بسم الله الرحمن الرحيم و صل اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فإن أهل السنة أهل الحق و أهل الإسلام و هم الفرقة الناجية هم أهل الوسطية في كل شيء لا إفراط و لا تفريط لا غلو و لا تمييع. و إن السلفية هي منهج الإسلام لا يردها إلا حاقد أو جاهل إذ منهجها قال الله ثم قال الرسول ثم قال السلف الصالح ممن ثبتت عدالتهم و رضي الله عنهم و مرجعهم قول الأئمة من قبل و من أخذ عنهم فما لم يكن دينا في زمن الرسول لن يكون دينا فيما بعده فالحمد لله أن جعل دلائل صحة المنهج مما لا يختلف فيه. و لا عبرة للأشخاص في المنهج إذ المنهج هو الحجة عليهم و ليسوا هم أبدا حجة عليه فالمخطئ مخطئ لنفسه و الخطأ راجع إليه و ليس للمنهج و لولا ذلك لكان الإسلام هو أسوأ دين (و نعوذ بالله أن نقول بمثل هذا) لما نراه من أفعال المسلمين في بلدانهم و خارج بلدانهم و هذا لا يستقيم في ميزان العدل و الإنصاف.
و قد رأيت البعض يتمسك بالقول أو النص حصرا فلا ينظر لما سواه فيحصر الدين في النص الواحد دون غيره فالذي يرى الله غفور رحيم لا يريد أن يرى أنه شديد العقاب و الذي يرى أن الله شديد العقاب لا يريد أن يرى أنه غفور رحيم فهل هذا هو الدين؟؟؟ أليس المعطلة و المجسمة وقعوا في نفس الإشكال و لا بد من ضلال كليهما فالله ليس كمثله شيء و في نفس الوقت سميع بصير فالذي أخذ القسم الأول أن ليس كمثله شيء نزهه حتى عن صفاته و الذي أخذ الشطر الثاني جعله جسما. فكذلك نرى اليوم بعضا يريد أن يرى شطرا من دين الله و يتجاهل الشطر الآخر فبين الولاء للمسلمين و البراء من الكفار و المشركين تراهم يتبرؤون من المسلمين لزلاتهم أو ذنوبهم و يؤذون الكافر و المشرك و الذي أخبرنا الله بأنه لا ينهانا عن الذين لم يقاتلونا في الدين أو يخرجونا من ديارنا أن نبرهم و نعدل معهم.
و الموضوع الذي أود أن أطرحه هنا عن المسلم بين الخوف و الرجاء و قد نقلت لكم كلاما أجده مناسبا لمعرفة الواجب أن يكون المسلم فيه فليس الرجاء معيبا إلا إذا خلا من الخوف فكلاهما يسيران معا و هما جناحا الإيمان و بيان ذلك قول الله تعالى :
* أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ
* ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون
فهذا هو المقام الذي يجب على المسلم أن يكون عليه جامعا بين الآيتين و ليس متوقفا عند أحدها منكرا للأخرى و إن من الظلم أن نجعل من أنفسنا حكاما على آيات الله فنقبل بعضا و نرد بعضا. و من الظلم أيضا أن نجعل من يتكلم في الرجاء مرجئا و إلا لقلنا بأن آيات الكتاب التي تؤكد سعة رحمة الله و مغفرة الذنوب و الأحاديث النبوية الشريفة التي فيها من الرجاء ما يجعل المسرف على نفسه لا يقنط من رحمة الله فيكون الله يأمر بالإرجاء و كذلك رسوله صلى الله عليه و سلم و هذا في ميزان العدل و العلم مردود. و الحكم على الأشخاص بالإرجاء جعل البعض ممن لا يملك لا علما و لا بصيصا منه يتكلم في العلماء و يكيل لهم التهم المجانية و يظن أنه يحسن صنعا أو يدافع عن الدين.
و لست ادري هل هذا الذي يتكلم في الناس و العلماء نظر بخوفه من الله و ادعائه أن غيره مرجئة هل أمن مكر الله أو ضمن مغفرة ذنوبه و هو يؤذي غيره ممن هم خير منه و أصلح و أعلم؟؟؟؟؟؟ أليس ظلم العباد مما يعاقب عليه الله فهل أمنوا مكره ليتكلموا في غيرهم و لم يخشوا الله و لم يتقوه فيهم؟؟؟؟؟ أليس الظلم ظلمات يوم القيامة؟؟؟؟ فكيف بهؤلاء يقولون بأن الذين يقولون برجاء الرحمة و المغفرة هم مرجئة لا يخافون الله و هم ببهتهم و اتهامهم و غيبتهم و الطعن فيهم قد أتوا ما ينهون عنه؟؟؟؟؟ أليس لنا فيمن سبقنا من أهل الإيمان قدوة و أسوة؟؟؟؟
لست هنا أدافع عمن لا يخاف الله أو يجعل همه الدنيا و شهواتها ثم يقول الإيمان في القلب أو أن الله يغفر الذنوب جميعا أو ما شابه ذلك بل الكلام هو كيل الاتهامات للعلماء لصد الناس عنهم و إسقاط رموزهم لأنهم يخالفونهم في أمور لا علاقة لها بالثوابت أو مما عليه من الله سلطان مبين.
إن الله جعلنا أمة وسطا نعتقد بمغفرة الله و نرجو رحمته و نخشى و نخاف عقابه و مكره و هذا ما يجب على المسلم ان يكون و إن من العيب أن يتكلم المرء في رحمة الله و مغفرته لنقول له إنك مرجئ أو تدعوا للإرجاء من دون الخوف و كذلك العكس لكن أن يكون منهج المرء في الوقوف بجانب و رد الآخر فهذا هو المعيب و غير السوي فلا ديننا أمرنا بهذا و لا النصوص أوجبت علينا مثل هذا فاتقوا الله و دعوا الأمر لأهله بدل ابتغاء الفتنة و صد الناس عن العلماء برؤية ضيقة و تعصب مذموم.