العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-02-12, 10:10 PM   رقم المشاركة : 1
مريهان الاحمد
عضو ماسي







مريهان الاحمد غير متصل

مريهان الاحمد is on a distinguished road


Smile امريكيا لن تطعمنا ولن تسقينا

امريكيا لن تطعمنا ولن تسقينا
أحمد زهران
الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع مصر بتعالٍ فج، وتكبر مقيت، وكأنها الآمرة الناهية ومصر عليها أن تسمع وتطيع. ففي 30 ديسمبر 2011م ردت واشنطن بحدة على حملة المداهمات التي استهدفت مقار منظمات حقوقية بينها منظمات تتلقى دعمًا أمريكيًّا، وألمحت إلى إمكانية إعادة النظر في مساعدة عسكرية أمريكية لمصر تبلغ 1.3 مليار دولار سنويًّا، إذا استمرت تلك المداهمات.

وفي الرابع من فبراير الجاري طلع علينا السيناتور الأمريكي باتريك ليهي -رئيس اللجنة الفرعية المسئولة عن المساعدات الخارجية بمجلس الشيوخ- ومعه (40) نائبًا أمريكيًّا ليقول: "إن المساعدات الأمريكية لمصر في وضع خطير"، ثم يقول: "نريد أن نبعث برسالة واضحة للجيش المصري بأن أيام الشيكات على بياض انتهت، نقدر العلاقة، وسنوفر قدرًا كبيرًا من المساعدات، ولكن ليس دون شروط".

إنهم يتحدثون وكأن أمريكا تطعمنا وتسقينا، وتكسونا وتأوينا، وتعالجنا وتحمينا!

والعجيب أن بعض السُّذَّج يصدقون مثل هذا الكلام، ويرددونه عبر فضائياتهم، ناشرين الخوف والرعب بين الناس، زاعمين أننا من دون أمريكا هلكى، ومن دون مساعداتها غرقى، ومن دون سياستها مرضى، وهؤلاء الذين يشيعون مثل هذا يصدق فيهم قول أبي العلاء:
وَلا تجلس إلى أَهْل الـدنـايـا *** فإن خَلائقَ السـفَهَاء تـُعـْدِي

إن القضية ليست قضية سياسية وحسب، بل هي قضية عقديَّة أيضًا، فالله تعالى يقول في القرآن على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 75-82].

إن الله تعالى وحده هو من بيده الأمر كله، بيده سبحانه الضر والنفع، والخفض والرفع، والغنى والفقر، أما البشر فمهما بلغت قوتهم فهم لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، وهذا هو الشعور الذي نحتاجه، والأدب الذي غاب عنا، ومتى كان عندنا مثل هذا الأدب والشعور، فإننا سنشعر آنئذٍ بعزة وكرامة، وقوة ومنعة، فلن نحسب لأمريكا حسابًا؛ لأن الله فوقها، ولن نخشى من أمريكا؛ لأن الله أقوى منها، ولن نحتاج إلى أمريكا؛ لأن الله أغنانا عنها.

أمريكا التي تمنُّ علينا بمعونتها تمارس ضغوطًا على الدول العربية المانحة؛ لئلاّ تعطي مصر ما تحتاج إليه حتى لا تعود إلى قوتها وزعامتها للمنطقة العربية كلها، ويكون المخطط المُعَدّ لها أن تعيش في فتن وثورات مضادة؛ مما يؤدي إلى هروب رءوس الأموال الأجنبية من مصر بداعي عدم الاستقرار، وتعميق الأزمة الاقتصادية، لتظل مصر فترة طويلة ترزح تحت أغلال الفقر والعوز والحاجة. فهل يمكن لأمريكا ولغيرها من الدول أن تصنع هذا الصنيع إلا لعلمها ويقينها بمقدرات مصر الكبيرة التي تؤهلها لأنْ تصبح رائدة أمم العالمين؟

إن مصر يا أمريكا لا تمد يديها لأحد لتأخذ، ولكنها تمد يديها لتعطي وتبني وتشيد وتعلِّم.. فمن مصر تنتقل قوافل العلم والمعرفة تعلم أمم العالمين الطب والهندسة والعلوم الإسلامية والعربية على السواء، ومن مصر تنطلق بعثات الأزهر الشريف تنشر سماحة الإسلام وقيمه ووسطيته في جميع أقطار الدنيا، ومن مصر تنطلق الجيوش لتحمي ثغور العالم العربي في أكثر من حرب خاضتها، وقدمت أبناءها فداء لأمتها ووطنها العربي والإسلامي الكبير.

مصر .. أم البلاد وغوث العباد

وعندما نُقلِّب كتب التاريخ القديم لا نرى مصر مادّةً يديها إلا في حالة واحدة، وهي لتعطي لا لتأخذ، يقول ابن الكندي في كتابه فضائل مصر المحروسة: "روى أبو بصرة الغفاري قال: مصر خزانة الأرض كلها، وسلطانها سلطان الأرض كلها، قال الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]. ولم تكن تلك الخزائن بغير مصر، فأغاث الله بمصر وخزائنها كل حاضر وباد من جميع الأرض".

وقال عمرو بن العاص: ولاية مصر جامعة، تعدل الخلافة. وقال سعيد بن أبي هلال: مصر أم البلاد، وغوث العباد. وذُكِر أن مصر مصورة في كتب الأوائل، وسائر المدن مادّةً أيديها إليها تستطعمها.

وأجمع أهل المعرفة: أن أهل الدنيا مضطرون إلى مصر يسافرون إليها، ويطلبون الرزق بها، وأهلها لا يطلبون الرزق في غيرها، ولا يسافرون إلى بلد سواها، حتى لو ضرب بينها وبين بلاد الدنيا؛ لغنى أهلها بما فيها عن سائر بلاد الدنيا".

هكذا كانت مصر، فانظروا كيف وصل بنا الحال هذه الأيام؟!

مَثَلُ مصر وأمريكا

إن التهديد بقطع المعونة الأمريكية عنها ليذكرني بقصة إبراهيم باشا بن محمد علي -حاكم مصر آنذاك وكان يُلقب بجبار الشام- عندما دخل المسجد الأموي في وقت كان فيه عالم الشام الشيخ سعيد الحلبي يلقي درسًا في المصلين، ومرَّ إبراهيم باشا من جانب الشيخ، وكان مادًّا رجله فلم يحركها ولم يُبدِّل جلسته، فاستاء إبراهيم باشا واغتاظ غيظًا شديدًا، وخرج من المسجد وقد أضمر في نفسه شرًّا بالشيخ.

وما إن وصل قصره حتى حفَّ به المنافقون من كل جانب، يزينون له الفتك بالشيخ الذي تحدى جبروته وسلطانه، وما زالوا يؤلبونه حتى أمر بإحضار الشيخ مكبلاً بالسلاسل! وما كاد الجند يتحركون لجلب الشيخ حتى عاد إبراهيم باشا فغيَّر رأيه، فقد كان يعلم أن أي إساءة للشيخ ستفتح له أبوابًا من المشاكل لا قِبل له بإغلاقها.

وهداه تفكيره إلى طريقة أخرى ينتقم بها من الشيخ، طريقة الإغراء بالمال، فإذا قبله الشيخ فكأنه يضرب عصفورين بحجر واحد، يضمن ولاءه، ويسقط هيبته في نفوس المسلمين، فلا يبقى له تأثير عليهم (لاحَظْ ما يصنع المال بالناس إن طلبوه واحتاجوا إليه).

وأسرع إبراهيم باشا فأرسل إلى الشيخ ألف ليرة ذهبية، وهو مبلغ يسيل له اللعاب في تلك الأيام، وطلب من وزيره أن يعطي المال للشيخ على مرأى ومسمع من تلامذته ومريديه، وانطلق الوزير بالمال إلى المسجد، واقترب من الشيخ وهو يلقي درسه فألقى السلام، وقال للشيخ بصوت عالٍ سمعه كل من حول الشيخ: هذه ألف ليرة ذهبيَّة، يرى مولانا الباشا أن تستعين بها على أمرك.

ونظر الشيخ نظرة إشفاق نحو الوزير، وقال له بهدوء وسكينة: يا بُنَيّ، عُدْ بنقود سيدك وردها إليه، وقُلْ له: إن الذي يمد رجله، لا يمد يده.

وأظن أن هذه أبلغ رسالة يمكن أن نرد بها على كل الذين يريدون استعبادنا وإذلالنا، ولا يردُّون لمصر بعضًا من فضلها عليهم؛ لتعلِّمهم أن الكبير يظل كبيرًا أبد الدهر.

كنت أتمنى من الدكتور الجنزوري ألا يخرج علينا بمؤتمرات الاستخذاء ليقول: إن الحكومة حاولت أن تسعى مع دول العالم غربًا وشرقًا، لتشارك مصر في مواجهة أزمتها الاقتصادية، وأنه تم التركيز على المشاركة وليس المساندة، موضحًا أن مصر قد شاركت من قبل العديد من دول العالم في مواجهة أزماتها. ثم يقول: تمَّ وعدنا، لكننا لم نحصل على شيء من هذه الوعود؛ لذلك كان لزامًا علينا أن نعيد النظر فيما بين أيدينا من موارد؛ حيث تم تخفيض الإنفاق بحوالي 23 مليار جنيه، وسنستمر في ذلك دون أن يتم التأثير على دخل المواطن أو الخدمات التي تقدم له".

وكنت أتمنى أن يقول الدكتور الجنزوري في ختام كلمته هذه العبارة: إننا لن نمد أيدينا بعد اليوم للشرق ولا للغرب، وسنصبر على الجوع والحاجة والعوز عامًا آخر، وسيضرب المصريون المثل في التحدي والشموخ وعزة النفس، ومن لم يعرف مصر فليعرفها هذه الأيام.

حلول ممكنة

وخيرًا فعل الداعية محمد حسان عندما دعا في إحدى الفضائيات بالأمس القريب إلى إنشاء صندوق يسمى المعونة المصرية، في مقابل المعونة الأمريكية؛ ليسهم به أهل مصر في سدِّ عجز الموازنة، وليستغنوا به عن المعونة الأمريكية تمامًا. وتعهد الشيخ حسان بأنه على استعداد أن يجمع مبلغ المعونة الأمريكية في ليلة واحدة، ويا ليت الحكومة المصرية تسمح له بتحقيق ما بشرنا به، خاصة بعدما شاهدنا وسمعنا تجاوب الكثير من رجال الأعمال معه على الهاتف واستعدادهم بالمشاركة في هذه الحملة.

ويمكن أن ننقل هذه الحملة ونعطيها صفة الاستمرارية عبر إطلاقها في أسهم، فيشارك كل مصري، سواء كان عاملاً في المؤسسات الحكومية أو الخاصة، بما قيمته 5% من راتبه شهريًّا ولمدة عام، وألا يكون الأمر إلزاميًّا بل اختياريًّا لمن أراد، وتُنشأ لذلك حسابات عدة في جميع البنوك المصرية، تكون خاضعة لرقابة الجهات المعنية.

ويمكن كذلك أن يقوم مجلس الشعب بإصدار قانون لتحويل جميع إيرادات الصناديق الخاصة ولمدة عام أو عامين، وتوجيهها لسداد جميع الديون المصرية الخارجية والداخلية؛ للاستغناء عن المعونة الأمريكية نهائيًّا؛ إذ التقارير الواردة تقول: إن هذه الصناديق تدر أكثر من تريليون جنيه، أي (1000) مليار جنيه في العام، يعني (83) مليار جنيه في الشهر الواحد، لو وظفناها لمدة عامين فقط في سداد ديون مصر لكفَّتْ وفاضت، ولأغنت الشعب المصري، ولما احتجنا أبدًا إلى سنت واحد من المعونة الأمريكية أو منح الدول العربية.






 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:51 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "