عندما إلتحقت أول مرة بقسم الصيانة أخبرني بعض الأصدقاء أنه يوجد معنا ملحد،لكن تفاجأت عندما رأيتهم يستشيرونه في جميع المواضيع بحكم أنه مثقف وواسع الإطلاع
وذات يوم رأني أتوضأ فقال لي مستغربا أتصلي ؟قلت: نعم ولماذا،فقال:الصلاة هي من العادات السيئة ،لكن على العموم فهي تجعل الإنسان نظيفا،فقلت:أنا أصلي لأن الله أمرني بها،فقال:مسكين حتى أنت خدعك الحكام،قلت:كيف؟،فقال:الإسلام هو من إختراع الحكام ليلهوا به الناس ويشغلوهم بالجنة بينما هم يتمتعون بالحياة ،فقد علمونا أن نقول بسم الله عند الطعام ونرضى بالقليل بينما هم يقيمون الولائم ويضحكون علينا،فقلت له:إذا كل ملايين المسلميين في العالم مخدوعيين إلا أنت ،وألم تعلم أن النبي صلى الله عليه كان ينام على الحصير ،فقال:لو كان في الإسلام خيرا لتبعته اليهود والنصارى الذين هم أصحاب حضارة وتقدم ثم قال:اللهم احشرني مع شارون وبوش،فقلت:سواء كنا فقراء أو أغنياء كلنا سنموت والله ما خلق هذا الكون عبثا المهم أن مقتنع ومرتاح بما أنا عليه لنا أعمالنا ولكم أعمالكم،فقال لي:أنا لست إلا آلة عندما تنتهي صلاحيتها ستموت.
ومع مرور الأيام لاحظت إهتمامه المفرط بأحوال الطقس وكان أول شيئ يقرأه بالصحف توقعات الجو،وذات يوم كان الجو غائما فوجدته مختبئا مذعورا قلت له:مابك؟،قال لي:أنها ستكون عاصفة رعدية وهو يرتعش،فعرفت سبب إهتمامه بأحوال الطقس.
فاستغللت نقطة ضعفه فكلما أراد أن يخوض في الدين إلا وأخبرته أنها ستكون عاصفة رعدية قوية أو أن صاعقة ضربت بلدا فقتلت وأحرقت....ثم يسكت ويقول:آواه ثم سألني عن الصواعق،فقلت:ليس المشكل في
الصواعق وإنما في الذين يجادلون في مرسل الصواعق.
وبعد فترة إبتلاه الله بمرض السكري وكثرة الديون و زاد سخطه عندما مرضت زوجته وإبنته فأشفقت عليه وساعدته ماديا ومعنويا وأشتري له الدواء ولا أقول له إلا ما يسره وأحسست لينا من جانبه وبعض القبول للأمور
وجرب بعض الإخوان أن يأخذوه إلى المسجد فقبل وصلى معهم وعندما خرج من المسجد وجد أن حذائه سرق ثم صرخ قائلا:لهذه الأسباب أكره الدين.ولكي أرضيه إشتريت له سخان مائي ففرح به وشكرني وطلبت الله أن يهديه وبقي على حاله لكنه كف عن الخوض في الدين إلا نادرا ،وذات يوم ضرب زلزال مدينتا فأخذ يركض ويصرخ :اللهم صل على سيدنا محمد اللهم صل على سيدنا محمد....
فاستغربنا لحاله ،فقال له أحد الأصدقاء أن عليه أن يصلي وأن القبر الضيق ينتظرنا،فأجابه:لماذا قبور المسلمين ضيقة ولماذا لا تجعلوها واسعة ومريحة كقبور النصارى ،فقلت له:مثلك مثل الذين في البحر إذا هاج عليهم البحر أخلصوا الدعاء وإذا وصلوا البر كفروا ولا تنسى أن الله في كل مكان،فقال لي:عجبا لإلهكم يحارب الناس في البر والبحر،فتوترت علاقتي به من جديد واعتزلته.
وبقينا كذالك إلى أن جائني يوما غاضبا فأخبرني أن أمه تريد أن تحج فقلت له ،وما سبب غضبك،فقال:إن السعوديين سيأخدون مالها وأن الحج ما هو إلا سياحة وأنا أحوج إلى مالها من السعودية،فقلت له إنها حرة تنفق مالها كيفما أرادت ألست أنت تؤمن بالحرية؟،فسكت.
ورغم كل شيئ لم أفقد الأمل فكنت دائما أسامحه وأحسن إليه ولم أيأس منه إلى أن أصبت بحادثة عمل تلاها مرض شديد نتج عن كسر ونزيف حاد فكان يزورني ويواسني وحزن لمرضي واستغرب لعدم تسخطي وكان يقول لي :أنا أعلم أنك تقول أن مرضك هذا قضاء وقدر،قلت:نعم،فقال:وأنا متأكد أن الله لن يخزيك وسيشفيك بإذنه إن شاء الله لأن قلبك أبيض ولا تؤذي الناس،ففرحت لسماعه يقول هذا ،فقال ادعوا الله أن يهديني وأصلي فو الله ما هذه الحياة إلا سراب وكل شيئ متوقع فيها .
وأنا أدعوا الله أن يشفيني وسائر المسلمين إنه بالإجابة جدير والحمد لله رب العالمين