العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة > كتب ووثائق منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-04-10, 11:47 AM   رقم المشاركة : 11
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road



الوجه الثالث:


أن اعتقاده أن طريقة السلف مجردُ الإيمان

بألفاظ النصوص بغير إثبات معناها اعتقاد

باطل كذبٌ على السلف.

فإن السلفَ أعلمُ الأمة بنصوص الصفات لفظاً ومعنىً،

وأبلغُهم في إثبات معانيها اللائقة بالله تعالى

على حسب مراد الله ورسوله.



الوجه الرابع:


أن السلف هم ورثة الأنبياء والمرسلين،

فقد تلقوا علومهم من يُنبوع

الرسالة الإلهية وحقائق الإيمان.


أما أولئك الخلفُ فقد تلقَوا ما عندهم

من المجوس والمشركين وضلال اليهود واليونان.


فكيف يكون ورثةُ المجوس والمشركين واليهود واليونان

وأفراخهمُ أعلمَ وأحكمَ في أسماء الله وصفاته

من ورثة الأنبياء والمرسلين؟!



الوجه الخامس:



أن هؤلاء الخلفَ الذين فضّل هذا الغبي طريقتهم

في العلم والحكمة على طريقة السلف

كانوا حيارى مضطربين بسبب إعراضهم عما بعث الله به

محمداً صلى الله عليه وسلم من البينات والهدى،


والتماسِهم علمَ معرفة الله تعالى ممن لا يعرفه

بإقراره على نفسه وشهادة الأمة عليه.


حتى قال الرازي - وهو من رؤسائهم -

مبيِّناً ما ينتهي إليه أمرهم:


( نهاية إقدام العقول عقال،

وأكثر سعي العالمين ضلال

وأرواحنا في وَحشة من جسومنا،

وغايةُ دنيانا أذىً ووبالُ

ولم نستفد من بحثنا طولَ عمرنا،

سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا


لقد تأملت الطرقَ الكلاميةَ والمناهجَ الفلسفيةَ

فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً،

ورأيت أقربَ الطرق طريقةَ القرآن،

أقرأ في الإثبات

( الرحمن على العرش استوى )

( إليه يصعد الكلم الطيب )


وأقرأ في النفي

( ليس كمثله شيءٌ )

( ولا يحيطون به علماً ).

ومن جرّب مثلَ تجرِبتي عرف مثل معرفتي )

انتهى كلامه.


فكيف تكون طريقةُ هؤلاء الحيارى

الذين أقروا على أنفسهم بالضلال والـحَيْرة

أعلمَ وأحكمَ من طريقة السلفِ،

الذين هم أعلام الهدى ومصابيح الدجى،

الذين وهبهم الله من العلم والحكمة

ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء،

والذين أدركوا من حقائق الإيمان والعلوم

ما لو جُمِع إليه ما حصَل لغيرهم

لاستحيا من يطلب المقارنة،

فكيف بالحكم بتفضيل غيرهم عليهم؟!


وبهذا يتبين أن طريقة السلف

أسلمُ وأعلم وأحكم.







من مواضيعي في المنتدى
»» منهج الحق / منظومة للشَّيخ عبد الرَّحمٰن السِّعدي / تُنشر لأوَّل مرَّة
»» قناة الأطفال الشيعية هادي تي في
»» ذراعٌ جديد للمد الصفوي
»» العلاقة بين التشيع والتصوف / رسالة دكتوراه
»» الرد على القبوريين للشّيخ محمّد الغزالي رحمه الله تعالى
 
قديم 09-04-10, 05:27 PM   رقم المشاركة : 12
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road



الباب الخامس:

في حكاية بعض المتأخرين لمذهب السلف


قال بعض المتأخرين:

( إن مذهب السلف في الصفات

إمرار النصوص على ما جاءت به،

مع اعتقاد أن ظاهرَها غيرُ مراد ) انتهى.


وهذا القول على إطلاقه فيه نظر،

فإن لفظ ( ظاهر ) مجمل يحتاج إلى تفصيل.


فإن أُريد بالظاهر ما يظهر من النصوص من الصفات

التي تليق بالله من غير تشبيه، فهذا مراد قطعاً.


ومن قال إنه غيرُ مراد فهو ضالّ إن اعتقده في نفسه،

وكاذب أو مخطئ إن نسبه إلى السلف.


وإن أريد بالظاهر ما قد يظهر لبعض الناس

من أن ظاهرها تشبيهُ الله بخلقه، فهذا غير مراد قطعاً.

وليس هو ظاهرَ النصوص،

لأن مشابهة الله لخلقه أمر مستحيل،

ولا يمكن أن يكون ظاهر الكتاب والسنة أمراً مستحيلاً.

ومن ظن أن هذا هو ظاهرُها فإنه يُبَيّن له أنّ ظنه خطأ،

وأن ظاهرَها بل صريـحَها

إثباتُ صفات تليق بالله وتختص به.


وبهذا التفصيل نكون قد أعطينا النصوص حقها

لفظاً ومعنى، والله أعلم.







من مواضيعي في المنتدى
»» عمائم الحكم في طهران يعلو الفساد أعلاها
»» أسطورة كسر الضلع
»» بناء القبور والمزارات بضاعة النظام الإيراني الرائجة
»» مشروع استيطان إيراني في الأحواز العربية
»» من رسائل التوحيد القيمة
 
قديم 09-04-10, 05:31 PM   رقم المشاركة : 13
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road



الباب السادس:

في لَبس الحق بالباطل من بعض المتأخرين


قال بعض المتأخرين:

( إنه لا فرق بين مذهب السلف

ومذهب المؤولين في نصوص الصفات،

فإن الكل اتفقوا على أن الآياتِ والأحاديثَ

لا تدل على صفات الله،

لكنِ المتأولون رأوُا المصلحة في تأويلها

لمسيس الحاجة إليه وعينوا المرادَ،

وأما السلف فأمسكوا عن التعيين

لجواز أن يكون المرادَ غيرُه ). انتهى.


هذا كذب صريح على السلف،

فما منهم أحد نفى دِلالة النصوص

على صفات الله التي تليق به،

بل كلامهم يدل على تقرير جنس الصفات في الجملة،

والإنكارِ على من نفاها أو شبَّه الله بخلقه،


كقول نُعيمِ بنِ حماد الخزاعي شيخِ البخاري:


( من شبه الله بخلقه فقد كفر،

ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر،

وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسولُه تشبيهاً ) انتهى،
وكلامهم هذا كثير.


ومما يدل على إثبات السلف للصفات

وأنهم ليسوا على وفاق مع أولئك المتأولين،

أن أولئك الـمُتَأَوِّلَةَ كانوا خصوماً للسلف،

وكانوا يرمونهم بالتشبيه والتجسيم لإثباتهم الصفاتِ،

ولو كان السلف يوافقونهم

في عدم دِلالة النصوص على صفات الله

لم يجعلوهم خصوماً لهم ويرموهم بالتشبيه والتجسيم،

وهذا ظاهر ولله الحمد.







من مواضيعي في المنتدى
»» الدحلانيون
»» لماذا تمنع الحكومة الإيرانية مواطنيها من السفر إلى العمرة ؟
»» مواطن سعودي اسمه فيصل يُعلن إسلامه
»» مدون إيراني يروي قصة هروبه من الوحشية إلى باكستان
»» الأوقاف توزع كتاب النقاب عادة وليس عبادة على خطباء المساجد
 
قديم 10-04-10, 06:00 PM   رقم المشاركة : 14
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road



الباب السابع:

في أقوال السلف المأثورة في الصفات


اشتهر عن السلف كلمات عامة وأخرى خاصة

في آيات الصفات وأحاديثها.

فمن الكلمات العامة قولهم:

( أمروها كما جاءت بلا كيف ).

روي هذا عن مكحولٍ والزهريّ ومالكِ بنِ أنسٍ

وسفيانَ الثوريّ والليثِ بنِ سعدٍ والأوزاعيّ.


وفي هذه العبارةِ ردٌّ على المعطلة والمشبهة.

ففي قولهم:

( أمروها كما جاءت ) رد على المعطلة.

وفي قولهم:

( بلا كيف ) رد على المشبهة.


وفيها أيضاً دليل على أن السلف كانوا يثبتون

لنصوص الصفات المعانـيَ الصحيحةَ التي تليق بالله.


تدل على ذلك من وجهين:


الأول قولهم: ( أمروها كما جاءت )،

فإن معناها إبقاء دلالتها على ما جاءت به من المعاني،

ولا ريب أنها جاءت لإثبات المعاني اللائقة بالله تعالى.

ولو كانوا لا يعتقدون لها معنىً لقالوا:

( أمروا لفظها ولا تتعرضوا لمعناها ) ونحوِ ذلك.


الثاني قولهم: ( بلا كيف )،

فإنه ظاهر في إثبات حقيقة المعنى،

لأنهم لو كانوا لا يعتقدون ثبوته

ما احتاجوا إلى نفي كيفيته،

فإن غير الثابت لا وجود له في نفسه،

فنفي كيفيته من لغو القول.


فإن قيل:

ما الجواب عما قاله الإمام أحمد في حديث النزول وشَبَهِهِ:

( نؤمن بها ونصدق، لا كيف ولا معنى ).


قلنا:

الجواب على ذلك

أن المعنى الذي نفاه الإمام أحمد في كلامه

هو المعنى الذي ابتكره المعطلة من الجهمية وغيرهم

وحرفوا به نصوص الكتاب والسنة عن ظاهرها

إلى معانٍ تخالفه.


ويدل على ما ذكرنا أنه نفى المعنى ونفى الكيفية،

ليتضمن كلامه الردَّ على كلتا الطائفتين المبتدعتين

طائفةِ المعطلة وطائفةِ المشبهة.



ويدل عليه أيضاً ما قاله المؤلف في قول محمد بن الحسن:

( اتفق الفقهاء كلُّهم من المشرق إلى المغرب

على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

في صفة الرب عز وجل

من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه ) انتهى،



قال المؤلف:

أراد به تفسيرَ الجهمية المعطلة

الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف

ما كان عليه الصحابةُ والتابعون من الإثبات، انتهى.



فهذا دليل على أن تفسير آيات الصفات وأحاديثها

على نوعين:

الأول تفسير مقبول،

وهو ما كان عليه الصحابة والتابعون

من إثبات المعنى اللائق بالله عز وجل

الموافقِ لظاهر الكتاب والسنة.

الثاني تفسير غير مقبول،

وهو ما كان بخلاف ذلك.


وهكذا المعنى، منه مقبول ومنه مردود، على ما تقدم.



فإن قيل:


هل لصفات الله كيفية؟


فالجواب: نعم لها كيفية، لكنها مجهولة لنا.

لأن الشيء إنما تعلم كيفيته بمشاهدته

أو مشاهدة نظيره أو خبر الصادق عنه،

وكل هذه الطرقِ غير موجودة في صفات الله.


وبهذا عرف أن قول السلف:

( بلا كيف ) معناه بلا تكييف،

لم يريدوا نفي الكيفية مطلقاً،

لأن هذا تعطيل محض،

والله أعلم.







من مواضيعي في المنتدى
»» مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية مع طائفة الرفاعية
»» افزعوا لها يا اخوان
»» سوسيولوجيا الدماء الدينية ثنائية المسيح والحسين
»» الرسائل المفيدة في تصحيح العقيدة
»» الانتخابات الإيرانية بين إرادة الشعـب وأطماع المعممين
 
قديم 10-04-10, 08:56 PM   رقم المشاركة : 15
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road



الباب الثامن:


في علو الله تعالى وأدلة العلوّ


علو الله تعالى من صفاته الذاتية،

وينقسم إلى قسمين علوِّ ذات وعلو صفات.


فأما علو الصفات فمعناه أنه ما من صفة كمال

إلا ولله تعالى أعلاها وأكملُها،

سواء كانت من صفات المجد والقهر

أم من صفات الجمال والقدْر.


وأما علو الذات فمعناه أن الله بذاته فوق جميع خلقه،

وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع

والعقل والفطرة.



فأما الكتاب والسنة فإنهما مملوءان بما هو صريح أو ظاهر

في إثبات علو الله تعالى بذاته فوق خلقه.

