عوامل نشأة الخوارج
معنى الخوارج
الخوارج: جمع تكسير لخارجة؛ لأن فواعل جمع فاعلة، أو فاعل غير عاقل([1]).
ولغة: من الخروج، مصدر من:خرج، نقيض الدخول، وخارج كل شىء ظاهره، يقال: خرجت خوارج فلان: إذا ظهرت نجابته، والخارجي: كل ما فاق جنسه ونظائره، والخارجي: من يسود بنفسه من غير أن يكون له قديم، ومنه:
أبا مروان لست بخارجي
وليس قديم مجدك بانتحال([2])
ويقال للسحاب أول ما ينشأ: ما أحسن خروجه، وخرج فلان في العلم والصناعة: إذا نبغ([3]).
واصطلاحاً: اختلفت الأنظار في تحديد إطار للخوارج تبعا للاختلاف في صفاتهم وأفكارهم وخصائصهم، حيث يضع البعض تعريفا عاما، الشهرستاني، حيث يعرفهم قائلا: "كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجيا، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين، أو كان بعدهم على التابعين بإحسان، والأئمة في كل زمان"([4]).
وهذا تعريف عام، يشمل الفرقة التاريخية المعروفة، ويشمل غيرها من الفرق الأخرى التي تشترك معهم في الخروج على الإمام.
وبعضهم جعل للفرقة تعريفا خاصا بها، وقاصرا عليها، فهم "الذين خرجوا على الإمام علي في حروراء([5])، ومن نشأ منهم بعد ذلك"([6]).
وهذا تعريف خاص بالفرقة التي خرجت على الإمام علي t، ويضم إليها ما تفرع ونشأ عنها من انقسامات تاريخية مشهورة.
لذلك فإن ابن حجر العسقلاني([7])عمم تعريف الخوارج، لكنه جعل للمصطلح أقساما، فقال: "وهم قسمان، الأول: من تقدموا من أهل النهروان، الثاني: من خرج في طلب الملك لا للدعاء إلى معتقده، وهم على قسمين أيضا: قسم خرجوا غضبا للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية، فهؤلاء أهل الحق، ومنهم الحسين بن علي([8])، وأهل المدينة في الحرة، والقراء الذين خرجوا على الحجاج([9])، وقسم خرجوا لطلب الملك فقط، سواء كانت فيهم شبهة أم لا، وهم البغاة "([10]).
وعلى هذا فيمكننا أن نقول إن النظرة للتعريف لها وجهتان، الأولى: وجهة لغوية، وتشمل كل من خرج على الإمام قديما وحديثا، ونظرة تاريخية: تشمل الفرقة المعروفة التي خرجت على الإمام عليt وحدثت لها تلك الانقسامات المشهورة.
لكن ليس هناك انفكاك بين النظرة التاريخية والنظرة اللغوية، لأن كل من يطلق عليه لفظ الخوارج باعتبار المعنى اللغوي، إنما ينظر إليه باعتباره يحمل أفكار الفرقة المعروفة، حتى أن من كتب عن أصحاب هذا الفكر في العصر الحاضر إنما سماهم الخوارج، وعليه فإن معاني هذا المصطلح متصلة ولا انفكاك بينها.
([1]) شرح ابن عقيل 4/131. دار التراث – القاهرة، الطبعة العشرون، رمضان 1400هـ يوليو1980م
([2]) البيت لكثير عزة.
([3]) لسان العرب، جمال الدين بن منظور 2/249 –250، دار صادر – بيروت – الأولى 1410هـ1990 م. القاموس المحيط، الفيروزبادي 1/183، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1397هـ 1977م.
أساس البلاغة، جار الله محمود بن عمر الزمخشري 1/222، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الثالثة 1985م.
([4]) الملل والنحل 1/105.
([5]) حروراء: قرية من قرى الكوفة، بينهما نصف فرسخ، وقيل: موضع على ميلين منها، نزل بها الخوارج. معجم البلدان 2/245.
([6]) دائرة المعارف الإسلامية 8/470، مرجع سابق.
القاموس الفقهي، سعدي أبو حبيب ص 115، دار الفكر – دمشق – الطبعة الثانية 1408هـ 1988م.
([7]) أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني، من أئمة العلم والتاريخ، أصله من عسقلان، ومولده ووفاته في القاهرة، أقبل على الحديث، وعلت شهرته فقصده الناس، ولي قضاء مصر مرات ثم اعتزل، له تصانيف كثيرة، منها " فتح الباري بشرح صحيح البخاري"، "الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة".الضوء اللامع2/36، الأعلام 1/178
([8]) سبط رسول الله r، أشبه الناس برسول الله، وهو سيد شباب أهل الجنة، خرج على يزيد، حتى قتل في كربلاء. سير أعلام النبلاء3/280، التاريخ الكبير 2/381.
([9]) الحجاج بن يوسف الثقفي، ذو شجاعة ومكر ودهاء وتعظيم للقرآن، تولى المشرق والعراق كله عشرين عاما، كان ظلوما جبارا خبيثا، له حسنات مغمورة في بحر سيئاته مات في رمضان سنة 95هـ. سير أعلام النبلاء 4/343، البدء والتاريخ 6/27.
([10]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، أحمد بن حجر العسقلاني 12/298، دار الريان للتراث – الطبعة الأولى 1407هـ 1987م.