بسم الله الرحمن الرحيم و صل اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد ..
أردت بهذا المقال أن أتطرق لموضوع قد نوقش و تكلمنا فيه بكثرة لأنه من أصول الخلاف بيننا و بين الشيعة و من الأمور التي لا يمكن أن يكون ديننا واحد باختلافنا فيها ألا و هو
* تحريف القرآن
لست هنا أريد أن نتناقش في القائلين بالتحريف لكن أريد توضيح امر أراه هاما و قاتلا و ملزما في نقطة بسيطة
و هي جوابنا عن حكم الله (الذي يأمرني به ديني) في القائل بالتحريف
و ليس مرادي أن أعرف جواب هذا السؤال فالجواب من كلا الطرفين معروف و لينظر كل واحد في كل المواضيع التي تعرضت للقول بالتحريف ليجد جواب كل طرف
مرادي هو الإلزام بمنطق كل جواب
* جواب السني : من قال بالتحريف فهو كافر
و من هذا الجواب نستخلص عدة نقاط
1- اتفاق تام بين أهل السنة بهذا الجواب = كل أهل السنة ينفون التحريف
2- لا يري سني أن أحدا من المسلمين يقول بالتحريف = لا يجد حرجا في تكفير من قال بالتحريف رغم أن الشيعة يقولون بأن هناك من أهل السنة و من علمائها أو من الصحابة من يرى التحريف = يبرؤون كل أهل السنة من القول بالتحريف لأنهم لو شكوا أو صدقوا أن فيهم من يقول بالتحريف لترددوا في الإجابة مباشرة بكفر من قال ذلك
3- السني لا يقبل على كتاب الله أن يقال فيه أنه محرف = متأكد و مؤمن بقول الله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ = مؤمن حقا لأنه لم يشك ابدا في قول الله تعالى و مسلم لأنه سلم قلبه لله فلا يرد أمرا كتبه الله و قدره في كتابه الكريم
4- السني يعتبر القائل بالتحريف خارج من الدين الذي ارتضاه الله لعباده = ليس مسلما من يعتقد التحريف = هو لا يعتقد بالتحريف
* أما جواب الشيعي : ........ أو .........
و من هذا الجواب نستخلص ما يلي :
1- اختلاف تام بين الشيعة في الجواب عن السؤال = ليس كل الشيعة ينفون التحريف = يبقى شيعيا من قال بالتحريف
2- يعتقد الشيعة أن فيهم من يقول بالتحريف من العلماء و الأئمة و غيرهم = يعتقدون بأن اتهام السنة لهم بالقول بالتحريف حق رغم أنهم ينفونه بشدة و يبرؤون علماءهم من القول بالتحريف = هم بين نارين إما الاعتراف بأن فيهم من يعتقد بالتحريف و يقول به أو يسقطوا حكم الله عليهم فيسقط دينهم = جوابهم اعتراف ضمني بأنهم يقولون بالتحريف و رغم ذلك لا يسقطون الحكم على القائل لأن دينهم يعتمد عليهم و لأنهم يعلمون الحكم الواضح البين لكن يخفونه و يهربون منه
3- الشيعي يقبل على كتاب الله قول القائل بأنه محرف = ليس مؤمنا بقول الله تعالى : : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ = ليس مؤمنا حقا لأنه يشك في حفظ الله لكتابه و ليس مسلما لأنه رد قول الله تعالى في كتابه الكريم
5- الشيعي لا يعتبر القائل بالتحريف خارجا من الدين الذي ارتضاه الله لعباده = يبقى مسلما من قال بالتحريف = هو يعتقد التحريف أو لنقل يشك في كون القرآن محرفا أو لا
إذن نقول: المسلم (السني) قد اختار و بين و أكد و أشهد الثقلين أنه يعتقد بسلامة القرآن من التحريف
أما الشيعي فلا يزال يتردد بين القول بالتحريف أو نفي التحريف و مثله مثل صاحبي الجنتين الذان تحاورا فقال أحدهما : ((وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا))..
فهو بين بين لم يختر الإيمان أو الكفر و هذا قد بين الله حاله إذ قال له صاحبه المؤمن : ((قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا)) فهذا حكم الله فيه إما إيمان و إما كفر و ليس بينهما وسط مقبول
و أخيرا،
أريد إيراد ملاحظة أظنها مهمة لعل الزملاء ينظرون بعقولهم و قلوبهم إن كانوا يؤمنون بالله و اليوم الآخر و يرجون ثوابه و يخشون عذابه ..
في موضوع التحريف نجدكم جميعا حين تواجهون بالأدلة الدامغة من مصادركم المعتمدة بأن فيكم من يقول بالتحريف تضعون أحاديث مكذوبة أو أحاديث تريدون فهمها كما تشتهي أنفسكم من كتب أهل السنة لتتهمونا بأنا نقول بالتحريف. و السؤال هو رغم ذلك و فرضا أن ذلك موجود فهل هذا تبرير لكم للاعتقاد بتحريف القرآن؟؟؟
أم هل تستدلون بذلك لتقولوا أنكم يا شيعة لستم وحدكم من يقول بالتحريف؟؟؟ هل هذا اعتراف منكم بأنكم تعتقدون بالتحريف و أن الله أمركم بهذا؟؟ أم أن تلك الأحاديث دليل أن القائلين بالتحريف هم على حق؟؟؟ و منذ متى اصبحتم تأخذون الاعتقاد بالتحريف من أهل السنة؟؟؟؟
إذا كنا لا نتردد في تكفير من قال بالتحريف فلماذا تترددون عن ذلك أليس لعلمكم الأكيد بأنكم تقولون بالتحريف و تعتقدونه؟؟؟؟
فقولوا بالتحريف و ينتهي النقاش لأنكم بذلك كفار عند الله
أو انفوا التحريف و احكموا بكفر من قال بالتحريف و ينتهي النقاش لأنكم حينها ستدخلون الإسلام و ترفضون ما قاله القائلون بالتحريف و لا تأخذون دينكم عنهم ..
فأثبتوا إيمانكم (ليس لنا فلسنا من يحاسبكم يوم القيامة) أو لا تنسبوا أنفسكم للمسلمين
أرجو أن يكون كلامي قد وصل إلى عقولكم يا شيعة أو إلى قلوبكم فإن كان قاسيا فربما تكون الصدمة مفيدة لكم و المنتدى مليء بالمواضيع التي نناقشكم فيها بالإطناب في الكلام و التوضيح المطول ابتغاء أن ترفعوا عن أعينكم الغشاوة و فيها من المواضيع التي تصدمكم بحق و ربما تكون تلك الصدمة قوية فترفع عن أعينكم الغشاوة ((لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ))..
و ربما يتفكر و يتدبر بعضكم بالشرح الطويل و ربما يتفكر و يتدبر بعضكم بالصدمة القوية
و نحن نؤمن بقول الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)) و نؤمن بقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم لعلي عليه الرضوان لأن يهدي بك الله رجلا خير لك من حمر النعم..
و الله من وراء القصد فنسأله الإخلاص و أن يجعلنا مفاتيح خير مغاليق للشر و أن يجعلنا سببا في هدايتكم و أن لا يؤاخذنا بذنوبنا و أن يتوب علينا و أن يتوفانا مع الأبرار و يجعلنا جميعا من ورثة جنة النعيم