
فِي إِحْدَى الْلَّيَالِي رَأَى الْشَّاب أَبُو الْوَلِيّد فِي مَنَامِه أَنَّه يَقْرَأ سُوْرَة يُوَسُف فَاتَّصَل عَلَى أُخْتِه وَقَص لَهَا الْرُّؤْيَة، فَقَصَّتْهَا أُخْتِه عَلَى أَحَد الْمُعَبِّرِيْن، فَأَوْلِهَا أَن أَخَاهَا سَيُحَاصِر مَع 12 رَجُلا آَخَرِين فِي أَرْض أَجْنَبِيَّة.. مِن هُنَا تَبْدَأ قُصَّة الْشَّاب أَبُو الْوَلِيّد ابْن الـ 34 رَبِيْعا ، وَالَّذِي وُلِد فِي السَّعُوْدِيَّة ، وَجَاهَد فِي أَفْغَانِسْتَان ، وَمَات فِي أَرْض الْشِّيْشَان.
قصة مقتل القائد خطاب
بقلم : القائد أبوالوليد الغامدي
الْمُحْتَوَى:
لَقَد كَان مَقْتَل الْقَائِد (خطَاب) رَحِمَه الْلَّه تَعَالَى فَاجِعَة وَمُصِيْبَة اصِيبَت بِهَا الْأُمَّة ، نَسْأَل الْلَّه عَز وَجَل أَن يَتَقَبَّلَه مِن الْشُّهَدَاء ، وَلَمَّا كَان الْأَمْر كَذَلِك كَثُر الْلَّغَط بَيْن الْنَّاس .. فَمَن مُكَذِّب لِلْخَبَر إِلَى مُتَّهَم لِحَرَس الْقَائِد خِطَاب بِالْخِيَانَة إِلَى غَيْر ذَلِك مِن الْتَّحْلِيلِات وَالتَّفْسِيْرَات ، لِذَلِك رَأْيُنَا أَن مِن وَاجِبِنَا تَجْلِيَة هَذَا الْأَمْر بِوُضُوْح حَتَّى يِنّشِغِل الْشَبَاب بِمَا يَنْفَع أُمَّتِهِم وَبِمَا هُو أَهَم وَاللَّه الْمُسْتَعَان ، وَفِي الْرِّسَالَة الْتَّالِيَة لِلْقَائِد " أَبُو الْوَلِيّد" تَوْضِيْح وَبَيَان لْمَلابِسَات مَقْتَل الْقَائِد (خطَاب) رَحِمَه الْلَّه تَعَالَى وَتَقَبَّلْه مِن الْشُّهَدَاء وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَا بِاللَّه الْعَظِيْم :
الْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن وَالْصَّلاة وَالْسَّلام عَلَى رَسُوْل الْلَّه
فَهَذِه قِصَّة أَسْتِشْهَاد الْقَائِد خِطَاب يَرْحَمْه الْلَّه ...
لَقَد خُطِّط أَعْدَاء الْلَّه لِهَذِه الْعَمَلِيَّة الجَبَانَه لِمُدَّة سِنِّه وَهَذَا بِإِعْتِرَافِهُم بِأَنْفُسِهِم وَأَظُن ذَلِك صَحِيْحا لِأَن أَحَد الْمُتَّهَمِيْن بِقَتْل (خطَاب) رَحِمَه الْلَّه لَم يَكُن لَه إِلَّا سِنِّه وَاحِدَه يَعْمَل مَع خِطَاب رَحِمَه الْلَّه وَقَد كَان كَثِيْرا مِن الْإِخْوِه يَحْذَرُون مِنْه وَأَنَّه يَعْمَل مَع الْإِسْتِخْبَارَات وَتَأَكَّد هَذَا الْأَمْر مِن أَكْثَر مِن جِهَه بَل إِن صَاحِبِه الَّذِي يَعْمَل مَعَه الْمُتَّهَم الْثَّانِي لَم يُنْكِر ذَلِك وَقَال عَمَلُه هَذَا فَقَط مِن أَجْل الْطَّرِيْق وَإِدْخَال ألْأَغْرَاض الْخَطِيْرَه وَأَكَّد هُو بِنَفْسِه أَنَّه لَايُعْمَل مَعَهُم أَي مَع أَلْإِسْتِخْبَارَات مُوَالَاة لَهُم وَإِنَّمَا مِن أَجْل خِدْمَة الْمُجَاهِدِيْن .
وَكَان (خطَاب) رَحِمَه الْلَّه حُذِّر جِدّا فِي الْتَّعَامُل مَعَهُمَا فَكَان لايَتَقَابِل مَعَهُمَا إِلَّا نَادِرَا جَدَّا وَفِي مَكَان بَعِيْد عَن مَكَان تَوَاجُدِه هَذَا، كَان فِي بِدَايَة الْأَمْر وَكَان الْإِعْتِماد عَلَيْهِمَا فِي إِحْضَار الْأَغْرَاض قَلِيْل وَذَلِك لِوُجُوْد مَن يَحْضُر الْأَغْرَاض مِن الْخَارِج وَأَكْثَر ثِقَة مِن هَذَيْن الْشَّخْصَيْن رَغْم أَنَّهُمَا أَسْرَع مِن يُحَضِّر هَذِه الْأُمُوْر وَأَكْثَر قُدْرَة وَجَرَّأَه مِن غَيْرِهِمَا وَاسْتَمَر الْوَضْع عَلَى هَذَا الْحَال لِعِدَّة أَشْهُر أَظْهِرَا خِلَال هَذِه الْفْتْرَه تَعَاوُنا كَبِيْرَا وَعُرْفا خِلَالَهَا كُل الْطُرَّق الَّتِي مِن خِلَالِهَا نَدْخُل أُمَوِر كَثِيْرَه أُخْرَى فَبَلِّغُوا عَن هَذِه الْطُّرُق وَعَن الْمُتَعَاوِنِيْن مَعَنَا الَّذِيْن يَأْتُوْن لَنَا بِالْأَغْرَاض مَن الْخَارِج فَأَغْلَقَت هَذِه الْطُّرُق كُلِّهَا وَقُبِض عَلَى أَكْثَر الْمُتَعَاوِنِيْن مَعَنَا وَلَم يَبْقَى إِلَّا هَذَا الْطَّرِيْق مَع هَذَيْن الْشَّخْصَيْن ، وَزَادَت الْشُّكُوْك وَعَدَم الْثِّقَه فِيْهِمَا وَحَذَّر الْإِخْوِه أَخُوْنَا خِطَاب مَرَّة ثَانِيَه مِنْهُمَا وَلَكِنَّه كَان يَقُوْل رَحِمَه الْلَّه لَو يُرِيْدَان أَن يَعْمَلَا شَيْئ لعَملَاه مُنْذ سَنَه وَرَغِم هَذَا سَأَكُوْن حَذِرَا إِن شَاء الْلَّه وَكَان يَظُن خَطَرِهِمَا يَكْمُن فِي تَبْلِيْغ الْعَدُو عَن مَكَان تَوَاجُدِه وَلَكِنَّهُمَا أَتَيَاه مِن مَأْمَن أَخْزَاهُما الْلَّه , وَاسْتَمَر الْوَضْع بِهَذِه الطَّرِيْقَه يَأْتِيَانِه بِالْأَمْوَال وَالرَّسَائِل وَالأجَهَزّه الاسِلكِيْه مِن الْبَلَد الْمُجَاوِر وَعِنْدَمَا جَاء الْمَوْعِد الَّذِي تَو اطِئُوا عَلَيْه وَضَعُوُا لَه سْمَا قَوِيّا فِي إِحْدَى الْرَّسَائِل الْمْرَسُولِه مِن أَحَد الْإِخْوِه الْعُرْب فِي الْبَلَد الْمُجَاوِر وَكَانَت هَذِه الْرِّسَالَه مْرَسُولِه مِن قَبْل وَكَانَت فِي حَوْزَتِهِم وَذَلِك أَن تَارِيْخ هَذِه الْرِّسَالَه لَم يَكُن مُطَابِقَا لِلرَسائِل الَّتِي جَائَت مَعَهَا بَل أَقْدَم مِنْهَا بِأَكْثَر مِن أُسْبُوْعَيْن مَع الْعِلْم أَن الْكَاتِب وَاحِد , وَاحْضُرُوا هَذِه الْرَّسَائِل مَع بَعْض الْأَغْرَاض وَسَلَّمُوْهَا لِحَرَس (خطَاب) وَقَالُوْا لَهُم إِن فِيْهَا رَسَائِل مُهِمَّه جَدَّا يَجِب أَن تَصِل إِلَى (خطَاب) بِأَسْرَع وَقْت وَفِعْلَا أَخَذ الْحَرَس الْأَغْرَاض وَالرَّسَائِل وَخَاطَرُوْا بِأَنْفُسِهِم مِن أَجْل إِيْصَال الْرَّسَائِل فِي أَسْرَع وَقْت وَوَقَعُوا فِي كَمَيْن قُتِل فِيْه أَحَد الْإِخْوِه الْمُجَاهِدِيْن وَتَرَكُوْا كُل الْأَغْرَاض وَأَخَذُوا الْكَيِّس الَّذِي فِيْه الْرَّسَائِل فَقَط لِظَنِّهِم أَن فِيْه رَسَائِل مُهِمَّه وَمَا عَلِمُوْا أَن فِيْه مَصِيْر قَائِدَهُم وَحَبِيْبِهِم , وَّوَصَلُوْا إِلَى خِطَاب وَكَعَادَتِه يَرْحَمْه الْلَّه بَدَأ يُقَلِّب الْرَّسَائِل وَأَخَذ الَّتِي مَكْتُوْبَه بِالْعَرَبِي وَهَذِه الْرِّوَايَه يَنْقُلُهَا لِي أَلإِخْوّة الَّذِيْن كَانُوْا مَع خِطَاب رَحِمَه الْلَّه فَيَقُوْلُوْن :
عِنْدَمَا فُتِح خِطَاب الْرِّسَالَه لَاحَظْنَا أَن الْرِّسَالَه لَيْسَت كَالَّرَّسَائِل الْعَادِيَه لِأَن عَلَيْهَا مِثْل الْغِشَاء الْبَلاسْتِيكِي وَكُنَّا نَظُن أَن هَذَا الْوَرَق مِن الْنَوْع الَرَاقِي وَقُلْنَا لَه مَازِحَيْن أَكِيْد هَذِه الْرِّسَالَه مِن نَاس كِبَار مَع أَن الشَّك يُسَاوِرُنَا لِأَن وَرَقُهَا غَيْر طَبِيْعِي وَكُنَّا نُرِيْد أَن نُنَبِهَه عَلَى ذَلِك وَلَكِن نَحْن نَعْلَم أَنَّه أُفُّهُم وَأَعْرِف مِنَّا فِي هَذِه أَلْأُمُوْر وَلَكِن إِذَا حَضَر الْأَجَل عُمْي الْبَصَر ، وَكَان رَحِمَه الْلَّه يَقْرَأ الْرِّسَالَه وَهُو يَأْكُل مِمَّا جَعَل الْسُّم يُدْخِل إِلَى جَوْفِه مُبَاشَرَه وَبَعْد عِدَّة دَقَائِق بَدَأ يَشْعُر بِدَوَرَان وَبِغَشاوِه عَلَى عَيْنَيْه وَكَان يُظَن ذَلِك مِن أَثَر الصِّيَام لِأَنَّه كَان صَائِمَا فِي نَهَار ذَلِك الْيَوْم ثُم ذَهَب إِلَى الْفِرَاش لِيَأْخُذ قِسْطَا مِن الرْحَه ثُم عَاد بَعْد بَعْض الْوَقْت لِيَقْرَأ الْرِّسَالَه مَرَّة ثَانِيَه وَلَكِنَّه لَم يَعُد يَرَى الْكِتَابَة بِوُضُوْح وَشَعْر بِإِرْهَاق شَدِيْد جِدّا ثُم نَام إِلَى الْصَّبَاح وَبَعْد صَلَاة الْفَجْر بَدَأ يَشْعُر بِضِيْق الْتَّنَفُّس وَعَدَم وُضُوْح الْرُؤَيَه وَقَال لِلَّذِيْن مَعَه أَجْمَعُوَا الْأَغْرَاض حَتَّى لَو حَصَل أَي شَيْئ نَتَحَرَّك بِسُرْعَه وَهَذِه عَادَت كُل الْمُجَاهِدِيْن فَجَمَع أَمِيْر الْحَرَس الْأَغْرَاض وَالرَّسَائِل بِمَا فِيْهَا تِلْك الْرِّسَالَه الْمَسَمُوْمِه وَجَاء وَقْت صَلَاة الْظُّهْر فَلَم يَسْتَطِع أَن يَأْم الْإِخْوَة فِي الصَّلَاة وَقَدَّم امِيْر حَرَسَه فِي الْصَّلاة وَبَعْد إِنْتِهَاء الصَّلَاة اشْتَد بِه الْأَلَم ثُم سَجَد وَبَدَأ يُرَدِّد :
لَاإِلَه إِلَّا الْلَّه ..
لَاإِلَه إِلَّا الْلَّه ..
لَاإِلَه إِلَّا الْلَّه
ثُم سَكَت وَغَاب عَن وَعْيِه رَحِمَه الْلَّه ثُم اتَّصَل أَمِيْر الْحَرَس بِأَحَد الْإِخْوِه الْأَنْصَار لِيَرَى الْأَمْر وَعِنْدَمَا حَضَر هَذَا الْأَخ بَدَأ يَرْقِيه بِالْقُرْآَن وَقَال يَجِب إْسْتِدْعَاء الْطَّبِيْب وَهُو أَحَد الْمُجَاهِدِيْن الْأَنْصَار وَعِنْدَمَا حَضَر هَذَا الْطَبِيْب مِن مَسَافِه بَعِيْدَه وَمِن مَكَان خَطِيْر وَرَأَى (خطَاب) رَحِمَه الْلَّه وَكَان الْعَرَق يَتَصَبَّب مِنْه بِشَكْل كَثِيف جَدَّا وَرَأَى مِنْه اعْرَاض اخْرَى فَعَرَف انَهَا اعْرَاض تُسَمَّم فَسَأَل الْإِخْوِه مَالَّذِي اكَل فَأَخْبَرُوْه أَنَّهُم أَكَلُوْا جَمِيْعَا مِن إِنَاء وَاحِد وَشَرِبُوا مِن إِبْرِيْق وَاحِد وَأَنَّه لَم يَتَفَرَّد عَنْهُم بِطَعَام أَوْشَرَاب مِن مُدَّة لَيْسَت بِالْقْصِيْرِه وَلَكِنَّهُم مُبَاشَرَة تَذَكَّرُوْا الْرِّسَالَه فَرَأَهَا الْطَّبِيْب وَأَكَّد أَنَّهَا مَسْمُوْمَه وَأَمَر مَن لَمَس الْرِّسَالَة بِغَسْل يَدِه جَيِّدَا وَقَال إِن (خطَاب) فِي حَالِه خَطِيَرَه جَدَّا وَيَجِب لَه عَمَلِيَّة غَسِيْل مَعِدَه وَلَكِن مَن سَيَقُوْم بِهَذِه الْعَمَلِيِّه وَأَيْن ؟ لَقَد كَان الْإِخْوِه فِي مَوْقِف صَعْب جِدّا وَلَا يَعْرِفُوْن مَاذَا يَفْعَلُوْن فَأَمِيْرِهُم وَقَائِدُهُم وَاحْب الْنَّاس إِلَيْهِم يَلْفِظ أَنْفَاسَه بَيْن أَيْدِيَهِم وَلَا يَسْتَطِيْعُوْن تَقْدِيْم أَي شَيْئ لَه وَمَاذَا عَسَاهُم أَن يَفْعَلُو وَهُم فِي الْغَابَات لامُسْتَشْفِى وْلادَوَاء وَلَكِن أَحَدُهُم اتَّصَل بِجِهَاز الْلَّاسِلْكِي وَسَأَل عَن دَوَاء ضِد الْتَسَمُّم وَلَكِنَّه لَم يَجِد وَفِي هَذَا الْوَقْت أَسْلَم (خطَاب) رَحِمَه الْلَّه الْرُّوْح إِلَى بَارِيْهَا فِي هُدُوُء وَطُمَانِينِه نَسْأَل الْلَّه أَن يَتَقَبَّلَه فِي عِدَاد الْشُّهَدَاء وأَلايُحَرَّمْنا أَجْرُه وَلايفَتِنا بَعْدِه وَأَن يُعُوظنّا خَيْرامْنّه.
وَفِي صَبِيّحَة الْيَوْم الْثَّانِي دَفَنُوه رَحِمَه الْلَّه فِي مَكَان آَمِن وَتَعَاهَدُوْا فِيْمَا بَيْنَهُم أَلَا يُخْبِرُوَا أَحَدا بِإِسْتِشَّهَادِه قَبْل أَن يُخْبِرَونَنِي كَمَا تَعَاهَدُوْا أَيْضا أَلايُخْبِّرُوا أَحَدَا غَيْرِي بِمَكَان قَبْرِه ، وَمَا زَالُوا عَلَى هَذَا الْعَهْد وَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَه وَمِنْهُم مَّن يَنْتَظِر وَنَسْأَل الْلَّه عَز وَجَل أَن يُثَبِّتَهُم وَأَلَا يُبَدِّلُوْا .
وَفِي صَبِيّحَة الْيَوْم الْثَّانِي مِن دَفْنِه رَحِمَه الْلَّه بَدَأَت أَلْإِنُزالَات وَالْقَوَافِل الْرُوْسِيَّة تَتَدَفَّق عَلَى الْمَنْطِقَه بِشَكْل كَثِيف جَدَّا وَبَدَأْو بِالتَّفْتِيْش فِي كُل مَكَان وَبِشَكْل دَقِيْق جَدَّا لِأَكْثَر مِن اسَبُوْعَيْن وَفِي اثْنَاء هَذَا الْتَّفْتِيْش كَان أَثْنَيْن مِن أَلإِخُوه الَّذِيْن يَعْرِفُوْن مَكَان الْقَبْر يَتَسلَلَان ليُمُوَهَان الْقَبْر لِأَنَّه كَان فِي تِلْك الْفْتْرَه أَمْطَار كَثِيْرُه مِّمَّا أَدَّى إِلَى نُزُوْل الْقَبْر أَلْأَمْر الَّذِي رُبَّمَا يَأْدِي إِلَى كَشْف الْقَبْر ,وَلَم تَكُن هَذِه الْحَمْلِه فِي هَذَا الْوَقْت بِالذَّات مُجَرَّد حَمَلَه عَادِيَّه كَكُل الْحَمَّلات الْسَّابِقَه بَل هِي إِمْتِدَاد لِعَمَلِيَّة اغْتِيَال الْقَائِد (خطَاب) وَالْلَّه تَعَالَى أَعْلَم وَذَلِك لِعِدَّة أُمُوْر مِنْهَا أَن الْسُّم كَان مِن الْمَفْرُوْض أَن يَكُوْن مَفْعُوْلَه بَعْد ثَلَاثَة أَيَّام وَهَذَا مَاحَصَل بِالْفِعْل لِأَمِير الْحَرَس فَقَد تَأَثَّر فِي هَذَا الْوَقْت وَبَدَأَت مَعَه تِلْك الْأَعْرَاض مِن عَدَم وُضُوْح الْرُؤَيَه وَضِيْق الْتَّنَفُّس عَلَى الْرَّغْم مِن أَنَّه لَمَس الْرِّسَالَه فَقَط عِنْدَمَا جَمْع الْرَّسَائِل كَمَا ذَكَرْنَا أُنُفَا وَلَكِنَّه ذَهَب بَعْد إِصْرَار أَلإِخْوّة عَلَيْه إِلَى احَد الْأَطِبَّاء الْمُتَعَا وِنِيَن مَعَنَا فِي أُحْدَى الْمُدُن الْبَعِيدَه وَأَخْبَرَه الْطَّبِيْب أَن فِي دَمِه سَم وَيَجِب أَن يُتَعَالَج بِأَسْرَع وَقْت , كَذَلِك مِن تِلْك أَلْأُمُوْر أَن الْرُّوْس عِنَدَمّا أَعْلَنُوْا عَن اسْتِشْهَاد (خطَاب) رَحِمَه الْلَّه ذُكِّرُوْا تَارِيْخ يَوْم اسْتِشْهَادُه مَع الْعِلْم انَّهُم لَم يَتَأَكَّدُوْا مِن اسْتِشْهَادُه إِلَا عِنْدَمَا وَقَع الْشَّرِيط فِي أَيْدِيَهِم بَعْد ثَلَاثَه أَسَابِيْع تَقْرَيْبَا كَمَا سَنَذْكُر إِنْشَاء الْلَّه تَعَالَى .
وَهَذَا أَلْأَمْر يَدُل عَلَى أَنَّهُم كَانُوْا يُرِيْدُوْن الْقَبْض عَلَى (خطَاب)عِنَدَمّا يَكُوْن عَاجِزِا عَن الْحَرَكَه مِن أَثَر الْسُّم وَذَلِك بَعْد أَن عَجَزُوُا وَلَم يَسْتَطِيْعُوْا الْقَبْض عَلَيْه أَو قَتَلَه وَهُو بِصِحَّتِه فَكَم مِن الْمَرَّات حَاصَرُوْه بِآِلَاف الْجُنُوْد وَفْق معلوّمَات أَكِيْدَة بِمَكَان تَوَاجُدِه وَلَكِن الْلَّه عَز وَجَل يُخْرِجُه مِن بَيْن أَيْدِيَهِم فِي كُل مَرَّه سَالِمَا غَانِمَا فَلَه الْحَمْد وَالْشُّكْر , وَلَكِن لِكُل أَجَل كِتَاب .
وَبَعْد إِنْتِهَاء الْتَفْتِيْش فِي تِلْك الْمَنْطِقَه اتَّصَل بِي أَحَد أَلإِخُوه وَقَال لِي (خطَاب) يَقُوْل لَك تَعَال بِأَسْرَع وَقْت هُو يَحْتَاجُك ضَرُوْرِي جَدَّا وَمُبَاشَرَة تَحَرَّكَت وَوَصَلَت إِلَى الْمَنْطِقَه الَّتِي تَرَكْتُه بِهَا مِن قَبْل ، وَإِذَا بِي افَاجِئ بِخَبَر كَالصَّاعِقِه نَزَل عَلَي وَلَم أُصَدِّق أَبَدا وَوَاللَّه لِااسْتَطِيْع أَن اصِف شُعَوُري فِي تِلْك الِلَّحَظَات الْعَصِيبَة وَوَاللَّه مَا أَتَذَكَّر أَنَّنِي سَمِعْت خَبَرَا فِي حَيَاتِي أَشَد عَلَيْه مِن هَذَا الْخَبَر ......
وَفِي هَذَا الْيَوْم أُعْلِن الْرُّوْس مَقْتَل (خطَاب) وَذَلِك قَبْل أَن أَعْرِف الْخَبَر بِسَاعَه وَاحِدَة فَقَط وَعِنْدَمَا تَقَابَلَت مَع أَلإِخُوه وَأَخْبَرُوْنِي الْقِصَّة بِالْتَفْصِيْل وَشَاهَدْت الْفِلْم وَأَخَذْت بَقِيَّة الْرَّسَائِل . وَكَان مِن بَيْن الْرَّسَائِل رِسَالَه مِن الْشَّخْصَيْن الْمُتَّهَمِيْن فِيْهَا عُنْوَان لَهُمَا وَرَقْم تِلِفُون وَهَذِه أَوَّل مُرِّه يَفْعَلَان هَكَذَا ! !
وَمُبَاشَرَة أَعْلَنْت عَدَم صِحَّة خَبَر اسْتِشْهَاد (خطَاب) وَذَكَرْت لِلْإِخْوَة فِي الْمُخَابَرَة أَن هَذَا الْأَمْر إشَاعَات مِثْل الْعَادَه وَطَلَبَت مِنْهُم أَن يُخْبِرُوَا الْإِخْوَة الَّذِيْن فِي الْبَلَد الْمُجَاوِر الَّذِيْن أُرْسِلُوْا الْرَّسَائِل أَن (خطَاب) يَقُوْل لَهُم أَن الْرَّسَائِل الَّتِي أُرْسِلَت مُؤَخَّرَا لَم تَصِل إِلَيْه لِأَن أَلإِخْوّة الَّذِيْن كَانَت مَعَهُم الْرَّسَائِل وَقَعُوْا فِي كَمَيْن وَّفَقَدُوْا الْرَّسَائِل فَإِذَا كَان فِي الْرَّسَائِل شَيْئ مُهِم فَأَرْسَلُوْا غَيْرَهَا , وَكُنْت عَلَى يَقِيْن أَن الْعَدُو يَسْمَعُنِي وَهَذَا الَّذِي كُنْت ارِيْد وَتَوَقَّف الْعَدُو بَعْد ذَلِك عَن الْحَدِيث عَن مَقْتَل (خطَاب) وَظَنُّوٓا أَن الْرَّسَائِل فِعْلَا لَم تَصِل إِلَيْه وَلَكِن عِنْدَهُم شَك كَبِيْر وَذَلِك بِسَبَب أَن أَلإِخُوه تَكَلَّمُوْا بِالْمُخَابَرَة وَطَلَبُوا دَوَاء لِلْتَسَمُّم كَمَا ذَكَرْنَا مِن قِبَل.
وَكُنْت أَسْعَى مِن وَرَاء هَذَا الْعَمَل أَن أُطَمْئِن الْمُتَّهَمِيْن لِيَحْضُرَا وَنَحْن أَرْسَلْنَا لَهُمَا خَبَر بِأَن (خطَاب) يَطْلُبُهُمَا لِعَمَل مُهِم وَلَكِنَّهُمَا كَانَا مُخْتَفِيَيْن وَطَلَب مِنِّي الْإِخْوَة أَن ارْسِل أَشْخَاص إِلَى الْعُنْوَان الَّذِي كَتَبَاه أَو نَتَّصِل عَلَى ذَلِك الْتَّلِفُون وَلَكِنِّي رُفِضَت ذَلِك لِأَنِّي كُنْت مُدْرِك أَنَّهُمَا كُتُبَا الْعُنْوَان وَرَقْم الْتَّلِفُون مِن أَجْل أَن يَتَأكّدا أَن الْرِّسَالَة قَد وُصِلَت إِلَى خِطَاب وَإِلامِن أَيْن لَنَا بِالْعُنْوَان وَرَقْم الْتَّلِفُون وَكَانَت هَذِه حِيَلِه مِن الْإِسْتِخْبَارَات وَلَكِنَّهَا وَلِلَّه الْحَمْد لَم تَنْطَلِي عَلَيْنَا ..
وَبَعْد أَيَّام قَلِيْلُه ظَهَر هَذَان الْشَّخْصِان مِن جَدِيْد فِي الْبَلَد الْمُجَاوِر وَلَكِنَّهُمَا خَائِفَان مِن الْمَجِيئ إِلَيْنَا فَالشَّك لَايَزَال يُسَاورْهُما وَقَالَا للْمْرَسُوّل إِذَا كَان (خطَاب) فِعْلَا يُرِيْدُنَا فَلْيَكْتُب لَنَا رِسَالَة يَطْلُب مِنَّا فِيْهَا الْمَجِيئ وَهَذَا الْأَمْر لَيْس مِن عَادَتِهِمَا أَبَدا , فَأَرْسَلَت عَن طَرِيْقُهُمَا رَسَائِل كَان خِطَاب رَحِمَه الْلَّه قَد كَتَبَهَا قَبْل اسْتِشْهَادُه بِأَيَّام وَأُرْسِلْت مَع هَذِه الْرِّسَالَه خَبَر بِاسْم (خطَاب) أَنَّكُمَا إِذَا لَم تَأْتِيَا بِسُرْعَه فَسَوْف اقْطَع الْتَّعَامُل مَعَكُمَا وَبَعْد وُصُوْل هَذَا الْخَبَر لَهُمَا وَعْدا بِالِمَجِيئ خِلَال أُسْبُوْع وَفِي هَذَا الْوَقْت أُمِرْت الْإِخْوِه بِأَن يُوَاصِلُوٓا كِتْمَان الْخَبَر وَأَن يُدْفَنَا الْشَّرِيط وَالرْسَالُه حَتَّى يَأْتِي الْمُتَّهَمَان ونْقْبض عَلَيْهِمَا فَالخَطَّة تُسَيِّر كَمَا نُرِيْد ..
وَتَحَرَّكَت إِلَى مِنْطَقَة ثَانِيَة لِأُرَتِّب فِيْهَا بَعْض أَلْأُمُوْر حَتَّى يَحْضُر هَذَان الْشَّخْصِان وَلَكِن أَمِيْر الْحَرَس غَفَر الْلَّه لَنَا وَلَه أَجْتَهِد وَأَخَذ الْشَّرِيط وَالرْسَالُه وَبَقِيَّة أَغْرَاض (خطَاب) وَذَهَب بِهَا إِلَى قَرْيَة مُجَاوَرَة لَايُوْجَد فِيْهَا تَفْتيْشَات كَثِيْرَة وَالِمُتَهْمَان وَعْدا بِالِمَجِيئ إِلَيْهَا وَفِي الْطَّرِيْق وَقَع فِي كَمَيْن وَقَتَل رَحِمَه الْلَّه وَاخِذ الْشَّرِيط وَالرْسَالُه وَبَقِيَّة ألْأَغْرَاض وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِالْلَّه وَهَكَذَا تَأَكَّد أَعْدَاء الْلَّه مِن مَقْتَل (خطَاب) رَحِمَه الْلَّه وَلَم يَأِتِي الْمُتَّهَمَان وَعُرْفا مَاذَا نَنْوِي وَلَكِن أَحَدُهُمَا قَتَلَه أَلَأَبْطَال فِي تِلْك الْبِلاد الْبَعِيدَه وَأَمَّا الْأَخَر فَإِلَى الْأَن لَم نَجِدْه ومُطَارَدَتِه مُسْتَمِرَّه وَسَوْف يَلْحَق بِأَخِيْه هُو وبَوتُن بِإِذْن الْلَّه تَعَالَى وَلوَبَعد حِيْن .
هَذِه قِصَّة اسْتِشْهَاد الْقَائِد الْبَطَل الْمِغْوَار (خطَاب) رَحِمَه الْلَّه تَعَالَى وَتَقَبَّلْه فِي عِدَاد الْشُّهَدَاء رُبَّمَا يُسْأَل سَائِل لِمَاذَا (خطَاب) لَم يَقْتَنِع بِكَلَام الْمُجَاهِدِيْن مِن حَوْلَه وَيَبْتَعِد عَن هَذَيْن الْشَّخْصَيْن فَأَقُوْل هُنَاك سَبَبَيْن رَأَيسِيِّين :
أَوَّلُهُمَا: أَنَّه كَان رَحِمَه الْلَّه حَرِيْصَا عَلَى مُتَابَعَة الْأُمُور بِنَفْسِه بِحُكْم الْأَمَانَه المَلْقَاه عَلَى عَاتِقِه وَحَقِيْقَة أَنَا أَشْعُر الْآَن بِهَذَا الْشُعُور الَّذِي لَم أَكُن أَشْعُر بِه مِن قَبْل فَإِذَا كَان الْمَسْؤُوْل لايُتَابِع الْأُمُور بِنَفْسِه رَغْم الْأَخْطَار فَإِن الْعَمَل لايَسِيّر عَلَى الْوَجْه الْمَطْلُوْب ..
وَالْأَمْر الْثَّانِي: أَن أَحَد هَذَيْن الْشَّخْصَيْن كَان مُجَاهِدَا مَعَنَا فِي الْحَرْب الْأُوْلَى وَكَان (خطَاب) رَحِمَه الْلَّه يَقُوْل للأَخُوه هَذَا الْأَمْر وَالإِخُوه يَقُوْلُوْن لَه إِن قَدِيَرُوف وَسَلَّم وَغَيْرِهِمَا كَانُوْا مِن الْمُجَاهِدِيْن فِي الْحَرْب الْمَاضِيَة وَلَكِن إِذَا جَاء الْقَدَر لَم يُنَجِّي الحَذِروَلِكل أَجَل كِتَاب .
وَرُبَّمَا يُسْأَل سَائِل آَخَر لِمَاذَا تَأَخَّرَت كِتَابَة الْقِصَّه إِلَى الْآَن فَأَقُوْل وَالْلَّه لَم أَكُن أَعْلَم أَن قِصَّة اسْتِشْهَاد أَخُوْنَا رَحِمَه الْلَّه غَيْر وَاضِحَه إِلَا عِنْدَمَا قَرَأْت كُتَيِّب عَنْه رَحِمَه الْلَّه وَلَاحَظْت أَن قِصَّة اسْتِشْهَادُه غَيْر دَقِيْقَه بَل فِي إِحْدَى الرِّوَايَات إِتِّهَام لِحَرَسِه بِالْخِيَانَة وَهَذَا مَالَم يَكُن ابَدَا فَشَّهَادَة لِلَّه أَنَّهُم مِن خِيْرَة الْمُجَاهِدِيْن وَلَم يَبْقَى مِنْهُم إِلَّا أَثْنِيَن وَالْبَقِيَّة لَحِقُوا بِأَمِيْرِهِم.
نَسْأَل الْلَّه أَن يَجْمَعْنَا وَإِيَّاهُم فِي جَنَّتِه وَدَار كَرَامَتِه , فَرَأَيْت مِن وَاجِبِي أَن أَجَلَي الْأَمْر وَلَيَسْتُفِيد الْمُسْلِمُوْن مِن هَذِه الْقِصَّة
هَذَا وَاللَّه أَعْلَم وَصَلَّى الْلَّه عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد
كَتَبَه: ابُو الْوَلِيّد عَبْد الْعَزِيْز الْغَامِدِي
صَفَر1424هـ
الْشِّيْشَان