وقد تنوعت دلالتهما على ذلك.


فتارة بذكر العلو والفوقية

والاستواء على العرش وكونه في السماء،

مثلُ قوله تعالى:

( وهو العلي العظيم )

( سبح اسم ربك الأعلى )

( يخافون ربهم من فوقهم )

( الرحمن على العرش استوى )

( ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض )


وقولِه صلى الله عليه وسلم:

( والعرش فوق ذلك، والله فوق العرش )

( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ).



وتارة بصعود الأشياء وعروجها ورفعها إليه،

مثلُ قوله تعالى:

( إليه يصعد الكلم الطيب )

( تعرج الملائكة والروح إليه )

( بل رفعه الله إليه )

وقولِه صلى الله عليه وسلم:

( لا يصعد إلى الله إلا الطيب )

( فيعرج الذين باتوا فيكم إلى ربهم )

( يُرفع إليه عملُ الليل قبل عمل النهار،

وعملُ النهار قبل عمل الليل ).



وتارة بنـزول الأشياء منه ونحوِ ذلك،

مثلُ قوله تعالى:

( تنـزيل من رب العالمين )

( قل نزله روح القدس من ربك )

وقولِه صلى الله عليه وسلم:

( ينـزل ربنا إلى السماء الدنيا

حين يبقى ثلث الليل الآخر ).


إلى غير ذلك من الآيات،

والأحاديث التي تواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم

في علو الله تعالى على خلقه تواتراً يوجب علماً ضرورياً

بأن النبي صلى الله عليه وسلم قالها عن ربه

وتلقتها أمته عنه.



وأما الإجماع،

فقد أجمع الصحابة والتابعون لهم بإحسان

وأئمةُ أهل السنة

على أن الله تعالى فوق سمواته على عرشه.

وكلامهم مملوء بذلك نصّاً وظاهراً.


قال الأوزاعي:

( كنا - والتابعون متوافرون - نقول:

إن الله تعالى ذكرُه فوق عرشه،

ونؤمن بما جاءت به السنة من الصفات ).


قال الأوزاعي هذا بعد ظهور مذهب جهم

النافي لصفات الله وعلوِّه،

ليعرف الناس أن مذهب السلف

كان يخالف مذهب جهم.


ولم يقل أحد من السلف قطُّ إن الله ليس في السماء،

ولا أنه بذاته في كل مكان،

ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء،

ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل ولا منفصل،

ولا أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه.


بل قد أشار إليه أعلم الخلق به في حجة الوداع

يومَ عرفةَ في ذلك المجمع العظيم،

حينما رفع إصبعه إلى السماء يقول:

( اللهم اشهد )

يُشهِد ربه على إقرار أمته بإبلاغه الرسالة،

صلوات الله وسلامه عليه.







من مواضيعي في المنتدى
»» بين بابا الفاتيكان.. ومرشد الثورة في إيران
»» فضيحة الشيخ طنطاوي
»» فِرق الموت وأوسمة الشرف تترا علينا
»» الشيعة هم الفتنة
»» انكشاف الأغطية في مهاجمة خامنئي لتيار السلفية
 
قديم 10-04-10, 09:07 PM   رقم المشاركة : 16
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road



وأما العقل،


فإن كل عقل صريح

يدل على وجوب علو الله بذاته فوق خلقه من وجهين:


الأول: أن العلو صفة كمال،

والله تعالى قد وجب له الكمال المطلق من جميع الوجوه،

فلزم ثبوت العلو له تبارك وتعالى.


الثاني: أن العلو ضدُّه السُّفْلُ، والسُّفْل صفة نقص،

والله تعالى مُنَزه عن جميع صفات النقص،

فلزم تنـزيهُه عن السُّفْل وثبوتُ ضده له وهو العلو.



وأما الفطرة،


فإن الله تعالى فطر الخلق كلَّهم العرب والعجم

حتى البهائمَ على الإيمان به وبعلوه.

فما من عبد يتوجه إلى ربه بدعاء أو عبادة

إلا وجد من نفسه ضرورةً بطلب العلو

وارتفاع قلبه إلى السماء،

لا يلتفت إلى غيره يميناً ولا شمالاً.

ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة

إلا من اجتالته الشياطينُ والأهواءُ.


وكان أبو المعالي الجويني يقول في مجلسه:

( كان الله ولا شيءَ، وهو الآن على ما كان عليه )

يُعَرِّضُ بإنكار استواء الله على عرشه،


فقال أبو جعفرٍ الهمْداني:

( دعنا من ذكر العرش - أي لأنه ثبت بالسمع -

وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا،

ما قال عارف قطُّ يا الله،

إلا وجد من قلبه ضرورةً بطلب العلو،

لا يلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرَةً.

فكيف ندفع هذه الضرورةَ من قلوبنا؟ )


فصرخ أبو المعالي ولطم رأسه وقال:

( حيرني الهمْداني، حيرني الهمْداني ).



فهذه الأدلة الخمسة كلها تطابقت

على إثبات علو الله بذاته فوقَ خلقه.



فأما قوله تعالى:

( وهو الله في السموات وفي الأرض

يعلم سركم وجهركم )

وقولُه:

( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله


فليس معناهما أن الله في الأرض كما أنه في السماء،

ومن توهم هذا أو نقله عن أحد من السلف

فهو مخطئ في وهْمه وكاذب في نقله.



وإنما معنى الآيةِ الأولى

أن الله مألوه في السموات وفي الأرض،

كل من فيهما فإنه يَتَأَلَّه إليه ويعبده.


وقيل: معناها أن الله في السموات،

ثم ابتدأ فقال: ( وفي الأرض يعلم سركم وجهركم )

أيْ إن الله يعلم سركم وجهركم في الأرض،

فليس علوه فوق السموات بمانع

من علمه سركم وجهركم في الأرض.



وأما الآية الثانية فمعناها

أن الله إله في السماء وإله في الأرض،

فألوهيته ثابتة فيهما وإن كان هو في السماء.


ونظير ذلك قول القائل:

فلان أمير في مكة وأمير في المدينة،

أيْ إن إمارته ثابتة في البلدين،

وإن كان هو في أحدهما،

وهذا تعبير صحيح لغة وعرفاً،

والله أعلم.







من مواضيعي في المنتدى
»» مؤلفات فضيلة الشيخ محمد العريفي جزاه الله خيرا
»» اسألوا الصوفية / الشيخ صفوت الشوادفي
»» سامحينا يا غزة فإنا عاجزون
»» الشيعة ( 1 ) للشيخ سفر الحوالي حفظه الله تعالى
»» التحالف الغادر : تحالف إيران وإسرائيل
 
قديم 11-04-10, 06:18 PM   رقم المشاركة : 17
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road



الباب التاسع:


في الجهة


نريد بهذه الترجمة أن نبين

هل الجهةُ ثابتة لله تعالى أو منتفية عنه؟


والتحقيق في هذا أنه لا يصح إطلاق الجهة على الله تعالى

لا نفياً ولا إثباتاً، بل لابد من التفصيل.


فإن أريد بها جهةَ سُفل، فإنها منتفية عن الله وممتنعة عليه،

لأن الله تعالى قد وجب له العلو المطلق بذاته وصفاته.

وإن أريد بها جهةَ علو تحيط به،

فهي منتفية عن الله وممتنعة عليه أيضاً،

فإن الله أعظمُ وأجلُّ من أن يحيط به شيء من مخلوقاته،

كيف وقد وسع كرسيه السموات والأرض؟

( والأرض جميعاً قبضته يومَ القيامة

والسموات مطويات بيمينه

سبحانه وتعالى عما يشركون


وإن أريد بها جهةَ علو تليق بعظمته وجلاله

من غير إحاطة به، فهي حق ثابتة لله تعالى واجبة له.



قال الشيخ أبو محمد عبد القادر الجيلاني

في كتابه الغُنْيَةُ

( وهو سبحانه بجهة العلو مستو على العرش،

محتو على الملك ) انتهى.


ومعنى قوله: ( مُحْتَوٍ على الملك )

أنه محيط بالملك تبارك وتعالى.


فإن قيل:


إذا نفيتم أن يكون شيء من مخلوقات الله محيطاً به،

فما الجواب عما أثبته الله لنفسه في كتابه

وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم

وأجمع عليه المسلمون من أن الله سبحانه في السماء؟


فالجواب أن كون الله في السماء

لا يقتضي أن السماء تحيط به.

ومن قال ذلك فهو ضالّ إن قاله من عنده،

وكاذب أو مخطئ إن نسبه إلى غيره.


فإنّ كل من عرف عظمة الله تعالى وإحاطتَه بكل شيء

وأن الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة

وأنه يطوي السماء كطَيِّ السجل للكتب،

فإنه لن يخطر بباله أن شيئاً من مخلوقاته يمكن أن يحيط به.


وعلى هذا فيُخَرَّجُ كونه في السماء على أحد معنيين:


الأول:

أن يراد بالسماء العلوَّ،

فيكون المعنى أن الله في العلوّ، أيْ في جهة العلو.

والسماء بمعنى العلو ثابت في القرآن،


قال الله تعالى:

( ويُنَزِّل عليكم من السماء ماء )

أيْ من العلو، لا من السماء نفسِها،

لأن المطر ينزل من السحاب.


الثاني:

أن تجعل ( في ) بمعنى ( على )،

فيكون المعنى أن الله على السماء.

وقد جاءت ( في ) بمعنى ( على ) في مواضعَ كثيرةٍ

من القرآن وغيرِه،

قال الله تعالى:

( فسيحوا في الأرض )

أيْ على الأرض.







من مواضيعي في المنتدى
»» قد تكون شيعياً وأنت لا تعلم
»» الشيخ صالح اللحيدان يلقي درسه في الظلام الدامس
»» إيران بين الدعوة للفتنة في الحج وتغيير اتجاه القبلة
»» تعددت الأصنام والشرك واحد
»» هل الأخذ بظواهر الآيات كفر ؟
 
قديم 13-04-10, 05:15 PM   رقم المشاركة : 18
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


الباب العاشر:


في استواء الله على عرشه



الاستواء في اللغة يطلق على معانٍ

تدور على الكمال والانتهاء.


وقد ورد في القرآن على ثلاثة أوجه:

مطلقاً كقوله تعالى: ( ولما بلغ أشده واستوى )

أيْ كمل،

ومُقَيَّداً بإلى كقوله تعالى: ( ثم استوى إلى السماء )

أيْ قصد بإرادة تامة،

ومقَيَّداً بعلى كقوله تعالى: ( لتستووا على ظهوره )

ومعناه حينئذٍ العلوُّ والاستقرار.


فاستواء الله على عرشه معناه علوّه واستقراره عليه،

علوًّا واستقراراً يليق بجلاله وعظمته.


وهو من صفاته الفعليةِ

التي دلّ عليها الكتاب والسنة والإجماع.


فمن أدلة الكتاب قولُه تعالى:

( الرحمن على العرش استوى ).

ومن أدلة السنة ما رواه الخلال في كتاب السنة

بإسناد صحيح على شرط البخاري

عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه قال

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

( لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه )

ذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص34.


وقال الشيخُ عبدُ القادر الـجَيْلانِيُّ:

( إنه مذكور في كل كتاب أنزله الله على كل نبي )
انتهى.


وقد أجمع أهل السنة على أن الله تعالى فوق عرشه.

ولم يقل أحد منهم إنه ليس على العرش.

ولا يمكن أحداً أن ينقل عنهم ذلك لا نصًّا ولا ظاهراً.



وقال رجل للإمام مالكٍ رحمه الله:

يا أبا عبد الله ( الرحمن على العرش استوى )

كيف استوى؟


فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرُّحَضَاءُ - العرقُ -

ثم قال:

( الاستواء غير مجهول،

والكيف غير معقول،

والإيمان به واجب،

والسؤال عنه بدعة،

وما أراك إلا مبتدعاً )

ثم أَمَرَ به أن يُخْرَج.



وقد رُوِيَ نحوُ هذا

عن ربيعةَ بنِ أبي عبد الرحمن شيخِ مالك.


فقوله: ( الاستواء غير مجهول )

أيْ غير مجهول المعنى في اللغة،

فإن معناه العلو والاستقرار.


وقوله: ( والكيف غير معقول )

معناه أنا لا ندرك كيفية استواء الله على عرشه بعقولنا،

وإنما طريق ذلك السمع، ولم يَرِدِ السمعُ بذكر الكيفية،

فإذا انتفى عنها الدليلان العقليُّ والسمعيُّ

كانت مجهولة يجب الكف عنها.


وقوله: ( الإيمان به واجب )

معناه أن الإيمان باستواء الله على عرشه

على الوجه اللائق واجب،

لأن الله أخبر به عن نفسه،

فوجب تصديقه والإيمان به.


وقوله: ( والسؤال عنه بدعة )

معناه أن السؤال عن كيفية الاستواء بدعة،

لأنه لم يكن معروفاً في عهد النبي

صلى الله عليه وسلم وأصحابه.


وهذا الذي ذكره الإمام مالك رحمه الله في الاستواء

ميزان عامّ لجميع الصفات التي أثبتها الله لنفسه في كتابه

وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

فإن معناها معلوم لنا، وأما كيفيتها فمجهولة لنا،

لأن الله أخبرنا عنها ولم يخبر عن كيفيتها.

ولأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات،

فإذا كنا نثبت ذاتَ الله تعالى من غير تكييف لها،

فكذلك يكون إثبات صفاته من غير تكييف.






من مواضيعي في المنتدى
»» حضرا لعقد القران فعادا بزوجتيهما
»» من هو أتاتورك؟
»» مفتي مصر السابق الشيخ نصر واصل يؤيد الشيخ اللحيدان
»» خبراء يؤكدون أهمية الوضوء صحيًّا
»» أنصفوا حزب الله والمقاومة السنية يا قوم
 
قديم 13-04-10, 05:34 PM   رقم المشاركة : 19
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road



قال بعض أهل العلم:


إذا قال لك الجهمي إن الله ينزل إلى السماء الدنيا،

فكيف ينزل؟


فقل له:

إن الله أخبرنا أنه ينزل، ولم يخبرنا كيف ينزل.


وقال آخر:

إذا قال لك الجهمي في صفة من صفات الله

كيف هي؟


فقل له:

كيف هو بذاته؟

فإنه لا يمكن أن يكيف ذاته.


فقل له:

إذا كان لا يمكن تكييفُ ذاته،

فكذلك لا يمكن تكييف صفاته،

لأن الصفاتِ تابعةٌ للموصوف.



فإن قال قائل:

إذا كان استواء الله على عرشه بمعنى العلو عليه،

لزم من ذلك

أن يكون أكبرَ من العرش أو أصغر أو مساوياً،

وهذا يقتضي أن يكون جسماً، والجسم ممتنع على الله.



فجوابه أن يقال:


لا ريبَ أن الله أكبرُ من العرش، وأكبرُ من كل شيء.

ولا يلزم على هذا القول

شيء من اللوازم الباطلة التي يُنَزَّه الله عنها.


وأما قوله إن الجسم ممتنع على الله،

فجوابه أن الكلام في الجسم وإطلاقَه على الله

نفياً أو إثباتاً من البدع

التي لم ترد في الكتاب والسنة وأقوال السلف.

وهو من الألفاظ المجملة التي تحتاج إلى تفصيل.


فإن أريد بالجسم الشيءُ الـمُحْدَثُ المركَّب

المفتقرُ كلُّ جزء منه إلى الآخر،

فهذا ممتنع على الرب الحي القيوم.


وإن أريد بالجسم ما يقوم بنفسه ويَتَّصِف بما يليق به،

فهذا غير ممتنع على الله تعالى،

فإن الله قائم بنفسه متصف بالصفات الكاملة

التي تليق به.



لكن لما كان لفظ الجسم يحتمل ما هو حقّ وباطل

بالنسبة إلى الله

صار إطلاقُ لفظِه نفياً أو إثباتاً ممتنعاً على الله.



وهذه اللوازم التي يذكرها أهل البدع

- ليتوصلوا بها إلى نفي ما أثبته الله لنفسه

من صفات الكمال - على نوعين:



الأول


لوازمُ صحيحةٌ لا تنافي ما وجب لله من الكمال،

فهذه حقٌّ يجب القولُ بها وبيانُ أنها غير ممتنعة على الله.


الثاني

لوازمُ فاسدةٌ تنافي ما وجب لله من الكمال،

فهذه باطلة يجب نفيها وأن يبينَ أنها غير لازمة

لنصوص الكتاب والسنة،

لأن الكتاب والسنة حقّ ومعانيهما حقّ،

والحقّ لا يمكن أن يلزم منه باطل أبداً.



فإن قال قائل:

إذا فسرتـمُ استواءَ الله على عرشه بعلوه عليه

أوهم ذلك أن يكون الله محتاجاً إلى العرش ليُقِلَّّه.



فالجواب


أنّ كل من عرف عظمة الله تعالى

وكمال قدرته وقوته وغناه

فإنه لن يخطر بباله

أن يكون الله محتاجاً إلى العرش لِيُقِلَّه.


كيف والعرش وغيره من المخلوقات

مفتقر إلى الله ومضطر إليه،

لا قِوام له إلا به،

ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره؟!








من مواضيعي في المنتدى
»» قصيدة الإمام ابن القيم فى الرد على النصارى
»» حضرا لعقد القران فعادا بزوجتيهما
»» المصحف المرتل للقارئ محمد عبدالكريم - 1427 mp3-
»» كروبي الأمن الإيراني أسوأ من الصهاينة
»» سامحينا يا غزة فإنا عاجزون
 
قديم 13-04-10, 05:41 PM   رقم المشاركة : 20
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road




فإن قيل:

هل يصح تفسير استواء الله على عرشه باستيلائه عليه،

كما فسره به المعطلةُ فراراً من هذه اللوازم؟


فالجواب أنه لا يصح.


وذلك لوجوه، منها:


1-أنّ هذه اللوازمَ إنْ كانت حقّاً

فإنها لا تمنع من تفسير الاستواء بمعناه الحقيقي،

وإن كانت باطلاً فإنه لا يمكن أن تكون

من لوازم نصوص الكتاب والسنة،

ومن ظن أنها لازمةٌ لها فهو ضالّ.


2-أن تفسيره بالاستيلاء

يلزم عليه لوازم باطلة لا يمكن دفعها،

كمخالفة إجماع السلف،

وجواز أن يقال إن الله مستوٍ على الأرض

ونحوِها مما ينزه الله عنه،

وكون الله تعالى غيرَ مستولٍ على العرش

حين خلق السمواتِ والأرضَ.


3-أن تفسيره بالاستيلاء غير معروف في اللغة،

فهو كذبٌ عليها. والقرآن نزل بلغة العرب،

فلا يمكن أن نفسره بما لا يعرفونه في لغتهم.


4-أن الذين فسروه بالاستيلاء

كانوا مُقِرِّين بأن هذا معنىً مجازيٌّ.


والمعنى المجازيُّ لا يُقْبَلُ إلا بعد تمام أربعة أمور:


الأولِ الدليلِ الصحيحِ المقتضي

لصرف الكلام عن حقيقته إلى مجازه.


الثاني احتمالِ اللفظِ للمعنى المجازيِّ - الذي ادّعاه -

من حيث اللغة.


الثالثِ احتمالِ اللفظ للمعنى المجازيِّ الذي ادعاه

في ذلك السياق المعيَّنِ.

فإنه لا يلزم من احتمال اللفظ لمعنىً من المعاني

من حيثُ الجملةُ،

أن يكون محتمِلاً له في كل سياق،

لأن قرائن الألفاظِ والأحوالِ قد تمنع بعض المعاني

التي يحتملها اللفظ في الجملة.


الرابعِ أن يُبَيِّنَ الدليلَ على أنّ المرادَ من المعاني المجازيةِ

هو ما ادعاه،

لأنه يجوز أن يكون المرادُ غيرَه،

فلا بد من دليل على التعيين.

والله أعلم.







من مواضيعي في المنتدى
»» أسباب انتشار النقاب في مصر
»» إلى محبي الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
»» إحياء الآثار بداية الشرك على الأرض
»» إيران تحذر الغرب من التفاوض مع طالبان
»» لا تأخذكم بهم رأفة
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:16 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "