صالحي.. وقاعدة أبو جبر!

[سيوف العـز]

صالحي.. وقاعدة أبو جبر!طارق الحميد جريدة الشرق الأوسط اللندنية 6 من جمادى الآخرة 1432هـ / 9 من مايو 2011م
سألت مسؤولا خليجيا رفيع المستوى: ما قصة الخليجيين مع إيران، تهاجمونهم ويهاجمونكم لكن الزيارات لا تتوقف، وآخرها بالطبع زيارة وزير خارجية إيران لقطر والإمارات وعمان؟
ابتسم المسؤول وقال «كل شيء يسير وفق قاعدة أبو جبر (الشيخ حمد بن جاسم): هم يكذبون علينا، ونحن نكذب عليهم»! وكانت وثائق «ويكيليكس» قد كشفت وصف رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم عن أن علاقة بلاده بإيران تسير وفق قاعدة: «هم يكذبون علينا، ونحن نكذب عليهم». وهذا صحيح، ففي كل رحلة لوزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، الذي ما إن وصل لمنصبه حتى قيل إنه يطمح لتطبيق نظرية وزير الخارجية التركي داود أوغلو «تصفير المشاكل»؛ في كل محطة خليجية لصالحي يقول إنه ناقش وجود قوات درع الجزيرة في البحرين، وهذه كذبة واضحة، ليس لأنه لم يناقشها، بل إن هدف مناقشتها هو الكذبة بعينها.
فوجود قوات درع الجزيرة في البحرين بات واقعا، والبحرينيون أنفسهم متمسكون بها، وهناك تفكير جاد بوضع قاعدة دائمة لقوات درع الجزيرة في المنامة، كما أن البحرين ليست محمية إيرانية حتى تفاوض عنها طهران، بل دولة ذات سيادة، وعضو في مجلس التعاون الخليجي. وبالتالي، من حقها، وفق الاتفاقيات، أن تدعو قوات درع الجزيرة لأراضيها. وكل ما يسعى له صالحي هو حفظ ماء الوجه أمام حلفائه لأن طهران تقف اليوم مكتوفة الأيدي في كل مكان بعد صفعة عبور الجسر إلى البحرين، ولم تستطع حماية أتباعها.
والأمر الآخر، وتأكيدا لقاعدة «هم يكذبون علينا، ونحن نكذب عليهم»، أن دول الخليج حين تستقبل صالحي وتسمح له بالحديث عن البحرين فإنها تورط إيران أيضا دون أن تشعر، وكذلك الشيعة في البحرين، حيث تثبت عليهم أنهم أتباع لإيران، وأن النظام الإيراني هو مظلتهم، وليس المظلة الوطنية البحرينية. وهذا أمر مسيء على المدى القصير والبعيد لشيعة البحرين، وكذلك إيران. وبالطبع فإن الأمر لا يقف هنا، فتحركات صالحي، وتركيزه على موضوع البحرين، الهدف منه أيضا إظهار أن دبلوماسية طهران ما زالت قادرة على التحرك، أي حملة علاقات عامة، داخل إيران بالطبع، وكذلك للتغطية على ورطة إيران في سوريا، فها هو النظام السوري يواصل قمع مواطنيه، وطال القتل حتى النساء، وتحولت الدبابات إلى دوريات أمنية تجوب الشوارع السورية، والنظام الإيراني صامت لا ينطق بكلمة إنصاف بحق المدنيين، بل يخونهم، ويصفهم بالعمالة. وقد يستغرب البعض قائلا: طالما أن إيران تتعاطف مع النظام السوري فلماذا لا يقوم صالحي بزيارة دعم لدمشق؟ ومعلوماتي تقول إن طهران طلبت بالفعل الزيارة، لكن دمشق رفضت، طوال الفترة الماضية، خشية أن يظهر النظام مستقويا بإيران ضد شعبه، وهذا آخر ما يريده النظام السوري الآن، وهذا مؤشر آخر على ورطة إيران، فحتى حلفاؤها لا يقبلون الظهور معها الآن علنا.
عليه، يبدو أن المنطقة كلها، وليس الخليج، تتعامل مع إيران وفق قاعدة الشيخ حمد بن جاسم «هم يكذبون علينا، ونحن نكذب عليهم»، لكن مهم أن نتذكر بأن حبل الكذب قصير