الأدلة الشيعية والعقلية على أن
تقليد المراجع من الأمور البدعية
بقلم : عبد الله الحمدان
لا يوجد دليل يقضي بالتزام مرجعا يقلده العامي ويعتمد عليه في مسائل الاجتهاد وما يشكل عليه .
إن هذا الأمر محدث لم يكن يعرف من قبل
فالقارئ لكتب الشيعة الإمامية المتقدمين مؤسسي ومدوني المذهب يجد أنهم لم يتعرضوا
لمصطلح المرجعية والتقليد ، بل على العكس تماما فقد حذروا من التقليد ونهوا عنه .
الشيخ محمد الطوسي : التقليد قبيح في العقول
قال الشيخ محمّد بن الحسن الطوسي الملقب بشيخالطائفة في كتابه الاقتصاد قائلاً :
( التقليد إن أريد به قبول قولالغير من غير حجة - وهو حقيقة التقليد - فذلك قبيح في
العقول ، لأن فيه إقداما علىما لا يأمن كون ما يعتقده عند التقليد
جهلا لتعريه من الدليل ، والإقدام على ذلكقبيح في العقول .
ولأنه ليس في العقول تقليد الموحد أولى من تقليد الملحدإذا رفعناالنظر والبحث عن أوهامنا ولا يجوز
أن يتساوى الحق والباطلالاقتصاد - الشيخالطوسي - ص 10 – 11
الدين يؤخذ من الكتاب والسنة وليس من أفواه الرجال :
ونقل العاملي عن أمير المؤمنين ) عليه السلام ) أنه قال : ( من أخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال ،
ومن أخذدينه من الكتاب والسنة زالت الجبال ولم يزل) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحرالعاملي - ج 27 - ص 132
وفي ظل الرواية السابقة حق لنا أن نتساءل عن الكم الهائل من الفتاوى التي لا تربطك بالكتاب والسنة كما قال
أمير المؤمنين ( وفق مانقلوا ) والنتيجة سوف تكون الزوال كما هي نتيجة الرواية .
وذكر الشيخ المفيد التقليد في كتابه ( تصحيح اعتقادات الإمامية) ناهيا عنهمستعينا بالروايات الناهية عن الإتباع والتقليد
لغير المعصوم نقل منها :
قال الإمام الصادق - عليه السلام - : إياكم والتقليد ، فإنه من قلد فيدينه هلك إن الله تعالى يقول
( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) فلاوالله ما صلوا لهم ولا صاموا ،
ولكنهم أحلوا لهم حراما ، وحرموا عليهم - حلالا ،فقلدوهم في ذلك ، فعبدوهم وهم لا يشعرون) .
وقال - عليه السلام - : ( من أجابناطقا فقد عبده ، فإن كان الناطق عن الله تعالى فقد عبد الله ، وإن كان الناطق
عن الشيطان فقد عبد الشيطان ( .
وقفة مع الروايتين السابقتين
1- رواية : إياكم والتقليد وتفسير آية عبادة الأحبار والرهبان :
لو قال قائل : التقليد المنهي في رواية الإمام جعفر الصادق إنما هو في الأصول نقول له : تحليل الحرام وتحريم الحلال
يقع في الفروع أظهر وأخص . فإن لم يكن التحليل
والتحريم في الفروع خاصة فلا أقل أن يكون في الأصول والفروع ، فإخراج الفروع من النهي وتسليطه على الأصول
غير مفهوم من الرواية .
إذن التقليد في الدين أصوله وفروعه مهلك . ولا أقل من أن تكون هذه الرواية ناقوس
خطر وإشارة تنبيه وتحذير من خطر التقليد
2- رواية : ( من أجاب ناطقا فقدعبده ، فإن كان الناطقعن الله
تعالى فقد عبد الله ، وإن كان الناطق عن الشيطان فقدعبد الشيطان) .
الراوية واضحة جدا إن إجابة الناطق عن الفروع والمسائل الاجتهادية .
لأن الأصول لا يسأل عنها لأنه لا يجوز التقليد في الأصول . فأي عبارة أوضح من ذلك ؟!
الشيخ الخوئي والاجتهاد والتقليد :
الخوئي ممن يقول بوجوب التقليد ( عقلياً )أما بالنسبة للروايات فيرى أنه لا توجد روايات تدل على وجوب التقليد :
" ثم إن التكلم في مفهوم التقليد لا يكاد أن يترتب عليه ثمرة فقهية اللهم إلا فيالنذر .
وذلك لعدم وروده في شيء من الروايات . نعم ورد في رواية الاحتجاج فأما منكان من الفقهاء صائنا لنفسه ،
حافظا لدينه مخالفا على هواه .
مطيعا لأمر مولاهفللعوام أن يقلدوه إلا أنها رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد )
كتاب الاجتهادوالتقليد - السيد الخوئي - شرح ص 81
وبعد تضعيف الخوئي بتضعيف للرواية السابقة يصرح أنه لا دليل على وجوب التقليد إلا العقل فيقول
في كتابه الاجتهاد والتقليد :
" الاجتهاد والتقليد [ 1 ] مسألة 1 : يجب على كل مكلف
وهل هذا الوجوب شرعي ( نفسي أو طريقي أو غيري) أو أنه عقلي ؟
الصحيح أنه عقلي ومعنى ذلك أن العقل يدرك أن في ارتكاب المحرّم
وترك الواجب من دون استناد إلى الحجة استحقاقا للعقاب ،
كما أن في ارتكاب المشتبهات احتمال العقاب لتنجز الأحكام الواقعية
على المكلفين بالعلم الإجمالي أو بالاحتمال كما يأتي تفصيله فلا مناص لدى
العقل من تحصيل ما هو المؤمّن من العقاب ... " كتابالاجتهاد والتقليد للخوئي ص12 .
رد وجوب التقليد عقليا بنفس منطقهم :
ولما كان الدليل لا يخدم المعاصرين ( كما صرح الخوئي ) جعلوا الأمر مرده للعقل فقالوا من البديهي
أن كل صاحب صنعة عالم بصنعته تقصده الناس في صنعته كالنجار والحداد والخياط ،
والدين أولى فالناس ليس كلهم علماء فطبيعي أن يسأل الجاهل العالم .
فنقول لهم :
العقل وسيلة فهم للنص وليس مصدرا للشرع بمثابة النص ؛ ولإن هذا ليس بحثنا
( وقد تطرقت له في مقال مستقل بعنوان : العقل بين السنة والشيعة )
فسوف أتنزل معكم لأقول :
الكلام ليس هل أقصد صاحب الشأن والصنعة أو لا أقصده
الكلام لماذا تفرضون أن ألزم صاحب الصنعة ولا أحيد عنه ؟!
الكلام لماذا تؤثمني إن ذهبت إلى صانع ( عالم ) آخر ؟!
العقل الذي تستدلون به يخالفكم ولا يستقيم لكم ، وحقيقة أنتم لا تعملون بمضمون ما تقولون ؛
فالعقل يقول لي المهم الكفاءة والجدارة ..
والإتقان أمر واسع لا يحتكره واحد أو اثنين أو مائة .....
العقل يقول لي لوجدت الأتقن لتركت المتقن
ولو وجدت الأعلى اتقانا لتركتهم وذهبت إليه .
والعقل يقول لي لا أحد يخطئني ، بل العقلاء يعدون هذا مني حرصا وفطنة
فسؤال أهل العلم معلوم شرعا وعقلا فيما يشكل على المسلم ، لكن الإلزام بعالم
مرجع لا أحيد عنه أمر باطل .
إنما هو سؤال أهل العلم وصفا لا عينا أو تحديدا .
وعودٌ على إلزامكم العقلي أقول : هذا البديهية هي ما جاءت في كتاب الله حيث
قال ربنا : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " فالسؤال إنما يكون عند الجهل .
فلا دليل شرعي يلزمني بأن ألتزم عالما معينا لا أحيد عنه كما سبق معنا
ولا دليل عقلي كذلك كما تبين .
وما أحسن كلام ربنا عندما ربط الأمر بالدليل لا العالم
فإن العالم فبشر وأما الوحي فشرع محفوظ .
قال الله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون . بالبيانات والزبر "
فالأمر مرده للبياناتالتي هي الحججوالزبرالتي هي الوحي المنزل .
فلاحظ كيف ربط الله الحق بالدليل لا القائل .
الشيخ محمد مهدي شمس الدين والتقليد والمرجعية :
الشيخ محمد مهدي شمس الدين وهو أحد علماء الشيعة ومحدثيها ومن الداعين
للتجديد .
يقول الشيخ شمس الدين : مصطلح تقليد ومصطلح مرجعية غير موجودين :
" مصطلح تقليد ومصطلح مرجعية. هذان المصطلحان وما يرادفهما ويناسبهما غير موجودين في أي نص شرعي ،
وإنما هما مستحدثان ، وليس لهما أساس من حيث كونهما تعبيران يدلان على مؤسسة تقليد هي مؤسسة ومرجعية.
هي مرجعية التقليد ، يعني مؤسسة من حيث كونهما اثنين لمؤسسة، ليس لهما من الأخبار والآثار
فضلاً عن الكتاب والكريم علماً ولا أثراً .
كل ما هو موجود بالنسبة لمادة قلّد خبر ضعيف لا قيمة له من الناحية الاستنباطية إطلاقاً، وهو المرسل الشهير
عن أبي الحسن، عن أبي محمد الحسن العسكري ( رض )، ومتداول على السنة الناس : من كان من الفقهاء صائناً لدينه ،
مخالفاً لهواه ، مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه .
مادة قلّد موجود فقط بهذا النص ، ولكن لا يعتمد عليه إطلاقا. هذا تقليد ، ومقلّد ومُقلّد لا أساس له . ومرجع لا أساس له.
المصدر : المرجعية والتقليد عند الشيعة، لمحمد مهدي شمس الدين في محاضرة ألقيت في ذكرى مقتل محمد باقر الصدر عام 1994م
ويقول الشيخ شمس الدين : مصطلح مرجع أعلى نحن الذي اخترعناه في النجف
" هذا المصطلح (مرجع أعلى ) لا أساس له إطلاقاً بالشرع ، ولا أساس له قبل الشرع الإسلامي في الفكر الإسلامي،
أصلا لا يوجد في الفكر الإسلامي، ولا الشرع الإسلامي خارج نطاق المعصومين، خارج نطاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
ولا المعصومين الأئمة عليهم السلام، لا يوجد مرجع أعلى على الإطلاق. وأقول للتاريخ إننا في عهد الشهيد
السيد محمد باقر الصدر نحن مجموعة من الناس، وأنا واحد منهم رحم الله من توفاه،
وحفظ الله من بقي حياً، نحن اخترعنا هذا المصطلح. في النجف اخترعنا مصطلح مرجع أعلى.
وقبل مرحلة الستينات لا يوجد في أدبيات الفكر الإسلامي الشيعي هذا المصطلح على الإطلاق. هذا المصطلح نحن
أوجدناه السيد محمد باقر الحكيم، السيد محمد مهدي الحكيم، السيد محمد بحر العلوم،
ولعله يمكن أن أقول بنحو المصادفة إن جانب السيد الشهيد (رض) كان من الرعيل الأول، وهو أعلاهم وأسماهم. والداعي
أنا محمد مهدي شمس الدين، كنا مجموعة نعمل في مواجهة نظام عبدا لكريم قاسم المؤيد للشيوعة في نطاق جماعة العلماء,
وفي نطاق مجلة الأضواء، وأردنا أن نوجه خطاباً سياسياً للخارج،
سواء كانت مرجعية السيد الحكيم (رض) هي المرجعية البارزة وليست الوحيدة، أو كانت مرجعية السيد البروجردي
في إيران هي المرجعية البارزة.
اخترعنا هذا المصطلح واستعملناه، وآسف إذا أصبح مصطلحاً رائجاً، وهو لا أساس له على الإطلاق،
استخدمناه وأفادنا كثيراً، ولكن نحن استخدمناه كآلية لا نريده، ولا نريده غلاً، ولا نريده عائقاً. - المصدر السابق .
أخوكم عبد الله الحمدان
@yshe37
01-09-13, 07:55 PM
العرض العادي
