إرضاع الكبير بين تخلف العلمانيين وهبل الشيعة
بقلم صلاح الدين يوسف
تخرج علينا من حين لآخر فتاوى غريبة بغرابة قصص ألف وليلية، وعجيبة بعجابة رواية كليلة ودمنة، أبطال هذه الفتاوى "مشايخ" غالبهم عليه الكثير من الملاحظات، ولعل آخر هذه الفتاوى فتوى العبيكان والمتعلقة بإرضاع الكبير.
فتوى ربما يمكن وصفها بأنها غبية ولم نجد لها قبولا لدى العلماء المعتبرين وغير المعتبرين، بل إن كل من سمع بهذه الفتوى استسخفها وضحك عليها، وشر البلية ما يضحك.
والغريب في الأمر ليس الفتوى بحد ذاتها بل كيف تلقفها العلمانيين والشيعة وبدأوا بنشرها في المنتديات وعبر البريد الإلكتروني.
فقد وصلتني العديد من الإيميلات من أصدقاء شيعة يسخرون من الفتوى وينقلون أخبارها من جرائد علمانية!!
ولا نستغرب تلقف العلمانيين والشيعة لمثل هذه الفتاوى ونشرها وكأنهم وقعوا على كنز؛ فأسباب هذا النشر معروفة ولاتخفى على عاقل، فالعلمانيون يسعون للطعن بالدين الإسلامي ووسمه بالتخلف والرجعية، والشيعة يريدون الطعن في الإسلام السني والقدح فيه وهز صورته في نفوس السنة.
وفي هذه السطور القليلة القادمة أريد الوقوف أمام هذه المسألة، ولن أخاطب فيها العلمانيين لأنهم كالذباب الذي لايقع إلا على أقذر الأشياء وكلما ذب آب.
لكن سيكون الخطاب موجها لأصدقائي من الشيعة في خطاب عقلاني بعيد عن الانفعال، ونسأل الله أن يريهم الحق حقاً ويرزقهم اتباعه.
وقبل الخوض في المسألة أريد الإشارة لمسألة هامة وهي أننا نحن أهل السنة والجماعة لانقدس الأشخاص وليس عندنا معصوم والفتوى الشاذة نقف لقائلها كائنا من كان، فحين غيرنا يقدس حتى من يفتون بهتك أعراض الأطفال الرضع!! ويبررون فتاواهم بشكل أقبح من الذنب نفسه!!
حول حديث إرضاع الكبير لدى السنة:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ ، وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا ، وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا ، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا . فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ ، وَيَذْهَبْ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ.
هذا الحديث الشريف صحيح وليس فيه إشكالية، وهناك بعض النقاط التي تحتاج للتوضيح فيه:
* هذا الحديث خاص بحالة سيدنا سالم رضي الله عنه فقط دون غيره كما يرى جمهور العلماء، فسيدنا سالم تربى طفلا كما يربى الأبناء في بيت أبي حذيفة رضي الله عنه ولما كبر ذهبت زوجة سيدنا أبو حذيفة رضي الله عنهما للرسول صلى الله عليه وسلم لتخبره أن أبا حذيفة قد يجد في نفسه شيء من وجود سالم وقد دخل في سن المراهقة وبدأت تظهر عليه علامات البلوغ، فطلب رسولنا الكريم أن ترضعه، وهنا لابد أن نوضع معنى الرضاعة، فالرضاعة تعرف على أنها شرب الطفل للبن الأم أو غيره، ولا يشترط لثم الثدي كما هو معروف، لهذا فقد قامت سيدتنا زوجة أبي حذيفة بسكب بعض من لبنها في إناء وشرب منه سالم رضي الله عنه فحرم عليها.
* الأمر الآخر بإجماع العلماء فإن الكبير وإن شرب لبن امرأة فإنه لايحرم عليها والأدلة على ذلك كثيرة، ولا حاجة لسياق الأدلة لأن الأمر منطقي.
هذا هو موقفنا نحن أهل السنة من مسألة إرضاع الكبير، ولكن هل يعلم إخواننا الشيعة بأن عندهم في كتبهم ومراجعهم الرئيسية ماهو أشد وأنكى مما تلقفوه على لسان بعض الأشخاص، وفي السطور القادمة سأبين هذه الأمور مع الإشارة للمصادر من هذه الكتب في مسألة إرضاع الكبير، وأبين بعض الأمور المضحكة التي تجعل من يقرأها يقول "الحمد لله على نعمة العقل".
فتاوى إرضاع الكبير لدي الشيعة:
*محمد بن الحسن بإسناده ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا رضع الرجل من لبن امرأة حرم عليه كل شيء من ولدها ، وإن كان من غير الرجل الذي كانت أرضعته بلبنه ، وإذا رضع من لبن رجل حرم عليه كل شيء من ولده ، وإن كان من غير المرأة التي أرضعته.
المصدر: وسائل الشيعة / باب أنه لا يحل للمرتضع اولاد المرضعة نسبا ولا رضاعا مع اتحاد الفحل ولا أولاد الفحل مطلقا .
* محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن سنان ـ يعني عبدالله ـ، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال : سئل وأنا حاضر ، عن امرأة أرضعت غلاما مملوكا لها من لبنها حتى فطمته هل لها أن تبيعه ؟ فقال : لا ، هو ابنها من الرضاعة حرم عليها بيعه وأكل ثمنه، ثمّ قال : أليس رسول الله صلى الله عليه وآله قال : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
المصدر السابق: وسائل الشيعة
من أساطير الشيعة في الرضاع:
عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما ولد النبي صلى الله عليه وآله مكث أياما ليس له لبن، فألقاه أبوطالب على ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبنا فرضع منه أياما حتى وقع أبوطالب على حليمة السعدية فدفعه إليها.
المصدر: كتاب الاصول من الكافي كتاب الحجة ابواب التاريخ باب مولد النبي صلى الله عليه وآله ووفاته.
تساؤلات بريئة:
* بحسب هذه الرواية الشيعية فإن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخو رسولنا صلى الله عليه وسلم، وعم سيدتنا فاطمة رضي الله عنها من الرضاع فكيف تزوجها!!؟
أترك الإجابة لكم!!
* بما أن ثدي عم الرسول صلى الله عليه وسلم أبو طالب در الحليب فلماذا بعثه لحليمة السعدية؟!!
الحسين يرضع من إصبع النبي ولسانه!!
عن أبي عبد الله قال » لم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام ولا من أنثى. كان يؤتى به النبي صلى الله عليه وآله فيضع إبهامه في فيه. فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث«
المصدر: الكافي كتاب الحجة. باب مولد الحسين بن علي.
(عن أبي الحسن أن النبي صلى الله عليه وآله كان يؤتى به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه فيجتزئ به. ولم يرتضع من أنثى)
المصدر: الكافي كتاب الحجة. باب مولد الحسين.
وهنا لن أعلق على الكلام الوارد أعلاه.
في الختام أقول لإخواني من الشيعة نحمد الله أن وهبنا نعمة العقل والإدراك.. ولا أطلب منكم الكثير فقط اقدحوا شرارة التفكير في عقولكم.. ولا تعيروا هذه العقول لغيركم كي يفكر عنكم.. والله الهادي إلى سواء السبيل.
ونسأل الله أن يرينا وإياكم الحق حقا وأن يرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
30-10-10, 01:28 PM
إرضاع الكبير بين تخلف العلمانيين وهبل الشيعة
العرض العادي
