تحدث تقرير صحافي عن تسوية غير معلنة بين الأكراد ونظام بشار الأسد تسمح لهم بتذوق طعم الحكم الذاتي لأول مرة في بلدة عفرين ذات الأغلبية الكردية في شمال سوريا، حيث بات السكان يطلقون على المنطقة اسم "كردستان الغربية".
ورصد التقرير الذي نشرته وكالة فرانس برس اليوم حاجز تفتيش على الطريق المؤدي إلى بلدة عفرين يرفع علما كرديا، حيث يعتبر الحاجز مؤشرا جديا على التغير الجذري في حياة أكراد المنطقة.
ويتحدث الحرس عند الحاجز بلغتهم الكردية، كما يرتدي بعضهم قمصانا صفراء تحمل صورة قائد حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا عبد الله أوجلان، والتي تنتشر أيضا على الجدران والمتاجر في البلدة.
ومع أن القوات النظامية انسحبت من المنطقة، لكن الزائر يمكنه رؤية "مركز أمني" ما زال يحمل صورة لرئيس النظام السوري بشار الأسد دون أن يمسها أحد بأذى.
ونقل التقرير عن فتحي (50 عاما) الذي يساعد حرس الحاجز قوله: إن عناصر الأمن لا يخرجون من مركزهم، بل يتصلون بالحرس الأكراد المسيطرين على البلدة لإمدادهم بحاجاتهم من الطعام والماء.
ويضيف أنه لا يُسمح أيضًا لمقاتلي الجيش الحر بدخول منطقتهم إلا مجردين من السلاح وبملابس مدنية، حيث يقصدون البلدة أحيانا للتسوق.
ويسيطر حزب الوحدة الديمقراطي الكردي على المنطقة بتسوية غير معلنة مع النظام السوري، حيث بات السكان يطلقون على المنطقة اسم "كردستان الغربية" بينما تتهم تركيا هذا الحزب بأنه واجهة لحزب العمال الذي تحظره.
وبالرغم من اعتراف فتحي بأن بعض الأسلحة تأتيهم من حزب العمال، فإن سكانا آخرين يحرصون على نفي أي وجود للحزب في المنطقة، حيث تصر الولايات المتحدة على معارضة أي وجود لهذا الحزب -الذي تصنفه ضمن قائمة الجماعات الإرهابية- في المنطقة.
ويقول جندي كردي منشق عن الجيش السوري ويعمل مع أقرانه في عفرين: "بصفتنا أكرادا فإننا بالطبع نود دعوتهم (حزب العمال) إلى هنا، ولكننا نعرف أن العرب والمجتمع الدولي يعتقد أنهم إرهابيون، ولذلك فنحن لا نسمح لهم بالقدوم، وهم يحترمون ذلك".
ويقول التقرير إن النظام السوري قد غض الطرف عن إقامة حكم ذاتي متكامل لأكراد سوريا في عفرين، ويدلل على ذلك بمركز ثقافي أقيم حديثا، يقوم أحد المسنين فيه بتعليم نساء البلدة القراءة والكتابة بالكردية، وهو ما كان يحظر تعلمها بشكل نظامي في المدارس من قبل.
ويقول المعلم الذي يدعى جانغفار "كان محظورا على الشعب الكردي القراءة والكتابة باللغة الكردية ولذلك تعلمناها سرا، وعندما كان يتم العثور على كتاب بالكردية مع شخص ما كان يتم اعتقاله وتعذيبه".
ويقدم المركز كذلك دروسا مجانية في التاريخ والشعر والموسيقى الكردية، كما يعرض المدير في مكتبه صورة للشاعر الكردي أحميد خاني مقابل صورة أوجلان.
ومن جانبه، يرى عضو ائتلاف الأحزاب الكردية والمجالس المدنية التي تشرف على المنطقة عريف شيخو إن الحكم الذاتي الجديد هو نتيجة عقود من النضال الكردي المنفصل عن الاحتجاجات القائمة حاليا في سوريا، ويؤكد أن الثورة السورية تكمل نضالهم، ولكن حتى في حال توقفها فإن ثورة الأكراد ستستمر.
وكان الأكراد قد شكلوا مجالس بلدية لقرى المنطقة البالغ عددها 365، كما شكلوا لجنة إقليمية تضم 400 عضو لبحث قضايا المنطقة في غياب شبه كامل للنظام السوري.
ويفخر شيخو بأن 40% من أعضاء اللجنة الإقليمية من النساء، كما يفخر بنظام الحكم الذاتي الذي أقامه الأكراد مع التأكيد على أنهم لا يسعون للحصول على دولة منفصلة.
ويقول شيخو (60 عاما): "نحن نريد نظاما للإدارة الذاتية لأكراد سوريا، والديمقراطية لسوريا جميعها" مضيفا أنهم قضوا عقودا بانتظار تحقق الحكم الذاتي الكردي، وأنهم سيحمونه جيدا.