الخلاصه :
-أول معصية لله ارتكبت بسبب عدم هذا الامتثال فحينما أمر الله سبحانه وتعالى إبليس بالسجود لآدم عليه السلام استكبر وعصى واستبد برأيه فقارن بين خلقه وخلق آدم عليه السلام (قال أنا خير منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طين) فلم يمتثل للأمر طلباً للسبب الذي يسجد لأجله الفاضل للمفضول حسب رأيه، فلما لم يدرك عقله السبب رفض الامتثال فكانت المعصية وكانت العقوبة
- العقل مهما بلغ من القوة والذكاء ليس إلا حاسة من الحواس التي تربطنا بعالمنا المحدود، فكما يكون للعين مدى تنتهي عنده مقدرتها على الإبصار فلا تدرك ما وراء هذا المدى من مرئيات إلا أشباحاً باهتة وصوراً شائهة لا تغني من الحق شيئاً.. وكذلك الشأن في كل حاسة من حواسنا لكل مجال تعمل فيه، وتؤدي وظيفتها كاملة في حدوده، فإذا أريد بها الخروج عن هذا المجال ضلت وأضلت .
فكما أن الله أمرنا بأن نتفكّر بالنظر من باب التدبّر كذلك جعل لهذه الحاسّه (البصر) حدود لاتتجاوزها والا ننال العقاب الشديد كما حصل مع قوم موسى قال تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ)
-إن تقديم العقل على الشرع يتضمن القدح في العقل والشرع؛ لأن العقل قد شهد للوحي بأنه أعلم منه وأنه لا نسبة له إليه، وأن نسبة علومه ومعارضه إلى الوحي، أقل من خردلة بالإضافة إلى جبل أو تلك التي تَعْلق بالإصبع بالنسبة إلى البحر، فلو قدم حكم العقل عليه لكان ذلك قدحاً في شهادته، وإذا بطلت شهادته بطل قبول قوله، فتقديم العقل على الوحي، يتضمن القدح فيه وفي الشرع ايضاً .
- أن طالب الهدى في غير القرآن والسنة. قد شهد الله ورسوله له الضلال، فكيف يكون عقل الذي قد أضله الله مقدماً على كتاب الله وسنة رسوله؟ قال تعالى في أرباب العقول التي عارضوا بها وحيه: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) . وقال: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) .وقال فيمن قدم عقله على ما جاء به: (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جآءهم من ربهم الهدى)، والقرآن مملوء بوصف من قدم عقله على ما جاء به بالضلال.
- إن هؤلاء المعارضين للوحي بعقولهم ارتكبوا أربع عظائم:
إحداها : ردهم لنصوص الأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم-
الثانية: إساءة الظن به، وجعله منافياً للعقل، مناقضاً له.
الثالثة: جنايتهم على العقل بردهم ما يوافق النصوص من المعقول؛ فإن موافقة العقل للنصوص التي زعموا أن العقل يردها أظهر للعقل من معارضته لها،
الرابعة: تكفيرهم أو تبديعهم وتضليلهم لمن خالفهم في أصولهم، التي اخترعوها، وأقوالهم التي ابتدعوها، مع أنها مخالفة للعقل والنقل، فصوبوا رأي من تمسك بالقول المخالف للعقل والنقل، وخطئوا من تمسك بما يوافقهما، وراج ذلك على من لم يجعل الله له نوراً، ولم يشرق على قلبه نور النبوة .
- أن من عارض بين الوحي والعقل فقد قال بتكافؤ الأدلة، لأن العقل الصحيح لا يكذب، والوحي أصدق منه، وهما دليلان صادقان، فإذا تعارضا تكافئا، فإن لم يقدم أحدهما بقي في الحيرة والشك وإن قدم أحدهما على الآخر أبطل موجب الدليل الصحيح، وأخرجه عن كونه دليلاً، فيبقى حائراً بين أمرين لابد له من أحدهما، إما أن يسيء الظن بالوحي، أو بالعقل، والعقل عنده أصل الوحي، فلا يمكنه أن يسيء الظن به، فيسطو على الوحي تارة بالتحريف، والتأويل، وتارة بالتخييل، وتارة بالدفع والتكذيب، إن أمكن، وذلك في نصوص السنة، وتارة يدعي ذلك في نصوص القرآن .