المجتهد المخطئ

[عقائدي]

لي تساؤل حول أحد أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام المتفق عليها عند أهل السنة.

عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « إذا حكم الحاكم فاجتهد وأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد »متفق عليه

هل لأحد الزملاء السنة أن يتفضل ويرفع عني غموض هذا التساؤل؟

شكرا جزيلا

[ريشان]

بارك الله فيك أخي عقائدي متابع..

[أبو سناء]

إذا حكم الحاكم فاجتهد وأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجران واحد

عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « إذا حكم الحاكم فاجتهد وأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد »(1)
متفق عليه.


هذا أصل من أصول أيضا القضاء والحكم والفتوى، "إذا حكم الحاكم، فاجتهد" يعني في حكمه، في نظره، والاجتهاد بذل الجهد والوسع، بذل الوسع، اجتهد في الأمر يعني بذل وسعه فيه، "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر" ففي هذا دلالة على فضل الاجتهاد بل ووجوب الاجتهاد، يجب على الحاكم أن يجتهد ويتحرى الصواب.
والاجتهاد أولا يكون في معرفة حكم الله ورسوله وذلك بالنظر في الأدلة من الكتاب والسنة، ثم يأتي اجتهاد آخر وهو النظر في القضية ومدى يعني تطبيق الحكم الشرعي عليها، وأنها مندرجة في ذلك الحكم العام، فالحاكم يجتهد اجتهادا علميا أولا، اجتهادا وذلك بالنظر في الكتاب والسنة والأدلة، ثم اجتهاد في النظر في القضية الجزئية، فالحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران، فضل من الله، أجر على اجتهاده، وأجر على إصابته للصواب، وإن كان الصواب إنما يتحقق بهداية الله وتوفيقه، لكن ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾(2) .
فالله تعالى يأجر عبده، يفتح على من شاء ويهدي من شاء، ويثيبه على فعله واجتهاده، وعلى ما وفقه له من الصواب أيضا، أما إذا اجتهد فأخطأ فقد اتقى الله ما استطاع، ومن اتقى الله ما استطاع أثابه الله ولا بد: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾(3) فالحاكم إذا اجتهد واستفرغ وسعه وطلب الحق بحسب الإمكان ثم لم يوفق له، ولم يهتد إليه فإن الله يأجره على اجتهاده.
ثم هنا مسألة: هل كل مجتهد مصيب؟ فيه رأيان، قيل: نعم كل مجتهد مصيب، يعني بمعنى أن كل من اجتهد وحكم هذا يعني حكم مأذون له فيه، فكل مجتهد مصيب، وهذا يقول به بعض أهل الكلام، وعلى مذهبهم أنه ليس لله حكم معين في أي مسألة، كل من اجتهد من الحكام، وبذل وسعه وحكم فهذا حكم الله، وهذا قول مردود، ويرده هذا الحديث، فإن هذا الحديث فيه الدلالة على أنه ليس كل مجتهد مصيب، لكن إذا قال قائل: كل مجتهد مصيب بمعنى إنه معذور ومأجور، فهذا صحيح بهذا الاعتبار.
فالمجتهد المخطئ هو مصيب من جهة ما فعل من الاجتهاد وحكمه ماض، حكمه ماض إلا إذا تبين أنه مناقض لنص قاطع؛ نص شرعي، فإنه لا بد له من الرجوع عنه، بل لا بد من نقض حكمه وإلا فالرجوع إذا تبين له باجتهاد آخر خلاف من قاله بالاجتهاد الأول وجب أن يرجع إلى الاجتهاد الثاني، على حد قول عمر: ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي.
فالحديث فيه الرد على من يزعم أن كل مجتهد مصيب، يعني مصيب لحكم الله، ليس كذلك، لكن يصح هذه العبارة تصح بهذا الاعتبار، أن كل مجتهد مصيب، وأصح منها أن كل مجتهد مأجور، كل مجتهد فإنه مأجور، هذا حق صحيح، كل مجتهد له نصيب يعني من الأجر صحيح.
ولا يدخل في هذا الجاهل، الحاكم الجاهل، الحاكم الجاهل اجتهاده لا عبرة به، لا عبرة باجتهاد الجاهل لأنه لا يملك أداة الاجتهاد؛ ولهذا جاء في الحديث أن القضاة ثلاثة: قاض قضى بجهل فهو في النار، وقاض قضى بهوى فهو في النار وإن كان عالما، وقاض قضى بعلم وعدل فهو في الجنة. فالقضاة ثلاثة: فالجاهل ليس من أهل الاجتهاد، ومن قضى بغير حق؛ بغير عدل فهو متبع لهواه لم يجتهد أصلا وإن كان قادرا على الاجتهاد، نعم الحديث الآخر.

[أبو ياسين]

لا تحاول إغراق المنتدى بالمواضيع .......