تقرير لجنة البحوث والدراسات الشرعية في مجلس النواب العراقي
حول المنهج المقترح لمادة التربية الإسلامية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد :
فقد اطلعت لجنة البحوث والدراسات الشرعية على المنهج المقترح لمادة التربية الإسلامية للمرحلة الابتدائية ( من الصف الأول إلى الصف السادس ) وسجلت عليه هذه الملاحظات :
أولاً : يحتوي المنهج على بعض الأمور الإيجابية والتي تتمثل بأسلوب العرض المبسط وملائمة المرحلة العمرية وتكرار المعلومة في عدة مراحل .
ثانياً : التنوع في عرض المسائل في كل مرحلة ( القرآن , السنة , القصص , الأخلاق ,....الخ ) يجعل المنهج قريباً إلى ذهن الطالب في هذه المرحلة العمرية والذي يميل فيها إلى التنوع والابتعاد عن الرتابة .
ثالثاً : كانت المسائل الفقهية التي أدخلت إلى المنهج ( الطهارة والصلاة وسائر العبادات ) معروضةً بشكل غير مقبول أبدا , فهي إما أن تذكر رأيين فقهيين مختلفين وهذا يزرع الفرقة بين أبناء البلد منذ الطفولة , حيث أن لكل مذهب طهارةً وصلاةً تخصه , أو تغلِّبُ رأياً فقهياً واحداً , وفي هذا إلغاء للآخر , وكان من الأنسب أن لا يخوض المنهج في تفاصيل العبادات وأشكالها وأن يترك هذه الأمور للمعلم أو للأسرة الذين يراعون اختلاف المذاهب ,وأن يقتصر المنهج في باب العبادات على الإشارة إلى فضلها وضرورة التمسك بها وعدم التفريط بشعائر الإسلام كي تكون العبادات عامل وحدة بين الطلبة لا عامل تفريق .
رابعاُ : المنهج على اختلاف مراحله يغفل بشكل ملحوظ دور الصحابة الكرام في صدر الإسلام وجهادهم وتضحياتهم الكبيرة في سبيل رفع راية التوحيد ولا يعرض سوى رؤية مذهبية تسلط الضوء على سيرة الإمام علي رضي الله عنه فقط في كل مرحلة دون غيره من الصحابة الكرام فلم يذكر أبو بكر الصديق ولا عمر الفاروق ولا بقية العشرة المبشرين بالجنة , ولم يشر المنهج إلى خلافة الراشدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم , بل إن المنهج كان يتعامل بسلبية كبيرة مع هذا الأمر المهم. أي منزلة الصحابةـ ويمكن أن نلخص هذه السلبية من خلال هذه النقاط الآتية :
ذكر أسماء بعض الصحابة الكرام حال كفرهم ومحاربتهم للدعوة الإسلامية وعدم الإشارة إلى إيمانهم فيما بعد وجهادهم وهذا يزرع في ذهن الطالب كرههم وبغضهم .
غياب صيغة الترضي عنهم وعدم ذكر ألقابهم الإيمانية التي اشتهروا بها ( الصديق , الفاروق , ذو النورين .....الخ )
لم تذكر في المنهج آية قرآنية واحدة ولا حديث نبوي واحد في فضل الصحابة الكرام ولم يتطرق المنهج في مباحث السيرة والشخصيات الإسلامية إلى مكانة الصحبة وفضل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أما الآية الوحيدة التي جاءت في منهج الصف الخامس الصفحة 35 كانت لبيان معنى الإيثار ولم يقصد منها بيان منزلة المهاجرين والأنصار
في دروس الحديث النبوي لم يذكر اسم رواة الحديث الذين نقلوه لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا إجحاف بحقهم.
خامساً : في منهج الصف الثاني الابتدائي الدرس الثاني عشر الصفحة 51 درس بعنوان (( أهل البيت ))
محور هذا الدرس يدور حول قوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ً )
يصور كاتب هذا الدرس للطفل أن المسلمين جميعاً متفقون على تفسير هذه الآية وفق فهم الشيعة , ويحاول أن يزرع في ذهن الطالب من خلال صور الرجال الذين يشتركون في الحديث وهم يرتدون أزياء مختلفة من دول العالم أن المسلمين جميعاً يعتقدون باعتقاد الإمامية بعصمة أهل البيت واقتصار تسمية أهل البيت على علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم دون سواهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته وأعمامه وأبناءهم ويطرح في نهاية الدرس أسئلة ضمن النشاط الصفي لتكريس هذه المفاهيم الخاصة بالشيعة فقط .
سادساً : في منهج الصف الثاني الدرس الرابع عشر درس أصول الدين ( المعاد ) يخرج فيه كاتبه عن الغاية من الدرس وهي بيان فكرة الحساب في يوم القيامة ومبدأ الثواب والعقاب إلى غاية أخرى وهي تكريس فكرة زيارة القبور وهي شيء مختلف بالكلية عن يوم القيامة ويحاول كاتب هذا الدرس أن يرسخ قضية الزيارة وسماع الموتى لمن يزورونهم وربط الحب بالزيارة من خلال الأسئلة المطروحة في نهاية الدرس: هل تزور قبور أقاربك ؟ هل تحب زيارة النبي ؟ هل يسمعك النبي إذا زرته ؟ ومن المعلوم ما هو الهدف من خلال هذه الأسئلة.
سابعاً : في منهج الصف الثالث الابتدائي الصفحة 27 درس بعنوان (الإيمان بالأنبياء), قال كاتب الدرس : ( عرفنا أن الأنبياء هم بشر من أفضل الناس ) وهذا يخالف عقيدة المسلمين بأن الأنبياء هم أفضل الناس إطلاقاً ولا يشاركهم في المنزلة غيرهم من الناس مهما بلغوا من العلم والتقوى ومن المعلوم أن عقيدة الإمامية تنص على أن ألائمة أفضل الخلق جميعاً وهم أفضل حتى من الأنبياء والمرسلين .وهذه المسألة تكررت في منهج الصف الخامس الصفحة 23 .
ثامناً : في منهج الصف الثالث الصفحة 51 درس بعنوان (شخصيات إسلامية ) يعرض شخصية الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري. في هذا الدرس مفاهيم مغلوطة حاول كاتب الدرس إيصالها إلى الطلاب وهي :
جعل أبي ذر أفضل الصحابة ومن عظمائهم وهذا يخالف عقيدة المسلمين الذين يرون أفضلية الكثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عليه كالخلفاء الراشدين وأصحاب البيعة وأهل بدر.
الإيحاء بأن من الصحابة من كان يجمع المال والثروة على حساب الفقراء وذوي الحاجة ,ال الكاتب : ( وكان في عهد عثمان يرى أن بعض حكام المسلمين يجمعون أموالاً وثروة كبيرة وبعضهم يعيش حالة الفقر والحاجة )
التعريض بسيدنا عثمان رضي الله عنه وذلك من خلال وصفه بلفظ الخليفة دون الترضي عنه أو الإشارة إلى فضله ومنزلته , وكذلك تصويره بصورة الظالم الذي أخرج الزاهد الفقير من المدينة ونفاه إلى منطقة صحراوية (الربذة) في حين يخرج (محبو أبي ذر) ومنهم سيدنا علي لتوديعه, وفي هذا العرض المشوه لقصة أبي ذر يحقق الكاتب غرضه من الحط من قدر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتصويرهم بصورة المتباغضين الذين يظلم بعضهم بعضاً وينفي بعضهم بعضاً ومن المعلوم أن الإمامية يعتقدون بكفر وردة جميع الصحابة إلا نفراً قليلاً منهم سيدنا أبو ذر رضي الله عنه وأرضاه.
توصيات اللجنة :
بعد هذا العرض الموجز للمنهج وما فيه نرى ما يأتي :
عدم إقرار المنهج بصورته الحالية لما فيه من مغالطات واضحة وتشويه لصورة الصحابة وإغفال لدورهم العظيم في صدر الإسلام .
تشكيل لجنة مشتركة من العلماء من مختلف المذاهب لتنقيح المنهج وكتابة مباحثه للحيلولة دون المساس بثوابت أحد المذاهب والتركيز على المشتركات في العبادات والابتعاد عن الاختلاف المذهبي والطائفي .
عدم طرح المسائل الفقهية والتاريخية والاكتفاء بالقرآن الكريم والحديث الشريف والقضايا الأخلاقية والسلوكية .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين