http://www.alseraj.net/maktaba/kotob...hayat/a183.htm
فضل المهاجرين والأنصار
(للفقراء المهاجرين الذين اُخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله اُولئك هم الصّادقون ، والذين تبوّؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة ممّا اُوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فاُولئك هم المفلحون . والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا ربّنا إنَّك رؤوف رحيم)(1) .
عن الباقر (عليه السلام) قال : صلّى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بالناس الصبح بالعراق فلمّا انصرف وعظهم فبكى وأباكاهم من خوف الله تعالى ، ثمَّ قال : أم والله لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) و إنّهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً بين أعينهم كركب المعزى ، يبيتون لربّهم سجّداً وقياماً ، يراوحون بين أقدامهم وجباههم يناجون ربّهم ، ويسألونه فكاك رقابهم من النّار ، والله لقد رأيتهم وهم جميع مشفقون منه خائفون(2) .
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) اثني عشر الفاً : ثمانية آلاف من المدينة ، وألفان من أهل مكّة ، وألفان من الطّلقاء ، فلم ير فيهم قدريّ ولا مرجئ ولا حروريّ ولا معتزلي ولا صاحب رأي ، كانوا يبكون اللّيل والنهار ويقولون اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير(3) .
وعن أبي عمرو الزبيريّ ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت له : إنّ للإيمان درجات ومنازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله ؟ قال : نعم ، قلت : صفه لي رحمك الله حتّى أفهمه : قال إنّ الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرّهان ثمَّ
فضّلهم على درجاتهم في السبق اليه فجعل كلّ امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقّه ولا يتقدّم مسبوق سابقاً ولا مفضول فاضلاً ، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمّة أواخرها ولو لم يكن للسابق الى الإيمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه الاُمّة أوّلها ولتقدّموهم إذا لم يكن لمن سبق الى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه ولكن بدرجات الإيمان قدّم الله السابقين ، وبالإبطاء عن الايمان أخّر الله المقصّرين ، لأ نّا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملاً من الأوّلين وأكثرهم صلاة وصوماً وحجّاً وزكاة وجهاداً و إنفاقاً ، ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضاً عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدّمين على الأوّلين ولكن أبى الله عزّ وجلّ أن يدرك آخر درجات الايمان أوّلها ، ويقدّم فيها من أخّر الله ، أو يؤخّر فيها من قدّم الله ، قلت : أخبرني عمّا ندب الله المؤمنين اليه من الإستباق الى الايمان ؟ فقال : قول الله عزّ وجلّ : (سباقوا الى مغفرة من ربّكم وجنّة عرضها كعرض السماء والأرض اُعدّت للّذين آمنوا بالله ورسله)(1) وقال : (والسابقون السابقون اولئك المقربون)(2) وقال :
(والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)(3)
فبدأ بالمهاجرين الأوّلين على درجة سبقهم ، ثمَّ ثنّى بالأنصار ثمَّ ثلّث بالتابعين لهم بإحسان ، فوضع كلّ قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده ، ثمَّ ذكر ما فضّل الله عزّ وجلّ به أولياءه بعضهم على بعض فقال : (تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض منهم من كلّم الله ورفعَ بعضهم درجات)(4) الى آخر الآية :
(ولقد فضّلنا بعض النبيّين على بعض)(1) وقال :
(انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً)(2) وقال : (هم درجات عند الله)(3) وقال : (ويؤت كلّ ذي فضل فضله)(4) وقال : (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله)(5) وقال : (وفضّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً ، درجات منه ومغفرة ورحمة)(6) وقال :
(لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل اُولئك أعظم درجة من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا)(7) وقال :
(يرفع الله الّذين آمنوا منكم والّذين اُوتوا العلم درجات)(8)وقال : (وما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله)(9) وقال : (فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّة شرّاً يره)(10) فهذا ذكر درجات الايمان