مِن فقهِ واجتهادِ معاويةَ رضي الله عنه :
1 - عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ : أَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بَعْد الْعِشَاءِ بِرَكْعَةٍ وَعِنْدَه مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ ، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ : دَعْه ؛ فَإِنَّهُ قَدْ صَحِبَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. رواه البخاري (3764(.
2 - وَعَنْ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ : هَلْ لَك فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِين مُعَاوِيَةَ ؟ فَإِنَّهُ مَا أَوْتَر إِلَّا بِوَاحِدَة ، قَالَ : أَصَاب ، إِنَّهُ فَقِيه . رواه البخاري (3765).
3 - وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ : إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلَاة لَقَدْ صَحِبْنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَا رَأَيْنَاه يُصَلِّيهَا ، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا . يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصر . رواه البخاري (3766) ، وأحمد (4/99 ، 100)
4 - عَنْ أَبِي أُمَامَة بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ : سَمِعْت مُعَاوِيَة بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ جَالِس عَلَى الْمِنْبَر أَذَّنَ الْمُؤَذِّن قَالَ: اللَّهُ أَكْبَر اللَّهُ أَكْبَر ، قَالَ مُعَاوِيَة : اللَّهُ أَكْبَر اللَّهُ أَكْبَر ، قَال : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : وَأَنَا ، فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : وَأَنَا ؛ فَلَمَّا أَنْ قَضَى التَّأْذِين قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ؛ إِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا الْمَجْلِسِ حِينَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّن يَقُول مَا سَمِعْتُمْ مِنِّي مِن مَقَالَتِي . رواه البخاري (914)
ابن عباس يثني على معاوية رضي الله عنه:
عَنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ، سَمِعْت ابْن عَبَّاسٍ يَقُوْل : مَا رَأَيْت رَجُلا كَانَ أَخْلَق لِلمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ ، كَانَ النَّاسُ يَرِدُوْنَ مِنْهُ عَلَى أَرْجَاءِ وَادٍ رَحْبٍ ، لَمْ يَكُنْ بِالضَّيِّقِ ، الحَصِرِ ، العُصْعُص ، المُتَغَضِّب . رواه عبد الرزاق في " المصنف " (20985) . إسناده صحيح .
معاوية رضي الله عنه يحلِقُ شعرَ النبي صلى الله عليه وسلم :
عَنْ طَاوُسٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ لِي مُعَاوِية : أَعَلِمْتَ أَنِّي قَصَّرْت مِنْ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ ، فَقُلْتُ : لَهُ لَا أَعْلَمُ هَذَا إِلَّا حُجَّةً عَلَيْكَ . رواه البخاري (1370) ، ومسلم (1246) واللفظ له.
ثناءُ سلفِ الأمةِ على معاويةَ رضي اللهُ عنهُ
لقد أثنى سلف الأمة على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ثناء يتبين منه أنه من جملة الصحابة الذين لهم قدرهم ومنزلتهم كباقي الصحابة الكرام ، ونورد جملةً من أقوالهم لكي يكون المسلم على بينة من أمره، وأن يحذر كل الحذر من الوقوع في عرضه رضي الله عنه:
1 - سئل عبد الله بن المبارك ، أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان ، أم عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : و الله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة ، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربنا ولك الحمد . فما بعد هذا ؟ أخرجه ابن خلكان في " وفيات الأعيان " (3 /33) ، و بلفظ قريب منه عند الآجري في " الشريعة " (5/2466).
2 - عن الجراح الموصلي قال : سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود ؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟! فرأيته غضب غضباً شديداً و قال : لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد ، معاوية رضي الله عنه كاتبه و صاحبه و صهره و أمينه على وحيه عز وجل. أخرجه الآجري في " الشريعة " (5/2466) ، واللالكائي في " شرح السنة " (2785) وسنده صحيح.
3 - عن أبي أسامة ، قيل له : أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس بهم أحد. أخرجه الآجري في " الشريعة " (5/2465) ، والخلال في " السنة (666) بسند صحيح.
4 - وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله : معاوية عندنا محنة ، فمن رأيناه ينظر إليه شزراً اتهمناه على القوم ، يعني الصحابة . أخرجه ابن كثير في " البداية والنهاية " (8/139)
5 - و سئل الإمام أحمد : ما تقول رحمك الله فيمن قال : لا أقول إن معاوية كاتب الوحي ، ولا أقول إنه خال المؤمنين فإنه أخذها بالسيف غصباً ؟ قال أبو عبد الله : هذا قول سوء رديء ، يجانبون هؤلاء القوم ، ولا يجالسون ، و نبين أمرهم للناس . أخرجه الخلال في " السنة " (2/434) بسند صحيح .
6 - وقال الربيع بن نافع الحلبي : معاوية ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه . أخرجه ابن كثير في البداية والنهاية " (8/139).
7 - عن مهنا قال : سألت أحمد عن معاوية بن أبي سفيان فقال : له صحبة . قلت : من أين هو ؟ قال : مكي قطن الشام . أخرجه الخلال في " السنة " (653) . قال المحقق : إسناده صحيح .
9 - عن أبي طالب أنه سأل أبا عبد الله : أقول معاوية خال المؤمنين ؟ وابن عمر خال المؤمنين ؟ قال : نعم ؛ معاوية أخو أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورحمهما ، وابن عمر أخو حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورحمهما ، قلت : أقول: معاوية خال المؤمنين ؟ قال : نعم . أخرجه الخلال في " السنة " (657) . قال المحقق: إسناده صحيح.
10 - عن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبا عبد الله وسئل : من أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ قال : من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير الناس قرني " . أخرجه الخلال في " السنة " (661) قال المحقق : إسناده صحيح.
11 - عن أبي إسحاق قال : ما رأيت بعده مثله يعني معاوية. أخرجه الخلال في " السنة " (670) . قال المحقق : إسناده صحيح.
12 - عن أبي طالب قال : سألت أبا عبد الله يُكتبُ عن الرجل إذا قال: معاوية مات على غير الإسلام أو كافر ؟ قال : لا ، ثم قال : لا يُكَفّر رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن فضائله رضي الله عنه: اتفاق عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما وهما من الصحابة ، ولهما المكان الأعلى والأمثل من الورع والدين والتقى وسداد الرأى ، وحسن الفكر ، وتمام النظر على تأمير معاوية رضي الله عنه على الشام . حتى قال ابن عباس ? : ما رأيت رجلاً كان أخلق للملك من معاوية ، كان الناس يردون منه على ارجاء واد رحب ، لم يكن بالضيق الحصر والعصعص المتغضب– رواه عبدالرزاق في ( المصنف )( 20985 ) : عن معمر ، عن همام بن منبه ، قال : سمعت ابن عباس ، يقول : ....فذكره . وسنده صحيح .
قال محب الدين الخطيب رحمه الله : سألني مرة أحد شباب المسلمين ممن يحسن الظن برأيي في الرجال ما تقول في معاوية ؟ فقلت له : و من أنا حتى اسأل عن عظيم من عظماء هذه الأمة ، و صاحب من خيرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، إنه مصباح من مصابيح الإسلام ، لكن هذا المصباح سطع إلى جانب أربع شموس ملأت الدنيا بأنوارها فغلبت أنوارها على نوره. حاشية محب الدين الخطيب على كتاب العواصم من القواصم ( ص95) .
وعندما ولي معاوية الشام كانت سياسته مع رعيته من أفضل السياسات وكانت رعيته تحبه ويحبُّهم ( قال قبيصة بن جابر: ما رأيت أحداً أعظم حلماً ولا أكثر سؤدداً ولا أبعد أناة ولا ألين مخرجاً، ولا أرحب باعاً بالمعروف من معاوية. وقال بعضهم:أسمع رجل معاوية كلاماً سيئاً شديداً، فقيل له لو سطوت عليه؟ فقال: إني لأستحي من الله أن يضيقَ حلمي عن ذنب أحد رعيتي. وفي رواية قال له رجل: يا أمير المؤمنين ما أحلمك؟ فقال: إني لأستحي أن يكون جرم أحد أعظم من حلمي )) ، لذلك استجابوا له عندما أراد المطالبة بدم عثمان وبايعوه على ذلك ووثقوا له أن يبذلوا في ذلك أنفسهم وأموالهم، أو يدركوا بثأره أو ينفي الله أرواحهم قبل ذلك. البداية النهاية ج8 ص (138).