العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-10-11, 09:26 PM   رقم المشاركة : 1
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


طغاة العرب ودرس القذافي!!/حسام مقلد

طغاة العرب ودرس القذافي!!

حسام مقلد

يا لها من لحظة حاسمة في تاريخ ليبيا حين قتل طاغيتها العنيد معمر القذافي!! إنها لحظة تاريخية بكل معنى الكلمة حين تقاذفت أيادي الثائرين الصابرين من سخر منهم ونهرهم صارخاً: (من أنتم؟!) ووصفهم بأنهم "جرذان" و"عملاء" و"خونة" ومدمنين يتناولون "حبوب الهلوسة"، وتوعدهم "بالمجازر" وأنه سيلاحقهم في كل مكان "بيت بيت، دار دار، شبر شبر، زنقة زنقة" وسوف يقتلهم ويبيدهم و"يسحقهم" ... وكل ذلك فقط لأن هذا الشباب الغض النبيل تجرأ وطالب بالعيش في حرية وكرامة كبقية شعوب الأرض!! لكن الغرور والكبر فعل فعله بالقذافي وأخذته العزة بالإثم فكيف يحدث ذلك؟! كيف يطالب هؤلاء الـ "جرذان" العقيد الزعيم الملهم المفكر معمر القذافي زعيم الثورة الليبية ـ ثورة الفاتح العظيم ـ القائد الأممي، وعميد الحكام العرب، وملك ملوك أفريقيا وإمام المسلمين، وصاحب النظرية العالمية الثالثة التي أهداها للبشرية في كتابه الأخضر ذلك الكتاب المقدس (لدى القذافي ورهطه) الذي كانت مقولاته آيات تتدفق نورا وحكمة حولت ليبيا إلى "جماهيرية عظمى" (...!!)

في الواقع لم تكن أسطورة القذافي شيئا من ذلك الوهم الذي صنعه!! بل كان كابوسا شديدا وثقيلا جثم على قلوب وعقول الليبيين ردحا طويلا من الزمن!! وقد شاهد الكثيرون طوال الأشهر الثمانية الماضية منذ اندلاع ثورة الشعب الليبي المجيدة المدن الليبية، وكنت شخصيا حريصا على متابعة المشهد الليبي عن كثب بحثا عن معالم التقدم والرقي الذي جعل به القذافي ليبيا دولة عظمى!! ودققت مليا في الأمر؛ لفهم طبيعة بنية وتركيبة النظام الجماهيري، ومعرفة تفاصيله ومؤسساته ومكوناته الاجتماعية والثقافية والفكرية والديموجرافية، وكثيرا ما تأملت الطرق والشوارع والأبنية الليبية محاولا رؤية أي مظهر من مظاهر الرخاء والثراء والنهضة العمرانية تشي بأن ليبيا دولة نفطية ثرية، ووالله في كل مرة كنت أخفق في إيجاد أي أثر ولو بسيط يدل على ذلك، ولا علم لي بأن ليبيا القذافي برزت في أي مجال من مجالات العلم أو الأدب، ولم أسمع عن أي تميز لها في مجالات التعليم مثلا أو الطب أو الإعلام، أو الفن!!
ونظرا لأن ليبيا تمتلك ثروة هائلة من عائدات النفط وأن عدد سكانها قليل فقد كان من المتوقع أن نرى شعبا ثريا مرفها وألا نجد فقراء إلا فيما ندر، لكن المفاجأة أننا رأينا أغلبية الليبيين يشكون ضيق ذات اليد ويعانون الفقر والبؤس والحرمان، بل إن هناك الكثير من الدول العربية والإفريقية غير النفطية أكثر نهضة ورقيا وتقدما من ليبيا القذافي!!! وكل تلك المأساة وقعت لأن القذافي كان وحده هو المتحكم في ثروة الشعب الليبي ومقدراته، وأنه استغل مئات المليارات من الدولارات في الإنفاق على نزواته وتمويل جرائمه عبر العالم، ولم تكن لديه أية مشكلة في ترك الشعب الليبي يعاني من العوز والفاقة، ولم يخطر بباله بناء حضارة ولا تشييد دولة مدنية حديثة يتمتع مواطنوها بالرفاهية والحرية، ولذلك لم ينشئ جامعات متميزة، ولم يؤسس أية نهضة تعليمية أو تقنية حقيقية؛ لأنه لم يهتم قط بالشعب الليبي، بل يخطر هذا الشعب على باله أصلا، وهل كان للقذافي أن يهتم بشعبه وهو يرى نفسه وحده المجد والتاريخ والعظمة؟!!

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم كل هذه الثروة الطائلة ومليارات الدولارات حرم القذافي الشعب الليبي منها وبددها بنزقه وطيشه وغروره في سخافات ومهاترات ومؤامرات، لقد كان هذا الرجل شخصا مريضا بكل معنى الكلمة، وأنا على يقين من أنه كان مصابا بجنون العظمة (البارانويا) ولكن ما لا أفهمه حقا ما الذي أقنع الليبيين بهذيانه طوال اثنين وأربعين عاما؟! تُرى ما الذي حققته لهم "النظرية العالمية الثالثة" يا إلهي!! كيف تحمل الشعب الليبي كل هذا الخرف والهذان؟!! كيف سكت على كل هذا العته والجنون؟!! كيف صبر على كل هذا العبث طيلة أربعة عقود كاملة ونيف؟!!

بصراحة شديدة لا أخفي دهشتي من انخداع شريحة كبيرة من الليبيين بشخصية هذا الرجل وتصديقهم لخرافاته وأوهامه ولا أخفي كذلك تعجبي من خضوع الشعب الليبي له طيلة اثنين وأربعين عاما على الرغم من أنه لم يحقق لهم أية إنجازات تذكر في أي مجال من مجالات الحياة، ولا أفهم ماذا كانت تفعل اللجان الشعبية التي كانت بحسب نظامه السياسي (الشائه...!!) هي من تتخذ القرارات التنظيمية لمختلف شئون الدولة وتراقب تنفيذها، فأين كان دورها في الرقابة والمحاسبة؟! وكيف سمح الليبيون لهذا الرجل وأبنائه وعصابته باستغفالهم إلى هذا الحد؟! أم تُراها قابليتنا نحن العرب للاستعمار كما قال المفكر الكبير مالك بن نبي؟!! لكنها بائسة جدا نهاية طغاة العرب في الدنيا!! فهم بين: فار هارب هائم على وجهه، وسجين يظهر للناس في صورة مهينة ذليلة، وقتيل على أيدي البسطاء الذين تجبر عليهم، والله وحده يعلم كيف سيكون مصيرهم في الآخرة!!!

ومن جانب آخر فلكَمْ تمنى الكثيرون أن يرَوْا وجهَيْ علي عبد الله صالح وبشار الأسد(وكل طاغية...!!) وهما يشاهدان جثة القذافي غارقا في دمائه!! تُرى كيف كانت مشاعرهما؟! وماذا وقر في قلبيهما بشأن مصيرهما القادم؟! ألم يتملكهما الذعر وينتابهما الفزع وهما يتحسسان رأسيهما خوفا من نفس المصير المؤكد بأمر الله تعالى فنهاية الظالمين والطغاة غالبا ما تكون واحدة؟!! هل وصلتهما الرسالة شديدة الوضوح التي وصلت كافة الشعوب العربية؟! هل فكرا في تعلم درس القذافي جيدا والاستفادة منه قبل فوات الأوان؟! هل يبادران في مراجعة مواقفهما من الأحداث؟! وهل يبحثان جديا الآن وفورا عن مخرج مشرف؟! أمَا من أحد حكماء العالم يلقي إليهما بطوق النجاة؟! هل ما يزال كل منهما يكابر قائلا: كلا !! كلا!! بلدي يختلف عن غيره؟! ألم يستمعا للقذافي ونجله وهما يرددان: "إحنا مش تونس ومصر"؟!
ألا يزال كل من نظامي علي عبد الله صالح وبشار الأسد يراهن على خصوصيته ويخدع نفسه بمئات الآلاف الذين يحشدهم أنصاره ليهتفوا باسمه؟! هل يصدقان هذه الشعبية المزيفة التي يصنعها الخوف من بطشهما وجبروتهما؟! ألم يشاهدا من قبل الحشود الحاشدة في باب العزيزية هاتفة باسم القذافي؟! ألم يحشر مئات الآلاف من الليبيين في الساحة الخضراء رافعين صور العقيد الملهم والزعيم الأوحد رمز ليبيا وعزها ومجدها؟! ألم يفعل الناس هناك ذلك رهبا وطمعا؟! بلى والله، وها هي الجموع التي هتفت للقذافي هي ذاتها التي تملأ ساحات ليبيا الآن مبتهجة بموته وزواله!! فلا يغررك يا بشار ولا أنت يا صالح تجميع الناس حولكما، وحشرهم كراهية بمئات الآلاف رافعين صوركما هاتفين باسميكما، فهذه المشاهد التمثيلية الكاذبة لم تعد تنطلِ على أحد، ولن يصدق العالم أن لكما أية شعبية أو رصيد حقيقي في قلوب الجماهير، فهيا قبل فوات الأوان بادرا وأنقذا نفسيكما، واحفظا بلديكما من الدمار واحقنا دماء شعبيكما، وكونا على ثقة تامة بأنه لو استمر عنادكما فإن الناس لن يرجعوا إلى بيوتهم قبل رؤيتكما مخلوعين هاربين أو محبوسين أو مقتولين!! وبعدها ينطلقون في طريق بناء وتعمير ما خربتموه أنتم وأنظمتكم الفاسدة!!

عن موقع رابطة أدباء الشام






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:12 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "