الحمد لله تعالى , والصلوات الطيبات الزاكيات المباركات على محمد وآله تتوالى , ثم أما بعد :
تسآءل بعض المخالفين المحترمين : عن هدم قبور البقيع هل هو كاشف عن بغض أهل البيت ع ونصب العداء لهم ؟
والجواب : أن الإنصاف يقتضي منّا التأمل والسؤال عن علة الفعل ( ما حملهم على هذا ) قبل قذف الآخرين - كانوا من السنة أو الشيعة -حتى وإن كنا نستنكر الأسلوب , فمثلا هناك من يدعوا الناس إلى الصلاة بأسلوب هادئ ولطيف لأنه يرى أن المسألة دعوة إلى الله , بينما آخر يدعوا الناس بشدة وغلظة لأنه يرى أن هذا إنكار للمنكر لا دعوة , وهكذا تعددت الأساليب والطرق
و المهم في البدء هو : العلة والسبب الحامل للفعل بغض النظر عن صوابه وخطئه في نفسه وفي الأسلوب الذي قدم به . .
الوثيقة :
المكتوب :
الكافي - الشيخ الكليني - ج 6 - ص 528
11 - عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله في هدم القبور وكسر الصور . أ.هـ
أقول : وسهل إن ضعفه الخوئي فقد ذهب الخميني و المامقاني إلى اعتبار روايته أنظر مثلا ( المكاسب المحرمة : ج 2 ، ص 345 . تنقيح المقال : ج 2 ، ص 76 ) .
ناهيك أن الخبر في المحاسن لأحمد بن محمد بن خالد البرقي - ج 2 - ص 614
35 - عنه ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ( ع ) ، عن علي ( ع ) قال : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله في هدم القبور وكسر الصور . أ.هـ
هذا من الناحية الثبوتية , أما من حيث المتن والدلالة ووجه الإستشهاد فمسائل :
الأولى : أن المخالف كان يناقش في خبر ( ولا قبرا إلا سويته ) بأنه لا يعني ولا يستلزم الهدم وهذا الخبر فيه التصريح والظهور الذي لابد من إضافته في مناقشة المسألة كحكم شرعي .
الثاني :دعوى المخالف أن الهدم الحاصل لقبور البقيع كان بدافع البغض ونصب العداء لأهل البيت ع غير صحيح لـ :
1- شموله جميع القبور سواء قبور الصحابة أو أهل البيت ع , بمعنى أن المسألة لو كانت نابعة من نصب عداوة أو بغض أو ما شاكل فإن الهدم سيقتصر على قبور أهل البيت ع فحسب وستبقى الأبنية الأخرى على بقية الصحابة الآخرين , أو أقلا يبنون أضرحة شامخة على قبور بني أمية كما يصفهم المخالف بأنهم أمويون !! والحال أن الجميع تساوى في الفعل فعلم ضرورة أن القضية ليست ناشئة من حقد ونصب وبغض لهم عليهم السلام .
2- الهدم لا يعني المساواة بل مراعاة القبر وتمييزه لكي يصان ولا يهان بوطأ الأقدام أو ما شاكل وذلك عن طريق الجمع الإجمالي :
أ- رفعه شبرا عن الأرض .
ب- جعله مسنما .
ج-تعليمه بحجر .
وبهذه الثلاث يحصل التمييز والصون والزيارة وغيرها , والمشاهد : في القبور اليوم ان هذه الأمور الثلاثة مجتمعة فيها , فهي مرفوعة قليلا ومعلمة لكي تميز وتحترم وتصان وتزار
الثالثة : دخول ( ال ) على كلمة ( قبور ) ولها دلالتها .
الرابعة : أن أقل ما يمكن أن يقال أن هؤلاء متأولون لنصوص الهدم حملهم الورع كما حمل القائلون بالتحريف على القول به لبعض الأخبار وتم التماس العذر الجميل اللطيف لهم .
وسيأتي الكلام عن البناء على القبور إن شاء الله إما اتصالا واستقلالا , وهل قبور أهل البيت ع داخلة في هذا المضمون أم لا ؟!
والحمد لله رب العالمين