قال شيخ الإسلام رضي الله عنه وارضاه عن حديث العقل :
وهذا الحديث موضوع وكذب عند أهل العلم بالحديث كما ذكر أبو حاتم البستي وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهم، ومع هذا فلفظه "أول ما خلق الله العقل قال له أقبل فأقبل ، فقال له : أدبر فأدبر، فقال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أكرم منك فبك اخذ وبك أعطي وبك الثواب وبك العقاب "
فهذا الحديث الذي يحتجون به من جهة الشريعة يدل على نقيض مقصودهم من وجوه كثيرة:
منها : أن قوله أول ما خلق الله العقل قال له ، يقتضي أنه خاطبه في أول خلقه ، لا أنه أول المخلوقات كما تقول : أولَ مالقيت زيداً سلمت عليه...........
ومنها : أن هذا يقتضي أنه خلق قبل العقل غيره لقوله :ما خلقت خلقاً أكرم علىَ منك ، وعندهم هو أول المبدَعات .
ومنها : أن هذا يقتضي أن العقل مخلوق ، وحقيقة الخلق منتفية عندهم عن العقل الأول ، بل عن العالم ، وانما هو عندهم معلول ومبدَع ، لا كنهم يحرفون الكلم عن مواضعه ، فيقولون : العالم محدث ومخلوق ، ويعنون أنه معلول بنفسه وأجب بغيره، وأن وجوده من غيره لا من نفسه .
ومنها : أنه قال في هذا الحديث : فبك آخذ وبك أعطي وبك الثواب وبك العقاب
فأخبر أنه يفعل به هذه الأمور الأربعة ، وهذا ينطبق على عقل الإنسان الذي هو عرض فيه.
وأما العقل الذي يدعونه فهو عندهم أبدع السماوات والأرض وما بينهما ، فهو عندهم رب جميع العالم ، فأين هذا من شيء يفعل الله به أمور أربعة؟ والكلام على هؤلاء مبسوط في غير هذا الموضع.
والمقصود هنا أن قول هؤلاء هو من أفسد أقوال أهل الأرض ، وأن قول جمهور الصابئين والمشركين والمجوس خير من قولهم فضلاً عن اليهود والنصارى.اهـ
رضي الله عن شيخ الإسلام وأرضاه