بسم الله الرحمن الرحيم و صل اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
كنت قد نويت الاعتزال لكن وجدت دافعا للكلام و أظنه يجب أن يقال
قد أتحفنا "الأخ" الغرندل بعدة مواضيع حول الإخوان و حول الشيخ القرضاوي هدانا الله و إياه و ملأها بغيظ و طعن ينأى عنه العالمون (لكي لا نقول علماء) فإن كان الغرندل دائما ما يدعونا للعودة للعلماء إلا أنه جعل نفسه من دون الناس أجمعين مستقلا بذاته و علمه و حكمه فلا إلى العلماء يرجع و لا باقوالهم يأخذ فقد صدر حكمه و انتهى و كأني به قد ملك مفاتيح الحق و الجنان و عين نفسه عليها حارسا و قاضيا و قسيما فليته نصيحته لنا يضعها في الحسبان و ينظر لأقوال العلماء بدل الاكتفاء و الانتقاء و تجزيء اقوالهم و حصرها فيما يفيد هواه و رأيه و مناه
إن مما لا شك فيه على ما أرى بعين الحق لا الهوى أن ما أورده لا مناص من إنكاره من افعال و اقوال الإخوان و كذا زلات و هنات و طعنات الشيخ القرضاوي لكن هل كان ذلك فيه من الشيوخ طعنا في الأشخاص و تكفيرا و تضليلا للإخوان و القرضاوي؟؟؟؟ لست أدري أين اضع دلائل المدح في بعض الأفعال و الأقوال من العلماء الأجلاء قام بها أو فعلها رؤوس الإخوان فلماذا نكيل بمكيالين فنأخذ الإنكار و نضع جانبا المدح و العرفان؟؟؟ أببعض نطعن و ببعض لا نمدح؟؟؟؟ فاي إنصاف هذا أو اي علم هذا و اي حق يراد؟؟؟
لقد قال الغرندل يوما في موضوع خلق القرآن حين اتهمنا جميعا بالجهل و عدم معرفة الحق بدلائله قد نصحنا بالأخذ بقول الشيخ ابي إسحاق الحويني بأن نكون حرسا للحدود بعلم و فهم حقيقيين لا بالعواطف فلست أدري أين الشيخ الحويني منك الآن؟ أم أنك فقته علما و فهما فلم يعد لك به حاجة؟؟ أم كان شماعة للدفاع عن الأهواء؟؟؟ أهذا ما تدعونا إليه من اتباع العلماء؟؟؟؟ أن ننتقي من كلامهم ما يفيد هوانا و يدل على قولنا و نترك ما دونه فهم علماء حين موافقتك جهال حين مخالفتك؟؟؟؟؟
فإن كان عندك الشيخ الحويني علما فلم لا يكون لك قدوة؟؟؟ و إذا كان الشيخ ابن باز و العثيمين و الألباني رحمهم الله جميعا عندك علماء فهل باقوالك قالوا أم أنك انتقيت و جزأت أقوالهم التي توافق طعنك؟؟؟ هل يدرك الحق هكذا أم هذا من جهل الجهال و متخذي الأهواء آلهة تعبد من دون الله؟؟؟
إن العلماء صدقوا حين أنكروا اشد الإنكار على ما جاء في أدبيات الإخوان و بعض اقوال الشيخ القرضاوي مما يهدم الدين لكنهم لم يقولوا مثل قول الغرندل إلا البعض الذين لم يتركوا لا صالحا و لا طالحا إلا وذموه و طعنوا فيه و في نيته و في أهدافه و كأنهم عن الخطأ معصومون و عن إنكار المنكرين محصنون فلا يخرج من افواههم إلا الحق و ما دونهم الباطل فإن كان هؤلاء قد ملكوا علما فقد فقدوا أخلاق العلماء و إنما يخشى الله من عباده العلماء فإن لم يخشوه فيظلمون الخلق جميعا كيف يكونون بذلك علماء؟؟؟؟ إن بعض المستشرقين كانوا يملكون من العلم أكثر من بعض المسلمين فهل أصبحوا بذلك علماء للمسلمين؟؟؟؟ فليس العالم عندنا من له معارف شتى و إنما العالم من جعله علمه يخشى الله في اقواله و افعاله
إن الطعن و الذم و سوء الظن و التشكيك في النيات و الجزم بفسادها ليس من أخلاق العلماء و لا منهجهم بل هذا من الجهل بالحق و ليس من الحق في شيء. و إن من أجهل الجهل التعميم و إسقاط الأحكام على الجميع من دون دليل بل جعل اقوال بعضهم عقيدة للغير مجرد افتراء و بهتان
و لو كانت من مواضيعك تريد النصيحة للإخوان فما هكذا تورد الإبل و لا بهذا تقال فقد قال الله لموسى و هارون عليهما السلام قولا له قولا لينا و المعني فرعون فهل هؤلاء فراعنة أم أصبحت أنت هارون؟؟؟؟ ليس من فقه إنكار المنكر أن يكون بالمنكر و لا أن يؤدي لمنكر أكبر منه و لا يكون الأمر بالمعروف إلا بمعروف و من لم يعرف فقه إنكار المنكر كيف له أن يكون متصديا له أو ذا علم أو متبع للعلماء؟؟؟؟ أم أن التكلم في أمور العامة أصبح من كل واحد مطلوب؟؟؟ و بدون علم و لا فقه اصبح كل واحد يتصدر للإنكار و يجعل ذنبا أو زلة من واحد دليل فساد الأشخاص؟؟؟ فلو كان في المتقدمين مثل هذا الصنف لما نجا ابن حزم و لا ابو حنيفة و لا الحسن من الأخيار بل لكانوا أشد الأشرار و أعداهم للدين و لكان ابن القيم فاسد العقيدة و لن يسلم ايضا بعض الصحابة من طعنهم فهل يكون هذا علما أم جهلا؟؟؟ حقا أم باطلا؟؟؟؟
لست ممن يدافع عن الزلات أو الهنات أو الضلالات لكن علماءنا رحم الله من مات و حفظ الله و سدد خطى الأحياء قد أنكروها بمنهج العلماء و ليس بمنهج من يطعن في النيات و لا من يطعن بالأشخاص فحين وجوب الإنكار أنكروا و حين وجوب المدح مدحوا و ليس بأن يتصيدوا الزلات و يجعلوها حاجبة عن الخيرات فحين قيل للشيخ الألباني الإسلام منهج حياة لم يتوانى عن مدحها و مدح قائلها فيها لكنه في المقابل أنكر ما وصله من منكرات فهلا اتبعت سبيل العلماء و تركت عنك التعصب للجزئيات و الانتقاء من اقوال العماء و ترك ما دونها لمخالفتها لهواك؟؟؟؟
نسأل الله أن لا يكلنا لأنفسنا طرفة عين و أن لا يجعل تعصبنا لغير الحق و الإنصاف و الله المستعان