أسرت الروم مسلمًا قُرشيًّا في زمن معاوية رضي الله عنه، وأُدخِل الأسير على ملكهم فتكلم بين يديهم بعزِ الإسلام فلطمهُ أحد البطارقة،
فقال الأسير: الله بيننا وبينك يا معاوية ولّيتَ أمورنا فضيعتنا.
بلغت المقالة معاوية فأرسل في فداءهِ فأُفتدي وسألَ عن اسم اللاطم فأُخبِر، ثم أرسل معاوية إلى قائدٍ له فطنٍ بمعرفةٍ وخبرةٍ، وقال له: إنّي أُريدكَ أن تتحيل في إحضار ذلك الرجل من القسطنطينية.
فقال القائد: إنّي أريد أُنشئ مركِبًا بمجاديفٍ خفيةٍ يلحق ولا يُلحق.
قال: أفعل ما بدى لك ولك ما تحتاجه.
صنعَ المركب وملأهُ من كُلِّ طرفةٍ وتحفةٍ، وأعطاه معاوية أموال جزيلة وقال: اذهب كأنك تاجر وبع واشتري واهدي لوزير الملك ولبطارقتهِ وخواصهِ إلا ذلك الرجل فلا تقربه ولا تُهادهِ، فإذا عتبَ عليك فقل: ما عرفتُكَ وسأُضاعف لك الهدية متى عدت لك.
وفعل القائد ورجع إلى معاوية فأخبره، فجهزهُ ثانيةً وأضعف له وقال: هذه للملك ولخواصهِ ولذلك اللاطم، فإذا عزمتَ على العودة فقل له: إنّي أُحب أن أُصاحبك فسلني حاجةً أُحضرها لك جزاء ما قصرتُ في حقك.
ففعل القائد، فقال -اللاطم- : أُريد بساطا من حريرٍ يحوز جميع الألوان وصور الأطيار والأزهار والأشجار والوحوش، طوله كذا وعرضه كذا والموعد كذا.
رجع القائد إلى معاوية فأخبره، فأمر الصُنّاع أن يصنعوا ذلك البساط في صورةٍ تُدهش الناظرين بلا محاذير، وكانوا. ثم قال له: اذهب فإذا وصلت إلى فم البحر فأنشر البساط فإن الشره والطمع سيحملهُ على النزول إليه، فإذا اتاك فأشغله بالحديثِ وأعرض عليه البساط وقدم له التُحف ثم ابسط الشراع وقيد الخراع والذراع والإسراع الإسراع.
العلج في ستارةٍ في فمِ البحر وأقبل المركب فأشرف ورأى البساط فكاد عقله يذهب ونزل إلى المركب فتلقاه القائد يعرض عليه البساط ويلعب به لعب الأفعال بالأسماء وأشار لأصحابه بالتجديف، فما شعر إلا والشراع يُرفع ، فقال : ما هذا؟!، فقيدوا الخراع والذراع وحالهم وقعت اي لكاع
جاؤوا بهِ إلى معاوية موثقًا، فقال معاوية: الحمد لله، عليَّ بالأسير.
جاؤوا به، فقال له: أهذا خصمك؟
قال: نعم،
قال: قم فألطمه كما لطمك ولا تزد بمثل ما عوقبتم به،
فتقدم المسلم فلطمه وحمد الله وشكر لأمير المؤمنين.
ثم ألتفت معاوية للبطريق فقال له: قل لملككَ لقد تركت ملك المسلمين يقتص مِن مَن هم على بساطكَ من وزراءك وخواصك فأعرف قدرك وإياك وغدرك،
ثم قال لقائدهِ: خذهُ إلى فم البحر ثم ارمهِ هناك وارمي معه بساطه،
فذهب القائد حتى وصل بهِ إلى الشاطئ الآخر، ورمى به على فم البحر
ذهب إلى ملكهِ وبلّغ البطريق رسالة معاوية رضي الله عنه، فهاب ذلك الملك معاوية وعظمه
وقال: لله أبوه أمكر الملوك وأدهى العرب، قدموه فساس أمرهم، والله لو همّ بأخذي من على بساطي لتم له الحيلة في ذلك.
ذكر القصة الشيخ علي القرني......
وبعد بحث وجدتها في كتاب مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق لابن النحاس ....وهي مختصرة ص 835 - 836
وبعد بحث طويل وجدتها في كتاب الشهب اللامعة في السياسة النافعة لابن رضوان المالقي...
بشكل مطول ص 283 إلى 289
ووجدتها في كتاب نهاية الإرب في فنون الأدب.. ج 6 ص 185 - 187
والمفاجأة الكبرى ...وجدتها في كتاب مروج الذهب للشيعي المسعودي....