العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-06-12, 07:37 PM   رقم المشاركة : 1
مريهان الاحمد
عضو ماسي







مريهان الاحمد غير متصل

مريهان الاحمد is on a distinguished road


Thumbs down حدث في مثل هذا اليوم ...نكبة يونيو (حزيران) 1967

نكبة يونيو (حزيران) 1967

د/يوسف القرضاوي

إنه الزلزال المدمر الذي وقع في المنطقة، فغيّر من حالها، وقلب موازينها رأسًا على عقب، وما زلنا نعاني آثاره المُرّة إلى اليوم.
إنه نكبة الخامس من حزيران (يونيو) 5/6/1967م الذي عُرف بـ(حرب الأيام الستة)، والذي هزمت فيه (إسرائيل) مصر وسورية، هزيمة ثقيلة، واستولت على سيناء في مصر والجولان في سورية، بضربة خاطفة قاضية، حطمت بها الطيران المصري، بضرب الطيارات وهي رابضة في مطاراتها، فدمرت الطائرات، وخربت المطار، وشلت بذلك سلاح الجو المصري، شللاً كليًّا، لا شللاً نصفيًّا. وأضحت القوات المصرية في سيناء مكشوفة بلا غطاء جوي، يحميها ويحرسها من الضربات الجوية للعدو المتربص.
استيقظنا في الصباح على هذه القارعة الهائلة، وهذا النبأ المفزع، وأخذنا نتتبع الإذاعات والتلفازات، ونشرات الأخبار؛ لنعرف المزيد عما حدث.
ولم يكن لقطر في ذلك الوقت إذاعة ولا تليفزيون، فكنا نفتح إذاعة مصر، وتليفزيون مصر، فإذا هما يقولان كلامًا، وتقول إذاعة لندن وغيرها كلامًا آخر. ثم عرفنا بعد ذلك أن أكثر البيانات التي كانت تذيعها مصر إنما هي أكاذيب ملفقة، تحاول أن تمسك بها الناس أن يثوروا، فهي تخدعهم بمعسول القول، وأخبار النصر، وإسقاط طائرة في المكان الفلاني، وأخرى في مكان آخر، والناس تُصدّق هذا الهراء، وتركض من مكان إلى آخر لتبحث عن حطام الطائرة المسقطة، فلا تجد له أثرًا، ولا تسمع له خبرًا.
حتى قال لي الأستاذ صلاح جلال -محرر باب العلوم في (الأهرام) الذي اختير بعد ذلك نقيبًا للصحفيين- وكان يتردد على قطر بين الحين والحين: إننا كنا -ونحن صحفيون في أكبر جريدة في العالم العربي- نجهل الحقيقة، فكنا نجري مع عوام الناس في الشوارع نبحث عن الطائرات التي أسقطها جيشنا الباسل، لنكتب عنها شيئًا، فنعود بخُفَّيْ حنين، كما يقول العرب، أو بغير خف أصلاً.
وكنا نحن في الخارج أكثر فهمًا لما وقع من أهلينا وأخوتنا في مصر؛ لأن لنا مصادر أخرى لمعرفة ما حدث غير الإذاعة والتلفزيون المصريين.
ومن أول ما وقعت الحرب، ارتفع نبض الشارع العربي والإسلامي، واتقدت شعلة الحماس للجهاد في صدور الناس من كل جنس ولون، ونادى جمهور الناس: أن حيَّ على الجهاد، لمقاومة الصهاينة، والدفاع عن الأقصى والمقدسات.
واستقبلت منظمة التحرير الفلسطينية بالدوحة آلاف الناس يقفون في طوابير طويلة، يريدون تسجيل أسمائهم في المتطوعين لإنقاذ فلسطين. وكان أكثر هؤلاء حماسًا:
إخواننا من الباكستانيين والأفغانيين وغيرهم من أبناء البلاد الإسلامية، الذين يعيشون في قطر، قائلين: إن المسجد الأقصى ليس ملك الفلسطينيين ولا العرب وحدهم، بل هو ملك المسلمين جميعًا، فعلينا أن نسهم في تحريره وإبعاد العدو عنه.
وأذكر أننا أقمنا مهرجانًا في منظمة التحرير، وكان ممّن تكلم فيه العالم القطريّ الغيور المعروف الشيخ عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، فكان مما قاله للشباب الفلسطيني: اعتصموا بحبل الله، وتمسكوا بالدين، ينصركم الله على عدوكم.
فما كان من بعض الشباب الطائش، إلا أن صاحوا وهتفوا في وجه الشيخ: لا دين إلا السلاح!
وكان لهذا الهتاف الجاهل الأهوج: أثر سيئ في جمهور الحاضرين، الذين استنكروا هذا القول كل الاستنكار، الذي يدل على غباء قائله، وفقدان وعيه، بحقيقة هذا الصراع بيننا وبين بني صهيون، وأن الدين هو المحرك الأول لهذه الأمة، وهو الذي يبعث هامدها، ويحرك جامدها، ويشعل خامدها، ويوحِّد كلمتها، ويصنع بها العجائب، وروائع البطولات، ويعيد إليها أيام خالد وأبي عبيدة وطارق بن زياد وصلاح الدين الأيوبي وسيف الدين ق********.
ولقد قلنا مرارًا: إن إخراج الدين من المعركة هو الذي أضرَّ بهذه القضية أبلغ الضرر؛ لأننا نجرد أنفسنا من أمضى سلاح يحاول عدونا أن يضربنا به. فهو يستغل الدين ويوظفه في تعبئه قواه، وتجنيد رجاله، وهو غير مؤمن به. فكثير من الصهاينة (علمانيون) لا دين لهم، ولكنهم -وإن لم يؤمنوا بالدين- يؤمنون بقوة الدين، وأهمية توظيف الدين في معركتهم.
وكم نادينا قومنا:
إننا يجب أن نحاربهم بمثل السلاح الذي يحاربوننا به، فإذا حاربونا باليهودية، حاربناهم بالإسلام، وإذا قاتلونا بالتوراة، قاتلناهم بالقرآن، وإذا قالوا: التلمود، قلنا: البخاري ومسلم، وإذا قالوا: نعظِّم السبت، قلنا: نعظِّم الجمعة، وإذا قالوا: الهيكل، قلنا: المسجد الأقصى.
ولا يفل الحديد إلا الحديد، وحديدنا أقوى من حديدهم؛ لأن ديننا أقوى من دينهم، إذ كيف يكون المنسوخ في قوة الناسخ، وكيف يكون المحرف والمبدل في قوة الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟
كانت الهزيمة ثقيلة، وكان حجم الخسارة ضخمًا من الناحية المادية، ومن الناحية المعنوية، وقد اعترف عبد الناصر بعد ذلك في 23 يوليو وفي نوفمبر من نفس العام، بمقدار هول الخسارة وفداحتها، وذكر أعداد المقتولين والمأسورين والمفقودين من الضباط والجنود، وصرَّح: أن الطريق إلى القاهرة كان مفتوحًا أمام إسرائيل. ولم يكن هناك جندي واحد يعوق تقدم إسرائيل لو أرادت.
كما أعلن أرقامًا فادحة عن خسارة مصر في هذه المعركة المشئومة، فذكر: أن مصر خسرت في هذه الحرب 80% من سلاحها، و10.000 جندي و1500 ضابط، وأُسر 5000 جندي و500 ضابط لم يعد أكثرهم! هذا حديث عبد الناصر، وقد سمعناه بآذاننا.
وتذكر المراجع أن ضحايا هذه الحرب يبلغون 35.000 جندي قُتل أكثرهم في ساعات، وخصوصًا في الممرات؛ لأن شارون -مجرم الحرب الإسرائيلي- كان يسحقهم بالدبابات في الممرات.
أما التدمير الذي حل بمدن القناة، فخسارته أعظم من أن تقدر! وأما التدمير النفسي والمعنوي، فحدِّث ولا حرج.
هذا وقد أعلن عبد الناصر: أنه يتحمل كامل المسئولية عما وقع، ولكن هل هناك من سأله، من حاسبه؟
ما معنى المسئولية إذا لم يكن هناك سائل يسأل، ويحاسب ويعاقب؟
إن الهزائم الكبرى كثيرًا ما تسقط دولاً، وتغيِّر أنظمة، وهذا عندما تتوافر الحريات، ويملك الناس حق المساءلة والحساب.
حدثت هذه الخسائر كلها، ولكن الشعب المصري لم يكن يعرف شيئًا من ذلك؛ نتيجة التضليل الإعلامي، الذي استحل الكذب الصراح على الشعب، حتى بات غائبًا عما يجري على أرضه، وما يدور في ساحة وطنه.
وقد بان أثر ذلك حين فُوجِئ الشعب بقائد ثورته، ورئيس جمهوريته، في مساء يوم 9/6/1967م يُعلِن عليهم بصوت حزين:
إن مصر قد هزمت في الحرب، وأنه يتحمل كامل المسئولية، وأنه قرر التنحي عن منصبه باعتباره رئيسًا للجمهورية، وعن كل عمل سياسي، وأنه كلّف زكريا محيي الدين أن يتولى مهامه.
كان بيانه يحمل نبرة الأسى والحزن والاعتذار والاستعطاف، ومثل هذه النبرة تؤثر في الشعب المصري الطيب، فما أن انتهى من خطابه، حتى بدأت الجماهير تخرج إلى الشوارع هاتفة بحياة الرئيس المهزوم، ومنادية ببقائه على كرسيه!
وقد اختلف المحللون والمعقبون على هذا الحدث الذي سماه الناصريون:
هبّة الجماهير في 9، 10 يونيو: أكانت هبة عفوية أم هبّة مُدبّرة من علي صبري وجماعة عبد الناصر في الاتحاد الاشتراكي؟
الأستاذ محمد حسنين هيكل يجزم بأنها هبّة جماهيرية تلقائية، ويدلّل على ذلك بشواهد يذكرها.
وآخرون من خصوم الناصرية يؤكدون: أن كل شيء كان مُعدًّا، وأن رجال المباحث والمخابرات وأعضاء التنظيم الطليعي في الاتحاد الاشتراكي، ومن معهم من مجموعات خاصة، كان عليهم أن يطلقوا الشرارة الأولى، ويرسلوا الصيحة الأولى، ويَدَعُوا الجماهير الغافلة بعدها تزحف وتزعق.
وفئة ثالثة توفيقية، تريد أن تجمع بين الرأيين، وتقول: إن بعض هذا العمل كان مدبرًا، وبعضه كان تلقائيًّا، باندفاع ذاتي من الجماهير المصرية الطيبة، التي تتعاطف مع المغلوب، وتناصر المكلوم المحزون، وهكذا ظهر لهم عبد الناصر في بيانه.
بالإضافة إلى أن جمهور الشعب المصري لم يكن لديه أدنى معرفة بحجم الكارثة الهائلة، والهزيمة الساحقة والمذلّة التي لحقت ببلده وجيشه. وربما لو عرف الأمر على حقيقته لكان له موقف آخر، وهو موقف الشعوب الحية حين تطالب بمعرفة مَن المسئول عن هذه النازلة أو القارعة؟ ولا بد أن يُساءل ويحاكم ويأخذ جزاءه أيًّا كان موقعه.
5 يونيو 1967 .. نكسة أم نكبة ؟
لقد سمّى ناصر وإعلامه هذه الهزيمة المذلة -التي خسرنا فيها القدس، والضفة الغربية، وغزة، وسيناء، والجولان- (النكسة)! كأنهم كانوا في انتصار دائم، ثم انتكسوا هذه المرة.

والواقع أن هذه تسمية خاطئة، وإنما هي (نكبة كبرى) توازي (النكبة الأولى) سنة 1948م، التي قامت فيها دولة بني صهيون، وشُرِّد الفلسطينيون من ديارهم، وغرس هذا الكيان المعتدي في قلب بلاد العروبة والإسلام، ليكون خنجرًا مسمومًا في صدورهم.
ولذا سميتها (النكبة الثانية) أي بعد نكبة 1948م في كتابي (درس النكبة الثانية: لماذا انهزمنا وكيف ننتصر؟) الذي أصدرته في سنة 1968م، أناقش فيه أسباب النكبة الحقيقية، وطريق النصر الذي يجب أن نسلكه.
بل أقول: إن أثر هذه النكبة كان أعظم خطرًا من النكبة الأولى، فقد ظل العرب -بعد النكبة الأولى- متمسكين بأن فلسطين كلها من النهر إلى البحر: وطنهم المغتصب، وبلدهم المسلوب، وحقهم فيه ثابت لا مراء فيه، وأنهم سيظلون يجاهدون بكل ما لديهم من قوة؛ لطرد العدو الغاصب، واسترداد الوطن الضائع، وإن طال عليهم الأمد؛ فإن مضيّ الزمن لا يسقط الحقوق الثابتة، ولا يبطل حق المواطنين في المطالبة بوطنهم المنهوب.
هكذا كان العرب جميعًا في مشارقهم ومغاربهم، ثوريوهم وليبراليوهم، حتى وقعت هذه النكبة، فتغيرت فلسفة العرب، وتغيرت سياستهم، وتغيّر منطقهم، وتبنَّى عبد الناصر بعد ذلك سياسة (إزالة آثار العدوان)، يعني بذلك: عدوان 1967م، وإعادة الأوضاع إلى ما كان عليه الحال قبل 5 يونيو 1967م.
ومعنى هذا: أن العدوان الجديد ألغى العدوان القديم، بل أضفى الشرعية عليه؛ أي عدوان 67 أضفى الشرعية على عدوان 48!!
فما أعظم الهول! وما أعظم الفارق بين موقف العرب قبل هذه النكبة المخزية، وبعد هذه النكبة المهينة!
المصدر: كتاب (مذكرات القرضاوي .. ابن القرية والكتاب) ج3.

































Facebook







التوقيع :

إسرائيل لا تعمل لمصلحة أحد ولا تخدم أي استراتيجية سوي استرتيجية بقائها واستمرارها..

وخطتها القريبة هي إثارة الفتن والخلافات والحروب في المنطقة العربية. وابتلاعها قطعة بعد قطعة.
لاحول ولا قوة الا با الله .
من مواضيعي في المنتدى
»» عطر الكلمات في طاعة الله
»» حبس مدرس نصراني لوضعه رسومات مسيئة للرسول على الفيس بوك
»» عندما يجد أعداء الثورات ضالتهم!!
»» ابتلاء المسلمين بأحداث سوريا !!
»» فيديو ..تشكيل كتيبة ضخمة للجيش السوري الحر بإدلب
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:25 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "