قصّة التعاون الإيراني الصهيوني
شهادات من داخل إيران
الجزء الثاني
في هذا الجزء حاولنا أن نتناول التعاون الإيراني الصهيوني من خلال شهادات لرجال عاشوا القصة من أوّلها الى آخرها وهم في أعلى مواقع السلطة بإيران . فآية الله منتظري كان ثاني رجل في الدولة بعد الإمام الخميني أمّا الدكتور أبو الحسن بني صدر فقد كان يشغل موقع رئاسة الجمهورية وإليكم بعضا مما جاء في شهادتي الرجلين المذكورين دون زيادة أو نقصان .
شهادة آية الله منتظري
منتظري: رسالة من تاجر سلاح وصلتني بالصدفة كشفت الاتصالات السرية بين طهران وواشنطن
مذكرات آية الله حسين منتظري اثارت ضجة واسعة في ايران دفعت بالسلطات الى منع تداولها واعتقال بعض الاشخاص بتهمة محاولة توزيعها في كراسات، لانها احتوت على الكثير من الاسرار والقضايا الخلافية. وفي الفصول المتعلقة بالحرب الايرانية ـ العراقية، يتحدث آية الله منتظري الذي كان نائبا لآية الله الخميني طيلة فترة الحرب، عن الخلافات العميقة بين الجيش والحرس ومعرفة العراق وبتفاصيل تحركات القوات الايرانية وادارة الحرب من طهران، ويذكر كيف اضاعت القيادة الفرص لانهاء الحرب بصورة مشرفة. ثم يروي لأول مرة تفاصيل قضية ايران غيت التي اعدم شقيق صهره مهدي هاشمي بسبب تسريب اخبارها الى وسائل الاعلام. وفي ما يلي حلقة جديدة من المذكرات التي حصلت عليها «الشرق الاوسط»:
* الخميني وافق على تجرع كأس السم وقبول التسوية مع العراق بعد نصيحة من مستشاريه
* اقترحت القبول بوساطة الدول الإسلامية كمخرج للقبول بالقرار 598 ووقف الحرب لندن: علي نوري زادة «كان هناك رجل ثري باسم منوتشهر قرباني فر عمل في حقل تجارة السلاح، وكانت لديه ارتباطات وثيقة مع جهات في الخارج، في اميركا وغيرها. هذا الرجل جاء الى ايران برفقة مكفارلن ممثل (الرئيس الاميركي آنذاك) رونالد ريغان. وكان الدكتور محمد علي هادي نجف آبادي ـ سفير ايران السابق في الامارات والسعودية ومساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والبرلمانية حاليا ـ قد اجرى مباحثات مع مكفارلن بتكليف من مسؤولين في طهران. ووصلتني تقارير تحتوي على رسالة في مكتبي، باعتباري قائمقام الولي الفقيه. ولما قرأت تلك التقارير والرسالة التي كانت من منوتشهر قرباني بواسطة اوميد نجف ابادي علمت بتفاصيل الاتصالات السرية مع اميركا وزيارة مكفارلن. وبالنظر الى تورط اسرائيل في الامر، فانني اعترضت بشدة، بحيث كنت ارى ان القضية معيبة جدا.
ولما زارني السيد (هاشمي) رفسنجاني اعترضت على الامر وقلت لماذا لم تبلغوني بقضية زيارة مكفارلن؟ وفوجئ رفسنجاني وقال «كنا ننوي ابلاغكم في ما بعد..».
هل كان الخميني على علم بزيارة مكفارلن والاتصالات السرية مع الولايات المتحدة ومجيء مسؤولي الموساد والاستخبارات الاميركية الى ايران؟ يقول منتظري: «لا ادري ما اذا كان الامام الخميني على علم بالموضوع منذ بدايته، المهم انني ذهبت الى بيته بعد مواجهتي مع هاشمي رفسنجاني وشرحت الامر للسيد احمد الخميني (نجل الخميني) الذي فوجئ هو ايضا بمعرفتي الشاملة بالقضية. اذ سأل من اين جاءتك المعلومات. فقلت لا يهمك لعل الجان خابروني! قال، حسنا حينما يطلعونكم الجان بهذه الاخبار حبذا لو ارسلتموها الى الامام الخميني. لقد كان رفسنجاني واحمد الخميني والآخرون مستاءين جدا ازاء معرفتي بالامر..».
وهل سبب تسريب خبر زيارة مكفارلن والكولونيل اوليفر نورث وممثلي الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية سرا لطهران، في اعتقال واعدام اوميد نجف آبادي المدعي العام السابق في مدينة اصفهان، ومهدي هاشمي شقيق صهر منتظري واحد مؤسسي الحرس ورئيس مكتب الحركات والتنظيمات التحررية والثورية بقيادة حراس الثورة؟
يرد منتظري على هذا السؤال في مذكراته قائلا: «كل شيء محتمل والاحتمال خفيف المؤونة، اذ ان بعض الاخبار السرية والتلكسات التي وصلت الى جهاز التلكس الخاص في بيتنا تشير الى وجود علاقة بين اعدامهما وقضية ايران غيت وشحن الاسلحة الاسرائيلية الى ايران، ومما يجب ذكره ان السيد قرباني ارسل لي رسالة بعد ذلك، اشار فيها الى انه من المقرر ان يتم عزلي من منصب قائمقام ـ نائب ـ الولي الفقيه ـ ويكشف ذلك، انه ـ اي قرباني فر ـ كان على اتصال مع بعض المراكز. وان مشروع عزلي كان قيد الدرس قبل تطورات بداية عام 1368 الشمسي (مارس ـ آذار 1988) (اي تبادل الرسائل الغاضبة بين منتظري والخميني وصدور قرار عزل منتظري من قبل استاذه)».
مذكرات منتظري بجريدة الشرق الأوسط
شهادة د . أبو الحسن بني صدر
الحوار الذي أقامته قناة الجزيرة مع د. أبو الحسن بني صدر الرئيس الأيراني الأسبق
س- تحدثنا عن موضوع الحرب الإيرانية العراقية ومررت إلى إسرائيل ، هل كنت على علم بوجود علاقات معينة مع إسرائيل لأجل الحصول على السلاح؟
ج- في المجلس العسكري أعلمنا وزير الدفاع أننا بصدد شراء سلاح من اسرائيل ، عجبنا كيف يفعل ذلك ، قلت: من سمح لك بذلك ، قال: الإمام الخميني ، قلت هذا مستحيل !
قال : أنا لا أجرؤ على عمل ذلك لوحدي. سارعت للقاء الخميني وسألته: هل سمحت بذلك ؟ قال : نعم إن الإسلام يسمح بذلك ، وإن الحرب هي الحرب ، صعقت لذلك ، صحيح أن الحرب هي الحرب، ولكنني أعتقد أن حربنا نظيفة، والجهاد هو أن نقنع الآخرين بوقف الحرب والتوق إلى السلام، نعم هذا الذي يجب عمله وليس الذهاب إلى اسرئيل وشراء السلاح منها لحرب العرب ، لا لن أرضى بذلك أبداً ، حينها قال لي : إنك ضد الحرب، وكان عليك أن تقودها لأنك في موقع الرئاسة.
التعامل مع إسرائيل في الحرب ضد العراق
س- السيد الرئيس السؤال فعلا محرج ، كيف أن الخميني الذي قاد كل هذه الثورة الإسلامية، ووضع القدس واستعادتها وحماية فلسطين في أولوياته كيف يمكن أن يشتري السلاح من اسرائيل؟! حين نسمع منك هذا الكلام لا نستطيع أن نصدق شيئا مماثلاً.
ج- حتى اليوم وقبل ستة أشهر كان الإسرائيليون ألقوا القبض على بعض المواطنين المتورطين في بيع الاسلحة لإيران ، لقد حاولت منع ذلك-شراء الأسلحة من إسرائيل- خلال وجودي في السلطة وبعدها كانت إيران-غيت ، ما معنى إيران-غيت كان إنها فضيحة شراء الأسلحة الأمريكية عبر إسرائيل.
س- قلت إن الخميني قال لك: إذا لم ترد أسلحة عبر اسرائيل فتش عن دول أخرى ، من هي الدول التي أعطتكم السلاح في بداية الحرب؟
ج- بالنسبة للخميني كان شراء الأسلحة مسموحا به من كل مكان حتى من اسرائيل ، شكلت آنذاك لجان ذهبت إلى أوربا وإلى مصر لأن هناك عقودا بينهم وبين الشاه.
ويليه الجزء الثالث بعون الله
عزالدين بن حسين القوطالي
23/08/2007