الحمد لله رب العالمين
في هذا الموضوع نناقش معاً احبتي في الله تضعيف الإمام الدارقطني للحديث ( إبن هذا سيد وعسى أن يصلح الله به ) وفي هذا الحديث تصريح إلي الصلح الذي وقع بين معاوية وبين الحسن وتنازل الحسن لمعاوية , فلم يرق الرافضة هذا الحديث فأرادت أن تطعن به لتضعيف الإمام الدارقطني وإنكارهِ سماع الحسن من أبي بكرة , وسنناقش قول الإمام الدارقطني رحمه الله تعالى .
سئل الدارقطني في العلل ( 7/161) :
وسُئِل عَن حَدِيثِ الحَسَنِ ، عَن أَبِي بَكرَة ، قال رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم : ابنِي هَذا سَيِّدٌ وعَسَى الله أَن يُصلِح بِهِ بَين فِئَتَينِ عَظِيمَتَينِ مِن المُسلِمِين ... الحَدِيثَ. فَقال : حَدَّث بِهِ أَحمَد بن عَبدِ الصَّمَدِ النَّهرَوانِيُّ ، وهُو مَشهُورٌ لا بَأس بِهِ ، عَنِ ابنِ عُيَينَة ، عَن أَيُّوب ، عَنِ الحَسَنِ ، ووَهِم فِيهِ ، وإِنَّما رَواهُ ابن عُيَينَة ، عَن أَبِي مُوسَى إِسرائِيل ، عَنِ الحَسَنِ ، عَن أَبِي بَكرَةَ.وَكَذَلِك رَواهُ يُونُسُ ، ومَنصُورٌ ، وعَمرُو بن عُبَيدٍ ، عَنِ الحَسَنِ ، وهُو الثّابِتُ. قلتُ : وإن هذا يدلل على أن الإمام أبي الحسن الدارقطني يصرح بأن المرسل أصح من الموصول , وفي هذا إعلال للحديث , وتعجب إبن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى من قول الدارقطني بأنه لم يسمع من أبي بكرة .
وورد في مقدمة فتح الباري ص366 قال ابن حجر : ولا زلت متعجبا من جزم الدارقطني بأن الحسن لم يسمع من أبي بكرة . فتعجب الحافظ إبن حجر من الإمام الدارقطني رحمه الله تعالى أن الحسن البصري لم يسمع من أبي بكرة , واضح جلي وفيه إنكار عليه أنه قال أنه لم يسمع من ابي بكرة هذا الحديث ولكن في حين أنه صرح بالسماع في مواطن كثيرة من أبي بكرة وثبت سماعهُ منها .
أما هذا الحديث فمن الأحاديث المتواترة , وإنظر إلي قول الإمام الدارقطني حيث يقول (( حدث به أحمد بن عبد الصمد النهرواني , وهو مشهور لا بأس بهِ عن إبن عيينة عن أيوب عن الحسن )) وأما قولهُ (( ووهم فيه )) فذلك لا يعني أن الإمام الدارقطني لا يرجحُ صحة هذا الحديث فقولهُ (( مشهورٌ لا بأس بهِ )) يشملهُ الطريق الذي ذكرهُ وهو (( رواية إبن عيينة عن أبي موسى إسرائيل عن الحسن عن أبي بكر )) , ترجيح الإمام الدارقطني للرواية الثانية لا يعني أنهُ يضعف الطريق الصحيح الأول .
كما أن الحديث أخرجهُ الإمام البخاري في الصحيح (2557،3430،3536،6692) , ورواهُ احمد ورجالهُ رجال الصحيح في مسنده (20408،20466 ،20517 ،20535 ) , ورواهُ الترمذي , والنسائي , والبيهقي والبزار والطبراني وإبن حبان والطيالسي في مصنفهِ .
صحيح البخاري كتاب الحج ...
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : " اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الْجِبَالِ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لَا تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ ، أَيْ عَمْرُو إِنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ بِنِسَائِهِمْ مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ : عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ ، فَقَالَ : اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَاعْرِضَا عَلَيْهِ ، وَقُولَا لَهُ ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ ، فَأَتَيَاهُ ، فَدَخَلَا عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا وَقَالَا لَهُ فَطَلَبَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ : إِنَّا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمَالِ ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا ، قَالَا : فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا ، وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ ، قَالَ : فَمَنْ لِي بِهَذَا ؟ قَالَا : نَحْنُ لَكَ بِهِ ، فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالَا نَحْنُ لَكَ بِهِ ، فَصَالَحَهُ ، فَقَالَ الْحَسَنُ : وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ ، يَقُولُ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى ، وَيَقُولُ : إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ " . قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ : قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ .
وأخرجهُ الإمام البخاري بنفس الإسناد الثاني , والذي رجحهُ الدارقطني .
أما الرواية الثانية وهي المرسلة فترجيحهِ لها إنما هي قرينة على ثبوت صحة الحديث لا ضعفهِ .
http://www.islamweb.net/hadith/hadit...d=834&sid=7929
ولعل هذا التخريج السهل يسهل عليك الأمر فتعرف أن الحديث غاية في الصحة فأما من ناحية السند فهو صحيح .
فالحديث أخرجهُ البخاري: الصلح (2704) , والترمذي: المناقب (3773) , والنسائي: الجمعة (1410) , وأبو داود: السنة (4662) , وأحمد (5/37 ,5/49) , وهو من الأحاديث المتواترة فالصحيح أن هذا اللفظ لم يضعفه الإمام الدارقطني لأن كلامهُ في تحسين الرواية الأولى وترجيح الثانية , وأما الحديث والذي رجحه الإمام الدارقطني فهو صحيح واللفظ الثاني ( الإسناد الثاني ) أخرجه الإمام البخاري وثبت سماع الحسن من أبي بكرة هذا الحديث كما قال عبي بن عبد الله , في صحيح البخاري وبالتالي فالحديث صحيح الإسناد مطلقاً .
نظم المتناثر في الحديث المتواتر (1/196) : " عن (1) أبي بكرة (2) وأبي سعيد (3) وجابر وغيرهموقال الترمذي في حديث أبي بكرة حسن صحيح وفي شرح مسلم لأبي عبد الله الأبي نقلا عن القرطبي تواترت الآثار الصحيحة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن ابني هذا سيد الخ راجعه " أهـ . ويجزمُ من نص الحديث أنهُ من الأخبار الثابتة المتواترة من ناحية السند أما المتن فهو مقبول بل غاية في الصحة , ولهذا قولك أن الدارقطني ضعف هذا الخبر فهو من أغرب ما رأيتُ في حياتي لأن أهل الإختصاص لا تقبل هذا الكلام .
وقد أثبته الحافظ إبن كثير في الباعث الحثيث في إختصار علوم الحديث .
( حم خ 3 ) عن أبي بكرة . قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1528 في صحيح الجامع . وقد صحح الإمام الألباني وهو محدث العصر هذا الحديث في عدة مواطن من كتبه , رحمه الله تعالى فإن القائل بضعف هذا الحديث إما جاهلٌ وإما مفترٍ كذاب فإختر لنفسك في أي القسمين أنت .... !! أما الحديث فقد أخرجه الآجري في الشريعة (4/317) : " حدثنا أبو بكر محمد بن الليث الجوهري قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة قال : رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما يثبان على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فيمسكهما بيده حتى إذا استقر على الأرض تركهما ، فلما صلى أجلسهما في حجره ثم مسح رؤسهما ثم قال : « إن ابني هذين ريحانتاي من الدنيا » ثم أقبل على الناس فقال : « إن ابني هذا سيد ، وأرجو أن يصلح الله عز وجل به بين فئتين عظيمتين في آخر الزمان » قال محمد بن الحسين : يعني به الحسن رضي الله عنه" أهـ. وأضيفُ قائلاً في إثبات سماع الحسن من أبي بكرة .
أما حديث الحسن عن أبي بكرة , فقد قال في صحيح البخاري وقد ثبت سماع الحسن من أبي بكرة .
والسماع صح عند أمير المؤمنين في الحديث البخاري , فخرج حديث الحسن عن أبي بكرة في صحيحهِ رحمه الله تعالى .
فقد ثبت سماع الحسن من أبي بكرة عند أهل العلم لتصريحه بسماعه في أكثر من حديث. قال البخاري في صحيحه....: وتابعه موسى عن مبارك عن الحسن قال: أخبرني أبو بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال في موضع آخر: ... وقال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة، ثم قال البخاري بعد أن ساق الحديث: قال لي علي بن عبد الله: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث. اهـ. وإعلم أن سماع الحسن من أبي بكرة (( ثابت )) فقد أثبت سماعهُ كما أثبت سماعه الإمام البخاري .
وفي البحر الزاخر ما يثبت أنهُ سمع من أبي بكرة , وصيغة التصريح بالسماع معروفة عند أهل الحديث .
وحدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال : نا أبو داود ، عن أبي فضالة ، وهو مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال حدثني أبو بكرة ، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال في الحسن بن علي : " إن ابني هذا سيد ، وإن الله سيصلح به بين فئتين من المسلمين " فلما كان من أمر معاوية ما كان لم يهرق في محجمة دم . قلتُ : وهنا يصرحُ الحسن بسماعه من أبي بكرة فكيف تنفيه .
قال الحافظ: الحسن كان يرسل كثيرا عمن لم يلقهم بصيغة عن، فخشي أن تكون روايته عن أبي بكرة مرسلة، فلما جاءت هذه الرواية مصرحة بسماعه من أبي بكرة ثبت عنده أنه سمعه منه. اهـ.
ولهذا فإن سماع الحسن من أبي بكرة ثابت أثبته البخاري وابن المديني ونفاه يحيى بن معين والدارقطني . فثبوت سماع الحسن من أبي بكرة ثابت ولا يقدحُ في صحة الحديث عند البخاري .
أما الرواية فهي صحيحة الإسناد وترجيح الإمام الدارقطني لا يعني أن الحديث ضعيف الإسناد .
وأما الحديث والذي رواه الحسن عن أبي بكرة " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، والحسن إلى جنبه يقول إن ابني هذا سيد " رواه البخاري في كتاب الصلح، حديث رقم (2704)، وفي كتاب المناقب، حديث رقم (3629)، وفي كتاب فضائل الصحابة حديث رقم (3746)، وفي كتاب الفتن حديث رقم (7109).
والترمذي في سننه، في كتاب المناقب حديث رقم (102) وقال حسن صحيح. (ص 195).
والنسائي في السنن الكبرى في كتاب المناقب. فكان سماعهُ من ابي بكرة ثابت , كما وقول أبي عبد الله بذلك في الصحيح .
* فإن قال القائل أن سماعهُ من أبي بكرة قليل , قلنا روايتهُ للحديث هذا هي من الحالات القليلة التي ثبت فيها سماع الحسن من أبي بكرة .
المراسيل ، لابن أبي حاتم ، ص : 45 : " قال بهْز بن أسد في سماع الحسن من أبي بكرة : " سمع من أبي بكْرة شيئا " . أهـ .
فالخلاصة أن سماع الحسن من أبي بكرة ثابت , ولما تبين للإمام أمير المؤمنين أن الحسن سمع قد خرج لهُ في الصحيح , وروايتهُ في الصحيح محمولة على الإتصال وإن دلس . والله أعلم .
كتبهُ /
تقي الدين السني
22-09-11, 11:08 PM
مناقشة قول الدارقطني (( الحسن البصري لم يسمع من أبي بكرة )) وحديث ( فضل الحسن )
العرض العادي
