س8 : ما حكم الشرع في نظركم فيمن يصفون أئمتهم أنهم معصومون ، ويقولون إنهم أرباب الظهور ، وألباب الدهور ، والعلماء بخفيات الأمور ؟
الجواب : من زعم أن أئمة الشيعة الرافضة الاثني عشر هم يعلمون الغيب ،أو أنهم معصومون ، أو أنهم يعلمون خفيات الأمور ، خفيات الغيب مما كان أو يكون هذا ردة عن الإسلام ، يقول الله – عز وجل - : { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله }.
ويقول الله – جل وعلا – عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن اتبع مايوحى إلي } فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نفى عن نفسه أنه يعلم الغيب ، فغيره من باب أولى ، وهكذا قال نوح ،أول الرسل جاء إلى الأرض بعد ما وقع الشرك فيها ، يقول – جل وعلا – عن نوح : { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن اتبع مايوحى إلي } .
فالغيب إلى الله – جل وعلا - ، هو الذي يعلم الغيب ، لا يعلمه عليٌ ، ولا أئمة الشيعة الاثني عشر ، ولا غيرهم ، لا يعلم الغيب إلا الله – سبحانه وتعالى - ، هو الذي يعلم كل شيء ولا تخفى عليه خافية – سبحانه وتعالى - .
والمقصود من هذا كله أن الواجب على جميع المسلمين اتباع ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، والاستقامة على دينه ، وذلك بالإيمان أن محمداً رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ، وأن الله بعثه إلى الثقلين الجن والإنس ، وأن الواجب طاعته واتباع شريعته ، مع الإيمان بإنه لا يعلم الغيب ، ومع الإيمان بأنه يُدعى مع الله ، ولا يستغاث به مع الله ، ولا يعبد مع الله ، وهكذا الصديق ، وهكذا عمر ، وهكذا عثمان ، وهكذا علي ، وهكذا طلحة ، وهكذا الزبير ، وهكذا بقية العشرة ، وهكذا بقية الصحابة ، كلهم لا يعلمون الغيب ، الغيب عند الله ، وكلهم لا يجوز أن يعبدوا من دون الله ، ولا يستغاث بهم ، ولا يطاف بقبورهم ، وعلم الغيب عند الله – سبحانه وتعالى – والله هو الذي يعبد – جل وعلا – دون كل ما سواه ، قال تعالى :{ فاعبد الله مخلصاً له الدين } ، وقال تعالى في سورة البينة : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } ، قال – جل وعلا – في كتابه الكريم : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } وقال سبحانه : { إياك نعبد وإياك نستعين } ، وقال – عز وجل - : { فلا تدعوا مع الله أحداً } فالمقصود أن حق الله هو العبادة ، حقه سبحانه : هو أن يعبد وحده لا شريك ، وأن يطاع أمره ، وأن ينتهى عن نهيه ، وأن يوقف عند حدوده ، أما المخلوق مهما بلغ من الفضل فإنه لا يجوز أن يعبد من دون الله ، لا صديق ولا من دون الصديق ، جميع المخلوقين لا يعبدون من دون الله ، لهم حقهم بحسب طاعتهم لله ، لهم فضل وميزة ، والمنزلة العالية عند الله – جل وعلا – على حسب طاعتهم لله ، وقيامهم بحقه ، والرسل هم أفضل الناس ، ثم يليهم أصحابهم ، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- هو أفضل الناس ، وأصحابه هم أفضل الأمة ، وخير الأمة ، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: ( خير الأمة قرني ثم الذين يلونهم )) وفي اللفظ الآخر : (( خير الناس قرني )) .
فالصحابة هم أفضل الناس بعد الأنبياء – رضي الله عنهم - ، وأفضلهم الصديق أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي – رضي الله عنهم - ، والحسن والحسين من أفضل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، هما سيدا شباب أهل الجنة ، وهكذا عبد الله بن جعفر ، جعفر بن أبي طالب ، والعباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وأولاده كلهم من أهل البيت ولهم فضلهم ، لكن لا يعلمون الغيب ، ولا يجوز أن يعبدوا مع الله – عز وجل - ، وهكذا بقية الصحابة ، وأهل البيت لهم فضلهم ، وهم بنو هاشم ، من استقام منهم على دين الله فله فضله ، ومن حاد عن دين الله ، وخرج عن دين الله فهو الطريد البعيد ، كأبي لهب .
أبولهب مات على الكفر بالله ، وهو عم النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أنزل الله في حقه : { تبت يدا أبي لهب } ، وهكذا أبو طالب ، وهو عم النبي ، نصر النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ولكنه على دين قومه ، وصار أيضاً من أهل النار والعياذ بالله ، وأنزل الله في حقه : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } ,
فالواجب على الشيعة جميعاً ، والواجب على جميع من ينتسب إلى الإسلام أن يعبد الله وحده ، وأن يؤمن بالله ، وأنه هو الإله الحق كما قال تعالى : { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } ، وأن يعبده وحده دون كل من سواه ، وأن لا يعبد معه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ، لا أهل البيت ولا غيرهم ، يجب على الشيعة وغير الشيعة أن يعبدوا الله وحده ، وأن يخصوا الله بعباداتهم ، أما علي رضي الله عنه ... والحسن والحسين وغيرهم ، لهم فضلهم رضي الله عنهم ، وهم من أولياء الله ومن أحباب الله ، لهم فضلهم ، ونترضى عنهم ، ويُدعى لهم بالمغفرة والرحمة ، ولا يجوز سبهم كما لا يجوز سب غيرهم من الصحابة ، ولكن لا يعتقد فيهم أنهم يصلحوا للعبادة ، أو أنهم يعلمون الغيب لأ ، لا يجوز لا للشيعة ولا لغيرهم، يجب الإيمان بأنهم مثل غيرهم ، غير معصومين ، ولا يعلمون الغيب ، لكنهم لهم فضلهم لأنهم من الصحابة ، لهم فضلهم ولهم منزلتهم عند الله ، العباس وأبناءه عبد الله بن عباس وغيره ، هكذا الحسن والحسين ، وهكذا علي هو أفضلهم وأفضل أهل الييت بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وأفضل أهل البيت ، وأفضل الصحابة بعد الصديق ، وبعد عمر وعثمان ، فلهم منزلتهم ولهم فضلهم ، ويجب على الشيعة هداهم الله ، يجب عليهم هداهم الله أن يعرفوا الفضل لأهله ، وأن يؤمنوا بما أخبر الله به ورسوله ، وأن يعتقدوا أن أفضل الأمة الصديق ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، وأن يعرفوا لهم فضلهم ، وأن لا يعتقدوا فيهم خلاف الشرع ، وأن لا يعبدوا أحداً مع الله ؛ بل يخصوا الله بالعبادة دون كل من سواه ، فلا يُدعا إلا الله ، ولا يستغاث إلا بالله ، ولا ينذر إلا لله ، ولا يذبح إلا لله ، هو المستحق للعبادة – سبحانه وتعالى - ، قال تعالى : { قل إني صلاتي ونسكي } يعني ذبحي { ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له } ، وقال علي -رضي الله عنه -في الحديث الصحيح : حدثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأربع كلمات : (( لعن الله من ذبح لغير الله ، لعن الله من لعن والديه ، لعن الله من آوى محدثاً ، لعن الله من غير منار الأرض )) رواه مسلم في الصحيح من رواية علي – رضي الله عنه - ، وبعث أبا الهياج الأسدي ، بعثه علي – رضي الله عنه – قال : أبعثك على ما بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا تدع صورة إلا طمستها ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته )) ، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- بعث علياً - رضي الله عنه – على أن يسوي القبور المشرفة ، وأن يطمس الصور ، فالقبور المشرفة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتسويتها ، وأمر علياً بذلك ، فلا يجوز البناء على القبور لا على قبور أهل البيت ولا على غير أهل البيت ، لايبنى عليها ولا يتخذ عليها المساجد ولا قباب ، لأن هذا وسيلة إلى الشرك ، ولكن تكون ظاهرة مكشوفة ، مثل قبور البقيع الآن مكشوفة ، هذا هو المشروع .
وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن تجصيص القبور والبناء عليها..جاء رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عند مسلم في الصحيح ، وقال - عليه الصلاة والسلام -: (( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) يحذر ما صنعوا ، فالواجب على المسلمين جميعاً الشيعة وغيرهم ، الواجب على الجميع الامتثال لما قاله الله ورسوله ، والطاعة لما أمر به الله ورسوله ، وألا يُبنى على القبور لا مساجد ولا غيرها ، وأن لا يعبدوا أحداً من دون الله ، وأن لا يستغاث بهم ، فلا ينذر لهم ، لا بطن علي ولا غيرهم ، بل يجب أن تكون العبادة لله وحده دون كل من سواه ، والصحابة يدعى لهم ، ويعرف لهم فضلهم ، لكن لا يعبدون مع الله لا علي ولا غير علي . نسأل الله للجميع الهداية ، نسأل الله لنا وللشيعة ، ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق .