العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-03-13, 07:44 AM   رقم المشاركة : 1
سلالة الصحابه ...
عضو ذهبي







سلالة الصحابه ... غير متصل

سلالة الصحابه ... is on a distinguished road


(بين الشيعة والمجوس) لأبي يحيى الخنفري (1)/ [النكاح في فارس القديمة]

بسمِ اللهِ الرحمَنِ الرحِيم.

في هذَا الموضُوع ومواضيع قادمَة -إن شاء الله- نتناولُ قبساتٍ من كتابِ الرسالة الخنفريّة في الرد على الشيعةِ الجعفريّة. أثبت فيها المؤلف بالأدلةِ والمستندات العلمية ارتباطَ التشيع بالمجوسيّة. وأن ذلك لم يكن مجرّد دعاوى سائبة مُلقاة. يتناقلها الكثير دونَ أدنى دليل أو بيّنة.


النكاح في فارس القديمة


وقبل أن نبدأ الحديث، نود أن نشير إلى أمر هام في هذا المقام، فقد تكلّم عدد كبير من الباحثين عن الفرق بين مصطلحي (الزرادشتية) و(المجوسية)، وتباينت آراء كثيرة في هذا الصدد. فمنهم من قال: إنهما واحد، ومنهم من قال: إن المجوس نسبة إلى رجل، ومنهم من نسبه إلى الفرس. وغير ذلك من الآراء.

والصحيح؛ أن المجوس هم قبيلة من شعب الميديين الذين سكنوا أواسط آسيا قبل الميلاد، واشتهر عنهم السحر والتنجيم، وطرد الأرواح.وكانوا يؤمنون بالديانات الهندوإيرانية القديمة، حتى نشأ فيهم زرادشت، فاعتنقوا دينه، وحملوا رايته لنشره، فسموا بالمجوس الزرادشتيين. ولكن يظهر أنهم أدخلوا إلى الدين الزرادشتي، كثيراً من عقائدهم القديمة بعد موت زرادشت.

وبعد أن انتشرت الديانة في أواسط آسيا، وخصوصاً إيران وأذربيجان، أصبح مصطلح (المجوس) يعبّر عن كل أتباع الديانة، وليس فقط قوم المجوس.

وعندما يقول العرب المجوسية أو دين المجوس، فإنهم يعنون الزرادشتية، ويعنون بالمجوس أتباع الديانة الزرادشتية، إذ أنهم لم يعهدوا كلمة (زرادشتية) عندهم.

ومن المعلوم أن الفرس كانوا سبّاقين إلى التشيّع، منذ مطلع القرن الثالث الهجري، بعد أن أبدوا تعاطفهم مع ثورات العلويين، التي كانت تنادي بأحقية استخلاف أهل البيت.

واستقبل الفرس الدعوة بكل ترحيب، فهي تذكّرهم بالملكية الوراثية التي ألفها الفارسي، في عصور ما قبل الإسلام، ويستسيغها عقله، أكثر من الخلافة، القائمة على المبايعة.

فأعانهم هذا الأمر على الاندماج مع تلك الدعوة واتّباعها، فتشيّع كثيرٌ من أهالي تلك الأقاليم، وعدد كبير من الفرس ــ من أتباع الديانتين الزرادشتية والمزدكية ــ اللتين سيطرتا على المجتمع الإيراني قروناً عديدة، وأصبحتا جزءاً من التراث الشعبي والتقليدي للإيرانيين، وأصبحت قم، مركز قوةٍ ومعقلاً من معاقل الشيعة، منذ القرن الثالث الهجري.

وقد زارها الرحالة شمس الدين المقدسي في القرن الرابع الهجري، وذكرها في كتابه «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم»، فقال عنها:«أن أهلها شيعة غالية، وقد عطّلوا الجامع، وتركوا الجماعات، حتى ألزمهم ركن الدولة» [«أحسن التقاسيم»٣٩٥)].

ويعتبر الشعب الإيراني، من الشعوب القليلة في العالم التي كانت تبيح زواج المحارم. ولم يكن يعتبر الزنا جريمة كبرى في عرفه، ولم يكن القانون يشجع البنات على أن يظللن عذارى [«قصة الحضارة» (2/440)].

ولما ظهر الدين الزرادشتي في القرن الخامس أو السادس قبل الميلاد، وانتشر بين الإيرانيين، أبقى على تقليد زواج المحارم، بل شجّع عليه، وحظرت تعاليمه على الأتباع الردة، والسحر، وقتل الإنسان، وقتل الكلب ــ باعتباره حيواناً مقدساً ــ ، والسرقة، والكذب، والحسد، والخيانة، على اعتبار أنها أثقل الآثام، ولم تشر صراحة إلى الزنا، إلاّ في ما يتعلق بخيانة المرأة لزوجها، وغواية الرجل لامرأة متزوجة، دون علم زوجها.

ولم تشر النصوص صراحة إلى جرم زنا الفتاة العزباء أو المطلقة أو الأرملة، حيث أن مناط الحكم هو الخيانة ــ كما هو متبيّن من النصوص ــ ، ولم أعثر على نصٍ من النصوص المقدسة للزرادشتيين يفيد بتحريم زنا الفتاة غير المتزوجة، وكأنهم أباحوا ذلك للفتاة العزباء، إذ أن تقييد كافة النصوص الأفستية الحكم بالمرأة المتزوجة، يفيد ــ بمفهوم المخالفة ــ خروج الفتاة غير المتزوجة من الحكم، إذا مارست الزنا.

وكان(المغان) في الأصل قبيلة ميدية من قبائل المجوس، وعندما اجتاحت الزرادشتية الأقاليم الغربية، أصبح المغان السادة الروحانيين للدين الجديد.

وكان المغان يعتبرون أنفسهم طبقة من طبقات الشعب، يوكل إليهم مهمة رعاية الآلهة، وخدمة الدين [«إيران في عهد الساسانيين» ( ص 103)].

وقد ساعد النظام الطبقي في إيران على توريث السلطة الدينية، بشكل فريد، قلّ أن يوجد له نظير في باقي الحضارات، فابن العامل يكون عاملاً، ولا يستطيع أن يكون طبيباً مثلاً، إلا باستثناءٍ من الملك، وابن الفلاح فلاحٌ، وابن النبيل نبيل [«امبراطوريات فارس القديمة»(ص 88)].

وكان رجال الدين ينسبون لأنفسهم نسباً يرجع إلى التاريخ الخرافي المجيد لإيران، لكي يتساووا مع العائلات النبيلة الكبيرة. وقد انتسبوا إلى جدهم الملك الأسطوري (منوجيترا)، الذي هو من أسرة (برذاتا) الخرافية [المصدر السابق (ص104)].

وقد أصبح لهم سطوة كبيرة في المجتمع الإيراني، وينظر إليهم بكثير من التبجيل والتعظيم، وكان حكام الفرس يستشيرونهم في كل شيء [المصدر السابق (ص 104)] ، وكانوا يجنون أموالاً طائلة من الغرامات الدينية، والعشور، والهبات.

وبالجملة؛ كان رؤساء هذه الطائفة يملكون عقارات كثيرة، ومن لا يملك منهم عقاراً، كان يستطيع أن يجمع بسهولة ثروة طائلة [المصدر السابق (ص105)].

وأصبح الدين الزرادشتي المصدر الروحي للفرس، منذ عهد (دارا الأول)، واكتسب رجاله قوة وتأثيراً في الناس، إلى درجة أن ملوك الفرس أصبحوا لا يقبلون على أمر إلاّ بعد استشارتهم [«معالم حضارات الشرق الأدنى»(1/282)].

وكانوا يتدخلون في أقل أمور الحياة شأناً، وادعوا السيادة المطلقة في داخل حدود الدولة. وكانوا شديدي التعصب، ولا ينظرون بارتياح إلى من يدينون بدين آخر [المصدر السابق (ص 252)]، والسبب معلوم، إذ أن من يدين بدين آخر، لا ينقاد لهم، ولا يدفع لهم الأموال.

ولم تكن هذه النظرة السلبية تجاه من يدينون بدين آخر محصورة فقط في رجال الدين، بل تتعداها إلى كل قطاعات الشعب، ومؤسسات الدولة، مما يكشف عن عصبية دينية لم تكن تريح النصارى وغيرهم من ساكني إيران. ويكفي أن نذكر مثالاً على نظرتهم الدونية لغير الزرادشتيين في عهد الدولة الساسانية، أن الأطباء الجدد الذين يتم تعيينهم في مستشفيات الدولة، كانوا يخضعون لامتحانات وتمارين، لتكشف عن مهاراتهم الطبية اللازمة، فكانوا يقومون بعناية وعلاج غير الزرادشتيين، إلى أن يتم نجاحهم من الامتحانات، وتطمئن الدولة إلى خبرتهم ومهارتهم في التطبيب والعلاج، وبعدها يسمح لهم بعلاج جميع أفراد المجتمع [«إمبراطوريات فارس القديمة» (ص 124) ، «قصة الحضارة» (2/445)].

وكان هناك نوعان رئيسان من الزواج عندهم: الزواج النظامي وغير النظامي. فالزواج النظاميهو ما يفيد عش زوجية شرعي، ويسمى (باديشا زاني)، ويسمى الزوج فيه (شوذ)، وتسمى المرأة (زان) أو (باديشا زان)، ويتطلب موافقة والد الفتاة، وموافقة الفتاة، وثلاثة شهود، وقاضي لتوثيق الزواج وتسجيله. ويكون فيه الزوج هو سيد البيت، وطاعته واجبة.

وكانت الخطبة تتم غالباً أثناء الطفولة، ويعقد الزواج في سن مبكر، ويعتبر سن الخامسة عشرة سناً لازماً للزواج [«إيران في عهد الساسانيين»(ص 313)].

أما الزواج غير النظامي؛ فهو الزواج التي تزوّج فيه الفتاة نفسها، دون الرجوع إلى أهلها، وموافقة أبيها.

وكانت هناك الزوجة الخادمة (زان جغاربها)، ويسمونها أيضاً (شكر زان)، تبعاً لسبب الزواج. وهي في المرتبة الثانية، ويعتبرونها بمنزلة الرقيق والسبايا.

والأحكام القانونية التي تنظم أحوال كل من النوعين مختلفة [المصدر السابق (ص308)].

وكانت الزوجة الكاملة ربة بيت الزوج، وتشرف على طعامه، ولها بيت خاص بها، بخلاف الزوجة الناقصة، فلا يحق لها المطالبة ببيت مستقل.

أما في حالة وفاة الزوج، فالزوجة الكاملة لها الميراث، وتتصرف في شؤون الأسرة، والأبناء. ولا يحق للزوجة الناقصة الميراث، ولا التصرف بمفردها [المصدر السابق (ص 319)].

والعناية بنقاوة دم الأسرة اقتضت زواج المحارم، وهو زواج الفتاة من أبيها، وزواج الأم من ابنها، وزواج الأخت من أخيها. وهو من السمات البارزة في عادات الزواج، وهو عادة قديمة عند الفرس [«تاريخ اليعقوبي» (1/174) ، «إيران في عهد الساسانيين» (ص 309)].

وكان يعد زواج المحارم أكثر أنواع الزواجات تقديراً، وكانوا يعدونه ترياقاً، ودواءاً لجميع الآثام، عدا اللواط. وقيل أن زواج الأخ بأخته يطرد الشيطان [«إيران في عهد الساسانيين» (ص 309)].

ونجد هذا الأمر واضحاً في نصوصهم الأفستية، وهو الكتاب المقدس عند المجوس، فقد ورد في«أحكام روح العقل» من نصوص «الأفستا» في إجابة سؤال من الحكيم لروح العقل، عن أكبر وأفضل عمل خير؟ فعدد أعمالاً، فذكر رابعها: زواج الأقرباء بالدم» الأفستا»: أحكام روح العقل (ص 761)].

ولما سأله عن أكثر الآثام التي يقترفها، عدّد أعمالاً، وذكر من أهمها: «المخلّ في زواج أقرباء الدم» [المصدر السابق (ص 777)].

وكذلك أجاب عن سؤال حول الأسباب والمآثر التي يبلغ بها البشر الجنة، فقال روح العقل: «يبلغ الجنة، ذلك الذي يتزوج من قرابة الدم، انطلاقاً من محبته للروح» [«زند أفستا»: أحكام روح العقل (ص778)].

وورد أيضاً: «لو أن أحداً جامع زوجته في قربى الدم أربعة مرات، فإنه لن يكون منفصلاً عن القربى مع (أهورمازد)، و(الآماهراسباندايين)»[«زند أفستا»: شاياست (المباح والمحرم) (فصل18 : ص838)]. وهذا يعني أن روحه لن تكون ملكاً للشيطان (أهريمان)، والأبالسة.

وقد ابتدأ نكاح المحارم في طبقة النبلاء، ثم تغلغل في كافة قطاعات الشعب فيما بعد.

واشتهر حكامهم وعظماؤهم بهذا النوع من الزواج، فقد تزوّج (قمبيز) أخته (أتوسا)، وتزوج (دارا الثاني) أخته [«إيران في عهد الساسانيين» (ص 309)]، وكان (بهمن) متزوجاً بابنته (خماني)[«المختصر في تاريخ البشر» (1/44)].

فلا عجب إذاً أن ينتشر هذا الزواج في كافة طبقات الشعب، تقليداً لعادات ملوكهم، وعظمائهم. فكان هذا الزواج عندهم مألوفاً، وعلى الأخص: نكاح الأخ لأخته [«معالم حضارات الشرق الأدنى» (1/269)].

بل قد نقل المؤرخون فقرة في كتاب «قانون سرياني»، من تأليف البطريق (ماربها) ــ الذي عاش أيام كسرى الأول ــ ما يلي: «إن العدالة العجيبة عند عباد أوهر مزد، تقضي بأن يكون للرجل صلات شهوانية مع أمه وبنته وأخته» [«إيران في عهد الساسانيين» (ص 310)].

وبالجملة، فكان يعد هذا العمل مقدساً وصالحاً عند الزرادشتيين، ويثاب عليه، فضلاً عن كونه حلالاً [المصدر السابق (ص 311)].

ومن أمثلة الزواج غير النظامي، أنه كان يحق للزوج أن يتنازل عن زوجته لرجل آخر لوقت محدد، ولا يحق للزوجة الاعتراض، ويتم الزواج بعقد قانوني، ويلتزم الزوج المؤقت بموجبه، برعاية الزوجة أثناء استئجارها، ويعاملها معاملة الرقيق.

وفي حالة حصول حمل من الزواج، يلحق الولد بالزوج الأول، لا الزوج المؤقت [«إمبراطوريات فارس القديمة» (ص 90)]. وفي حالة وفاة الزوج المؤقت، لا يحق للزوجة أخذ نصيب من ميراثه.

وأسباب هذا الزواج متعددة؛ أكثرها شيوعاً: أن يكون الزوج المؤقت قد مسّته فاقة، فلا يستطيع الزواج، فيحسن الزوج الأول إلى أخيه في الدين، ويعيره زوجته ليستمتع بها.ولا يسمى الزوجان في هذه الحالة (شوذ وزان) ــ كما هي الحالة في الزواج النظامي ــ بل (ميرك وزيانك) [«إيران في عهد الساسانيين» (ص 316)].

وهذا النوع من الزواج كان يعرف باسم (نيروزد)، وتعني: الفقير الجائع، باللغة الأفستية.
والعجيب أنهم كانوا يباركون هذا النوع من الزواج لهذا السبب، ويعتبرونه من قبيل الإحسان إلى أخ في الدين، معوز ومحتاج[المصدر السابق (ص 316)].

وذكرت النصوص الزرادشتية هذا النوع من الزواج، فورد في «الأفستا»: «إذا توصّل أناس من الدين نفسه ــ أصدقاء أو إخوة ــ إلى اتفاق معاً، بأن أحدهم يمكنه الحصول على سلعة أو زوجة، فدع الذي يرغب بالسلع أن يسلّم ذلك، ودع الذي يرغب بزوجة أن يتزوّجها» [«التلمود»: (فاركارد): (4-44)].

ومن أسباب هذا الزواج أيضاً؛ عقم الزوج الأول للمرأة وحاجته للولد، فيؤجرها إلى رجل آخر كي تنجب منه ولداً، ويلحق الولد بزوج المرأة الأول. وهذه الحالة تذكّرنا بنكاح الاستبضاع عند العرب.
وسبب آخر؛ هو حاجة المرأة نفسها لزوجٍ، إما لإشباع رغباتها كون زوجها متوفى، أو لحاجتها للمال.

ويسمى الزواج في الحالتين الأخيرتين (شكر زاني)، وتسمى الزوجة فيه (شكر زان).
وأبناء هذه الزوجة ــ في هذا النوع من الزواج ــ لم يكن يحق لهم المطالبة من ميراث أبيهم، في العصر الأخميني القديم، إلا أنهم تمتعوا ببعض الحقوق المالية في العصر الساساني، حيث جرى تعديل لكثير من القوانين آنذاك.

وفي كل تلك الحالات، يعتبر الزواج غير نظامي، والزوجة ناقصة، وتعامل معاملة الخدم. ويميزون بين هذه الزوجات بأسماء (زان باديشتا)و(زان شكر)، كقولنا: زوجة دائمة، وزوجة مؤقته. ولكن لفظ (زان) هو الرسمي القانوني، والمعتبر، فهو يطلق فقط على (زان باديشتا)، وكأنها هي الزوجة الحقيقية للرجل. وأما (شكر زان)؛ فلم تكن تعتبر زوجة حقيقية، فلا يطلق عليهن لفظ (زان)، أي الزوجة.

ولا أستطيع الجزم في أيهما كان له السبق في تشريع هذه الأنواع من النكاحات، الديانة الزرادشتية أو الديانات الإيرانية القديمة، فقد ثبت أن الزرادشتية قد أقرّت كثيراً من أحكام الديانة السابقة، فيحتمل أن يكون الثاني.

وعلى كل حال؛ فإن نكاح المتعة قد ثبت وجوده، وممارسة الفرس له، فهو تقليد إيراني قديم، حافظ عليه الشعب منذ قديم الزمان، وشاع في العصر الساساني، واستمر في العصور الإسلامية.
أما الدين المزدكي الذي ظهر على يد مزدك في القرن الرابع بعد الميلاد، فيقول بالبعث والحساب ــ كما هو الحال عند الزرادشتية ــ ، وتتركز تعاليمه على ضرورة جعل الناس شركاء في النساء والمال.

وكانت حجة مزدك في ذلك تتلخّص في أنه يجب قتل النزوات والشهوات التي تقف في طريق الخلاص، ويزعم أن كل الأخلاق الشيطانية مصدرها المال والنساء، فإذا أبيحا اختفى الفساد [«إمبراطوريات فارس القديمة» (ص 328)].

ويزعم أن الله جعل الأرزاق في الأرض، ليقسّمها بين العباد بالتساوي، فلا يجوز أن يكون لإنسان من المال أكثر مما لإنسان آخر، ولا يجوز أن يكون له نساء يستمتع بهن فوق الحاجة، ويدع أخاً له بحاجة للنساء.

وقد توعّد المخالفين والمانعين بالعذاب، واللعنة، والالتحاق بالعالم السفلي، كونهم قد أعانوا الشيطان على نشر الفساد، بينما وعد الطائعين والمشاركين بالأموال والنساء، بالرحمة، والخير، والالتحاق بالعالم العلوي، جزاءً لهم على طاعتهم، وتحرير أنفسهم من شهوات النفس، وكسرهم لقيود احتكار الإنسان لشهوتي المال والنساء. فالمشاركة في المال والنساء، تقضي على شهوات التملك عند النفس، وتحررها من قيود الأنانية، وبالتالي تقهر الشيطان.

وقد نهت المزدكية بشدة عن القتل، والاقتتال، والعداوة، والبغض، والتنازع بين الناس، كما نهت عن تناول لحوم الحيوانات، كونها تجرّ إلى قتل الحيوان، وسفك دمه.

وقد سار الملك الساساني (قباذ) على هذا الدين، وأصدر قانوناً بشيوع النساء [المصدر السابق (ص 330)].

كما تشير بعض المصادر؛ إلى أن مزدك قد استأذن قباذ أن يدخل على زوجته ويطأها، فأذن له قباذ. وورث هذا العمل حنق أنو شروان على مزدك، وكان صغيراً وقت ذاك. وعندما كبر أنو شروان وملك الأمر، قتله، وقتل كافة الداعين إلى المزدكية، وأوقف قانون إباحة النساء الذي سنّه أبوه، وتحالف مع رجال الدين الزرادشتي، للقضاء على المزدكية [المصدر السابق (ص 410) ، «تاريخ ابن الوردي» (1/43) ، «المختصر في أخبار البشر» (1/51)].

والغريب؛ أن هذه الديانة قد انتشرت بشكل كبير بين أفراد الشعب، وخاصة في الطبقات الفقيرة الشعبية، وطبقة العمال والفلاحين، وعلا شأن مزدك بين الناس، مما أقلق رجال الدين الزرادشتي، وبات هذا الدين منافساً خطيراً للدين الزرادشتي.

وهذا ما دعا رجال الدين الزرادشتي لمحاربة المزدكية، خوفاً من انحسار نفوذهم وامتيازاتهم، حيث كان رجل الدين الزرادشتي من النبلاء، ومطاع الأمر، ويأخذ العشر على الأموال، ويتمتع بحمايةٍ ونفوذٍ وحظوةٍ لدى الأباطرة الساسانيين، بينما رجل الدين المزدكي ــ من جانب آخر ــ يتمتع بممارسة الجنس مع النساء، ويستمتع بأموال الناس، ولم يفرضوا ضرائب على أموال الناس كما هو الحال في الدين الزرادشتي، إذ أنهم يعتبرون المال كله لهم، بل منعوا الإيرانيين أن يدفعوا المال لرجال الدين.

وأنا أجزم؛ أنه ما كان ليُكتب لهذا الدين النجاح في أي مجتمع آخر، وما كان ليولد، ويجد أرضاً تقبله، لولا أنه انتشر في مجتمع يبيح زواج المحارم.

والجدير بالذكر، أن كثيراً من رجال الدين والعامة من الديانتين، قد دخلوا الدين الإسلامي ــ صدقاً أو نفاقاً ــ بعد الفتح الإسلامي المبارك. وقد أشارت مصادر تاريخية، إلى نشوب صراع ديني داخل الطائفة الزرادشتية، حيث ساد خلافٌ بين فريقين، الأول منهما ــ دعني أسميه التيار المحافظ ــ قد أصرّ على عزل الدين الزرادشتي، وبقائه نقياً من تأثير الدين الإسلامي، والفريق الآخر ــ التيار المجدد ــ أصروا على ضرورة تعديل وتنقيح دينهم، بما يخدم بقاءه في وجه التحديات التي فرضها الدين الإسلامي، وضرورة التقريب ما أمكن معه، وإعادة النظر في كل ما يصطدم معه من عقائد وأفكار.

وقد حسمت نتيجة المعركة بينهما لصالح التيار المتجدد، فقد انحسر التيار المحافظ في الفترات اللاحقة، وبقي ذلك التيار المتجدد موجوداً نشطاً وفاعلاً على الأرض ــ إلى يومنا هذا ــ ، فقد جدّد هذا التيار في دين الزرادشتية، ليقرّبه من دين الإسلام، فتكون أكثر مقاومة له، وبذل هؤلاء جهوداً عظيمة في سبيل إبقاء دين الزرادشتية بين أتباعه ومريديه، وأدركوا ضرورة تهذيب بعض التقاليد الدينية، لتنسجم مع أحكام الدين الجديد ــ أي الإسلام ــ ، ونزعت عقيدة الزروانية التي تميزت بها الزرادشتية، وجرى تعديل لبعض عقائدهم في عبادة الشمس، ونحوه لتقوية فكرة التوحيد، كي يصمد في وجه الدين الجديد، ويجد رجال الدين أنفسهم، في وضعٍ يمكنهم من الجدال لدينهم، والدفاع عنه [«إمبراطوريات فارس القديمة» (ص 421)].

بل قد استمدوا من الإسلام بعض العقائد وسرّبوها إلى دينهم، مثل عقيدة الإسراء والمعراج للكاهن (فيراز).

كما تجدر الإشارة؛ إلى أن كثيراً من المجوس الزرادشتيين قد دخلوا الإسلام في الظاهر، وأبقوا على قناعاتهم في دينهم القديم في الباطن. ومنهم من دخل دين الإسلام كي يتجنّب دفع الجزية، لا ايماناً منهم به، ودخل أتباع الديانتين ــ الزرادشتية والمزدكية ــ الإسلام، مع بقاء تأثير رواسب الديانتين، على عقول أتباعهما.

ونلاحظ أن رجال الدين الشيعة قد حصلوا على امتيازات تقارب رجال الدين المجوس، فالكهنة المجوس حصلوا على العشر، والمراجع الشيعة تحصل على الخمس، والكهنة المجوس قدّسوا سلالة الملوك، وادعو النسبة لأسرة مقدسة، والمراجع الشيعة قدّسوا سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم، وادعى بعضهم النسبة لها، وكلاهما له الطاعة العمياء، وكلاهما فاحش الغناء، وكلاهما له سلطة قوية وتأثير ونفوذ.

واستمتع الكهنة المجوس في نكاح ما يشاؤون من النساء، وها هم المراجع الشيعة يحللون المتعة، ويستمتعون بأعراض الناس، دون أن يسمحوا لأحد أن يستمتع بنسائهم.

ومن المعلوم؛ أن نكاح المحارم لم يكن معروفاً عند العرب، بل كانوا يمقتونه. وما أشارت إليه بعض الأخبار عن وجود نكاح المحارم عند العرب، إنما كان عند القبائل العربية التي تعتنق المجوسية، كقبيلة تميم، حيث ورد أن حاجب بن زرارة ــ زعيم تميم ــ قد تزوج ابنته وأنجبت منه.
وزواج (شكر زاني) هو زواج متعة، كما هو عند الشيعة الجعفرية ووجه الشبه كبير، فالمرأة المتمتعة مستأجرة، وهي بمنزلة الرقيق، ولا يعتبر فيها موافقة الأب، ولا يحتاج إلى شهود وهذا كله من أحكام نكاح المتعة عند الشيعة ــ كما مرّ معنا ــ .

كما لا يجوز عقد هذا الزواج إلاّ على أخ في الدين، وكذلك الشيعة لا يجوّزونه إلا لأنفسهم، فقد نقل ابن بابويه عن الإمام الرضا، قوله: «المتعة لا تحلّ إلا لمن عرفها، وهي حرام على من جهلها» [«من لا يحضره الفقيه» (3/459) ، حديث( 4584)].

وروي عن الصادق أنه قال: إن الله حرّم على شيعتنا المسكر من كل شراب، وعوّضهم من ذلك المتعة» [المصدر السابق (3/467) ، حديث (4616)].

وروي عن الباقر أنه قال: «إن الله تبارك وتعالى رأف بكم، فجعل المتعة عوضاً لكم عن الأشربة» [«الكافي» (8/151)].

ولا يقال هنا عن ضعف الأحاديث، فنحن لا نشك في كذبها، بل نسأل عن الكاذب الذي وضع الحديث، وممن استقاه، فالشاهد هو تأثير الزرادشتية على عقول هؤلاء الكذابين.

ولا يقال أن هذه تهمة سنية أو وهابية، كما يحلو للكثيرين من دعاة الشيعة ترديدها، لتضليل عوامهم، وضمان عدم انجرارهم لدعوات تحريم المتعة، فقد أكّد عدد من الباحثين الأوربيين، على مجوسية أصل هذا النوع من النكاح، نذكر منهم على سبيل المثال ــ (صموائيل بنيامين) عام ١٨٨٧ في كتابه «فارس والفرس»، حيث أكد على الأصل الزرادشتي لنكاح المتعة، وقال أن نكاح المتعة موجود في فارس من قبل الإسلام، وموروث من الزرادشتية [«فارس والفرس» (ص٤٥١)].

وقد ذكرنا بعض ما توافق بين نكاح المتعة عند الشيعة والفرس والمجوس، وقد رأينا أحكام المتعة عند الشيعة متطابقة، أو متشابهة إلى حد كبير، مع أحكام المتعة عند الفرس والمجوس، فالمرأة لا تحتاج لوليّ ولا لشهود، ومنزلتها بمنزلة الإماء، ولا ترث من الرجل، ولا يحق للولد الانتساب لأبيه، وعدم اشتراط فض البكر عند النكاح، وعدم اعتبارها زوجة بالمعنى القانوني، حيث أن القانون الفارسي لم يعتبرها زوجة في القانون الرسمي. وكذلك المتعة لا تحصّن الرجل عند الشيعة، مما يدل على عدم تمام هذا الزواج من الناحية الشرعية، لعدم استحقاقه للتبعات الشرعية، ونتائج عقد الزواج الشرعي، فمن تبعات هذا الزواج؛ إلحاق الولد بأبيه، والميراث، والإحصان، وكل هذا يغيب عن نكاح المتعة.

مما سبق؛ يتضح وجود علاقة وطيدة ما بين صورة نكاح المتعة وصور النكاح في فارس، والدواعي لذلك موجودة وقوية، فنحن أمام شعب كبير العدد، اعتنق المجوسية دهراً، ومارس نكاح المتعة، ونكاح المحارم، ثم دخل دين الإسلام فيمن دخله منهم، صدقاً أو نفاقاً، مما يشير إلى احتمال وقوع التأثير، المفضي إلى تسرب العادات والعقائد من الدين القديم، أو تقاليدهم إلى الدين الجديد، وهذا أمر شائع بين المجتمعات، وسنّة من سنن تغيرها وتبدلها، لا غرابة في ذلك.

وقد حدث التأثير من الزرادشتية إلى اليهودية في العصر الساساني، حيث سيطر الساسانيون على بلاد بابل، وعاش المجتمعان ــ المجوسي واليهودي ــ معاً في رخاءٍ وسلامٍ، مما نتج عنه انتقال وتسريب كثيرٍ من العقائد المجوسية إلى الديانة اليهودية، كالرجعة وظهور المسيح، وذكرها الحاخامات اليهود البابليون في تلمود بابل، ولم تكن مذكورة في تلمود أورشاليم.

ومما تأثر به يهود بابل هو نكاح المتعة، فقد تبنى الحاخام (ناهمان) فكرة الزواج المؤقت، وأجازه لمن كان بعيداً عن بيته، وهو موثّق في تلمودهم [«التلمود»: (يوماه) (18ب) ، (ييفاموت) (37أ) ، (39 ب)].

وحصل خلاف بين يهود بابل ويهود أورشاليم، إذ أنهم لم يعترفوا بهذا النوع من الزواج. وهذا الذي وقع مع يهود بابل بفعل عوامل الجوار، وقع مع الشيعة الجعفرية، فينبغي الوقوف على هذه الظاهرة ودراسة أسباب نشأتها، وظروفها.

رابط الكتاب/

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=153687






التوقيع :
قال ابن القيم -رحمه الله-:
احترزْ مِنْ عدُوَّينِ هلكَ بهمَا أكثَر الخَلق:
صادّ عن سبيلِ الله بشبهاتهِ وزخرفِ قولِه، ومفتُون بدنيَاه ورئاستِه .
من مواضيعي في المنتدى
»» أبد والله يازهراء ما ننسى حسيناه !!!
»» حديث آل محمد صعب مستصعب .. فضلاً أريد تفسيراً ..
»» يا أشتر تعال هنا وأثبت أن الصحابه سبوا علياً بغضاً له
»» ثم ماذا يا حماس هل دماء القساميين هي الدماء ودماء السلفيين ماء؟
»» مختصر أحكام المسح على الخفين للشيخ الحافظ سليمان العلوان -حفظه الله وفك أسره-
 
قديم 14-03-13, 10:09 PM   رقم المشاركة : 2
سيد قطب
عضو ماسي






سيد قطب غير متصل

سيد قطب is on a distinguished road


الطبع الفارسي المشهور بالغرور والحقد لم يتقبل الفكر الاسلامي المتنور وهاله الامر فبدأ بجولات وطرح مراحل لضرب الاسلام
ومن تلك الحيل والمكائد التي مارسها عبر التاريخ ,وهذا غير التأمر العلني مع الاستعمار الغربي في ضرب المسلمين ابتداء من التحالف مع المغول الى الصليبين الى البرتغاليين ثم اخيرا الاميركان
شتمو زوجة النبي واصحابه وقالو ان الرسالة كان مفترض ان تنزل على علي وليس محمد
تهجموا على عمر بن الخطاب لانه حاول فرض المساواة بين كل طبقات الشعب بالقوة والغاء التراتبية بينما المجوس يرفض عقلهم التفكر بوجود البشر في مستوى واحد ومتساوي
جعلوا من المرجعيات والحوزات اماكن تختلق الفتاوي والروايات والهرطقات التي تتغير وتتجدد حسب السياسة والمصالح
نبشوا احداث من الماضي وشوهوا التاريخ واخترعوا اللعن والسب والشتم تماما كما هي طباع المجوس
اباحوا المتعة لان المجوس كانوا يحللوها







 
قديم 17-03-13, 11:30 AM   رقم المشاركة : 3
سلالة الصحابه ...
عضو ذهبي







سلالة الصحابه ... غير متصل

سلالة الصحابه ... is on a distinguished road


جزاكم الله خيراً "سيد قطب".







التوقيع :
قال ابن القيم -رحمه الله-:
احترزْ مِنْ عدُوَّينِ هلكَ بهمَا أكثَر الخَلق:
صادّ عن سبيلِ الله بشبهاتهِ وزخرفِ قولِه، ومفتُون بدنيَاه ورئاستِه .
من مواضيعي في المنتدى
»» تناقضات قصة القيامة في الأناجيل الأريعه ...
»» مُداخلة الأُخت [أم صُهيب] إحدى المعتَقلات في سجونِ المالكِي الوحشيّة
»» فرقتان من الاستشهاديين تقتحم غاو والاشتباكات تتواصل لليوم الثاني على التوالي في مالي
»» ثم ماذا يا حماس هل دماء القساميين هي الدماء ودماء السلفيين ماء؟
»» الخميني إن المسلمين في الآخرة محرومون من فضل الله ورحمته فهي للشيعة من دونهم
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:59 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "