تفتيت القضية السورية
تبدأ اليوم الاثنين الجولة الثانية من مؤتمر جنيف 2 بين الوفد الذي شكّله الائتلاف الوطني السوري المعارض ووفد النظام السوري، وذلك خلال جلستين صباحيتين منفصلتين.
منذ بداية الثورة السورية, قبل عدة سنوات, كانت هناك قضية رئيسية, تشغل بال الثوار جميعهم, وتشغل بال العالم كله, وهي كيف يمكن للثورة السورية أن تنتصر؟, وما هي المدة التي تحتاجها لتحقيق هذا الانتصار؟, وما هو مصير نظام بشار الأسد؟, وهل سيكرر الأنموذج المصري بالرحيل الطوعي, أم الليبي بالإصرار حتى الممات, أم التونسي بالمنفى الاختياري, أم اليمني بتوريث السلطة؟.
وعلى الرغم من محورية الهدف ووضوحه, إلا أن الأمور باتت مختلفة بعد تلك السنوات من عمر الثورة السورية, إذ تشعبت الأهداف, وتعددت الأغراض, ودخلت القضية السورية في نفق متعرج ومتشعب, يصعب التنبؤ بنتيجته في ظل تلك الظروف.
لقد أصبح الحصول على مكاسب سياسية من المفاوضات التي تتم في جنيف, احد أهم الأهداف التي تتجمع وتتفرق حولها الفصائل السورية المختلفة, بين من يرى أن ذلك المسلك هو الاوفق , وبين من يراه منزلقا , يأخذ القضية السورية إلى منزلق خطر, وينذر بفلسطنة القضية.
ثم جاء الخلاف, الثاني, حول تلك الفصائل المنحرفة, والمشبوهة في نشأتها ومسلكها وأهدافها, والتي أرادت أن تأخذ القضية إلى منحى آخر, ووجهت سهامها إلى الفصائل الحرة المناضلة, بدلا من أن توجه قوتها إلى النظام المجرم الذي يبيد شعبه بالبراميل والقنابل المتفجرة, وهو الأمر الذي ينذر بحرب أهلية تأتي على خضراء سوريا.
ثم تنامى الحديث عن مكافحة ما يسمى بالإرهاب في سوريا, وتباينت الآراء العالمية, بين من يرى أن الضرورة الآن هي مكافحة الإرهاب, وبين من يرى أن مكافحة الإرهاب تأتي إلى جانب النضال لإسقاط نظام بشار الأسد, لأنه من مسببات نشأة الإرهاب, وهو الأمر الذي أحدث انقساما في المجتمع الدولي حيال الهدف الرئيس في سوريا.
إن الثوار في سوريا يجب ألا تشغلهم تعرجات الطريق عن الهدف الرئيس وهو إزاحة نظام الأسد, لأنه رأس الفساد, وهو منبع الشرور في سوريا, وبإنهاء نظامه, تقف جل تلك المخاطر, والانشغال بها, سيعطي قبلة الحياة لهذا النظام الفاسد, ولن ينهي تلك المخاطر.
كما أن على الدول الإقليمية الصديقة التي يعنيها نجاح الثورة في سوريا أن تدعم وبقوة الهدف الرئيس وهو إسقاط نظام بشار الأسد, ولتدع جانبا , كل ما يمكن أن يعوق ذلك الهدف, لان كل انشغال بغير ذلك الهدف, سيعطى لهذا النظام المزيد من الوقت لكسب المعركة.