السلام عليكم /
اسعد الله اوقاتكم بالمسرات ومن العايدين وكل عام وانتم بخير .
في يوم الجمعة لعشر خلون من ذي الحجّة عام 335 هجرية ( 2 يوليو 947 ) في يوم عيد الاضحى المبارك ركب الإمام إسماعيل بن محمد بن عبد الله الملقب ب (المنصور بالله) عليه السلام فرساً و لبس رداء أحمر بثجاف مذهب , و قد لبس عليه قباء أصفر و تعمّم عمامة صفراء و أرخى ذؤابته , و حفّ به أنصاره و جنوده و أولياؤه و عبيده , و انتهى إلى مصلّى كان عُمل له قبل ذلك فنزل و صلّى صلاة العيد , و ارتقى منبراً كان بني له من الحجارة و خطب عليه السلام فقال :
بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله المتوحّد بالربوبيّة , المتفرّد بالوحدانيّة , المتعزّز بالقدرة و البقاء , المتجبّر بالعظمة و الكبرياء , الأوّل بلا غاية , و الآخر بلا نهاية , المتعالي عن تشبيه الجاهلين و تحديد الواصفين و تكييف الناعتين و درك أبصار الناظرين , و أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له , و أشهد أنّ محمّداً عبده و رسوله , أكرمه بالنبوّة , و اصطفاه بالرسالة , و حباه بالفضيلة , و ابتعثة بالنور ساطعاً , و بالحقّ صادعاً , و بالهدى آمراً , و عن الكفر زاجراً , و على الأنبياء مهيمناً , و لمَا جاؤوا به مصدّقاً . فبلّغ الرسالة و هدى من الضلالة , و أنقذ من الهلكة , و أفهم معالم الدين و فرائضه , و بيّن حدوده و شرائعه , و جاهد في سبيل الله حقّ جهاده حتى أتاه اليقين , صلّى الله عليه في الأوّلين و الآخرين , و على آله الطيّبين الطاهرين الأكرمين , الأئمّة المهديّين الكرام الأبرّين . أوصيكم عبادَ الله بما أوصيتُ بن نفسي قبلكم من تقوى الله و مراقبته , و العمل بما يرضيه , و يقرّينا و إيّاكم إليه , ففي تقواه رضاه , و برضاه الفوز بالجنّة و النجاة من النار { و من زحزج عن النار و أدخل الجنة فقد فاز } { و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } , ألا و أن يومكم هذا يوم حرام من شهر حرام , يعظم على الأيّام , يوم الحجّ الأكبر , امتحن الله تبارك و تعالى فيه إبراهيم خليلَه , و فدى فيه من الذبح ولَدَه صلّى الله عليهما , و افترض على كافّة أهل الإسلام الحجّ إلى بيته الحرام , الذي جعله مثابة للناس و أمنا . فتقربوا إلى الله فيه بما أمركم به . و أفضلُ ما أنتم مقرّبوه إناث الإبل , و إناث البقر , و فحول الضأن . و اجتنبوا المريض من الحيوان و معايب العيون و الآذان , و المشوّه منها بالزيادة في خلقة و النقصان , فإنّها غير مقبولة منكم , بذلك جرت سنّة نبيكّم , صلّى الله عليه و على آله الأئمّة من ولده الأطهار الأبرار , عليهم أفضل السلام { لن ينال الله لحومها و لا دماؤها , و لكن يناله التقوى منكم } تقبّلَ الله منّا و منكم , و كتب لنا حجَّ بيته الحرام , و الوصول إلى مشاهده العظام , و مواقفه الكرام بإعزاز نصرنا و تمام أمرنا و إنجاز متقدّم و عده لنا , إنه لا يُخلف الميعاد , و لا يعجزه ما أراد .
الخطبة الثانية :
بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله المبدىء المعيد , الكريم المجيد , الفعّال لما يريد , خالق الخلق , و باسط الرزق , و منزل القطر , و مدبر الأمر , وارث السموات و الأرض و ما عليها , و إليه ترجعون . الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد , أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده المصطفى ، و رسوله المرتضى و أمينه على ما أوحى ، و المنقذ من الضلالة والردى ، صلى الله عليه وعلى آله الكرام المهديين الأئمة الطاهرين , علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين وخيرة المسلمين ، و فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، و الحسن و الحسين و الأئمة من ولد الحسين الطاهرين ، بقية رسول الله وثماره ، و وارثيه وحججه على العباد من جبال الدين، و سادات العالمين، و أولياء المؤمنين ، و على الإمام المرتضى و الولي المصطفى ، عبد الله أبي محمد الإمام المهدي بالله أمير المؤمنين ، وارث فضل الأئمة المهديين من آبائه الخلفاء الراشدين ، وصفوة الصفوة من الأولين منهم و الآخرين ، الذي قامت به دولة المؤمنين ، و بسيفه ذلت رقاب المنافقين , وأعاد الإسلام غضا ناضرا ، والدين مضيئاً و الحق مشرقاً زاهراً باهراً ، و أحيا به الله من الدين ما اندرس , ومن الحق ما التبس ، وجمع الله له شرف الدنيا وفخرها ، واتاه فضل الآخرة وذخرها ، صلوات الله عليه ورضوانه ورحمته وحنانه . اللهم و صل على ولي عهده و باب مجده و خليفته من بعده , المتقلد الإمامة , المتوج بالكرامة , عبد الله أبي القاسم القائم بأمر الله ابن المهدي بالله أمير المؤمنين سليل خير النبيين , و بقية الماضين ، ونجيب الأئمة المهديين ، صلاة تزيده بها كرامة و علا و شرفا سامية القدر , عالية الفخر ، نامية الذكر , باقية على الدهر , اللهم و كما قلدتني خلافتك التي كرمتها وشرفتها وحظرتها و حرمتها ، ولعنت من غير أهلها مدعيها , و أخزيت مناوئيها ، وقصرت أيدي المتطاولين إليها ، و اخترت لها الواحد بعد الواحد من أبائي المهديين ، الكرام المصطفين ، الخلفاء الراشدين . ثم أورثتني مقامهم ، و أحييت بي ذكرهم ، و أتممت في أمرهم ، و قفيت بي على آثارهم ، ونصبتني لما نصبتهم ، من الاحتجاج بنا على خلقك ، و القيام بأمرك ، و نصرة دينك ، و إعزاز ملة رسولك ، و نصرتني و أظهرتني و أظفرتني بأمرك , و أعززت بي الأمة ، و كثرتهم بعد القلة ، و جمعتهم بعد الفرقة ، و كشفت عنهم مذلة الفتنة ، و دياجير الظلمة ، بدولتي التي أعززتها ونصرتها ، و أيامي التي آثرتها فاخترتها ، و سيوفي التي أمضيتها على الدجال وحزبه ، و النفاق وأهله , فجعلتهم بها حصيداً خامدين ، فأصبح الحق مشرقا ، و الباطل زاهقاً ، فضلا منك عليّ ونعمة جددتها إلى نعم قبلها أسبغتها علي و أجزلتها , اللهم فالهمني شكر نعمتك ، و وفقني للعمل بما يرضيك عني ، و يزلفني لديك ، ويقربني إليك ، فإنه لا حول و لا قوة إلا بك , عليك توكلت ، و إليك أنيب ، و أمري إليك فوّضت ، وبك اعتصمت . صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين . اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات ، و المسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم و الأموات ، وتقبل أعمالهم وترك سعيهم ، و أهدهم و ارأف بهم , أنت الرؤوف الرحيم .
* الهدف من طرح الخطبة الرد على المفترين الظالمين لائمة اهل البيت خلفاء الدولة الفاطمية العظيمة ، فهذه الخطبة تثبت بما لا يدعو مجالا للشك اسلام وايمان هؤلاء الخلفاء وتوحيدهم لله وتنزيههم له وايمانهم بالنبي المصطفى وخليفته علي المرتضى والائمة من نسله ، واقامتهم لشرائع الدين ومناسكه ...ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم...