الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وبارك على المبعوث رحمة للكائنات، وعلى أهل بيته أمهات المؤمنين الطاهرات، وعلى صحبه ذوي المناقب والفضائل الباقيات، أما بعد:
لا يكاد المرء يتصفح كتابا من كتب الرافضة حتى يجد فيه من البلايا والطامات ما يزعزع الجبال الراسيات. فقد أخرج "ثقة إسلام" الرافضة في صحيحه المسمى بالكافي (ج 1 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر) قصة زواج معصومهم أبي عبد الله جعفر بن محمد فقال:
1- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ السِّنْدِيِّ الْقُمِّيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ ابْنُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) قَائِماً عِنْدَهُ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ عِنَباً فَقَالَ حَبَّةً حَبَّةً يَأْكُلُهُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ وَ ثَلَاثَةً وَ أَرْبَعَةً يَأْكُلُهُ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَشْبَعُ وَ كُلْهُ حَبَّتَيْنِ حَبَّتَيْنِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ فَقَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) لِأَيِّ شَيْءٍ لَا تُزَوِّجُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَدْ أَدْرَكَ التَّزْوِيجَ ؟ قَالَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ صُرَّةٌ مَخْتُومَةٌ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ سَيَجِيءُ نَخَّاسٌ مِنْ أَهْلِ بَرْبَرَ فَيَنْزِلُ دَارَ مَيْمُونٍ فَنَشْتَرِي لَهُ بِهَذِهِ الصُّرَّةِ جَارِيَةً. قَالَ فَأَتَى لِذَلِكَ مَا أَتَى فَدَخَلْنَا يَوْماً عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّخَّاسِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَكُمْ؟ قَدْ قَدِمَ فَاذْهَبُوا فَاشْتَرُوا بِهَذِهِ الصُّرَّةِ مِنْهُ جَارِيَةً. قَالَ: فَأَتَيْنَا النَّخَّاسَ فَقَالَ قَدْ بِعْتُ مَا كَانَ عِنْدِي إِلَّا جَارِيَتَيْنِ مَرِيضَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَمْثَلُ مِنَ الْأُخْرَى. قُلْنَا فَأَخْرِجْهُمَا حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهِمَا. فَأَخْرَجَهُمَا، فَقُلْنَا بِكَمْ تَبِيعُنَا هَذِهِ الْمُتَمَاثِلَةَ؟ قَالَ بِسَبْعِينَ دِينَاراً. قُلْنَا أَحْسِنْ. قَالَ لَا أَنْقُصُ مِنْ سَبْعِينَ دِينَاراً. قُلْنَا لَهُ نَشْتَرِيهَا مِنْكَ بِهَذِهِ الصُّرَّةِ مَا بَلَغَتْ وَ لَا نَدْرِي مَا فِيهَا ! وَكَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ قَالَ فُكُّوا وَزِنُوا. فَقَالَ النَّخَّاسُ: لَا تَفُكُّوا فَإِنَّهَا إِنْ نَقَصَتْ حَبَّةً مِنْ سَبْعِينَ دِينَاراً لَمْ أُبَايِعْكُمْ. فَقَالَ الشَّيْخُ: ادْنُوا فَدَنَوْنَا وَفَكَكْنَا الْخَاتَمَ وَوَزَنَّا الدَّنَانِيرَ فَإِذَا هِيَ سَبْعُونَ دِينَاراً لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ. فَأَخَذْنَا الْجَارِيَةَ فَأَدْخَلْنَاهَا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ
(عليه السلام) وَجَعْفَرٌ قَائِمٌ عِنْدَهُ فَأَخْبَرْنَا أَبَا جَعْفَرٍ بِمَا كَانَ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ؟ قَالَتْ حَمِيدَةُ. فَقَالَ: حَمِيدَةٌ فِي الدُّنْيَا مَحْمُودَةٌ فِي الْآخِرَةِ، أَخْبِرِينِي عَنْكِ: أَبِكْرٌ أَنْتِ أَمْ ثَيِّبٌ؟ قَالَتْ بِكْرٌ. قَالَ: وَ كَيْفَ وَلَا يَقَعُ فِي أَيْدِي النَّخَّاسِينَ شَيْءٌ إِلَّا أَفْسَدُوهُ؟ فَقَالَتْ قَدْ كَانَ يَجِيئُنِي فَيَقْعُدُ مِنِّي مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ فَيُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِ رَجُلًا أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَلَا يَزَالُ يَلْطِمُهُ حَتَّى يَقُومَ عَنِّي، فَفَعَلَ بِي مِرَاراً وَ فَعَلَ الشَّيْخُ بِهِ مِرَاراً. فَقَالَ يَا جَعْفَرُ خُذْهَا إِلَيْكَ فَوَلَدَتْ خَيْرَ أَهْلِ الْأَرْضِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ( عليه السلام ).
والشاهد في هذه القصة قوله للجارية: (أَبِكْرٌ أَنْتِ أَمْ ثَيِّبٌ؟ قَالَتْ بِكْرٌ. قَالَ: وَ كَيْفَ وَلَا يَقَعُ فِي أَيْدِي النَّخَّاسِينَ شَيْءٌ إِلَّا أَفْسَدُوهُ؟)
والسؤال الذي يطرح نفسه: ألم يجد هذا الإمام في بيوتات العرب والأشراف من هي حرة شريفة كفء لابنه حتى لجأ للإماء؟ لندع بيوتات العرب والأشراف جانبا لنسأل، ألم يجد من بين شيعته من يتشرف بمصاهرته حتى اضطر إلى شراء أمة زوجة لابنه؟ لندع هذا أيضا جانبا، لنسأله: يا حمار القوم ويا كلب العرب: إذا كنت تعلم أنه لا يقع في أيدي النخاسين أمة إلا أفسدوها، فكيف ترضى لابنك أن يقترن بمن لعب بها النخاسون؟ أين الشرف والغيرة؟ وأين أنت من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس" ؟
ونحن إن أحسنا الظن في اختياره هذه الأمة فلا أقل من أن نفترض أنه لم يكن بين نساء الشيعة من كانت تؤتمن على فراشه حتى اضطر أن يأتي له بجارية صدف إن صدقت أنها بكر؟ على أنا لسنا ملزمين بقبول دعواها لعدم قيام الدليل على صدقها، خصوصا وأن كثيرا من الشيعة طعنوا في نسب ابنه موسى لعدم شبهه بوالده من قريب أو بعيد، فقد كان إلى السمرة أقرب، ولم يكن فيه شبها بالعرب خلاف والده. وهنا يكمن السؤال: هل الكاظم فمن بعده من الأئمة من سلالة أهل البيت؟ هذا ما نود من الرافضة أن يثبتوه لنا بالدليل الذي لا يعتريه الشك. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.