مَهْلاً يا علماءََ مِصْر .. كيلا تُلْدَغوا من جحرٍ مرتين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فإن مما تقر به عيون دعاة المسلمين ومفكريهم هو أن يوجد في هذه الأمة من يسعى إلى لمِّ شملها وجمع شتاتها لتنهض من جديد لقيادة الإنسانية وفق منهج الله سبحانه والعدل الربّاني المتمثل بالإسلام والذي عاشت بظل عدالته كل الديانات باحترام وأمان.
ولذا فإن الذي يدعو لذلك يكون محطَّ أنظار المسلمين واحترامهم ، لأنه يسعى لإعادة مجد أمة الإسلام وحضارتها ، فتنعقد عليه الآمال لتوحيد المسلمين على اختلاف مذاهبهم ونبذ الخلافات فيما بينهم وجمعهم على الأخوة الإسلامية ليقفوا صفاً واحداً متماسكاً بوجه أعدائهم الذين أذاقوهم ألوان الذل والاضطهاد.
ومن أجل ذلك ظهرت الصيحات من هنا وهناك بوجوب التقارب بين المذاهب الإسلامية ونبذ الخلافات كحلٍ عملي لتلافي ضعف الأمة وتشرذمها ، وهو أمر يسعى إليه كل مسلم غيور على دينه يؤلمه حال أمته ويمزق قلبه.
إلا أن صيحات التقارب هذه أخذ يرددها - للأسف - دُخَلاء من ذوي الأغراض والأهواء لتحقيق مآربهم ، إذ لم يكن ترديدهم لتلك الصيحات نابعاً من ألمهم على أمة الإسلام وحالها الممزق ، وإنما رددوها من أجل نشر أفكارهم وكسب أكبر عدد من المسلمين الى الاعتقاد بمذاهبهم ، مستغلين احترام المسلمين وإقبالهم - بقلوبهم وأبدانهم - على من ينادي بالتقريب ، حتى إذا ما أقبل الناس عليهم بدأوا يعرضون أفكارهم ومعتقداتهم بتدرج وخفاء خطوةً خطوةً ، لا سيما والغالبية العظمى من المسلمين ليس عندهم تصور وإحاطة بالمذاهب وتقويمها من حيث الاستقامة والاعوجاج ، فكانت النتيجة أن تحولت صيحة التقـريب عند هـؤلاء من غاية - بل وأمنية يحلم بها كل مسلم صادق في دينه - إلى وسيلة لكسب أتباع المذاهب الأخرى إلى مذهبهم.
وخير شاهدٍ على ذلك هي تلك الصيحة التي نادت بالتقريب والوحدة الإسلامية بين أهل السنة والشيعة الإمامية والتي تبناها علماء الأزهر الشريف رحمهم الله تعالى ، فقد أخذت مساحة واسعة من الكتابات والخطب والمحاضرات عبر المساجد والإذاعات ، ولا تزال مستمرة منذ عشرات السنين ، إذ جعل علماء الإمامية من تلك الدعوة وسيلة لنشر معتقدهم بين صفوف أهل تلك المذاهب من أهل السنة وإيجاد موطئ قدم لهم في بلدانهم ( وما يلي ذلك من غرسٍ لبذور تهدم أصول تلك المذاهب أو تمسخ صورتها في أنظار معتنقيها ) ..
وكيلا أكون متجنياً على الشيعة بذلك سأورد اعترافين بمنتهى الخطورة لمرجعين كبيرين من علمائهم في عصرنا تبين غايتهم تلك من مشاريع التقريب وكما يلي:
1- فيلسوفهم مرتضى المطهري:
لقد صرح المطهري - الذي يعدونه أبرز مُنَظِّري ثورة الخميني في إيران فلقبوه بالفيلسوف والشهيد - بتلك الغاية في كتابه ( الإمامة ) ( ص 28-29 ) فقال:[ إنَّ ما ننتظره على خط الوحدة الإسلامية أن ينبثق محيط صالح للتفاهم المشترك لكي نعرض ما لدينا من أصول وفروع ، تضّم ما نحمله من فقه وحديث وكلام وفلسفة وتفسير وأدبيات ، بحيث يسمح لنا ذلك الجو أن نعرض بضاعتنا بعنوان كونها أفضل بضاعة ، حتى لا يبقى الشيعة في العزلة أكثر ، وتنفتح أمامهم المواقع المهمة في العالم الإسلامي ، ثم لا تبقى الأبواب مغلقة أمام المعارف الإسلامية الشيعية النفيسة ].
ثم يعود ليؤكد أن هذا هو عين الهدف الذي كان يسعى لتحقيقه مرجعهم الكبير آيتهم العظمى البروجردي من وراء رفعه شعار التقريب مشيداً بالنجاح الذي حققه قائلاً ( ص 30 ):[ ما كان يُفَكِّر به المرحوم آية الله العظمى البروجردي على الخصوص ، هو إيجاد الأرضية المناسبة لبثّ معارف أهل البيت ونشرها بين الإخوة من أهل السنة ، وكان يعتقد أن هذا العمل لا يكون إلاّ بإيجاد أرضية التفاهم المشترك ، والنجاح الذي أحرزه المرحوم البروجردي - جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء- في طبع بعض كتب الفقه الشيعي في مصر من قبل المصريين أنفسهم ، إنما كان على إثر هذا التفاهم الذي انبثق ، وكان ذلك أهمّ نجاح حققه علماء الشيعة ].
وهذا النص يعتبر من أخطر الوثائق التي أدلى بها فيلسوف الشيعة مرتضى مطهري لانطوائه على عدة حقائق منها:
الحقيقة الأولى:
كشف فيه حقيقة مخططهم في نشر التشيع في بلدان أهل السنة عن طريق دعوة التقريب حيث عبَّر عنه بقوله :[ ما كان يُفَكِّر به المرحوم آية الله العظمى البروجردي على الخصوص ، هو إيجاد الأرضية المناسبة لبثّ معارف أهل البيت ونشرها بين الإخوة من أهل السنة ].
الحقيقة الثانية:
اعترافه بنجاحهم في تلك المؤامرة الدنيئة لخداع الطيبين من أهل السنة ، والذي لم يكن معياره عندهم هو تحقيق التقارب ونبذ الخلاف والشحناء والتكفير بين المسلمين كما يتصوره الصادقون من أهل السنة في سعيهم للوحدة !!!
وإنما كان المعيار الحقيقي للنجاح في مخططهم هو قيام أهل السنة المصريون بنشر التشيع في بلدهم من خلال طباعتهم لكتب الشيعة بأيديهم كما عبَّر عنه بقوله :[ في طبع بعض كتب الفقه الشيعي في مصر من قبل المصريين أنفسهم ... وكان ذلك أهمّ نجاح حققه علماء الشيعة ].
نعم لقد كان النجاح في منظورهم هو نشر التشيع في بلداننا عن طريق طباعة الكتب التي تُرَوِّج لمذهبهم بأيدي أهل السنة ، تلك هي المؤامرة الدنيئة والخطة الخبيثة التي يسعون لها من دعاوي التقريب والوحدة الإسلامية ، فهي بحق وثيقة خطيرة يدلي بها أبرز علمائهم ومفكريهم ومؤسسي جمهورية إيران.
2- مرجعهم المعاصر آيتهم العظمى محمد الفاضل اللنكراني:
لقد اعترف هذا المرجع بتلك الحقيقة بقوله:[ وإن لم يكن ذلك فاسدا بنظره بلحاظ جواز الرجوع إلى فقهاء الشيعة كما أفتى بذلك شيخ جامعة الأزهر الشيخ شلتوت بعد تمهيد مقدمات من ناحية سيدنا المحقق الأستاذ آية الله العظمى البروجردي قدس سره الشريف ولعمري إنه كان منه خدمة عظيمة للتشيع وخطوة مهمة في ترويجه وتأييده جزاه الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء وحشره مع سيد الأنبياء عليه آلاف التحية والثناء ] / [ أورده في كتابه ( تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة / الإجارة ) ( 1 / 318 ) ].
وهذا النص يعتبر وثيقة لا تقل خطورة وأهمية عن اعتراف مرتضى المطهري السابق لما انطوى عليه من حقائق منها:
الحقيقة الأولى:
فضح فيه مكر نواياهم من مشروع التقريب الذي قام به مرجعهم البروجردي مع أهل السنة في مصر والذي ينصبُّ في نشر التشيع بين أهل السنة حيث قال:[ ولعمري إنه كان منه خدمة عظيمة للتشيع وخطوة مهمة في ترويجه وتأييده ].
الحقيقة الثانية:
اعترافه بأن فتوى شيخ الأزهر محمود شلتوت رحمه الله تعالى في جواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية كانت أبرز ثمار مشروعهم الخبيث فقال:[ كما أفتى بذلك شيخ جامعة الأزهر الشيخ شلتوت بعد تمهيد مقدمات من ناحية سيدنا المحقق الأستاذ آية الله العظمى البروجردي قدس سره الشريف ].
فكانت تلك الفتوى في نظرهم - على التسليم بصدروها - بمثابة البوابة التي سيدخل منها التشيع بمرأى ومسمع بل ومباركة من شيوخ أهل السنة في مصر ، لأن فتواه بجواز التعبد تحمل بين طياتها السماح لأهل السنة باعتناق مذهب الإمامية !!!
الخاتمة: خلاصة مكرهم بخدعة التقريب
بعد الوقوف على جانب من مخطط الشيعة الإمامية بنشر التشيع كأني بلسان حال علمائهم ينادي بأهل السنة قائلاً:
لقد نحجنا أيما نجاح حينما اتخذنا من دعوة التقريب وسيلة لخداعكم واختراقكم ، إذ نشرنا من خلالها التشيع في بلدانكم - بفتوى شيخ الأزهر في جواز التعبد بمذهبنا ، وبطباعة كتبنا بأيديكم ونشرها في أوساطكم - في الوقت الذي كنتم تظنون أن سعينا بذلك نابعاً من محبتكم والحرص على التآخي معكم !!!
ألا خابت ظنونكم وطاشت أحلامكم ما دمتم تجهلون أن بغضكم وعداوتكم والبراءة منكم هي من ثوابت مذهبنا وبديهياته كما اعترف بذلك إمامنا ومؤسس جمهوريتنا الخميني في كتابه ( المكاسب المحرمة ) ( 1 / 250- 251 ) حيث قال:[ سيما إذا كان المراد بالمؤمن الشيعة الإمامية الاثني عشرية . وأما الأخبار فما اشتملت على المؤمن فكذلك ، وما اشتملت على الأخ لا تشملهم أيضا لعدم الأخوة بيننا وبينهم بعد وجوب البراءة عنهم وعن مذهبهم وعن أئمتهم ، كما تدل عليه الأخبار واقتضته أصول المذهب .. فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون ، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم ، بل الأئمة المعصومون ، أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مسائيهم ] !!!
بل إن إمامنا الخميني زاد على ذلك الطعن والبغض والعداء بمئات المراتب حين وصم من تسمى بأم المؤمنين عائشة ، وطلحة والزبير ومعاوية ، بكونهم أخبث من الكلاب والخنازير - كما ستبينه الوثيقة - وذلك في كتابه ( الطهارة ) ( 3 / 457 ) حيث قال:[ وأما سائر الطوائف من النصاب بل الخوارج فلا دليل على نجاستهم وإن كانوا أشد عذابا من الكفار ، فلو خرج سلطان على أمير المؤمنين عليه السلام لا بعنوان التدين بل للمعارضة في الملك أو غرض آخر كعائشة وزبير وطلحة ومعاوية وأشباههم أو نصب أحد عداوة له أو لأحد من الأئمة عليهم السلام لا بعنوان التدين بل لعداوة قريش أو بني هاشم أو العرب أو لأجل كونه قاتل ولده أو أبيه أو غير ذلك لا يوجب ظاهرا شئ منها نجاسة ظاهرية . وإن كانوا أخبث من الكلاب والخنازير لعدم دليل من إجماع أو أخبار عليه ].