، وتكاد تعـود، إن لم تكـن عادت، ثم إلى إحتلال مباشـر.
وتتحـدَّث مصادر مطّلعـة أنَّ أعداد تلك العناصر الثورية، والإستخباراتية، والحزبية، التابعة لإيران، وللمحور العربي الدائر في فلكها، تضاعف أكثر من ثلاث مرات في السنوات الأربـع الأخيرة، وأمـّا ما نُشـر في بعض الصحف المحلية من أنَّ عدد الحرس الثوري الإيراني المتخفـِّي في الكويت 3 آلاف عنصر، فما هو إلاَّ عدد ضئيل جداً، تبـعاً لما نقلته تلك المصادر المطلعة.
والمتابع للمخطط الإيراني لإبتلاع الكويت يرى بوضوح أنـَّه يعمل من خلال الجيوب الموالية له من الكويتيين، ومنذ مدة طويلة على سبعـة محـاور :
أحدهـا: تشجيـع كلّ خطـاب في الكويت يفصلهـا عن إنتماءها العربي، من الدعوة المشبوهـة إلى ترك نشيد المدارس (تحيا الأمة العربية) إلى شتم العروبة، وتهجين الإنتماء إلى هويتها! لاسيما بعدما وجدت الأرضية لذلك بسبب حرب الخليج عام 90م، وكذلك بثّ كلِّ ما من شأنه أن يفصـم الكويت عن هذا العمـق، تمهيداً لتحويلها إلى حديقة خلفية لإيران، ثـم ما يلـي ذلك من مراحـل تنتهي بإبتلاعها.
وكان، ولازال الناشطون الشيعة الموالون لإيران في الوسط الإعلامي الرسمي، وغير الرسمي، يعزفون على هذه النغمـة، بمنهجيـّة ملحوظة، وقد بلغت بهم الجرأة إلى حذف تصريح رسمي لولي العهد الكويتي يؤكد وقوفه على جانب المملكة العربية السعودية ضد التمرد الحوثي، حذفه من وكالة الأنباء الكويتية!
وقـد استغلوا الضعف المنتشر في الإنتماء للهوية في الشعب، وإنشغاله بملهيات الحيـاة، في ظـلِّ طفرة الثـراء، للتغلغـل في الثقافة العربية، والإسلامية للمجتمع الكويتي، وتشويهها من الداخل.
ومن الواضح أنه من النتائج الخطيرة لهذا المحور عدم مبالاة السفير الكويتي في طهران بتسمية الخليج العربي بالفارسي !
المحور الثاني : إلهاء الوسط الاجتماعي الكويتي، لاسيما بعد إحتلال العراق، بأنَّ الخطـر على الكويت هـو من أبناء السنة فقط، بإستغلال ما يسمى (الحرب العالمية على الإرهاب).
وذلك لصرف الأنظـار بهذا الإلهـاء عن الخطر الحقيقي، وهـو الإنتشار السريع والمذهل للبنية التحتيّة التنظيمية للجيوب الإيرانية الكويتية المجنـَّدة لمشروع التوسُّع الإيراني، ولهـذا السـبب كانت تُضخـَّم الأخبار المتعلقة بـ (الإرهاب) في الكويت، مركـزة على أنـَّه الخطر الوحيد، وأنـَّه لا يأتي إلاّ من الوسط السني !
لقد كانت، وزالت، تُقام مخيمات (فضـلا عـن الكوادر الحزبية الكويتية الثورية التي تتلقى التدريب في إيران، وغيـرها من الدول العربية، بما فيها الإعداد العسكري) تدريبية للجيوب الإيرانية الكويتية في الكويت، ويجري داخلها إعداد كوادر عالية الكفاءة على جميع ما يلزم لقلـب كلِّ شيء في الكويت رأسها على عقـب، لصالح المشروع التوسعي إلإيراني، وكان يتم التكتـُّم على هذه المعلومات الخطيرة، وحجبها عن وسائـل الإعـلام، بغموض مثير للدهشة! بينـما يُطـار بأيِّ خبر عن أيِّ شاب كويتي ذهب لأفغانسـتان أو عـاد منها كأنَّ الساعة قد قامت !
ومما تسـرَّب أخيـراً في هذا الإطار، صـورٌ لمخيم لجيب إيراني كويتي، كان يقام فيه طيلة 16 عامـا، طقوسُ الإحتفاء بمـن فجـَّروا في الحرم المكيّ أواخـر الثمانينــات، وقد نُشرت إعترافاتهم آنذاك في التلفزيون السعودي أنَّ الذي كلَّفهم بالمهمة هـو المرجع الديني الأعلى للكويتييـن المواليـن لإيران فـي الكـويت بأمر من السلطات الإيرانية!، بوضع قبور وهميـّة لهم، عليها صور الخميني، وخامئنـي! في منتزه صحراوي كويتي.
المحور الثالث: إشغـال الكتلة السنيـّة في الكويت بتعصـُّبات داخليـّة، والتحريش بينها لإضعـافهـا، وتشتيتهـا، وهذا ذكرنـاه بالتفصيـل في مقال سابق بعنـوان (الكويت: صراعات هابطة في ظل أخطـار محدقـة) هنـا
المحور الرابع: تقوية العلاقات الكويتية برموز الإحتلال الإيراني للعراق على أنها الصديق للكويت في العراق الجديد، الذي سيضمن مصالح الكويت، ويكفيها الشرور، في الوقت الذي تعمل فيه هذه الرموز بما تحت يدها من إمكانات هائلة بعد إحتلال العراق، لتمديد هذا الإحتلال ليشمل الكويت.
المحور الخامس: نشر كذبة أنَّ الشيعة في الكويت هم 40% من السكان، وإعادة نشرها، وتكرار ذلك، لكي تستقر في الوعي الجماعي، ثـم يتم بناء المكاسب السياسية، والإجتماعية عليها، بينمـا كلُّ الدلائل الواضحة تشير أن نسبتهـم لاتتعدى 10% فقط، ولهذا السبب يستغل الجيب الإيراني الكويتي، دعم هذه الكذبة، بإبراز رمزيـَّات شيعية لاتعكس سوى محاولات إثبات وجود وهمي أكبـر من الواقع الفعلي، مثل بناء مساجد ضخمة على الخطوط السريعة، وتكثير الحسينيات، والمبالغة في إظهـار المآتـم الحسينية..إلخ
وجدير بالذكر هنا أنَّ ملف التجنيس في الكويت، يحمل في طيه عشرات آلاف من الشيعة الموالين للمشروع التوسُّعي الإيراني، ويستفيد الجيب الإيراني الكويتي من التركيز على هذا الملف، في رفع كذبة ألـ 40% إلى 50% !!، ولهذا يسعى الناشطون السياسيون الموالون لإيران في الكويت للإستفادة من هذا الملف.
المحور السادس : التركيـز في المنابـر الإعلامية التابعـة للجيب الإيراني الكويتي على إظهـار رموز المشروع الإيراني على أنها رموز الأمـّة، مثل قادة النظام في إيران، وحسن نصر، ومغنية..إلخ، بل حتى الحوثـي !
والغريب في الأمر أنَّ هذه الرموز الإيرانية التي تمجدُّها المنابر الاعلامية الكويتية الموالية لإيران، تعادي أميركا في الظاهـر، ومـع ذلك يتـم التعامـل أمنيـا مع تمجيدها بكلِّ هدوء !
وحتـَّى ما أثـير على تمجيد الجيب الإيراني الكويتي لمغنية الذي قام بكلِّ صور الإرهاب المحرَّم ضد الكويت، تحـوَّل إلى منافع هائلة للجيب الإيراني الكويتي، وفشلت المؤسَّستان السياسية، والأمنيـّة، فشـلا ذريعا، في ردع المحتفين بمغنية، بل كافأتهم مكافآت لم يكونوا يحلـمون بها !
بينما الرموز السنيـّة المقاومة للمشروع الصهيوأميركي، مثل المقاومة العراقية، والأفغانية، والفلسطينية، وغيـرها، تلقى من المحاربة، وتشويه الصورة، ما يثير الريبة، وكأنَّ ثمة أيدي خفية تخطط لكي لايبقى في الشعور الكويتي أيّ رمزية في الأمـّة إلاّ لمن يسيـر في ركـب المشروع الإيراني التوسعي فقط !
المحور السابع وهو الأخطـر : تخريب المنظومة الإجتماعية، والسياسية، والأمنية الكويتية الحالية، وإعادة ترتيبـها لصالح المشروع الإيراني، وشـلِّ قدرة الدولة على صنع جهاز أمني مركزي قوي يمكنـه الحفاظ على المنظـومة السياسية، والأمنية الكويتية من الإختراق الإيراني.
إنَّ المهـمة الرئيسـة للآلاف من العناصر الإيرانية والعربية الموالية لها، الموجودة في الكويت، والمدربة تدريبـا عاليا _ إلى جانب دورها التخريبي فيما لو نشبت حرب ضد إيران _ هي تأهيـل العناصر الكويتية الموالية لإيران، لوضع مشروع يعيـد ترتيـب تلك المنظومة السياسية كلَّها بالسلطتين التشريعية والتنفيذية، بما فيها وزارة الخارجية والسفارات، والأمنية الكويتية، بما فيها جهاز أمن الدولة، لكي تخرج عن السيطرة الكويتـية، وتقع كما وقعت لبنان تحت المخلب السوري، في حضـن النظام الإيراني إلى غير رجعة.
ومن الفوائد التي يجنيها النظام الإيراني بينما يجري هذا المخطط إلى نهايته، وفي أثناء ذلك، أن يثبت للغربيين نفوذه في الكويت، وقدرته على التأثير فيها، فيشكل ذلك ورقة يستعملها في المفاوضات، أو مساومة يعقد عليها بعض الصفقات، كما يستفيد من نفوذه على المقاومة الفلسطينية، ولا أستبعد أن يكون إغتيال المبحوح كان تسريبا إيرانيا، مقابل تسليم ريغي، حتى لو كانت حماس لاتدري.
وبعد هذا العرض يتبيـَّن أنَّ الكويت واقعـة فعـلاً، الآن، وإلـى لحظة كتابة هذا المقال، تحـت عملية جراحية إيرانية ضخمة، وشاملة، تجري عليها، وهي في غرفة الإنعاش، كأنـها غائبة عن وعيـها تماما !
وتجري هذه العمليـة لإجراء عملية تحويل جنسي، تحـوِّل الكويت من دولة عربية إسلامية، إلى كيان مخَـرَّب الهوية والإنتمـاء، ثم إلى حديقة خلفية لإيران وجنوب العراق، ثم إلى إبتـلاع إيراني كامل لها.
وتنعقد بصورة دوريـة إجتماعات غرف العمليات التنظيمية الكويتية للمجموعات الموالية لإيران، ولغيرها من العناصر المستقدمة إلى الكويت، لمتابعة عملية التحـوُّل هذه إلى إستكمال نجاحهـا،
يشرف عليها كلُّهـا جهاز مرتبط بالحرس الثوري الإيـراني، مسؤول عن تصدير الثورة، كما تدار كلُّ المنظمات الثورية الأممية.
والغامض في الأمر كلِّه، أنَّ هذه المعلومات كلُّها ليست خافية على الأميركيين الذي يجري هذا كلُّه حول أكبر قواعدهم العسكرية في الخليج، كما يجـري أضعافـه في العراق !
وختاما نقول إنه ما لـم يتـمّ تدخل سريع لـوقف هذا الإبتلاع الخطيـر، فإن (لبننة) الكويت، في طريـق إنتزاعها من عمقـها الخليج، والعربي، والإسلامي، ثم وقوعها تحت الإحتلال الفارسي، سيكون نتيجة حتمية في ظـلِّ إدارة حكـم أصبحت مضرب المثل في (سذاجتها) وضعفها، وتخبطـِّها، وضياعـها.
ثم بعد ذلك ستقـع الكارثة العظمـى على الأمَّـة بأسـرها.
نقـول هذا محذِّرين، مع أننا بحمد الله متفائلون بأن المخطط التوسعي الإيراني سيفشل، ويتهاوى، وسيكون ذلك أسـرع، بإذن الله تعالى، من المتوقـَّع، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلـمون.