بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وبعد :
هذه بداية سلسلة متصلة تتكلم عن فضل الصحابة في كتب الإمامية وعلى رأسها نهج البلاغة سأبدأ بإيراد جزء من إحدى خُطب الإمام علي رضي الله عنه المنسوبة إليه وشرحه لبيان عوار هذا المعتقد وتذكيراً لعوام الشيعة الذين أضلهم معمموهم عليهم من الله ما يستحقون . أسأل الله العظيم أن يوفقنا في تمام هذه السلسلة .
قال الإمام علي رضي الله عنه ( لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما ، ومضيا على اللقم ، وصبرا على مضض الالم ، وجدا في جهاد العدو . ولقد كان الرجل منا والاخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين ، يتخالسان أنفسهما ، أيهما يسقى صاحبه كأس المنون ، فمرة لنا من عدونا ، ومرة لعدونا منا ، فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت ، وأنزل علينا النصر ، حتى استقر الاسلام ملقيا جرانه ، ومتبوئا أوطانه . ولعمري لو كنا نأتى ما أتيتم ، ما قام للدين عمود ، ولا اخضر للايمان عود . وايم الله لتحتلبنها دما ، ولتتبعنها ندما ! .....الشرح..... فأما قتلهم الاقارب في ذات الله فكثير ، قتل على عليه السلام الجم الغفير من بنى عبد مناف وبنى عبد الدار في يوم بدر وأحد ، وهم عشيرته وبنو عمه ، وقتل عمر ابن الخطاب يوم بدر خاله العاص بن هشام بن المغيرة ، وقتل حمزة بن عبد المطلب شيبة ابن ربيعة يوم بدر ، وهو ابن عمه ، لانهما ابنا عبد مناف ، ومثل ذلك كثير مذكور في كتب السيرة ). [شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 ص 6-7]
قراءة موضوعية للنص :
تنوعت أساليب الإمامية في تغيير مضمون كلام أئمتهم حتى لا يترك انطباعا إيجابيا في عقول العوام تُجاه الصحابة رضوان الله عليهم ، لكن رغم هذا هم لم يستطيعوا تجاوز جميع نصوص أئمتهم التي تثني على الصحابة وتذكر فضائلهم ومحاسنهم ، ففي هذا النص يتكلم الإمام علي عن عدة محاور إذ يبتدئ بمدى ترابط الصحابة وألفتهم مع بعضهم في غزواتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا شاهد ودليل على صفاء قلوبهم ونقاوة سريرتهم وهذا النص وغيره من النصوص المشابهة له حاول علماء الإمامية بطريقة أو بأخرى تحريف معنى النص وتأويله إلى معنى لا يتوافق مع القرآن أولاً ولا مع الفطرة السليمة ثانياً !
ويستمر وصف الإمام علي للصحابة رضي الله عنهم ببيان تضحياتهم وجهودهم لإقامة شرع الله ، حيث أنهم - وعلى حسب وصفه لهم - اقتتلوا مع آبائهم وأبنائهم وإخوانهم وأعمامهم وبشكل عام أقرب الناس إليهم فهذا يدلنا على صدق نية الصحابة وكذب ودجل علماء الإمامية ويختتم قوله (...فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا الصبر حتى استقر الاسلام ...) وهذا قولٌ عظيم وافق كلام الله في كتابه العزيز فلكل مقطع آية تدل عليه فقوله أن الله رأى صدقنا فقد قال جل من قائل في كتابه العزيز (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )
وقوله بنزول الإذلال والخزي على العدو والرفعة والتشريف للصحابة فقد قال جل علاه (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) وقوله بحلول الصبر والتحمل في سبيل نشر الدعوة فقد قال الله تعالى (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإيمان مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
وفي كلام استوقفني كثيراً فما وجدت غير تفسير واحد له وهو أن فضائل الصحابة أقر بها علماء الإمامية باطناً -وهم العقل المحرك للعوام - لكنهم أنكروها ظاهراً لصرف العوام عن الحقيقة والله المستعان .
نعود لنص ابن أبي الحديد يقول : ( قتل على عليه السلام الجم الغفير من بنى عبد مناف وبنى عبد الدار في يوم بدر وأحد ، وهم عشيرته وبنو عمه ، وقتل عمر ابن الخطاب يوم بدر خاله العاص بن هشام بن المغيرة ) هم مجبرون على أن يذكروا ذلك ولا اعلم متى يقدم قول الأئمة على قول علمائهم ؟! يا شيعة العالم لا ينبغي لكم أن تقدموا قول علمائكم على قول أئمتكم فإنكم إن تثبتم من قولهم تبين لكم الدين الحق والعقيدة الصحيحة !
ما هي النتيجة ؟
النتيجة يا أخوان هي أن جيل الصحابة جيل فريد من نوعه في طبيعة حياته وفي سلوكياته وفي شؤون حياته بشكل عام ، عقلاً لا يمكن أن ينصر الله مجموعة من الرجال يحملون في قلوبهم من الحقد والضغينة الشيء الكثير والأكبر من ذلك على بعضهم البعض ! يستحيل أن تتفق هذه المجموعة وتحقق أهدافها .
حياة الصحابة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أثرت فيهم تأثيراً بالغاً انعكس بعد وفاته عليه السلام محال أن ينقلب الصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة الرسول وأن يعودوا لجاهليتهم ، ما يقوله علماء الإمامية في الصحابة هو طعن فيهم وقدح فيهم عظيم إذ لا دليل عليه لا من قرآن ولا من صحيح سنة ولا من حقائق تاريخية يُعتمد عليها .
لذا عندما يتكلم الشيعة ويذكرون أن الصحابة كانوا يحملون أحقاداً على أهل البيت قولهم خاطئ ولا يصح أساساً لأننا إذا سلمنا بوجود ذلك يلزمنا أن نقول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم والإمام علي احتيل عليهم في الأسواق وفي قيادة المعارك وفي تصريف شؤون الدولة الإسلامية ! كيف يستطيع حاكم دولة أن يصرف شؤون دولته وفي بلاط حكمه من يتآمر عليه ؟! هناك خلل في تفكير الشيعة عند قراءة النصوص التاريخية والأحداث التي وقعت في ذلك الزمن المشرق والمضيء إلى يومنا هذا وإلى الأبد .
والحمد لله رب العالمين
كتبه/
ما يهزك ريح