العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-04-12, 07:32 PM   رقم المشاركة : 1
بعيد المسافات
عضو ماسي






بعيد المسافات غير متصل

بعيد المسافات is on a distinguished road


النهضويون الجدد !!

النهضويون الجدد
د. أحمد العمير | 10/5/1433 هـ


مع إنطلاق الثورات العربية، بدأت دول الخليج العربي تشعر بقلق من انتقال عدوى الثورات لمجتمعاتها وشعوبها، لا لتخوف من استعداد حقيقي لدى الشعوب الخليجية نحو الثورة ولكن لتخوف من تطورات متلاحقة غير مقصودة تخرج عن السيطرة. ومع تباين في درجات التخوف بين دولة خليجية وأخرى بحسب أوضاعها السابقة والراهنة، عمدت هذه الدول لخطوات تحاول بها امتصاص التحفز نحو التغيير الذي أفرزته هذه الثورات ونتائجها الضخمة.
وبعد مرور أكثر من عام على "ربيع الثورات" أخذت هذه الدول تتنفس الصعداء ظنا منها أنها تجاوزت الخطر، ولم يدر بخلدها أن الخطر آخذ في التزايد ويأتي من داخلها لا من خارجها.
إذا تذكرنا أن هدف الثورات البعيد هو التغيير، وأن صور التغيير هذه متعددة وليس شرطا أن تكون بسقوط الأنظمة كما هو السمة الغالبة للثورات العربية، وأن الثورات قد تأخذ منحى التغيير البنيوي الضخم في هوية وشرعية وتركيبة الدول دون الحاجة لثورات صاخبة، فمن الممكن جدا أن يفضي الحراك والصراع الفكري والثقافي داخل المجتمعات الخليجية في إطار مغالبتها للاستبداد والظلم والاستئثار بالسلطة والثروة وهدر الحقوق وإخفاقات التنمية، إلى حالة من التغيير ما فتئت الأسر الحاكمة في الخليج تحاول تعطيلها أو تأجيلها وتوجيهها للحفاظ على الامتيازات.
وفرص تحقق هذه الحالة من التغيير ليست بغائبة عن النخب الفاعلة في منطقة الخليج، بل الحكومات نفسها أصبحت أقرب لتهيئة نفسها لهذه الحالة الجديدة ولكن بالوتيرة البطيئة المعتادة لهذه الدول. ولكن يبدو أن بعض النخب الفكرية الخليجية ليست مستعدة بعد اليوم لانتظار هذا التردد الخليجي ولا قبول قيوده المعتاده.

وبهذا الاعتبار تبقى المغالبة السياسية حقا مشروعا لكل مكونات المجتمع، ولا غضاضة أن تتجه نحوه أي حركة أو مجموعة خليجية وهو شأنها الذي تتحمل تبعاته الكاملة بينها وبين حكومات المنطقة، ولكن أن تتوسع مجالات التغيير والثورة والانقلاب التي تريد أن تصنعها هذه الحركات لتشمل منظومة القيم والمفاهيم التي تنطلق منها شعوب المنطقة وتميز تاريخها وواقعها ومستقبلها، فعندها لا تصبح القضية مناكفة سياسية مجردة بين توجهات أو نخب وحكومات بل تصبح حركة انقلاب على ذات وجود وهوية وثقافة هذه المجتمعات.

وفي هذا الاستعراض سنحاول التعرف على أحدث نموذج لهذا النوع من التوجهات من خلال ملتقى النهضة الشبابي الثالث الذي دار حوله جدل طويل مؤخرا، ومنطلق الحديث هنا سيحاول قدر المستطاع أن يكون بلسان الأغلبية للشخصية الدينية والثقافية الخليجية، لا بلسان حركة أو توجه معين فنحن هنا بصدد الدفاع عن وجود هويتنا وثقافتنا لا عن وجود فصيل أو تيار. وسأعبر عنها فيما يأتي بالأغلبية الوسطية.

نبذة عن الملتقى

ملتقى النهضة الشبابي، ملتقى سنوي يستهدف فئة الشباب من الجنسين (18-30) وذلك لرفع مستوى وعيهم ونوعية مشاريعهم لصناعة النهضة، بحسب ما ينص على ذلك موقعه الرسمي على الشبكة.
ويلخص هدفه العام بالارتقاء المعرفي بالمهتمين بالنهضة، وذلك من خلال ثلاثة أمور:
بناء نموذج للنهضة، والتفكير بعقلية قانونية سننية.
تعريف المشاركين برواد العمل النهضوي، وإطلاعهم على تجارب ناجحة في هذا المجال.
تعريف المشاركين ببعضهم وبأعمالهم، وتكوين صلات تعاون بين الجميع.
وهو لا يتقدم - في هذه المرحلة على الأقل - بنموذج محدد للنهضة ولا بمشاريع محددة، وإنما يكتفي بإثارة التساؤل وإطلاق الجدليات والتشكيك بما يحفز على البحث عن المخارج باستثمار عقول الشباب، كما يعبر عن ذلك مديره العام وصانع فكرته الأساسية.
ويشترط على المشاركين التقدم بطلباتهم قبل انعقاد الملتقى السنوي بثلاثة أشهر ليتم انتقاء من تنطبق عليه المواصفات غير المعلنة في موقع الملتقى (يتقدم مئات وينتقى 120: 70 شباب + 50 فتيات)، كما يشترط المشاركة بكل الفعاليات المكثفة والإقامة طيلة أيام الملتقى في مقر انعقاده، وبغرف يشترط أن تكون مشتركة لاثنين أو ثلاثة بهدف استمرار تواصل الأفكار دون انقطاع.
ويشرف عليه فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة ومديره العام د.مصطفى الحسن (تخصص التفسير وعلوم القرآن بجامعة الملك فهد، وصدر له كتابان لدراسة فكر محمد أركون ونصر أبو زيد).
وانعقد منه الملتقى الأول في البحرين (إبريل 2010) والثاني في قطر (إبريل 2011) بصفة مستقلة وبتراخيص رسمية دون الحاجة لمنظمة أو جمعية محلية ينعقد تحت مظلتها، ولم ينشأ عن الملتقيين جدل ونقاش وذلك لأسباب ثلاث:
- نوعية الضيوف المتحدثين التي انحصرت في الوسط الإسلامي من أصحاب طيف محدد (فيما عدا د عزمي بشارة الذي فرضت دعوته أجواء الثورات العربية).
- الطبيعة المغلقة للملتقى والانكفاء على الذات - في هذه المرحلة - التي تمنع الحوار المفتوح معه ولا التواصل الذي يستطيع به الآخرون التعبير عن موقفهم وقراءتهم لمحتوى الطرح المقدم فيه للشباب
- نهج الملتقى بنشر المواد الصوتية الكاملة لأوراق عمل المتحدثين وحوارات الشباب معهم على موقع الملتقى دون السماح بكتابة تعليق، مع التحكم التام بنوعية الضيوف المتحدثين والشباب والشابات المشاركين.

ومن هنا فلقد كان من المتوقع أن يثير الملتقى الثالث في الكويت جدلا ونقاشا وهذا ما وقع فعلا وانتهى بمنع عقده لأنه لم يتحصل على ترخيص باعتبار كونه جهة خليجية (ملكيته وإدارته سعودية) وليس لها مكتب قانوني في الكويت، ولكنه انعقد ببعض ضيوفه فقط وبدون مشاركة الشباب المستهدفين بمسمى مختلف تحت مظلة كويتية محلية وهي جمعية الخريجين المعروفة بتوجهاتها الليبرالية. ولتوضيح الظروف الواقعية المحيطة بالجدل والنقاش لا بد من الإشارة للتالي:
الاختيار للضيوف المتحدثين في الملتقى والمعلن عنهم، يمثل رسالة مقصودة أراد بها منظمو الملتقى تقديم نموذج عملي للشباب والشابات وللمجتمعات الخليجية عن القفزة النهضوية التي يقدمونها، وهم كانوا يتوقعون الاعتراض وإن لم يكن بهذا المستوى من "الحدة" كما عبروا، رغم استعدادهم للمواجهة.
اختيار موضوع الملتقى المعلن عنه يمثل قفزة نهضوية أخرى مقصودة بالنسبة للمنظمين، ولم يكترثوا بكل الظروف والأجواء الملتبسة خليجيا التي تحيط بموضوع المجتمع المدني تحديدا.
يأتي الملتقى الثالث بعد أن أحاط الملتقى مشروعه ورسالته بكثير من علامات الاستفهام في أوساط الأغلبية الوسطية، التي تكونت لديها من خلال متابعة برامج ومواد وتوجهات الملتقى المنشورة في موقعه.

وفي ظل أجواء الاعتراض الذي نشأ من الكويت أولا، شنّ رُّواد ومؤيدو الملتقى حملة دفاعية هدفت بالأساس لتشويه صورة المعترضين وتحالف معهم المستفيدون من مشروع ملتقى النهضة وأهدافه البعيدة فاشتركوا معهم في توجيه الرأي العام الخليجي ليخرج من ملابسات منع الملتقى بالتصور التالي:
المعترضون خصوم حقيقيون للنهضة وأنهم هم السبب الحقيقي لتخلف الأمة. بل وصفهم د. خالد الدخيل بمقالة له عن منع الملتقى بأنهم "متشددون … متطرفون … منغلقون"
المعترضون ضد حرية الرأي وعاجزون عن الحوار مع المخالف، وعاجزون عن مجابهة الفكر والمنطق المقنع لأنهم في واقع الحال يفتقرون لأيٍ منهما
المعترضون إقصائيون ويرفضون التعددية ويمارسون وصاية على غيرهم تحت شعار الدين "السلفي"
المعترضون يرفضون المجتمع المدني لأنهم ضد سيادة القانون، بل لأنهم حلفاء للمستبد ويستعدون المستبد ضد مخالفيهم، والمستبد يستغلهم بسذاجة وغباء منهم لتحقيق مصالحه السياسية
هذه باختصار مجمل القضايا التي روج لها أنصار الملتقى، وفيما يلي قراءة مختلفة للمشهد، وأترك للقاريء الكريم بعدها حرية تحديد الموقف الذي يقتنع به. وسأجمل الحديث عن (ملتقى النهضة الشبابي) في إطاره العام بالتركيز على جوانب إجرائية وجوانب موضوعية ولعلها تعبر عن وجهة النظر بصورة منصفة وبعيد عن تهمة "الإستعداء".

يتبع






 
قديم 04-04-12, 07:38 PM   رقم المشاركة : 2
بعيد المسافات
عضو ماسي






بعيد المسافات غير متصل

بعيد المسافات is on a distinguished road


الجوانب الإجرائية
دلالات التسمية: اختيار مسمى النهضة تحدث عنه د مصطفى الحسن، المدير العام للملتقى وصانع فكرته الأساسية، في مقطع صوتي مثبت على مدونته "رواق الحسن: http://rowaqalhasan.com " وأشار فيه إلى أن ملتقى "النهضة" هو امتداد لتطلعات النهضة التي أطلقها في عالمنا الإسلامي كل من رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده قبل أكثر من قرن من الآن. وأرجع سبب فشل تلك المحاولات الرائدة لإخفاقات النموذج الغربي (المرحلية) بسبب وقوع الحرب العالمية الأولى ثم الثانية مما لم يسعف الرواد الأوائل لمتابعة مشروع نهضتهم وتطويره. ولكن نجاحات ونهضة النموذج الغربي مع إستمرار تخلف عالمنا الإسلامي وإخفاقاته المتتالية، تجعل من المقبول جدا أن نعود لبعث الروح في النهضة ولكن بمعايير وأدوات أكثر تطورا وإبداعا مما قد يكون تحقق لرواد النهضة الأوائل.
ومن هنا ليس من الإجحاف في شيء وصف هذا المشروع وأصحابه بـــ"النهضويين الجدد"، فهم الذين ربطوا مشروعهم بــ "الرواد" السابقين إمعانا في بث كل التصورات والانطباعات المترسخة عن التجربة السابقة قبل إنطلاقة هذه التجربة واستعدادا لاستحضار ومواجهة كل رصيد النقد السابق وتاريخه.

فلسفة النهضة:
النهضة في جوهرها تتضمن تطورا وتغيرا في أنماط التفكير والتعبير يفضي لانقلابات ضخمة في أسس الحياة الثقافية والفنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية، تتجاوز إنغلاقات المرحلة الزمنية (ويكيبيديا: بتصرف). ولقد نشأت النهضة الأوروبية بسبب ما مرت به مجتمعتهم من صراعات وجدليات يزخر بها التاريخ الأوروبي. لكن في بيئتنا الإسلامية فالأغلبية الوسطية تعتبر أن الإسلام بذاته قدم نهضة قلبت كيان البشرية ما بعد الإسلام، ولا يمكن أن تأتي أنماط تفكير وتعبير جديدة بعد بعثة الإسلام لتقدم لنا نهضة أرقى منه. ولمعرفة الإسلام بطبائع الشعوب والمجتمعات التي قد يتطاول عليها الزمن وتأسن أنظمتها وأحوالها شرع للأمة مبدأ التجديد لا مبدأ الثورات والانقلاب على منظومة القيم والمفاهيم الإسلامية الراسخة. ومن هنا لا بد أن يتجدد السؤال الذي واجه رواد النهضة الأوائل: هل أصولنا الدينية الإسلامية ومنظومة قيمنا ومفاهيمنا هي من أفرز مظاهر التخلف الحضاري وتراجع التمدن الإسلامي وممارسات الإستبداد والطغيان التي غلبت على المنطقة الإسلامية في أواخر الإمبراطورية العثمانية!؟، أم أن أصول الدين ومنطلقات الثقافة بريئة تماما من هذه النتائج، ويتحمل مسؤولية التخلف والتراجع: الحكام المستبدين والعلماء والمفكرين والمثقفين المتواطئين أو الصامتين بل وحتى الشعوب العربية الإسلامية بممارساتهم وتطبيقاتهم الخاطئة. ولذا تجد أن الأغلبية الوسطية في منطقة الخليج وبقية العالم الإسلامي يؤمنون أن أجواء التخلف لدينا تختلف عما وقع في أوروبا، فرغم إعتراف الجميع بأنها ناتجة عن إستبداد سياسي وإجتماعي بل وحتى فقهي، ولكنها أبدا ليست ناتجة عن إنحراف أو إنغلاق دين وقيم وثقافة. فما بال النهضويين الجدد يعرضون عن ذلك كله ويتجهون لينهلوا من الحضارة الأوروبية المادية ليتحقق لهم ما ينقضون به كل طرائق تفكيرنا ومفاهيمنا!؟ ألم يكن في حضارتنا ونهضتنا الإسلامية السابقة قيم ومفاهيم وأخلاق إرتقت بجنس الإنسان وقدمت عدالة وحماية حقوق وتنمية بشرية وعمرانية مع تطورات علمية وتقنية بحسب عصرها وحضارة فنية وثقافية أذهلت العالم في حينها وجعلته يقبل على الإسلام دينا وحضارة، فلماذا ننسى ذلك كله ونقبل فقط على النهضة الأوروبية المادية الفقيرة جدا في بعدها القيمي الأخلاقي!؟ ألمجرد أن تطبيقاتنا السياسية التاريخية قد إبتعدت عن جوهر النهضة الإسلامية!؟، فالحقيقة أن النهضة الإسلامية لم يعوقها أبدا أن تكون تطبيقاتها السياسية لم تحافظ على نموذج الحكم الإسلامي الراشد كما شرعه الله، فلقد إستمرت نهضتنا وحضارتنا لأكثر من عشر قرون بينما حضارتهم ونهضتهم لا تزال في قرنها الثالث.

الرؤية والرسالة والنموذج:
تردد في الكثير من مطبوعات وندوات وعبارات إدارة ملتقى النهضة الشبابي أن رؤيته ورسالته تتلخص في صناعة الارتقاء المعرفي للشباب والشابات، وصناعة مرحلة جديدة بصياغة وعيهم، وتعريفهم ببعض وبتجاربهم وتكوين صلات تعاون بينهم، وإطلاعهم على تجارب ناجحة لرواد العمل النهضوي، ومن هنا قد يفهم أن كل المحاضرين يمثلون نوعا من أنواع الريادة النهضوية ولذلك يستضافون بينما في ذات الوقت تكررت أسئلة شباب وشابات الملتقى (كما في الندوات المنشورة على موقع الملتقى) عن ضبابية هذه الرؤية والرسالة، وافتقارها لبرنامج ومشروع عملي ملموس، وأن النهضة لا يمكن أن تنشأ إلا بإرادة سياسية تقتنع بمشاريع وثقافة النهضة وتتيح لها المجال. وهم محقون تماما في ذلك، وحينها لا تجد تفسيرا مقنعا لطبيعة ونهج الملتقى إلا إذا كان يعتبر صناعة المرحلة الجديدة من الارتقاء المعرفي وصياغة الوعي هي التي ستصنع بالضرورة الإرادة السياسية إما بإقناع الحكومات القائمة وقبولها أو بإرغامها بأي صورة من صور الإرغام، وبما في ذلك صورة الثورة كما سيظهر في محتوى الندوات.
واللافت أن المعرفة المطلوبة تقتضي كذلك تقويضا لعدد من المفاهيم الإسلامية الراسخة لأن النهضة المطلوبة لا يمكن لها أن تتم إلا بتجاوزها، وذلك لأن إستمرار المفاهيم القديمة يعيق معالم النهضة (!!)، ومن هنا فالرؤية والرسالة تتضمن كذلك تغييرا لثقافة المجتمع وانقلابا عليها إما إقناعا أو إلزاما. والملتقى بطبيعة الحال يتبنى هكذا رؤية ورسالة ونموذج لأنه ببساطة يشعر بانهزام أمام النموذج الأوروبي للنهضة، ويشعر بافتقاد لثقته ويقينه بنموذج النهضة الإسلامي، كما سيظهر من محتواه الموضوعي.

النمط والأسلوب:
استهداف الشباب والشابات عبر ملتقيات حوار مغلقة تماما، كما يقول مدير الملتقى العام في مقابلته مع قناة الرسالة، ينطلق من قناعة بأن المشهد الخليجي يثبت إخفاقات متتالية من كل الأطراف وأن الشباب هم من يتأذى من هذا الوقع ومن حقهم أن يكون لهم قناعاتهم الخاصة بطريق النهضة المطلوب. وعبر الحوار قد يقبلون أو يرفضون الأفكار وينتقون قناعاتهم من خلال إختيار الأفكار الناجحة على المشهد بتقديرهم هم أو يخرجون بقناعات أخرى مختلفة. ومن خلال الصدمة المعرفية التي سيتعرضون لها بالتحاور المباشر مع بعض من لهم تجارب نهضوية قد تساعدهم بالتفكير لصناعة وصياغة النهضة التي نريدها.

وهنا نصل لجوهر الهدف الحقيقي للملتقى وعبر عنه مدير الملتقى في ورقته للملتقى الأول أن النهضة الحقيقية تقوم على إثارة الشك والجدل والنقاش حول المفاهيم المحيطة بنا لنصل لصياغة النهضة عبر إعادة تشكيل طرائقنا للتفكير والتعبير حتى نصل لفهم جديد لمقاصد الدين ومنطلقاته الثقافية، ولماذا كل ذلك، لأن قناعة الملتقى أن التخلف الذي يحيط بنا أسبابه ثقافية ومفاهيمية ولن يتغير واقعنا إلا بتغيير ذلك.
ولا بد أن يرد سؤال عن المشرف العام على الملتقى وموقفه من كل ذلك، وخصوصا بما يعرف عن الشيخ من رمزية تاريخية وبما يحفظ له من أسبقية علمية ودعوية فهل يعقل أن يكون الشيخ يقر بكل هذه الإختراقات والإنقلابات الثقافية، الحقيقة تشي بغير ذلك، وكما سيأتي في الحديث عن محتوى ورقة الشيخ يظهر أن فهمه للملتقى وموقفه منه يختلف تماما عما يصرح به ويعلنه مدير الملتقى مصطفى الحسن...

يتبع






 
قديم 04-04-12, 07:45 PM   رقم المشاركة : 3
بعيد المسافات
عضو ماسي






بعيد المسافات غير متصل

بعيد المسافات is on a distinguished road


الاختراقات الاجتماعية:
أول مظاهر الانقلاب على مفاهيم الأغلبية الوسطية الخليجية وخصوصا السعودية منها ويأتي بها مؤتمر ذو واجهة إسلامية، يتمثل في إختراق مفهوم العلاقة بين المرأة والرجل، وكما نص مدير الملتقى مصطفى الحسن في أكثر من صعيد أن الملتقى يريد أن يؤسس لعلاقة ندية بين المرأة والرجل ويريد أن يصحح خطأ المفهوم السائد خصوصا في السعودية عن علاقة المرأة بالرجل. فإذاً يأتي الملتقى كمنقذ للمرأة ومؤسس لنهضة "إسلامية" حقيقية للمرأة تمنحها حقوقها كاملة ولو عبر مشاركة ندية في التعبير عن الرأي والفكر في ذات القاعة وعلى مقاعد متساوية. بما يمثل إشارة واضحة عن منحى الإنتقاص للثقافة السائدة وممارساتها الاجتماعية إنطلاقا من تخطئة إجتهاداتها الفقهية ومفاهيمها الدينية في الأساس كما سيظهر لاحقا. والغريب أنهم لا ينطلقون في هذه التخطئة من خلال منهجية إستدلال علمي وفقهي معتبر، وإنما ينطلقون من خلال إنهزامهم النفسي والثقافي بمقابل نموذج النهضة الأوروبي الذي يستلهموه.

التعالي والفوقية المفضية للتمرد:
عند استعراض محتوى الندوات وطبيعة الرسائل المبطنة والإيحاءات التي تبث هنا وهناك أثناء النقاش مع الشباب والشابات المشاركين، لا تخطأ العين استقراء مشاعر التمرد على ثقافة الأغلبية الوسطية ومفاهيمها، ولا تجد مبررا لهذا التمرد إلا بوجود نظرة التعالي والفوقية على ثقافة الأغلبية واعتبارها هي بذاتها سبب التخلف الذي نعيش فيه ولا نهضة إلا بالانقلاب على هذه الثقافة، انطلاقا من النهضة الأوروبية التي تُستلهمُ في هذا الملتقى كنموذج النهضة المثالي.
من حق الأغلبية الوسطية أن تتساءل هنا عن هذه النهضة التي يبشرنا بها الملتقى ورواده، كيف لها أن تنجح وتنتشر بيننا وأنتم تعاملوننا بهذه الفوقية على ثقافتنا ومفاهيمنا!؟.

الحرية والتعددية والمواطنة بدلا من فرض الوصاية:
من أعجب ما يقدمه النهضويون الجدد لمنطقتنا الخليجية، بشارتهم لنا بحرية رأي وتعددية فكرية وثقافية ومذهبية ومبدأ مواطنة تكفل حقوقا متساوية، في وقت تتهاوى فيه كل هذه الشعارات الباهتة التي لا تقل خداعا ومخاتلة عن غيرها من الشعارات. فأين وزن وقيمة هذه الشعارات أولا في دول ما بعد الثورات، ولنأخذ مثالا وضع الأقباط أو العلمانيين في مصر، أو الأمازيغية والليبرالية في تونس وليبيا، فبرغم مستوى الحرية المتفاوت بين بلد وآخر، نجد أنهم جميعا غير راضين عن مستوى الحرية ودرجة المواطنة المتاحة لهم ويتهمون الإسلاميين الذين استلموا الحكم في هذه الدول بالإستئثار بالسلطة والمخادعة (!!). ومن جانب آخر لننظر لدرجة الحرية ومستوى المواطنة المتاحة لأهل السنة في العراق بعد قدوم رياح الديموقراطية الأمريكية للعراق، فيا ترى أين يكمن فرض الوصاية وتكريس الطائفية بدلا من المواطنة المتساوية!؟ ألدينا في منطقة الخليج، أم لدى دولة المالكي القادم على ظهر الدبابة الأمريكية، أم في إيران الملالي وتعاملها مع الأهواز أو سوريا العلوية وتعاملها مع الأغلبية السنية والأقلية الكردية!!؟
عجبا لهم كيف يتهمون الأغلبية الوسطية بالعنصرية والطائفية وأطفالنا ونساؤنا وشيوخنا يذبحون أمام العالم كله في سوريا والعراق من قبل، لا لتهمة إلا دعوى الإرهاب في حين أن أهل السنة كانوا يطالبون بحقوق المواطنة والحرية التي يتشدق بها النهضويون الجدد، ويطالبوننا في ذات الوقت أن نكفل حقوق المواطنة المتساوية لكل أقليات مذهبية وفكرية لدينا، ونتيح لها كل مجالات المشاركة بما في ذلك إعادة صياغة هويتنا وثقافتنا ودستورنا وسياساتنا وفوق ذلك كله نتيح لهم كل مستويات المشاركة في المناصب القيادية والقضائية والسيادية !!!!. أي إستخفاف وأي نهضة ساذجة يقدمها هؤلاء، ألا فليعلم رواد ملتقى النهضة أنه حتى بالمعايير الأوروبية لا تتيح نهضتهم فرص مشاركة سيادية ولا فرص إعادة صياغة هوية وثقافة ومفاهيم كما يتوهم هؤلاء، فهاهي أوروبا وأمريكا، تمتلأ بالأقليات التي تعاني مثلها في ذلك مثل كل المجتمعات والدول. ولو كان النهضويون الجدد منصفين لاعترفوا أن نهضة الإسلام الخالدة هي أفضل الحضارات والنهضات تعاملا مع الأقليات ومنحا للحقوق ولكن دون أن تخادعهم بأنها تمنحهم مشاركة سيادية وقضائية دستورية متساوية.

استعداء السُّلْطة:
لولا أن هذه التهمة قد تكررت من إدارة الملتقى ومريديه ضد المعترضين عليه وتوجيهها للسلفيين، لظننتها اجحافا وتطاولا في حقهم. ولكنها بالفعل تكررت وأكدها د. مصطفى الحسن في مقابلته مع قناة الرسالة. والحقيقة أنني يطول بي العجب ولا ينتهي من الاستغفال الذي يمارسه هؤلاء للساحة المحلية السعودية.
أي استعداء للسلطة تتحدثون عنه!!؟، في حين أنه لم يتعرض أحد من مكونات المجتمع المحلي ومشاريعه الإصلاحية السلمية لقمع واستبداد السلطة السياسية والأمنية وتشويهها الإعلامي كمثل ما تعرضت له الأوساط السلفية العلمية والدعوية في الوضع المحلي ، والأغلبية الوسطية في الداخل تدرك أن مراعاة السلطة السياسية الأمنية لهذه الأوساط يقوم على اعتبارات سياسية وتاريخية أكثر من أي شيء آخر، وأن السلطة السياسية والأمنية تعمل على خلق تغيرات فقهية وإجتماعية وثقافية وإعلامية مضادة تماما لهذه المدرسة وتفسح المجال لنقلة أقرب ما تكون لمفاهيم ملتقى النهضة، فيما عدا شقها السياسي بطبيعة الحال. وملتقى النهضة يتساوى بهذا الإعتبار (وربما يتحالف) مع الليبرالية الخليجية التي تتفق مع سلطات المنطقة كلها بتوجهاتها الإجتماعية الثقافية الإعلامية وتختلف معها بنموذجها السياسي (ولنا أن نعتبر عقد ملتقى النهضة الثالث تحت مظلة جمعية الخريجين الكويتية الليبرالية، دليلا مباشرا على درجة من هذا التحالف).
فمن يا ترى يستعدي السلطة ضد الآخر، بل من يستعدي الشباب والمجتمع بأسره ضد الآخر ويتهمه بالمسؤولية عن تخلف مجتمعاتنا وبلادنا!!!؟؟؟
وهنا أستحلف القاريء الكريم أن يتخلص من ضغط واقعنا المحلي ويتأمل في المشهد الأوسع لواقعنا المعاصر، وينظر لموقف المجتمع المصري أو التونسي أو اليمني بعد الثورات أو بل حتى في تركيا وماليزيا وأندونيسيا، ويتأمل في حال وواقع من يحمل قناعة بالمدرسة السلفية في هذه الدول كيف هو واقعه وحاله، وما مستوى المكانة الفقهية المتاحة لهم وحجم حرية الرأي وحقوق المواطنة المتساوية الممنوحة له، وأنظر في ذات الوقت كيف يتحدثون عن نوعية الحكم السياسي الذي يحيط بهم وكيف يتعامل معهم. وأنا أذكِّر بهذه الحقائق هنا حتى لا يقال أن السبب في واقعنا هو إنغلاق فهم وإجتهادات المدرسة السلفية المحلية، فهذا هو واقعها في كل مكان لأن هذا هو نتاج منهجها العلمي الإستدلالي لفهم الشريعة وتطبيقاتها إنطلاقا من إلتزامها بأصول الإسلام الراسخة وبعيدا عن أي خضوع لضغوط ظرفية زمانية ومكانية أو لأحوال سياسية تتبدل من مرحلة لأخرى.
وبذلك نعرف أن السلفية العلمية الدعوية المستقلة (وليست الرسمية أو تابعتها) أبعد ما تكون عن إحتمالية التحالف مع السلطة بل وأضعف ما تكون عن التأثير فيها باستعدائها ضد كائن من كان. وفي واقع الحال، لا أستبعد أبدا (رغم الخلافات العميقة بينهما في هذه المرحلة) أن تنشأ تحالفات بين السلطة السياسية والأمنية في السعودية وملتقى النهضة تسمح بعقده في داخل المملكة إنطلاقا من التحولات الضخمة التي ستتعرض لها منطقة الخليج قريبا(...)، وحينها سيتذكر الجميع من هو المتحالف مع السلطة.
مكارم الأخلاق النهضوية: شنّت إدارة ملتقى النهضة ومريديه حملة ضد المعترضين على الملتقى بفلسفته ورؤيته ورسالته المقوضة لمنظومة المفاهيم والثقافة المستقرة، ووصفوهم بأوصاف كالتشدد والتطرف والإنغلاق والإقصاء والوصاية، ووظفوا ذلك كله ليثبتوا به لشباب وشابات النهضة وللمجتمع الخليجي كله، ما كانوا يتحدثون به من قبل عن هذه الثقافة المحلية وإخفاقاتها الأخلاقية ويرددونه نظريا وإستشهادا تاريخيا غير مشهود، والآن يأتيهم هذا الحدث ليقدم لهم أكبر خدمة يثبتوا بها صحة موقفهم من هذه الثقافة وحاجة المجتمع للثورة ضدها حتى يحقق النهضة الموعودة (!!!). طبعا هذا بحسب قناعاتهم وتصوراتهم، وأكتفي هنا بالعرض فقط وأترك للأغلبية الوسطية أن تتأمل في مكارم الأخلاق النهضوية.






 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:15 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "