|
اقتباس: |
|
|
|
|
|
|
|
|
كاتب الرسالة الأصلية : أبو اليقظان - موقع ناصر الفهد
الحمد لله , وصلى الله على رسوله وآله وسلم
ورضي الله عن أصحابه أجمعين من المهاجرين والأنصار
فما أكرمَ قوماً ذُكِروا في التوراة والإنجيل والقرءان ,
ووصفوا بالسبقِ والهجرة والنُّصرة والإيمان ,
الذين صَدَعَتْ مَمادحُ الوحي قرءاناً وسنةً , بأنهم خيرُ الناس , وخيرُ القرون , وخيرُ أمَّة
ولو لم يردْ من فضائلهم الشريفة إلا حديثُ :
لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما بلغَ مدَّ أحدِهم ولا نصيفَه . رواه البخاري
لكفاهم بذلك فخراً
ولَمَّا علِمَ - صلى الله عليه وسلم - أنْ سوف تُجهلُ حقوقُهم , ويُستحلُّ عقوقُهم ,
حذَّرَ من ذلك , وأنذرَ , وقال - صلى الله عليه وسلم - : اللهَ , اللهَ في أصحابي ...
فرضي الله عن السابقين منهم , واللاحقين , والمتبوعين منهم , والتابعين ,
من أهل الحرمين ( مكة والمدينة ) , والهجرتين ( هجرة الحبشة , وهجرة المدينة ) ,
والقبلتين ( المسجد الحرام , و المسجد الأقصى ) ,
والبيعتين ( بيعة العقبة , وبيعة الرضوان يومَ الحديبية ) ,
والأربعة , والعشرة , وأهل بدر البررة , والذين تبوَّؤا الدار والإيمان
ومن طعن فيهم , فزنديقٌ , يريدُ الطعنَ في دين الإسلام وطمس معالمه .
فيا غوثاه مِمَّنْ يَقْبَلُ مجاهيلَ الرواة في انتقاصِ خَيْرِ أمةٍ بنصِّ كتابِ الله ,
وخَيْرِ القرونِ بنصِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
فحسبنا الله , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وبعدُ , فقد رأيتُ طعناً من بعض الأدعياء على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ومن أكثر الصحابة ممن تعرض للطعن : أبو هريرة رضي الله عنه
وإليك ما قاله أحدُ أعلامِ هذه الأمة , وكان شيعياً من الزيديّة , ثم انتهى إلى السنة ؛
وهو العلاّمةُ , النَّظَّارُ , المجتهدُ , الإمامُ : محمدُ بنُ إبراهيم الوزير اليمانِيُّ
المتوفى 840 هـ - رحمه الله تعالى -
فإليك ما قاله في هذا الصحابي المفترى عليه
كما في كتابه القيِّم ( العواصم من القواصم ) 2 / 39 :
( .. أبو هريرة - رضي الله عنه - ثقة , مقبول ,
لا مطعنَ فيه في قبول روايته عند أهل التحقيق ...
وقد كان عابداً , صوَّاماً , قوَّاماً , قانتاً لله , خاشعاً , متواضعاً ,
حسنَ الأخلاق , رفيقاً , كان لا ينام حتى يسبح ألفَ تسبيحة ,
وكان يقوم ثلثَ الليل , ثم كان يقوم ثلثيه , ثم كان يقوم الليل كلَّه ,
وكان أميراً في المدينة .. يحمل الحطبَ على ظهره , ويمضي في السوق ..
وكان يسقط مغشياً عليه من خوف الله جلَّ جلاله ,
وكان من نبلاء المهاجرين , ومن الصابرين على الشدّة مع سيد المرسلين ,
كان - رضي الله عنه - يُصرع بين الروضة والمنبر من الجوع ,
وربما يُظنّ أنه مجنون .. وإنما هو الجوع ,
ومع ذلك لَم يتضجَّر من الإسلام ,
ولا تكلم في أحدٍ من أهل الغِنَى من الصحابة رضي الله عنهم ...
كان فقيراً , لا مالَ له , ولا أهلَ , وكان يلازمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - على الدوام
ولا يَشْغَلُه عنه شاغلٌ من مال ولا أهل ولا تجارة ,
وربما لازمه ليأكل معه مِمَّا أكل , ولغير ذلك من خدمته ونحوها .
فارغاً لطلب العلم , قريباً , لطيفاً , حسن الأخلاق , غيرَ مهيب ولا بعيد .
دعا له - صلى الله عليه وسلم - بالحفظ , فما نسي شيئاً بعدُ كما رواه البخاري ...
أبو هريرة , إليه المنتهى في مراقبة الله وخوفه ..
محتجٌّ بحديثه بين الصحابه والتابعين وفقهاء الإسلام وأهل العلم التام بتواريخ الرجال وأخبار الناس
لا خلاف أن طريقة أبي هريرة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت مستقيمةً
كان يلازمه , ويأخذ عنه ,
لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم في كبيرة , ولا حُدَّ في معصية ,
ولا اتُّهَمَ بنفاق , ولا كان من أهل الإفك ,
وكان من العدول في ذلك العصر على كل مذهب ,
ومن الصحابة المثنى عليهم على كل قولٍ وعند كل طائفة ,
فالعجبُ مِمَّن يقبلُ جرحه مَمَّنْ لا يُعْرَفُ , ولا يُدْرَى مَنْ هو , بغير إسنادٍ ولا نظرٍ في رجال الحديث
بل يقبلُه مقطوعاً مِمَّنْ لا يُدرى مَنْ هو , ولا يساوي أدنى أدنى أدنى مرتبة
من مراتب أصحاب أبي هريرة من التابعين , الرواة عنه , الموثِّقين له ,
الذين زادوا على ثماني مئة
ولو صحَّ طرحُ مثل هذه الفواحش والخبائث على مثل أبي هريرة من أئمة الإسلام
وأعلام الهدى , لأمكنَ الزنادقةَ لَطْخُ أكثرِ العِترة والفقهاء بمثل ذلك ..
قواعد العلم المتفق عليها تقتضي أن لا يُقبل المتعارضان معاً , ولا يصح ذلك ,
وقد تعارض الثناء على أبي هريرة والذم له ,
أما الثناء عليه , فإنه قد دخل في الثناء من الله - عزَّ وجلَّ - على الصحابة ,
وأثنى عليه غيرُ واحدٍ من السلف والخلف .. وكذلك مَنِ احتجَّ بحديثه من أهل البيت والفقهاء
كما يَعْرِفُ ذلك مَنْ طالعَ فِقْهَهُم وأدلَّتَهم فيها ..
وأما المعارضُ لهذا , فجاء مقطوعاً كولد الزنى
الذي لا يُعْرَفُ له أبٌ من طريقٍ غيرِ وافيةٍ بشروطِ الصحة
فلا بدَّ على الإنصاف منْ معرفةِ رواة جرحِ أبي هريرة ,
والموازنة بين كل واحد منهم وبين أبي هريرة ,
فإن كان فيهم واحدٌ دونَ أبي هريرة في فضلِه ونُبلِه , لم يُصَدَّقْ على مَنْ هو خيرٌ منه ,
وإلا لَزِمَ فيه ترجيحُ المرجوحِ على الراجحِ ,
وهو خلافُ المعقولِ والمنقولِ .
فَقِس القدحَ في الأكابر على هذا .....
حديثُ أبي هريرة متلقى بالقبول بين فِرَقِ الأمة
أما الفقهاء وأهل الحديث , فمعلومٌ ذلك عنهم ضرورة
وكذلك التابعون , فإن الرواةَ عنه منهم بلغوا ثماني مئة ,
ولَم تُنْكَرْ عليهم الروايةُ عنه مع هذه الشهرة العظيمة .
لا يعلم أنه تفرَّدَ بشيء منكر , وصحَّ عنه
[ وهناك ] إجماع على عمل الأمة بروايته لحديث النهي
عن الجمع بين المرأة وعمَّتِها , والمرأة وخالتِها ,
وأن الأمة ما اعتمدت إلا عليه مع أنه تخصيصٌ لقوله تعالى :
( وأُحلَّ لكم ما وراءِ ذلكم ) سورة النساء 24
وعلى الجملة , فروايةُ التابعين لحديثِه , واحتجاجُهم به من غيرِ نكير ٍ
معلومٌ لأهل العلم بالأخبار بالضرورة ,
والتابعون مِن خيرِ القرون بالنصوصِ النبوية , والأخبارِ بصلاحهم المتواترة الضرورية
ويزيل عنا الشكَّ والارتياب ...
أما الزنادقة ,
فتراهم - إذا ذكروا أحداً من أئمة الإسلام الذين تملأ محاسنَهم الدواوينُ وتملّ حسناتِهم الكاتبون -
لم يذكروا له إلا ما لم يَصِحَّ من المساوئ , والمثالب , والفواحش المفتراة , والمعايبِ .
وليس العَجَبُ مِمَّنْ يقدحُ في الأكابر مِنْ هؤُلاء الأسافل ,
وإنما العَجَبُ مِن بلادةِ مَن يَسْبِقُ إلى عقلِه صِدْقُ أخسِّ الناس
ومَن خيرُ أحوالِه أن يكون مجهولاً في ذمِّ خيرِ الناسِ بنصِّ الكتاب الله تعالى
وشهادةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ,
ومَنْ أدنى أحوالِه أن يكونَ على من جرحه من الأراذل مقدماً مقبولاً ...
فلو قُبِلَ كلُّ قَدْحٍ من غيرِ تثبُّتٍ ,
لبلغ الشيطانُ وجنودُه أغراضَهم في أهل المراتب الرفيعة
من العلماء والصالحين وحَمَلَةِ العلم ونَقَلَةِ الآثار ...
وينبغي من كل مسلمٍ صحيحِ الإسلامِ أن يعتبر عن سماع هذه الأكاذيب
أن ينظر لو يُفترى عليه مثل ذلك , وهو بريء ,
كيف يكون ذلك العدوان عنده , فيحذر من مثله ...
كيف يُصَحَّحُ في القدح في أبي هريرة حديثٌ ,
يدورُ على رواةٍ , أوثَقُهُم دُونَ أبي هريرة في الشهرةِ بالإيمان والإمامة والإسلام والديانة ؟!
وهذا دأبُ المبتدعة , ينقلون القدحَ في الأخبار ورواتها عمن لا يُوثَقُ به ,
ويقدحون في الآحاد الصِّحاحِ بالآحادِ البواطلِ , كناقشِ الشوكة بالشوكةِ
وكيف يقوم الظلُّ , والعودُ أعوجُ ؟! ) .
ومَن أراد معرفة هذا الصاحب , فليطالع سيرتَه في كتاب سِيَرِ النُّبَلاء 2 / 578 - 632 |
|
|
|
|
|