[ALIGN=JUSTIFY]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً : إني أحبك في الله يا شيخ
وثانياً : عندي سؤال ألا وهو :
هل التأمين الإلزامي لرخص القيادة الذي فرض على المواطن السعودي من قبل وزارة الداخلية ممثلة بإدارة المرور جائز شرعاً ؟
أفيدونا نفع الله بعلمكم .
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ المكرم ........ حفظه الله
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أحبكم الله الذي أحببتموني فيه وجزاكم الله خيراً .
التأمين المفروض على المواطن السعودي ، محرم من جهتين :
الأولى : اغتصاب حقوق الناس وأخذ أموالهم بدون رضى منهم ، وقد أجمع العلماء على أنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه ، وجاء في الصحيحين من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن دماءَكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا فليبلغ الشاهد الغائب ) .
وقد عد غير واحد من العلماء هذا العمل من كبائر الذنوب ، وهذا حق فأدلته كثيرة من الكتاب والسنة وقد جاءَت الرسل بحفظ الضروريات الخمس ، والمال أحد هذه الضروريات ، فلا يحق أخذه من أحد بدون دليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع ، ومن فعل ذلك وأخذه بدون طيب نفس من صاحبه كان ظالماً معتدياً .
الثانية : أن هذا التأمين ، مبني على أكل أموال الناس بالباطل ، ومفاسده متعددة ومضاره راجحة وهو سبب لشيوع النصب والاحتيال والكذب والتزوير وسبب لمضاعفة الجرائم والحوادث .
والمصالح المرجوة من ورائه قليلة بالنسبة لمفاسده ومضاره .
فإن هذا التأمين قائم على الميسر والغرر البين وهما محرمان بالكتاب والسنة .
وحينئذٍ ، فمهما قيل من المصالح والمبررات في هذا التأمين ، فلا تسوغ جوازه بوجود الميسر والغرر ونهب أموال الناس .
وقد جاء في صحيح الإمام مسلم عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال : جاءَنا ذات يوم رجل من عمومتي فقال : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمرٍِ كان لنا نافعاً وطواعية الله ورسوله أنفع لنا .) .
وكثير من الذي يفتون بجواز التأمين يحكمون عليه من جهة واحدة ولا يقرؤن تاريخه ونشأته وآثاره ، وكثير من هؤلاء يبنون الحكم على الجواز بأقيسة فاسدة ومصالح قليلة وعمومات لا صلة لها بالمسألة ، وينسون المفاسد الكثيرة والأقيسة الصحيحة والأصول الشرعية العظيمة والقواعد الفقهية الثابتة في تحريم القمار والميسر والغرر والجهالة وتحريم نهب الأموال وسرقتها وأخذها من الآخرين أغنياء وفقراء بدون حق ، وغير ذلك من الأوجه الدالة على تحريم هذا التأمين وتحريم ترويجه والدعاية إليه والمشاركة في تطبيقه ومطاردة المتخلفين عنه .
والذين يُكرهون على هذا التأمين - والإكراه معتبر في هذه المسألة بمجرد العقوبة - فإنهم يترخصون بالدفع ولا إثم عليهم ، ومن صبر واحتسب وضن عليهم بالمال ونأى بنفسه عن مواقع الحرام ، فهذا أزكى عند الله وأبر . والله أعلم .
أخوك
سليمان بن ناصر العلوان
19 /9/1423[/ALIGN]