حياكم الله أختي الفاضله سمر محمد ورفع الله قدرك
سادسا : ان الله تعالى ارشد العباد الي اتباع صحابة النبي المختار رضوان الله عليهم دون غيرهم فهل من معتبر يا رافضة .
بعد ان اثبت الله جل وعلا لهؤلاء الصحابة صفات الايمان ، والصدق، والفلاح، ووصفهم بانهم من اصحاب العلم ومن الذين اوتوه من الله جل وعلا، وبعد ان بين رضاه عليهم ، وقبوله لتوجهاتهم ، واقوالهم ، واعمالهم .
وجه بعد كل هذا الله تعالى امراً الى الناس جميعاً يقضي بلزوم اتباعهم، والسير على نهجهم، واقتفاء اثارهم ، والتأسي بسيرهم فهم المستحقون لان يتبعهم الناس لاستكمال شرائط الاتباع فيهم .
وجعل من هذا الاتباع سبباً لنيل رضوان الله ، والفوز بجناته ، وللحصول على اسمى المقامات واعلى الدرجات ، كما انه رتب على مخالفتهم واتباع غير سبيلهم العذاب والمهانة ودخول جهنم وبئس المصير ، فقد قال الله جل وعلا بخصوص هذا الامر من لزوم اتباع سبيل الصحابة : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْز العظيم جنات ٍ ) ( التوبة : 100 ) .
فقد رضي الله عن المهاجرين والانصار ووجوب اتابعهم لانهم الدعاة الي الله والداعين الي الحق وقد رتب على مخالفتهم رضي الله تعالى عنه عذابا الينا فهم ائمة الحق والداعين الي الجهاد وهم الذين حملوا امانة هذا الدين يا رافضة فأين أنتم منهم ؟؟ 
وكذلك قال في معرض بيان حال المخالف لهم : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مصيرا ) .
فطريق هؤلاء الصحابة هو اوضح الطرق واسلمها للوصول الى رضى الله جل وعلا ، والى تحقيق مرادات الله في خلقه ، فلو بحثت مهما بحثت لايجاد سبيل يوصلك الى معرفة شرع الله والاحاطة بمراده من خلقه ولبيان سنة رسولهصلى الله عليه وسلم فانك لن تجد درباً غير دربهم ، ولا سبيلاً غير سبيلهم ، بل انك لن تتمكن من تحصيل هذا الامر الا من جهتهم ، والا بواسطتهم ، ولهذا امر الله جل وعلا باتباع سبيلهم ، واقتفاء اثارهم ، ولهذا السبب نفسه وصفهم الله جل وعلا باوصاف تعلي من شأنهم ، وتكبرهم في نفوس وصدور الناس فيتحقق الاطمئنان في نفس المتلقي من الصحابة من جهتين :
الاولى :
ان كل الصفات المؤهلة لهم لان يكونوا مصادر متبعة يستفاد منها وتقتفى اثارها قد تحققت فيهم وثبتت لهم فهم أوجب بالاتباع فقد كانوا العلماء والمجاهدين والفقهاء والمؤمنين فرضي الله عنهم فتلك صفات كثيرة جعلتهم واهلتهم لوجوب اتباعهم رضي الله تعالى عنهم وارضاهم . 
الثانية :
ان الذي امر باتباعهم واقتفاء اثارهم هو الله جل وعلا ، وبالتالي يكون هذا الاتباع والاقتفاء امراً ربانياً ، ومطلباً شرعياً .
فالاتباع اذن للصحابة انطلاقاً من هذه المعطيات هو ليس امراً كيفياً ، ولا ميولاً اهوائية ، ولا نزعات تتحكم بها الاغراض والاتجهات ، وانما هو امر شرعي ، وتوجيه رباني ، ومنهج الهي يتحدد به المسلك الذي ينبغي ان يتخذه المسلم في حياته لاجل الوصول الى تطبيق شرع الله ، والعمل بسنة رسولهصلى الله عليه وسلم .
ومن هذا الباب وبناءاً على هذا التأصيل فان التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم امر مطلوب شرعاً ، وقضية لا يشك بها مسلم ، او يتردد في قبول مضمونها فالله جل وعلا اخبر بقوله : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة ٌ) (الأحزاب: من الآية21)، اذن التأسي الحسن والاقتداء المطلوب يكون باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والتمسك بسنته رضي الله تعالى عنه وقد ثبت في الصحيح أنه قال ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين فعضوا عليها وتمسكوا بها بالنواجذ ) .
ولكن كيف يكون هذا التأسي ، وما هي الوسيلة الموصلة اليه ، الجواب ان الصحابة هم الوسيلة الموصلة الى تحقيق هذا التاسي ، وهم الطريق الكاشف والموضوعي الموضح لكيفية اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، والاقتداء به فلا تأسي به صلى الله عليه وسلم الا عن طريقهم ، ولا يتحقق مطلقاً لاحد علم بتفاصيل هذا التأسي وبكيفية تطبيقه الا من جهتهم ، فكان لزوماً ان يبين حكماً خاصاً باتباعهم للوصول الى المطلب الاسنى والاسمى ، وهو التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء الامر الالهي ، والمطلب الرباني باتباع سبيلهم ، والنهي عن اتباع سبيل غيرهم تحقيقاً لاتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتثبيتاً لحقيقة التأسي به المطلوبة على وجه الخصوص .
فكما قالوا انك اذا اردت من الناس سفراً الى بلد فلا بد ان تهيء لهم الطريق، وتؤمن لهم السبيل ، فالله جل وعلا مثلاً عندما فرض الحج على الناس شرط له الاستطاعة وهي امكانية السفر والتوجه الى الحج بتحقق الاسباب التي بها يتمكن الانسان من الوصول بسلام .
فلا عجب اذن من ان يُؤمِّن الله جل وعلا الطريق الموصل الى اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم والى تقبل وحيه وشرعته من الناس ، والذي يعد من اهم واعظم القربات والمطالب عن طريق تأمينه التامين التام بمحددات شرعية ، وبجزاء وثواب الهي، وبتوجيهات تامة ، وتوضيح كاشف ، فالذي يُؤمِّن طريق اداء العبادات بشروط تحقِّقُ الاتيان بها لا شك انه سيؤمن المصدر الحقيقي لهذه العبادات بصيانة طريقها ، وتأهيل سبيله فهو الاولى وهو المقدم في هذا الشأن، وعليه فان اتباع سبيل الصحابة والسير خلفهم ، اضافة الى كونه مطلباً شرعياً فهو الذي يفرضه منطق العلم والحكمة ، وهو الذي يحكم به العقل والعادة .
فرضي الله عنهم اجمعين ولعن من عاداهم
وللحديث تتمة 