كسر أنف العنيد الطاعن في يزيد [ تدليس وكذب محامي الخيبة في كتابه] " وثائق "
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلي يوم الدين , ولعن الله تبارك وتعالى أعدائهم إلي يوم الدين , وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله أدى الرسالة وبلغ الأمانة ونصح الأمة وكشف الله تبارك وتعالى به الغمة , وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغُ عنها إلا هالك , أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد : فالذي دفعني لكتابة هذا البحث حول ما كتبهُ [ محامي أهل البيت ] في الطعن في يزيد بن معاوية رضي الله تعالى عنهُ في كتابه [ كسر انف العنيد المدافع عن يزيد ] وهذا الكتاب مليء بالكذب والاخلاط والله تعالى المستعان .
- يزيد ورأس الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهُ .
قال شيخنا عثمان الخميس حقبة من التاريخ (ص142) : " ذكر أن رأس الحسين أرسل إلي يزيد هذا أيضاً كذب , لم يثبت , بل إن رأس الحسين بقي عند عبيد الله في الكوفة " نقلهُ محمد زكريا اللامرادي في كتابهِ ( ص5 ) من النسخة المطبوعة , ورد على الشيخ عثمان الخميس بالسب والشتمِ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , فهذا ديدنُ من لا يملك الحجة في المسائل الحديثية والله المستعان .
فقال محمد زكريا اللامرادي ص5 : " بل ثبت وينطبق عليك قول القائل ....
كذبت وآيم الذي حج الحجيج لهُ *** وقد ركبت ضلالا منك بهتانا " . أهــ ...
قلتُ : وأما ما ذكره محمد زكريا اللامرادي من الشعر في حق شيخنا عثمان الخميس فعليه ينزل , وينطبق لأن الكذب أصبح لعبة عند الرافضة والله تعالى المستعان فأقول لمحمد زكريا اللامرادي في كتابه هذا ينطبق عليك قول الشاعر حين يقول ...
كذبت والذي فطر السماء بلا عمدٍ *** ضالاً كالانعامِ الجاهلة تركبُ ..
ثم قال محمد زكريا اللامرداي في كتابهِ ص 5 : " وإليك أيها المنصف كذب هذا الرجل " . ثم ذكر محمد زكريا اللامرادي في كتابه في نفس المصدر الرواية التي زعم أنها تثبت أن يزيد بن معاوية أساء إلي الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهُ حيث قال محمد زكريا اللامرادي في نفس المصدري .. وهذه صورة منهُ .

قلتُ ورجال هذا الخبر ثقات إلا خالد بن خداش , وقد نقل اللامرادي (ص7) توثيقاً لهُ إلا أن هذ التوثيق محل نظر عندنا , فوجب على محمد زكريا اللامرادي أن يتمعن النصوص العلمية حق تمعن قبل أن ينقل ما لا يفهمهُ , فقد كسر انفه بنفسهِ وأثبت لنا أنهُ لا طاقة له بعلم الحديث ولا بأهلهِ والله تعالى المستعان , وسنعرف حال الرجل بإذن الله وإليكم بيان كذب هذا المفتري المكنى بــ [ محامي أهل البيت ] وهم براء منهُ .
قال ابن الجوزي : أنبأ عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأ أبو الحسين بن عبد الجبار قال أنبأ الحسين بن علي الطناجيري ثنا خالد بن خداش قال ثنا حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن أبي الوضئ قال نحرت الإبل التي حمل عليها رأس الحسين و أصحابها فلم يستطيعوا أكلها كانت لحومها أمر من الصبر .فلما وصلت الرؤوس إلى يزيد جلس و دعا بأشراف الشام فأجلسهم حوله ثم وضع الرأس بين يديه ، وجعل ينكت بالقضيب على فيه و يقول : نفلق هاما من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعق و أظلما . قلتُ : تعس اللامرادي فإن هذا ليس من متن الرواية وهي صحيحة الإسناد ورجالهم ثقات غير خالد وهو صدوق حسن الحديث , ولكن محمد زكريلا اللامرادي جعل كلام إبن الجوزي رحمه الله تعالى ضمن الرواية وهذا خطأ شنيع وتحريف للنص .
فمن تدليس محمد زكريلا اللامرادي إلصاق هذا الكلام لمتن الرواية .
صورة من كتاب [ كسر أنف العنيد ] لمحمد زكريا اللامرادي .

وفي الصفحات " 6 , 7 , 8 " لم ينسب محمد زكريا اللامرادي النص إلي إبن الجوزي , بل أوهم القارئ أن النص من متن الرواية وهذا تحريف للرواية ناهيك عن نقل محمد زكريا اللامرادي عن إبن الجوزي في كتاب [ الرد على المتعصب العنيد ] وهذا كذب صريح فإن المؤلف فرق بين النص الذي هو متن الرواية وبين كلامهِ كما سنرى في الوثيقة التالية .


فلماذا حرف محمد زكريا اللامرادي نص الرواية في كتاب إبن الجوزي كما في كتابهِ كسر أنف العنيد , وأصل الرواية عند منفصل عن كلام إبن الجوزي , وقد نقل إبن الجوزي في المنتظم ما يثبت أن هذا من كلامهِ , وليس من متن الرواية فربما إختلط على محامي الخيبة , أو أراد أن يحرف النص فيجعل كلام إبن الجوزي ضمن متن الرواية وهذا تحريف.
المنتظم لأبن الجوزي (5/342-243) : " أنبأ عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأ أبو الحسين بن عبد الجبار قال أنبأ الحسين بن علي الطناجيري ثنا خالد بن خداش قال ثنا حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن أبي الوضئ قال نحرت الإبل التي حمل عليها رأس الحسين و أصحابها فلم يستطيعوا أكلها كانت لحومها أمر من الصبر .
قال المؤلف : فلما وصلت الرؤوس إلى يزيد جلس و دعا بأشراف الشام فأجلسهم حوله ثم وضع الرأس بين يديه ، وجعل ينكت بالقضيب على فيه و يقول : نفلق هاما من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعق و أظلما " وإن لم تخني ذاكرتي فقد نقل الزميل الكريم أبي بكر الخلال في أحد مواضيعه هذا النص , وهو منهُ والله تعالى الموفق والمعين . وليعلم محمد زكريا اللامرادي أن هذا الخبر من كلام إبن الجوزي وليس من متن الرواية التي نقلها في الرد على المتعصب العنيد .


أما وقد تبين أن محامي أهل البيت , كذب ودلس وأوهم القارئ أن هذه الرواية في متنها ما قاله إبن الجوزي في المنتظم , وفي الرد على المتعصب العنيد كما في الوثائق أعلاه , فوجب التنبيه إلي هذا الكذب والتدليس فما أكثر ما كذب هذا الرافضي في كتابه المزعوم , والحقيقة أن هذا الكلام ليس من المتن , ناهيك عن الإنقطاع في الرواية , بين الطناجيري وبين خالد بن خداش , وكلام اللامرادي ونقله عن إبن الجوزي رد عليه إبن تيمية في منهاج السنة , حيث نفى شيخ الإسلام إبن تيمية كون رأس الحسين أرسلت إلي يزيد في الشام فالرواية صحيحة وقد وصلها إبن الجوزي في المنتظم .
ونقل اللامرادي (ص 9 , 10 ) هذه الرواية عن الطبراني في المعجم : " وعن الضحاك بن عثمان قال خرج الحسين بن علي إلى الكوفة ساخطا لولاية يزيد بن معاوية فكتب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد وهو واليه على العراق انه قد بلغني ان حسينا قد سار إلى الكوفة وقد ابتلى به زمانك من بين الازمان وبلدك من بين البلدان وابتلت به من بين العمال وعندها تعتق أو تعود عبدا كما تعتبد العبيد فقتله عبيد الله بن زياد وبعث برأسه إليه فلما وضع بين يديه تمثل بقوله الحصين بن حمام المرى: نفلق هاما من رجال أحبة ... الينا وهم كانوا أعق وأظلم " قلتُ : وقد علق الهيثمي على هذه الرواية في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (4/187) : " رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا ان الضحاك لم يدرك القصة " أهـ عن الهيثمي في مجمع الزوائد والله أعلم .
قال محمد زكريا اللامرادي صفحة (10 , 11 ) : " 2739- حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج المصري ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثني الليث ، قال : أبى الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما أن يستأسر ، فقاتلوه فقتلوه ، وقتلوا ابنيه وأصحابه الذين قاتلوا منه بمكان يقال له : الطف ، وانطلق بعلي بن حسين ، وفاطمة بنت حسين ، وسكينة بنت حسين إلى عبيد الله بن زياد ، وعلي يومئذ غلام قد بلغ ، فبعث بهم إلى يزيد بن معاوية ، فأمر بسكينة فجعلها خلف سريره لئلا ترى رأس أبيها وذوي قرابتها ، وعلي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما في غل ، فوضع رأسه ، فضرب على ثنيتي الحسين رضي الله تعالى عنه ، فقال : نفلق هاما من رجال أحبة إلينا وهم كانوا أعق وأظلما فقال علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه : {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبلأن نبرأها إن ذلك على الله يسير} [الحديد : 22] ، فثقل على يزيد أن يتمثل ببيت شعر ، وتلا علي آية من كتاب الله عز وجل ، فقال يزيد : بل بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ، فقال علي رضي الله تعالى عنه : " أما والله لو رآنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مغلولين لأحب أن يخلينا من الغل " ، قال : صدقت ، فخلوهم من الغل ، قال : " ولو وقفنا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعد لأحب أن يقربنا " ، قال : صدقت ، فقربوهم ، فجعلت فاطمة وسكينة يتطاولان لتريا رأس أبيهما ، وجعل يزيد يتطاول في مجلسه ليستر عنهما رأس أبيهما ، ثم أمر بهم فجهزوا ، فأصلح إليهم ، وأخرجوا إلى المدينة " قلتُ : تفرد بهذا الخبر أبو الزنباع ورواية يحيى بن بكير في صحيح البخاري إن لم تخني ذاكرتي منتقاه ما صح منها .
قال الحافظ ابن كثير: «فكلّ مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين t، فإنه من سادات المسلمين، و علماء الصحابة و ابن بنت رسول الله التي هي أفضل بناته. و قد كان عابداً و سخيَّاً. و لكن لا يحسن ما يفعله الناس من إظهار الجزع و الحزن الذي لعل أكثره تصنُّعٌ و رياء. و قد كان أبوه أفضل منه فقتل، و هم لا يتَّخذون مقتله مأتماً كيوم مقتل الحسين. فإن أباه قتل يوم الجمعة و هو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين... و رسول الله سيد ولد آدم في الدنيا و الآخرة، و قد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، و لم يتَّخذ أحدٌ يوم موتهم مأتماً، و لا ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم. و قبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء يوم مقتل الحسين من الأمور المتقدمة، مثل كسوف الشمس و الحمرة التي تطلع في السماء و غير ذلك».
و لم يثبُت أنَّ رأس الحسين أُرسِل إلى يزيد بالشام بل الصحيح أن الحسين قتِل في كربلاء و رأسه أخِذ إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة، وقد ورد ذكر رأس الحسين بن علي رضي الله تعالى عنه في روايات الرافضة , فإن الحسين بن علي بن أبي طالب من الصحابة ومن لم يحزن لمقتلهِ ولكن لا نفعل ما فعلت الرافضة أخزاهم الله تعالى ... !!!
ورواها صاحب تذكرة الخواص بن السبط الجوزي مرسلة أيضًا، رواها السيد بن طاووس مرسلة (الملهوف ص 79)، يبدو لي أن هذه الرواية منحولة، وقد أُضيفت فيما بعد على مرويات المقتل لأغراض سياسية أو غيرها، على أن صاحب مقاتل الطالبيين يوردها مختصرة ببيتين فقط ولكن بلغة التمريض (... وقيل إنه -يزيد بن معاوية- إنّه تمثل أيضًا والرأس بين يديه بقول عبد الله بن الزبعري...) (ص 80).
يبدو لي أن الرواية مضافة إلى مرويات الطف، صحيحها وكاذبها، فهي لم تُذكر في المصادر المعتبرة، كالطبري، وتاريخ خليفة، وتاريخ المسعودي، واليعقوبي، وما إلى ذلك من مصادر مهمة أخرى، ومما يزيد درجة الشك بها، أن الأبيات المذكورة أصلاً للزبعري كان قد أنشدها بعد معركة أحد تشفيًا بالمؤمنين، وقد ذكرها صاحب السيرة ابن هشام هناك. وفي رواية للمصنف الخوارزمي هذا: [... ثم دعا بقضيب خيزران فجعل ينكت به ثنايا الحسين عليه السلام وهو يقول لقد كان أبو عبد الله حسن المضحك، فأقبل أبو برزة الأسلمي أو غيره من الصحابة...) (ص 57) ويستدرك بالقول: (وقيل: إن الذي رد عليه ليس أبا برزة، بل هو سمرة بن جندب...).
الذي يمكن أن أخلص له من كل هذا السرد أن القدر المتيقن هو أن رأس الحسين حُمِل إلى عبيد الله بن زياد، وهذا أرسله إلى يزيد بن معاوية في الشام، وإن ضرب الشفتين كان من صنيع عبيد الله بن زياد.
أُرَجِّح بأن هذه الرواية لا تتمتع بدواعي القبول الذي يمكن أن تطمئن له النفس، ويبدو لي من الصعب على يزيد أن يمارس مثل هذا العمل القاسي مع الحسين، ومن ثم، أي شفة تبقى بعد هذا التجوال الطويل في عالم الصحراء والشمس والعطش والحر؟! ناهيك عن إشارة شيخ الإسلام إبن تيمية في المنهاج أن رأس الحسين لم يرسل إلي يزيد بن معاوية , ولا يمكن أن يكون يزيد بن معاوية هو من فعل هذا بالحسين رضي الله تعالى عنهُ , وإن هذا من أوهام الرافضة أخزاهم الله تعالى وأصلح من عقل منهم .