العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحـــــــــــوار مع الإسـماعيلية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-06-09, 02:31 AM   رقم المشاركة : 1
محمد القرشي الهاشمي
موقوف





محمد القرشي الهاشمي غير متصل

محمد القرشي الهاشمي is on a distinguished road


القرامطة

القرامطة


[الكاتب : ابن الجوزي ]


قال الإمام أبو الفرج جمال الدين عبدالرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي البغدادي في حوادث سنة 278هـ :
وفيها وردت الأخبار بحركة قوم يعرفون القرامطة وهم: الباطنية.
وهؤلاء قوم تبعوا طريق الملحدين، وجحدوا الشرائع وأنا أشير إلى البدايات التي بنوا عليها، ثم إلى الباعث لهم على ما فعلوا - من نصب دعوتهم - ثم إلى ألقابهم، ثم إلى مذاهبهم وعلومهم.
البدايات والباعث لهم على دعوتهم :
فأما البدايات التي بنوا عليها فإنه لما كان مقصودهم الإلحاد تعلقوا بمذهب الملحدين مثل زرادشت ومزدك فإنهما كانا يستحلان المحظورات، وقد سبق في أوائل هذا الكتاب شرح حالهما.

وما زال أكثر الناس مع إعراضهم لا يدخلون في حجر يمنعهم إياها، فلما جاء نبينا صلى الله عليه وسلم فقهر الملك ومنع الإلحاد أجمع جماعة من الثنوية والمجوس والملحدين ومن دان بدين الفلاسفة المتقدمين، فأعملوا آراءهم وقالوا: " قد ثبت عندنا أن جميع الأنبياء كذبوا ومخرقوا على أممهم وأعظم كل بلية علينا محمد، فإنه نبغ من العرب الطغام ، فخدعهم بناموسه، فبذلوا أموالهم وأنفسهم ونصروه، وأخذوا ممالكنا، وقد طالت مدتهم.
والآن قد تشاغل أتباعه؛ فمنهم مقبل على كسب الأموال، ومنهم على تشييد البنيان، ومنهم على الملاهي، وعلماؤهم يتلاعبون ويكفر بعضهم بعضا، وقد ضعفت بصائرهم، فنحن نطمع في إبطال دينهم، إلا أنا لا يمكننا محاربتهم لكثرتهم، فليس الطريق إلا إنشاء دعوة في الدين والانتماء إلى فرقة منهم، وليس فيهم فرقة أضعف عقولا من الرافضة، فندخل عليهم نذكر ظلم سلفهم الأشراف من آل نبيهم، ودفعهم عن حقهم، وقتلهم، وما جرى عليهم من الذل لنستعين بها على إبطال دينهم " ... فتناصروا، وتكاتفوا، وتوافقوا، وانتسبوا إلى إسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق.

وكان لجعفر أولاد، منهم إسماعيل هذا، وكان يقال له: إسماعيل الأعرج.
ثم سوّل لهم الشيطان آراء ومذاهب، أخذوا بعضها من المجوس، وأخذوا بعضها من الفلاسفة.
ومخرقوا على أتباعهم، وإنما قصدهم الجحد المطلق، لكنهم لما لم يمكنهم توسلوا إليه.

فقد بان لك لما ذكرت من البدايات التي بنوا عليها- الباعث لهم على ما فعلوا من نصب الدعوة.
ألقابهم :
وأما ألقابهم فإنهم يسمون: الإسماعيلية، والباطنية، والقرامطة، والخرمية، والبابكية، والمحمرة، والسبعية، والتعليمية.

سبب تسميتهم بالإسماعيلية :
فأما تسميتهم بالإسماعيلية فانتسابهم إلى " إسماعيل ابن جعفر " على ما ذكرناه.

سبب تسميتهم بالباطنية :
وأما تسميتهم بالباطنية فإنهم ادعوا أن لظواهر القرآن والأخبار بواطن، تجري مجرى اللب من القشر، وأنها توهم الأغبياء صورا، وتفهم الفطناء رموزا وإشارات إلى حقائق خفية، وأن من تقاعد عن الغوص على الخفايا والبواطن متعثر، ومن ارتقى إلى علم الباطن انحط عنه التكليف واستراح من أعبائه واستشهدوا بقوله تعالى: { ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم }، قالوا: والجهال بذلك هم المرادون بقوله: { فضرب بينهم بسور له باب }.

وغرضهم فيما وضعوا من ذلك إبطال الشرائع، لأنهم إذا صرفوا العقائد عن موجب الظاهر تحكموا بدعوى الباطن على ما يوجب الانسلاخ من الدين.
سبب تسميتهم بالقرامطة :
وأما تسميتهم بالقرامطة ففي سبب ذلك ستة أقوال:

أحدها: أنهم سموا بذلك لأن أول من أشير لهم ذلك المحبة " محمد الوراق المقرمط " وكان صوفيا.
والثاني: أن لهم رئيسا من السواد من الأنباط يلقب بقرمطويه، فنسبوا إليه.
والثالث: أن قرمطا كان غلاما لإسماعيل بن جعفر فنسبوا إليه، لأنه أحدث لهم مقالاتهم.
والرابع: أن بعض دعاتهم نزل برجل يقال لهم " كرمية " فلما رحل تسمى قرمط بن الأشعب، ثم أدخله في مذهبه.
الخامس: أن بعض دعاتهم رجل يقال له: " كرمية " فلما رحل تسمى باسم ذلك الرجل، ثم خفف الاسم فقيل: قرمط.
قال أهل السير: كان ذلك الرجل الداعي من ناحية خوزستان وكان يظهر الزهد والتقشف ويسف الخوص ويأكل من كسبه، ويحفظ للقوم ما صرموا من نخلهم في حظيرته، ويصلي بأكثر الناس، ويأخذ عند إفطاره من البقال ثم يحاسب على ما أخذ منه ويحط من ذلك ثمن النوى، فسمع التجار الذين صرموا نخلهم، فوثبوا عليه، وضربوه وقالوا: لم ترض بأن أكلت التمر حتى بعت النوى، فأخبرهم البقال في الحال، فندموا على ضربه، وسألوه الإحلال، فازداد بذلك نبلا عند أهل القرية. وكان إذا قعد إليه إنسان ذاكره أمر الدين، وزهده في الدنيا، وأعلمه أن الصلاة المفروضة على الناس خمسون صلاة في كل يوم وليلة.
ثم أعلم الناس أن يدعوا إلى إمام من أهل بيت رسول الله، ثم مرض، ومكث مطروحا على الطريق، وكان في القرية رجل يحمل على أثوار له، وكان أحمر العينين، وكان أهل القرية يسمونه "كرميته" لحمرة عينيه، وهو بالنبطية: حار العين؛ فكلم البقال "كرميته" هذا أن يحمل هذا العليل إلى منزله، ويوصي أهله الإشراف عليه والعناية به، ففعل، فأقام عنده حتى بريء، ثم كان يأوي إلى منزله. ودعا أهل القرية إلى أمره فأجابوه.
وكان يأخذ من الرجل إذا دخل في دينه دينارا، ويزعم أنه يأخذ ذلك للإمام.
فمكث يدعو أهل القرى فيجيبونه، واتخذ منهم اثني عشر نقيبا، وأمرهم أن يدعو الناس إلى دينه، وقال لهم: " أنتم كحواري عيسى بن مريم عليهما السلام " ، فشغل أَكَرَة تلك الناحية عن أعمالهم، لما رسمه لهم من الخمسين صلاة التي ذكر أنها فرضت عليهم. وكان للهيصم في تلك الناحية ضياع فوقف على تقصير أَكَرَته في العمارة، فسأل عن ذلك، فأخبر أن رجلا قدم عليهم فأظهر لهم مذهبا من الدين، وأعلمهم أن الله عز وجل قد افترض عليهم خمسين صلاة في اليوم والليلة وقد اشتغلوا بها، فوجه إليه، فجيء به، فسأله عن أمره، فأخبره بقصته، فحبسه في بيت وحلف بقتله، وأقفل عليه الباب، وترك المفتاح تحت وسادته، ونام، فرقت له جارية فأخذت المفتاح وأخرجته، ثم أعادت المفتاح إلى موضعه، فلما أصبح الهيصم فتح الباب فلم يجده، فشاع ذلك الخبر، فعبر به أهل تلك الناحية وقالوا: قد رفع!!
ثم ظهر في موضع آخر، ولقي جماعة من أصحابه فسألوه عن قصته فقال: ليس يمكن أحد أن يؤذيني.
ثم خاف على نفسه وخرج إلى الشام، وتسمى باسم الرجل الذي كان في منزله "كرميته" ثم خفف فقيل "قرمط".
وفشا أمره وأمر أصحابه، وكان قد لقي صاحب الزنج، فقال له: " أنا على مذهب ورائي مائة ألف سيف فناظرني، فإن اتفقنا ملت بمن معي إليك، وإن تكن الأخرى انصرفت" ، فناظره، فاختلفا، ففارقه.

السادس: أنهم لقبوا بهذا نسبة إلى رجل من دعاتهم يقال له :"حمدان بن قرمط".
وكان حمدان من أهل الكوفة يميل إلى الزهد، فصادفه أحد دعاة الباطنية في طريق وهو متوجه إلى قرية وبين يديه بقر يسوقها، فقال حمدان لذلك الداعي وهو لا يعرفه: أين تقصد؟ فسمى قرية حمدان ، فقال له: اركب بقرة من هذه البقر لتستريح من المشي ، فقال: إني لم أؤمر بذلك ، فقال: كأنك لا تعمل إلا بأمر؟ قال: نعم ، فقال حمدان: وبأمر من تعمل؟ قال: بأمر مالكي ومالكك ومالك الدنيا والآخرة ، فقال: ذلك الله عز وجل ، قال: صدقت ، قال: وما غرضك في هذه البقعة؟ قال: أمرت أن أدعو أهلها من الجهل إلى العلم، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الشقاوة إلى السعادة، وأستنقذهم من ورطات الذل والفقر، وأملكهم ما يستغنون به عن التعب والكد ، فقال له حمدان: أنقذني أنقذك الله، وأفض علي من العلم ما تحييني به، فما أشد حاجتي إلى ذلك ، فقال: ما أمرت أن أخرج السر المكنون إلى كل أحد إلا بعد الثقة والعهد إليه ، قال حمدان: فاذكر عهدك فإني ملتزم به ، فقال: أن تجعل لي وللإمام على نفسك عهد الله وميثاقه أن لا تخرج سر الإمام الذي ألقيه إليك، ولا تفشي سري أيضا.
فالتزم حمدان عهده، ثم اندفع الداعي في تعليمه فنون جهل حتى استدرجه واستغواه، واستجاب له في جميع ما دعاه إليه ، ثم انتدب للدعوة وصار أصلا من أصول هذه البدعة، فسمى أتباعه القرمطية.

سبب تسميتهم بالخرمية :
وأما تسميتهم بالخرمية: فإن " خرم " لفظ أعجمي ينبئ عن الشيء المستلذ الذي يشتهيه الآدمي.
وكان هذا لقبا للمزدكية وهم أهل الإباحة من المجوس، الذين نبغوا في أيام قباذ على ما ذكرنا، فأباحوا المحظورات فلقب هؤلاء بلقب أولئك لمشابهتهم إياهم في اعتقادهم ومذهبهم.

سبب تسميتهم بالبابكية :
وأما تسميتهم بالبابكية: فإن طائفة منهم تبعوا "بابك الخرمي" وكان قد خرج في ناحية أذربيجان في أيام المعتصم فاستحل ، فبعث إليه المعتصم الإفشين فتخاذل عن قتاله وأضمر موافقته في ضلالته، فاشتدت وطأة البابكية على المسلمين ...إلى أن أخذ بابك وقتل على ما سبق شرحه.

سبب تسميتهم بالمحمرة :
فأما تسميتهم بالمحمرة فيذكر عنهم أنهم صبغوا الثياب بالحمرة أيام بابك، وكانت شعارهم.

سبب تسميتهم بالسبعية :
وأما تسميتهم بالسبعية، فإنهم قد زعموا أن الكواكب السبعة مدبرة للعالم السفلي.

سبب تسميتهم بالتعليمية :
وأما تسميتهم بالتعليمية، فإن مبدأ مذاهبهم إبطال الرأي، وإفساد تصرف العقل، ودعوة الخلق إلى التعليم من الإمام المعصوم وأنه لا مدرك للعلوم إلا بالتعليم.

طريقتهم بالدعوة الروحية وحيلهم:
وأما الإشارة إلى مذاهبهم؛ فإن مقصودهم الإلحاد وتعطيل الشرائع.

وهم يستدرجون الخلق إلى مذاهبهم بما يقدرون عليه، فيميلون إلى كل قوم بسبب يوافقهم، ويميزون من يمكن أن يخدعوهم ممن لا يمكن، فيوصون دعاتهم فيقولون للداعي: إذا وجدت من تدعوه فاجعل التشيع دينك، ادخل عليه من جهة ظلم الأمة لعلي - عليه السلام - وقتلهم الحسين، وسبيهم لأهله والتبرؤ من تيم وعدي وبني أمية وبني العباس، وقل بالرجعة وأن عليا يعلم الغيب.
فإذا تمكنت منه أوقفته على مثالب علي وولده، وبينت له بطلان ما عليه أهل ملة محمد - عليه السلام - وغيره من الرسل – عليهم السلام -
وإن كان يهوديا فادخل عليه من جهة انتظار المسيح، وأن المسيح هو محمد بن إسماعيل بن جعفر، وهو المهدي، واطعن في النصارى والمسلمين.
وإن كان نصرانيا فاعكس.
وإن كان صابئيا، فتعظيم الكواكب.
وإن كان مجوسيا، فتعظيم النار والنور.
وإن وجدته فيلسوفيا فهم عمدتنا، لأننا نتفق وهم على إبطال النواميس والأنبياء، وعلى قدم العالم.
ومن أظهرت له التشيع فأظهر له بغض أبي بكر وعمر، ثم أظهر له العفاف والتقشف وترك الدنيا والإعراض عن الشهوات، ومر بالصدق والأمانة والأمر بالمعروف، فإذا استقر عنده ذلك فاذكر له ثلب أبي بكر وعمر.
وإن كان سنيا فاعكس.
وإن كان مائلا إلى المجون والخلاعة فقرر عنده أن العبادة بله والورع حماقة، وإنما الفطنة في اتباع اللذة، وقضاء الوطر من الدنيا الفانية.
وقد يستحبون من له صوت طيب بالقرآن، فإذا قرأ تكلم داعيهم ووعظ، وقدح في السلاطين، وعلماء الزمان، وجهال العامة، ويقول: الفرج منتظر ببركة آل الرسول صلى الله عليه وسلم.
وربما قال: إن الله عز وجل في كلماته أسرار لا يطلع عليها إلا من اجتباه.

ومن مذاهبهم أنهم لا يتكلمون مع عالم بل مع الجهال، ويجتهدون في تزلزل العقائد بإلقاء المتشابه وكل ما لا يظهر للعقول معناه، فيقولون: ما معنى الاغتسال من المني دون البول؟
ولم كانت أبواب الجنة ثمانية وأبواب النار سبعة؟
وقوله: { عليها تسعة عشر } !! ضاقت القافية؟ ما بطن هذا إلا لفائدة لا يفهمها كثير من الناس.
ويقولون لم كانت السماوات سبعا؟
ثم يشوقون إلى جواب هذه الأشياء: فإن سكت السائل سكتوا، وإن ألح قالوا: عليك العهد والميثاق على كتمان هذا السر، فإنه الدر الثمين.
فيأخذون عليه العهود والميثاق على كتمان هذا ، ويقولون في الأيمان: "وكل مالك صدقة، وكل امرأة لك طالق ثلاثا إن أخبرت بذلك".
ثم يخبرونه ببعض الشيء ويقولون: هذا لا يعلمه إلا آل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويقولون: هذا الظاهر له باطن، وفلان يعتقد ما نقول ولكنه يستره – ويذكرون له بعض الأفاضل، ولكنه ببلد بعيد -

مذهبهم :
واعلم أن مذهبهم ظاهره الرفض ، وباطنه الكفر ، ومفتتحه حصر مدارك العلوم في قول الإمام المعصوم، وعزل العقول أن تكون مدركة للحق لما يعترضها من الشبهات.
والمعصوم يطلع من جهة الله تعالى على جميع أسرار الشرائع، ولابد في كل زمان من إمام معصوم يرجع إليه.

هذا مبدأ دعوتهم ... ثم يبين أن غاية مقصدهم نقض الشرائع، لأن سبيل دعوتهم ليس متعينا في واحد، بل يخاطبون كل فريق بما يوافق رأيهم، لأن غرضهم الاستتباع.
معتقدهم في الإلهيات :
وقد ثبت عنهم أنهم يقولون بإلهين قديمين لا أول لوجودهما من حيث الزمان، إلا أن أحدهما علة لوجود الثاني؛ واسم العلة: السابق، واسم المعلول: التالي، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي لا بنفسه.

وقد يسمون الأول عقلا، والثاني نفسا.
والأول تاما والثاني ناقصا.
والأول لا يوصف بوجود ولا عدم، ولا موصوف ولا غير موصوف فهم يميلون إلى النفي، لأنهم لو قالوا: معدوم؛ ما قبل منهم، وقد سموا هذا النفي تنزيها.
معتقدهم في النبوات :
ومذهبهم في النبوات قريب من مذهب الفلاسفة، وهو: أن النبي عبارة عن شخص فاضت عليه من السابق بقوة التالي قوة قدسية صافية، وأن جبريل عبارة عن العقل الفائض عليه لا أنه شخص؛ وأن القرآن هو تعبير محمد عن المعارف التي فاضت عليه من العقل، فسمي: " كلام الله " مجازا لأنه مركب من جهته.
وهذه القوة الفائضة على النبي لا تفيض عليه في أول أمره، وإنما تتربى كنطفة.

معتقدهم في الإمامة :
واتفقوا على أنه لابد في كل عصر من إمام معصوم، قائم بالحق، يرجع إليه في تأويل الظواهر وحل الإشكال في القرآن والأخبار، وأنه يساوي النبي في العصمة؛ ولا يتصور في زمان واحد إمامان؛ بل يستظهر الإمام بالدعاة وهم الحجج، ولا بد للإمام من اثني عشر حجة: أربعة منهم لا يفارقونه.

معتقدهم في القيامة والمعاد :
وكلهم أنكر القيامة، وقالوا: هذا النظام، وتعاقب الليل والنهار، وتولد الحيوانات لا ينقضي أبدا.
وأولوا القيامة بأنها رمز إلى خروج الإمام ، ولم يثبتوا الحشر ولا النشر ولا الجنة ولا النار ، ومعنى المعاد عندهم عود كل شيء إلى أصله.

قالوا: فجسم الآدمي يبلى، والروح إن صفت بمجانبة الهوى، والمواظبة على العبادات، وغذيت بالعلم ، استعدت بالعود إلى وطنها الأصلي، وكمالها بموتها، إذ به خلاصها من ضيق الجسد ، وأما النفوس المنكوسة المغموسة في عالم الطبيعة المعرضة عن طلب رشدها من الأئمة المعصومين، فإنها أبدا في النار، على معنى أنها تتناسخ في الأبدان الجسمانية، وكلما فارقت جسدا تلقاها آخر، واستدلوا بقوله تعالى: { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها }.
وأكثر مذاهبهم يوافق الثنوية والفلاسفة في الباطن والروافض في الظواهر؛ وغرضهم بهذه التأويلات انتزاع المعتقدات الظاهرة من نفوس الناس حتى تبطل الرغبة والرهبة.
اعتقادهم بالتكاليف الشرعية :
ثم إنهم يعتقدون استباحة المحظورات، ورفع الحجر ولو ذكر لهم هذا لأنكروه وقالوا: لابد من الانقياد للشرع على ما يفعله الإمام، فإذا أحاطوا بحقائق الأمور انحلت عنهم القيود والتكاليف العملية؛ إذ المقصود عندهم من إعمال الجوارح للغمر الذين لا يرضون إلا بالسياقة.

وغرضهم هدم قوانين الشرع.
تأويلاتهم للظواهر من التكاليف :
قالوا: وكل ما ذكر من التكاليف فرموز إلى باطن؛
فمعنى الجنابة؛ مبادرة المستجيب بإفشاء سر إليه قبل أن ينال رتبة الاستحقاق لذلك.
ومعنى الغسل؛ تجديد العهد على من فعل ذلك.
والزنا؛ إلقاء نطفة العلم الباطن إلى نفس من لم يسبق معه عقد العهد.
والاحتلام؛ أن يسبق الإنسان إلى إفشاء السر في غير محله.
والصيام؛ الإمساك عن كشف السر.
والمحرمات؛ عبارة عن ذوي السر.
والبعث عندهم؛ الاهتداء إلى مذاهبهم.

ويقولون: { للذكر مثل حظ الأنثيين } الذكر الإمام، والحجة الأنثى.
وقالوا: { يوم يأتي تأويله } أي يظهر محمد بن إسماعيل.
وفي قوله: { حرمت عليكم الميتة } قالوا: الميتة: الحامل على الظاهر الذي لا يلتفت إلى التأويل.
وقالوا: إن الشاء والبقر هم الذين حضروا محاربة الأنبياء والأئمة يترددون في هذه الصورة، ويجب على الذابح أن يقول عند الذبح: اللهم إني أبرأ إليك من روحه وبدنه، وأشهد له بالضلالة، اللهم لا تجعلني من المذبوحين.
ولهم من الهذيان ما ينبغي تنزيه الوقت عن ذكره.
وإنما علمت هذه الفضائح من أقوام تدينوا بدينهم ثم بانت لهم قبائحهم فتركوا مذهبهم.
أتباعهم :
فإن قال قائل: مثل هذه الاعتقادات الركيكة، والحديث الفارغ، كيف يخفى على من يتبعهم؟

ونحن نرى أتباعهم خلقا كثيرا؟
فالجواب: أن أتباعهم أصناف:
(1) فمنهم قوم ضعفت عقولهم، وقلت بصائرهم، وغلبت عليهم البلادة والبله، ولم يعرفوا شيئا من العلوم، كأهل السواد والأكراد وجفاة الأعاجم وسفهاء الأحداث، فلا يستبعد ضلال هؤلاء، فقد كان خلق ينحتون الأصنام ويعبدونها.
(2) ومن أتباعهم طائفة انقطعت دولة أسلافهم بدولة الإسلام، كأبناء الأكاسرة، والدهاقين وأولاد المجوس ، فهؤلاء موتورون قد استكن الحقد في صدورهم، فهو كالداء الدفين فإذا حركته تخاييل المبطلين اشتعلت نيرانه.
(3) ومن أتباعهم قوم لهم تطلع إلى التسلط والاستيلاء ولكن الزمان لا يساعدهم ، فإذا رأوا طريق الظفر بمقاصدهم سارعوا.
(4) ومن أتباعهم قوم جبلوا على حب التمييز عن العوام، فزعموا أنهم يطلبون الحقائق، وأن أكثر الخلق كالبهائم، وكل ذلك لحب النادر الغريب.
(5) ومن أتباعهم ملحدة الفلاسفة والثنوية الذين اعتقدوا الشرائع نواميس مؤلفة، والمعجزات مخاريق مزخرفة، فإذا رأوا من يعطيهم شيئا من أغراضهم مالوا إليه.
(6) ومن أتباعهم قوم مالوا إلى عاجل اللذات، ولم يكن لهم علم ولا دين، فإذا صادفوا من يرفع عنهم الحجر مالوا إليه، على أن هؤلاء القوم لا يكشفون أمرهم إلا بالتدرج على قدر طمعهم في الشخص.
وإنما مددنا النفس في شرح حالهم، وإن كنا إنما ذكرنا بيتا من قصيدة، لعظم ضررهم على الدين، وشياع كلمتهم المشوبة، وإنما اجتمعت لهم الأسباب التي ذكرناها في وسط أيامهم.
وإلا فمعاندو الشرائع خلق كثير، وقد نبغ فيهم قوم فأظهروا إمامة محمد بن الحنفية وقالوا: إن روح محمد انتقلت إليه، ثم انتقلت منه إلى أبي مسلم صاحب الدعوة، ثم إلى المهدي، ثم إلى رجل يعرف بابن القصري ثم خمدت نارهم.
ثم نبغ لهم في أيام المأمون رجل فاحتال فلم تنفذ حيلته، ثم تناصروا في أيام المعتصم، وكاتبوا الإفشين – وهو رئيس الأعاجم - فمال إليهم، واجتمعوا مع بابك ثم زاد جمعهم على الثلاثمائة ألف، فقتل المعتصم منهم ستين ألفا وقتل الإفشين أيضا، ثم ركدت دولتهم، ثم نبغ منهم جماعة وفيهم رجل من ولد بهرام جور، وقصدوا إبطال الإسلام، ورد الدولة الفارسية، وأخذوا يحتالون في تضعيف قلوب المؤمنين، وأظهروا مذهب الإمامية، وبعضهم مذهب الفلاسفة.
ميمون القداح :
وجعل لهم رأس يعرف بعبد الله بن ميمون بن عمرو، ويقال ابن ديصان، القداح الأهوازي.

وكان مشعبذا ممخرقا، وكان معظم مخرقته بإظهار الزهد والورع، وأن الأرض تطوى له.
وكان يبعث خواص أصحابه إلى الأطراف معهم طير ويأمرهم أن يكتبوا له بالأخبار عن الأباعد، ثم يحدث الناس بذلك، فيقوى شبههم.

وكانوا يقولون: إن المتقدمين منهم يستخلفون عند الموت ، وكلهم خلفاء محمد بن إسماعيل بن جعفر الطالبي، وإن من الدعاة إلى الإمام معد بن تميم وابنه إسماعيل، وهم المتغلبون على بلاد المغرب.
ومن استجاب لهم عرفوه أنه إن عمل ما يرضيهم صار إماما ونبيا، وأنه يرتقي المبتدئ منهم إلى الدعوة ثم إلى أن يكون حجة، ثم إلى الإمامة، ثم يلحق مرتبة الرسل، ثم يتحد بالرب فيصير ربّا.
ولا يجوز لأحد أن يحجب امرأته عن إخوانه.







 
قديم 01-07-09, 07:00 PM   رقم المشاركة : 2
صاطي2009
عضو ماسي






صاطي2009 غير متصل

صاطي2009 is on a distinguished road


بارك الله فيك يا اخي
القرامطة أول بذرة بذروها القداحون والخطابون







 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:39 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "