شبهة موقف أم المؤمنين عائشة من مقتل عثمان بن عفان
في تاريخ خليفة بن خياط:
أبو عاصم قال: نا عمر بن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي خالد الوالبي قال: قالت عائشة: ”استتابوه حتى تركوه كالثوب الرحيض ثم قتلوه ))
التخريج: أخرجه خليفة بن خياط في تاريخه (175)، ورواه من طريقه ابن عساكرفي تاريخ دمشق (495).
رجال الإسناد:
الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني أبو عاصم النبيل، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 212ه، أو بعدها ع. (
التقريب 2977).
عمر بن زائدة الهمداني؛ بالسكون، الوادعي، الكوفي، أخو زكريا، صدوق، رمي بالقدر، من السادسة، مات بعد الخمسين خ م س (التقريب 4897).
والد عمر وزكريا واسمه خالد أو هبيرة بن ميمون بن فيروز الهمداني، الوادعي،الكوفي، أفاد بذلك الحافظ ابن حجر في ترجمة ابنه زكريا
(التقريب 2022)، ولم أجد ترجمته
.
أبو خالد الوالبي الكوفي، اسمه هرمز، ويقال: هرم، مقبول، من الثانية، وفد علىعمر، وقيل: حديثه مرسل، فيكون من الثالثة، د ت ق (التقريب 8073).
درجة الأثر: إسناده حسن لغيره، ويشهد له ما رواه: خليفة قال: حدثنا أبو قتيبة قال: نا يونس بن أبي إسحاق، عن عون بن عبد الله ابن عتبة قال: قالت عائشة: ”غضبت لكم من السوط، ولا أغضب لعثمان من السيف؟ استعتبتموه حتى إذا تركتموه كالقلب المصفى قتلتموه“.
التخريج: أخرجه خليفة بن خياط في تاريخه (175-176)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر فيتاريخ دمشق (495).
رجال الإسناد:
أبو قتيبة مسلم بن قتيبة الشعيري، الخرساني، نزيل البصرة، صدوق، من التاسعة، توفي سنة 200ه أو بعدها خ 4 (التقريب 2471).
يونس بن أبي إسحاق السبيعي، أبو إسرائيل الكوفي، صدوق يهم قليلاً، من الخامسة، توفي سنة 152ه على الصحيح، ر م 4 (التقريب 7899).
عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، الكوفي،ثقة، عابد من الرابعة، توفي قبل سنة 120ه، م 4 (التقريب 5223).
درجة الأثر: إسناده حسن لغيره،
وهذا إسناد ضعيف؛ لما فيه من إرسال، حيث إن عونا هذا وصفه غير واحد بأنه يرسل، ولم يصرح هنا بالسماع.
قال المزي في تهذيب الكمال (1066): ”يقال: إن روايته عن الصحابة مرسلة“،
وقال ابن سعد في الطبقات (6/313): ”ثقة كثير الإرسال“،
وقال الترمذي في السنن (2/47): ”عون بن عبد الله لم يلق ابن مسعود“.
والصحيح أنه سمع من بعضهم أخرج له مسلم عن ابن عمر
(انظر: رجال مسلم لابن منجويه 2/121) ونصَّ البخاري في تاريخ الكبير (7/14) على أنه سمع من أبي هريرة وابنعمرو، وذكره العلائي في جامع التحصيل (305).
وعجيب من الحافظ إهماله ذكر ذلك في التقريب مع أنه ذكره في تهذيب التهذيب (8/171-173).
والحديث يتقوى بما قبله ويقويه، ويقويهما أيضاً ما رواه:
ابن سعد قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: أخبرنا جرير بنحازم قال: سمعت محمد ابن سيرين يقول: قالت عائشة حين قتل عثمان: ”مصتم الرجل موص الإناء ثم قتلتموه“.
التخريج: أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/82-83)،ورواه خليفة بن خياط في تاريخه (176) قال: حدثنا روح بن عبادة قال: نا سعيد بن عبد الرحمن، عن ابن سيرين قال: قالت عائشة: ”مصتموه موص الإناء ثم قتلتموه“ ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (495).
وبمثل رواية ابن سعد رواه ابن عساكر في تاريخه (495):من طريق موسى بن إسماعيل، نا جرير بن حازم به
.
وأيضاً بمثل رواية خليفة من طريق هشام عن محمد بن سيرين به.
رجال الإسناد:
عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، أبو عثمان الصفار، البصري، ثقة ثبت، قال ابن المديني: ”كان إذا شك في حرف من الحديث تركه“ وربما وهم وقال ابن المديني: ”أنكرناه في صفر سنة 219ه، ومات بعدها بيسير“، من كبار العاشرة، (التقريب 4625)، ع.
جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي، أبو النضرالبصري، والد وهب: ثقة لكنفي حديثه عن قتادة ضعف وله أوهام إذ حدث من حفظه، وهو من السادسة، مات سنة 70ه بعدما اختلط لكن لم يحدث في حال اختلاطه، (التقريب 911)، ع.
محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبي عمرة البصري،ثقة ثبت عابد كبير القدركان لا يرى الرواية بالمعنى، من الثالثة، توفي سنة 110ه، (التقريب 5947)، ع.
درجة الأثر: إسناد ابن سعد حسن لغيره، فهو صحيح إلى ابن سيرين؛ رجاله ثقات رجالالشيخين، ومثله إسناد خليفة، إلا سعيداً فلم أجد له ترجمة، ويتقوى بالذي قبله
.
وابن سيرين عن عائشة – رضي الله عنها – منقطع، قال أبو حاتم: ”لم يسمع ابن سيرينمن عائشة شيئاً“ (العلائي في جامع التحصيل 324)
لكنه يتقوى بالشواهد التي تقدمت، والتي ستأتي.
قال ابن سعد: أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حماد بن زيد، عن الزبير، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة قالت: ”مصتموه موص الإناء ثمقتلتموه“ تعني عثمان.
التخريج: أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/82).
رجال الإسناد:
عارم بن الفضل السدوسي، أبو النعمان البصري، لقبه عارم، ثقة ثبت، تغير في آخر عمره، من صغار التاسعة، مات سنة 223ه أو سنة 224ه، ع (التقريب 6226)، وانظر (الكواكب النيرات لابن الكيال 382) – وفيه أنه تغير سنة 220ه.
حماد بن زيد بن درهم البصري، الجهضمي أبو إسماعيل، البصري،ثقة ثبت فقيه. قيلإنه كان ضريراً ولعله طرأ عليه؛ لأنه صح أنه كان يكتب، من كبار الثامنة توفي سنة 179ه، وله 81 سنة، ع، (التقريب 1498).
الزبير بن الخريت، البصري، ثقة، من الخامسة، خ م د ت ق، (التقريب 1993).
عبد الله بن شقيق العقلي، البصري، ثقة فيه نصب، من الثالثة توفي سنة 108ه، بخ م ع، (التقريب 3385).
درجة الأثر: إسناده صحيح
أو حسن لغيره
.
وفيه اختلاط عارم، وقد يكون ابن سعد ممن سمع منه قبل الاختلاط، يقوي هذا الاحتمالأن العلماء ذكروا أنه اختلط سنة 220ه، وابن سعد توفي سنة 230ه ومن سمع منه قبل الاختلاط فحديثه صحيح
.
ومن خلال استقراء شيوخ ابن سعد ووفياتهم يظهر أنه كان قبل هذه السنة في بغداد حيثبقي فيها حتى توفي سنة 230ه
وعارم توفي سنة 224ه في البصرة (الطبقات 7/305).
فقد يكون ابن سعد سمع منه في البصرة، ثم رحل قبل وفاتهإلى بغداد، واختلط عارموهو في بغداد وبذلك يكون سماعه منه قبل اختلاط، والله أعلم
.
إذا ثبت ذلك فالإسناد صحيح، لأن من سمع من عارم قبل الاختلاط فحديثه صحيح (انظر تهذيب الكمال 1258، والكواكب النيرات 382)
وإلا فالخبر حسن لغيره، بما تقدم وسيأتي من شواهد
.
قال خليفة: محمد بن عمرو، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عنخثيمة، عن مسروق، عن عائشة قالت حين قتل عثمان: ”تركتموه كالثوب النقي من الدنس، ثم قربتموه تذبحونه كما يذبح الكبش
“.
فقال لها مسروق: ”هذا عملك، أنت كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج إليه“.
قال: فقالت عائشة: ”لا والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم بسوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا“.
قال الأعمش: ”فكانوا يرون أنه كُتِبَ على لسانها“.
التخريج: رواه خليفة في تاريخه (176)، ورواه ابن سعد في الطبقات (3/82) عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش به، ورواه ابن شبه في تاريخ المدينة (1225) عن حبان بن بشر، عن يحيى بن آدم، عن الأعمش به نحوه، ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (496) من طريقي سعدان بن نصر وعلي بن حرب، كلاهما عن أبي معاوية به نحوه وزاد في رواية علي في آخره ”وهي لا تعلم“.
رجال الإسناد:
أبو معاوية الضرير، محمد بن خازم، بمعجمتين، الكوفي، عمي وهو صغير: ثقة أحفظالناس لحديث الأعمش وقد يهم في حديث غيره، من كبار التاسعة، وله اثنتان وثمانون سنة، وقد رمي بالإرجاء، ع، (التقريب 5841).
الأعمش هو سليمان بن مهران الأسدي، الكاهلي، أبو محمد الكوفي، ثقة حافظ، ورع ولكنه يدلس من الخامسة، توفي سنة 147ه، وكان مولده سنة 61ه، ع (التقريب 2615).
خثيمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي، الكوفي، ثقة وكان يرسل من الثالثة، توفي سنة 80ه، ع (التقريب 1773).
مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي، أبو عائشة، الكوفي، ثقة فقيه عابد مخضرم، من الثانية، توفي سنة 63ه، ع (التقريب 6601).
درجة الأثر: ذكره ابن كثير من طريق أبي معاوية به وقال: ”وهذا إسناد صحيح إليها“ وهو كما قال، ورجاله ثقات، كوفيون، رجال الشيخين، وفيه عنعنة الأعمش،
وقد تقدمت عدة شواهد له.
مقال آخرقال الطاعن : أن عائشة زوج النبي خلال حياتها وخلال خلافة عثمان كان لها موقف حاد ضد الخليفة لدرجة التحريض على قتله وتشبيهه باليهودي نعثل .فما هو سبب خروجها على إمام زمانها الذي يستوجب الخروج عليه الموت على غير دين الإسلام وشق عصاالمسلمين ؟ هل هو حبها ومودتها لعثمان الخليفة المقتول بلسانها وسيوف الصحابة أم عداوتها لعلي بن أبي طالب الخليفة الشرعي المختار من قبل الصحابة ؟
الردّ :
لم تُحرِّض عائشة رضي الله عنها الناس ضد عثمان رضي الله عنه .
ولم يصحّ في ذلك نَقْل يُعتمَد عليه .
وقد كُذب على عائشة رضي الله عنها ، والذين كذَبُوا عليها هم الذين أوقدوا الفتنة تحت رئاسة اليهودي
( المترفّض ) ابن سبأ !
وسبب كذبهم عليها معرفتهم بقدر أم المؤمنين عند الناس ،
إذ هي زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بل هي أحب زوجاته إليه ،
وعلِموا أن الباطل لا يَروج إلا بأن يُلصَق بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
وعائشة رضي الله عنها نَفَتْ ذلك ، بل أقسَمْ أنها ما كتبت في ذلك شيئا ، فقالت رضي الله عنها : والذي آمن به المؤمنون ، وكَفَر به الكافرون ما كَتَبتُ سواداً في بياض .
قال الأعمش – وهو من رواة الحديث وفيه تشيّع - : فكانوا يَرون أنه كُتِب على لسانها .
كما علِم أهل الفتنة مكانة عليّ رضي الله عنه فَكَتَبُوا على لسانهم كُتُباً يَدعون فيها بالخروجعلى عثمان رضي الله عنه .
فنحن نعتقد أن عائشة كُذِب عليها كما كُذِب على عليّ رضي الله عنه .
فإن أثبت هؤلاءمكاتبات عائشة وثورتها على عثمان
فليُثبِتوا ذلك عن علي رضي الله عنه .
وحاشا عليّ رضي الله عنه
وحاشا عائشة رضي الله عنها
أن يكونوا من دُعاة الفتنة .
ثم إن قول هذا الطاعن : (لدرجة التحريض على قتله وتشبيهه باليهودي نعثل )
أقول هذا كذب صريح ، وهذا لو صحّ عن عائشة رضي الله عنها
لما نَطَق به هؤلاء، لأمور :
الأول : شدّة عداوتهم لعائشة رضي الله عنها ، فكيف يأخذوا بقولها ؟
وهؤلاء لا يزالون إلى اليوم يسمون عثمان رضي الله عنه ( نعثل ) .
فهل بلغ حب هؤلاء لعائشة رضي الله عنها أن يتشبّهوا بها حتى في اللفظ !!!
وأما قوله : ( فما هو سبب خروجها على إمام زمانها الذي يستوجب الخروج عليه الموت على غير دين الإسلام وشق عصا المسلمين ؟ )
أقول : هي لم تَخرَج عليه ، بل خَرَجتْ رجاء أن يُصلح الله بها بين فئتين .
فقد أرسلت عائشة إلى عليّ تُعْلِمه أنها إنما جاءت للصلح . كما في كُتب التواريخ .
وقد تقدّم أنها أثَنَتْ على عليّ رضي الله عنه ، وأثنى عليها .
كما أنها ندِمت في خروجها ذلك لما كان فيه ، مع أنها لم تخرج أصلا إلا للإصلاح .
قالت عائشة لابن عمر : ما منعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : رأيت رجلا قد استولى على أمرك ، وظننت أنك لن تخالفيه . يعني ابن الزبير قالت : أما أنك لو نهيتني ما خرجتُ .
ثم إن الذي أنشب الحرب هم أهل الفتنة ودعاتها والذين تستّروا بحبّ عليّ رضي الله عنه .
وهم الذين كانوا يُخالِفون علياً ، إن أمرهم لم يأتمروا ، وإن نهاهم لم ينتهوا .
وهذا هو شأن أدعياء المحبة
في كل زمان ومكان .
وهل ما قاله الصفّار من دعوى أن عمار بن ياسر رضي الله عنه هو الذي قاد الثورة ضد عثمان رضي الله عنه ينطبق عليه قولك هنا في حق عائشة رضي الله عنها ؟
مع أننا نُبرئ عمار بن ياسر وعائشة
من ذلك .وأنتم تُثبتونه ؟
فأجيبوا عما أثبتموه في ضوء ما قررته من قولك : (الذي يستوجب الخروج عليه الموت على غير دين الإسلام وشق عصاالمسلمين ؟) .