التوسل المشروع والتوسل الممنوع ....؟

[ابن عمر]

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اما بعد
أحببت أن أبين لكم نبذة مختصرة عن التوسل ، على أن تكون بشكل مبسط يفهمه القارئ ، فأقول وبالله التوفيق.

إن التوسل صنفان : صنف مشروع ، وصنف ممنوع
أما الصنف المشروع فهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1- التوسل بأسماء الله الحسنى أو بذاته العلية أو صفاته العلى:
وذلك كأن تقول يالله أغفر لي ، يا رحمن ارحمني ، يا غفور أغفر لي ، يا تواب تب علي ، أو أن تقول اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى أن تغفر لي
والأدلة عليها كثيرة وأعظمها سورة الفاتحة
وقال تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) الأعراف آية 118
وقال صلى الله عليه وسلم (ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاءك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً ) رواه أحمد وغيره وصححه الألباني

2- توسل المؤمن إلى الله بعمله الصالح :
أي أن يتوسل المؤمن إلى الله بعمل صالح قد عمله وأخلص العمل فيه لوجه الله
كما جاء في سيد الاستغفار أن يقول العبد : (( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي . فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ))
وكم جاء في حديث الغار
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوا فانحدرت صخرة من) الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم . فقال رجل منهم :
اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران كنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فنأي بي طلب شجر يوماً فلم أرح عليهما حتى ناماً فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فلبثت والقدح على يدي انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر – زاد بعض الرواة – (( والصبية يتضاغون عند قدمي )) فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منها )) قال النبي صلى الله عليه وسلم : قال الآخر : اللهم كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إلي .. فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني وأعطيتها عشرين ومئة دينار على أن تجلي بيني وبين نفسها … ففعلت . حتى إذا قدرت عليها … قالت : لا يحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها … فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها : اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : وقال الثالث : اللهم إني استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرتهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب … فثمرت أجره … حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين … فقال لي : يا عبد الله أد إلي أجري . فقلت : كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق !!! فقال : يا عبد الله لا تستهزئ بي ؟!! فقلت إني لا أستهزئ بك . فأخذه كله … فساقه فلم يترك منه شيئاً اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه . فانفرجت الصخرة … فخرجوا يمشون )). رواه البخاري ومسلم والنسائي .

3- توسل المؤمن إلى الله بدعاء الرجل الصالح (الحي) :
كأن تختار رجلاً صالحاً معروفاً بتقوى الله وقيام الليل وصيام النوافل آمراً للمعروف ناهياً عن المنكر مكثراً من الطاعات فتقول له أدعي لي يا أخي بأن يغفر الله لي
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم في (حياة) النبي صلى الله عليه وسلم يطلبون منه أن يدعو الله لهم كما في حديث الأعرابي الذي قال يارسول الله أدع الله أن يغيثنا ، وحديث أم سليم قالت : يا رسول الله أنس خادمك أدع الله له ، قال : (اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته)
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتوسلون إلى الله بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم للاستسقاء في حال حياته ، أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لم يستطع الدعاء بسبب وفاته وإذا مات ابن آدم انقطع عمله
لهذا استسقى عمر بن الخطاب في عهد خلافته بعم الرسول صلى الله عليه وسلم العباس
فعن أنس رضي الله عنه قال :
(أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب وقال : (( اللهم كما نتوسل بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا )) قال فيسقون ) رواه البخاري في صحيحه
هذا هو هدي السلف الصالح وهو الاستسقاء بدعاء صالحيهم (الأحياء) حيث استسقى المسلمون في عهد معاوية بيزيد بن الأسود الجرشي

###########################################

التوسل الممنوع
وهو التوسل والتقرب إلى الله بعمل مخالف لما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهذا الصنف من التوسل محرم
وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

1- التوسل إلى الله تعالى بذات وشخص المتوسل به
كأن يقال اللهم إني أتوسل إليك بفلان
قال تعالى (ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار) الزمر آية 3


2- التوسل إلى الله تعالى بجاه فلان أو حقه أو حرمته
كأن يقال اللهم إني أسألك بجاه العيدروس أو بجاه فلان
وهذا لا يجوز ولم يثبت في الكتاب والسنة ، ويستدل البعض بحديث (توجهوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) وهذا حديث ضعيف لا أصل له
وكيف يتوسل إلى الله بجاه لا يملكه المتوسل قال تعالى (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى) سورة النجم 39-41
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ليس لأحد أن يدل على الله بصلاح سلفه فإنه ليس صلاحهم من عمله الذي يستحق به الجزاء كأهل الغار الثلاثة ، فإنهم لم يتوسلوا إلى الله بصلاح سلفهم وإنما توسلوا إلى الله بأعمالهم)


3- الإقسام على الله بالمتوسل به
كأن يقال اللهم إني أقسمت عليك بفلان أو أسألك بحق البيت الحرام أو أسألك بحق النبي
وهذا لا يجوز فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) وفي لفظ (من حلف بغير الله فقد أشرك) رواه الترمذي والحاكم وصححوه
قال ابن تيمية رحمه الله (التوسل بمعنى الإقسام على الله بذاته صلى الله عليه وسلم أو السؤال به … فهذا هو الذي لم تكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه لا في حياته ولا بعد مماته لا عند قبره ولا غير قبره ولا نعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة أو عمن ليس قوله حجة).