وسطيةأهلالسنةوالجماعة
الشيخ العلامة سفر بن عبدالرحمن الحوالي
إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،،،
أما بعد :
فنحمد الله أن جعلنا جميعا من أهل السنة , ففي ذلك اصطفاء لنا واختيار تكريم من الله تبارك وتعالى لمن كان كذلك، ونحمده أن جمعنا لنعرف بعضا من خصائصهم ومناقبهم العظيمة , التي ميزهم الله تبارك وتعالى بها عن سائر أهل الإسلام .
تعلمون أن الله تبارك وتعالى يخلق ما يشاء ويختار، وقد اختار أمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم والملل ، يقول تعالى : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق للخيرات بإذن الله } . ويقول تبارك وتعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون } . ويقول تبارك وتعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا }.
فهذه الأمة أوتيت الكتاب واصطفيت , وكانت خير أمة أخرجت للناس , وهي شهيدة على الناس يوم القيامة , حين يشهد عليها رسولها صلى الله عليه وسلم .
والله تبارك وتعالى اختص واختار من هذه الأمة المصطفاة المختارة , طائفة بعينها , هي في هذه الأمة كأمة الإسلام بين أهل الأديان وسائر الملل , وهذه الفئة والطائفة , هي ما نسميه أهل السنة والجماعة . ولهذه التسمية مدلولها ففيها وبها يتميز المنهج والخاصية العظمى لأهل السنة والجماعة .
أهل السنة والجماعة , كما يتضح من اسمهم , أول ما يميزهم وأعظم خاصية لهم هي أنهم يتمسكون بكتاب الله تبارك وتعالى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وعملا واعتقادا ظاهرا وباطنا , فلا يأخذون دينهم وإيمانهم واعتقادهم من غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , كائنا من كان ذلك المصدر , ولا يقدمون بين يدي الله ورسوله , ولا يرفعون أصواتهم فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا يرضون أن يرفع أحدا صوته فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحدث في هذا الدين أمرا مخالفا لهديه , مجانبا لسنته.
وبضدها تتميز الأشياء فإذا قارنا بين هذا المنهج العظيم وبين غيره من المناهج , فإن ذلك الفرق يبدو جليا واضحا , ولسنا في صدد تبيان تلك المناهج بالتفصيل , ولكن لو نظرنا نظرة إجمالية , لوجدنا أن المناهج هي في الأصل ثلاثة :
المنهج الأول : هو ذلك المنهج الذي ينحى المنحى العقلي , الذي يدعي بزعمه العقل , وتحكيم العقل والمنطقية والنظريات العقلية .
والمنهج المضاد : هو ذلك المنهج الذي يستقي ويستمد , من الكشف أو من الذوق أو من الوجد وما شابه ذلك , أي المعايير غير العقلية معيار العاطفة , أو معيار الظن .
وبإيجاز نقول أن الأول هو منحى أهل الكلام عموما من معتزلة وأشعرية ومن جرى مجراهم , هذا المنحنى يجعل الدين والإيمان والعقيدة فكرة عقلية , فالإيمان عندهم فكرة عقلية .
والمنهج المضاد , هو منهج أهل التصوف والتفهم بغير المشروع , وهؤلاء يجعلون الإيمان والعقيدة تجربة روحية .
ولهذا يصعب حصر الطريقتين , لأن العقول تختلف وتتباين , والتجارب الروحية الذاتية أكثر اختلافا وأكثر تباينا .
وميز الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة بالرجوع إلى الكتاب والسنة , فعرفوا للعقل قيمته ومنزلته , وعرفوا للحقائق والأذواق الإيمانية الحقة قيمتها ومنزلتها .
والحكم في ذلك كله هو النص : من الوحي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , كما قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : {{ قل إنما أنذركم بالوحي }} .
ولا يوجد عند أهل السنة والجماعة تصور معارضة أو تضاد بين العقل الصحيح السليم وبين الوحي , ولا بين الذوق الإيماني الصحيح وبين الوحي , فضلا عن أن يقال كما قال أولئك : عند التعارض يقدم العقل , أو يقدم الكشف , أو يقدم أي شيء غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . بل أن من أصول أهل السنة والجماعة , أن أقوال أئمة أهل السنة والجماعة ابتداء من الصحابة الكرام ومرورا بالتابعين ثم بالأئمة الأربعة والسلف الصالح أجمعين أقوال هؤلاء - على الرغم من قدرهم وفضلهم - لا يمكن بأية حالة من الأحوال أن يعارض بها نص من الكتاب والسنة على الإطلاق , وإنما هي في منزلة بعد منزلة النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلا يمكن أن يقدموا قول أحد , كائنا من كان على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإن كان صحابيا ذا فضل , أو إماما مجتهدا , فضلا عن أن يقدموا على كلامه أحد المبتدعة أو الضالين أو أصحاب الكلام وأصحاب الأذواق والموازين والكشوفات الباطلة . وبهذا تميز منهج أهل السنة والجماعة .
و هذا ينقلنا إلى الميزة الأخرى , فمنهجهم قائم على العلم ..
فهم في كل أمر , وفي كل حكم يطلبون الدليل من الكتاب والسنة , ولهذا نجد أن علماء السنة - الذين كتبوا والذين لم يدونوا - نجد أنهم جميعا من أهل السنة والجماعة .
أهل السنة والجماعة , أكثر طوائف الأمة حرصا على السنة وتدوينا لها , وحفظا . وإن وجد من غيرهم من يهتم بها فهو لخدمة هوى في نفسه , أو ليخلط حقا بباطل , ولا يخلوا من ذلك .
أما أهل السنة والجماعة فيهتمون بكتاب الله عز وجل حفظا وتلاوة , ويهتمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم حفظا وفهما , وكذلك تصحيحا وتضعيفا . فالحديث الضعيف - فضلا عن الموضوع - لا يعتد به ولا يعمل به , فضلا عن الكشوفات , أو الآراء أو المنامات التي يعتمد عليها غيرهم .
فهم إذن يتميزون بالبصيرة وبالمنهج الصحيح , وهو منهج العلم المتـلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة الرجال الثـقات الذين لم تشهد أمة من الأمم على الإطلاق مثلهم في الحصر والضبط والدقة والفهم والاستنباط .
ومما يميز أهل السنة والجماعة ويختصون به دون غيرهم من الطوائف , انهم أمة وسط , وهذه الوسطية تتجلى في أمور الإيمان والعقيدة جميعا . وكما أن هذه الأمة - أي أهل القبلة عموما - جعلها الله تبارك وتعالى أمة وسطا , فأهل السنة هم وسط أهل هذه الأمة وخيارها , وهم أصحاب المنهج الوسط في هذه الأمة . ولو أخذنا نضرب الأمثلة من أبواب العقيدة بابا بابا , لطال بنا المقام , ولكن نوجز ذلك بما يتضح به المنهج القويم .
فمثلا , في صفات الله تبارك وتعالى :
نجد أن الطوائف قد ضلت , فمنهم من أثبت وغلا في الإثبات , حتى مثل الله تبارك وتعالى بخلقه , وهؤلاء هم أهل التمثيل أو التشبيه , وهؤلاء - كما عبر السلف - عباد صنم ، لأنهم جعلوا صفات الله تبارك وتعالى مماثلة لصفات المخلوقين .
وفي المقابل نجد أولئك الذين نفوا صفات الله تبارك وتعالى , وغلوا بالتنزيه - بزعمهم - حتى لم يثبتوا له تبارك وتعالى شيئا من صفاته , أو أنكروا بعضا منها , وهؤلاء - كما قال السلف - المعطل عابد عدم . الممثل عابد صنم , والمعطل عابد عدم وصفوا الله تبارك وتعالى بالعدم ..!!
كما نقول مثلا في صفة العلو , نقول ونؤمن ونعتقد - نحن أهل السنة والجماعة - كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه , أن الله تبارك وتعالى على العرش استوى , وأنه فوق جميع المخلوقات .
فيقول هؤلاء - أي الممثلة - : استوى كالمخلوقين !! . ويقول أولئك - أي المعطلة - : لا داخل العالم ولا خارجه , ولا فوقه ولا تحته , ولا يمينه ولا شماله !! . نعوذ بالله من الزيغ والضلال .
فأهل السنة وسط , يثبتون لله تبارك وتعالى كل ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات , إثباتا لا تمثيل فيه , وينفون عن الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به نفيا لا تعطيل فيه , من غير تحريف ومن غير تكييف . وهذا هو المنهج السليم الصحيح الذي كان عليه أهل السنة والجماعة جميعا .
ولننتقل إلى باب آخر ...
فمثلا في باب الإيمان والأحكام والأسماء , نجد أن بعض طوائف الأمة قد غلت , حتى كـفَّـرت من يرتكب ذنبا من الذنوب دون الكفر أو الشرك , أخرجته من الملة أو حكمت عليه بالخلود في النار .
ونجد في المقابل , من استهان وفرط في الأمر , حتى سل أهل المعاصي والكبائر والفجور وجعلهم مؤمنين كاملي الإيمان .
فالخوارج مثلا وتبعهم في ذلك المعتزلة , يقولون أن مرتكب الكبيرة كافر - كما تقول الخوارج - , أو هو في منزلة بين الإيمان والكفر - كما تقول المعتزلة - , فغلوا في ذلك . فجاءوا إلى كل ما ذكر الله تبارك وتعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم من المعاصي والكبائر , كالزنى وشرب الخمر والسرقة وأمثالها , فجعلوا فاعل ذلك كافر خارج عن الملة مثل من عبد غير الله تبارك وتعالى . هذا غلو , رغم أن هذا الغلو كانت تصحبه العبادة , ويصحبه الزهد بالدنيا , كما سيأتي إن شاء الله فيما يتعلق في هذه الخاصية.
وأما المرجئة , فإنهم قالوا أن العبد إذا قال لا إله إلا الله وشهد لله تعالى بالوحدانية وأقر لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة , فإنه مؤمن كامل الإيمان , وإن عمل ما عمل , وأنكروا أن الإيمان يزيد وينقص .
وكلا هذين الطرفين خرج عن الجادة الصحيحة وعن الصراط المستقيم , وعن ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . فمما هو معلوم - كما لا يخفى على أحد يقرأ كتاب الله عز وجل - أن الله تبارك وتعالى فرق في الحكم بين من يشرك به فيعبد غيره , وبين من يرتكب شيئا من هذه المعاصي , كما فرق النبي صلى الله عليه وسلم . والأدلة كثيرة , لا تحصى , وهو صلى الله عليه وسلم رجم الزاني وقطع يد السارق وجلد شارب الخمر . فلو كانت كل هذه الذنوب ردة وكفر كالكفر الأكبر المخرج من الملة , لكان حكمها واحد ولا تفريق بينها . وأيضا للمرجئة , لو كان العاصي والفاجر , كامل الإيمان , فما معنى تلك الآيات العظيمة التي جاءت في صفات المؤمنين وفي بيان أحوالهم وما يتميزون به عن غيرهم , وتلك الآيات الصريحة القطعية من كتاب الله تعالى في بيان أن الإيمان يزيد وينقص , وما جاء أيضا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فوفق الله تبارك وتعالى أهل السنة , فكانوا الأمة الوسط بين هؤلاء وهؤلاء.
وإذا انتقلنا إلى باب آخر من أبواب العقيدة والإيمان ...
ننتقل إلى باب القدر , الذي ضلت فيه العقول و الأفهام التي ابتعدت عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وفق الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة , فكانوا على الجادة والصراط المستقيم .
فإن القدرية - أي الذين نفوا القدر ولم يثبتوه - غلوا في تحميل العبد للمسؤولية عند فعل المعصية , فقالوا : العبد مسؤول عما يفعل من المعاصي وغلوا في ذلك حتى قالوا أن الله تعالى لم يقدر عليه هذه المعاصي ولم يخلقها , ثم غلوا حتى جعلوا جميع أفعال العبد هو الذي يستأنفها من عند نفسه , والله تبارك وتعالى لم يكتبها عليه , ولم يقدرها عليه , وغلا بعضهم فقال لا يعلم الله بها إلا بعد وقوعها ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . كل ذلك غلو وجموح وجنوح عن الصراط القويم .
فقابلتهم الجبرية ... وقالوا لا حيلة للعبد ولا إرادة له ولا اختيار , وغلوا في إثبات القدر , حتى آل بهم الأمر إلى أن جعلوا الإنسان كالريشة في مهب الريح , لا إرادة له ولا اختيار فكل الأمور بالقدر , حتى إذا فعلوا المعاصي وانتهكوا الحرمات قالوا : هذا بقدر الله , وليس لنا بذلك أي ذنب , وهؤلاء في ضلال مبين .
وفق الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة , فمشوا وتمشوا بصريح القرآن والسنة , فأثبتوا أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق لأفعال العباد كما أنه هو الخالق لكل البشر : {{ والله خلقكم وما تعملون }} . وفي نفس الوقت أثبتوا أن العبد هو الفاعل , فالعبد هو الذي يفعل أفعاله كما هو في كتاب الله سبحانه وتعالى : {{ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره }} , فالعبد هو الفاعل , والله تعالى هو الخالق , وفعل العبد بناء وبمقتضى مشيئة وإرادة خَـلَـقَهَا الله تعالى فيه , وأعطاه إياها , وكما قال تعالى : {{ وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين }} . فالمشيئة التي تنفذ وتتحقق ولا يردها أحد هي مشيئة الله تبارك وتعالى , والعبد مع أن له مشيئة يتصرف بها ويكون مسؤولا عما تمليه عليه من الأعمال , إلا أن هذه المشيئة لا تكون إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى , وكل ذلك في علمه تبارك وتعالى كما صرح في القرآن وفي السنة .
فأهل السنة والجماعة لا يردون أي آية ولا حديث في القدر بحجة أنه يؤدي إلى الجبر , أو يؤدي إلى نفي مسؤولية العبد , ويؤمنون بالجميع . وأما أولئك , فإنهم لا بد يردوا ..!!!
فالقدرية النفاة , يردون كل حديث أو آية تدل على إثبات القدر - في بدعتهم تدل على الجبر - كقوله تعالى : {{ وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى }} , وكالحديث الصحيح المتفق عليه في محاجة آدم وموسى عليهما السلام , عندما تحاجا فقال موسى لآدم ( أنت أبونا الذي خيـبتـنا وأخرجتـنا من الجنة ) , فقال آدم عليه السلام ( أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه , تلومني بأمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني بأربعين عاما ) , يقول صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى .
وكذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه - وهو المسمى حديث الصادق المصدوق - الذي يقول في أوله : ( حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق , أن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة , ثم يكون علقة مثل ذلك , ثم مضغة مثل ذلك , ثم يرسل الله تعالى الملك فيأمره بنفث الروح ويأمر بكتب أربع كلمات : رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد , والله الذي لا إله غيره أن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها , وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) .
فأيضا أنكروا هذا الحديث , وأنكروا كثيرا من الأحاديث رغم ثبوتها وصحتها , لأنها بزعمهم تفضي إلى الجبر .
كما أن أولئك أنكروا كل ما يدل على استقلال العبد بفعله وأنه هو الذي يفعل , وبذلك أنكروا كل ظواهر القرآن وصريحه في أن العبد هو الذي يعمل , كقوله تعالى : {{ فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى }} . فأنكروا أن العبد هو الذي يعطي أو يُصَدِّق أو يُكَذِّبَ أو يبخل , وجعلوا الفعل كله له تبارك وتعالى .
المقصود أن الله تعالى وفق أهل السنة والجماعة , فآمنوا بكل الآيات وبكل الأحاديث وكانوا وسطا بين القدرية والجبرية .
إذا انتقلنا إلى موضوع آخر , نجد أيضا هذه الوسطية , وهو موضوع الصحابة الكرام , أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
فالرافضة , يلعنون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , بل يكفرونهم إلا نفر يسير معدودين , يقولون أنهم علي وأصحابه الذين والوه , والخوارج بالمقابل يكفرون علي ابن أبي طالب وعثمان رضي الله تعالى عنهما ويكفرون من والاهما .
فوفق الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة , أهل الدليل والاتباع والأثر , فهم يوالون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا ويترضون عنهم جميعا ولا يُـكَـفِّـرون أحدا منهم , وإنما يؤمنون ويقرون بما أثـبته الله تبارك وتعالى من فضلهم ومن الكرامة لهم ومن السابقة ومن الإحسان , ويؤمنون بأن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة , فلا يذموهم كما فعلت الرافضة ولا يكفرونهم , أو يكفرون بعضا منهم , كما فعلت الخوارج , وأيضا لا يغـلون في حب أحد منهم , حتى أبا بكر الصديق - وهو أجلهم جميعا - لا يبالغون فيه ولا يرفعونه فوق درجته الحقيقية , كما فعلت الرافضة حين رفعت أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه إلى درجة الألوهية , فجعلوه إلها من دون الله وبعضهم جعله في منزلة النبوة ، نسأل الله العفو والعافية .
الله سبحانه وتعالى وفق أهل السنة والجماعة , فكانوا على الطريق القويم والوسط , لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء .
وكذلك أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يحبونهم ويوالونهم ولا يعظمونهم ويخرجوهم من منزلتهم التي هم عليها حقا . ولا يرضون لما نالهم من الأذى , ولا يؤذونهم , بل يحبونهم المحبة الشرعية التي جعـلها الله تبارك وتعالى لسائر المؤمنين وزيادة , لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم .
من خصائص أهل السنة والجماعة , التي لا يشاركهم فيها غيرهم أنهم موعودون بالنجاة من عذاب الله تبارك وتعالى يوم القيامة , وذلك مبني على أنهم هم الطائفة المهتدية التي ثبتت على الصراط المستقيم في هذه الحياة الدنيا , وأن غيرهم متوعد بالهلاك وبالعقوبة في الآخرة . وعندما نقول أن أهل السنة موعودون بالنجاة وأن غيرهم متوعد بالهلاك , لا يعني ذلك أن كل فرد من أهل السنة والجماعة هو ممن يدخل الجنة ابتداء , كما لا يعني ذلك أن كل فرد من غير أهل السنة والجماعة لا يدخل الجنة انتهاء , أو لا يدخلها ابتداء , ولكن من حيث الجملة أهل السنة موعودون بالنجاة وأهل البدع متوعدون بالهلاك .
ثم أهل البدع طوائف , فمن خرج عن الملة فهذا حكمه حكم المشركين والمنافقين في النار خالدا فيها مخلدا - نسأل الله السلامة والعافية - وغيرهم , فإن الله سبحانه وتعالى ينصب الميزان يوم القيامة وتوضع حسناتهم وسيئاتهم في كفتي الميزان , فما رجح منها فإن الله تعالى لا يظلم أحدا . فهم يدخلون في أهل الكبائر الذين تنالهم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء وقد تنالهم بعد دخول النار فيخرجون منها .
أما أهل السنة والجماعة فمن كان منهم تام الاهتداء في الدنيا , فهو تام النجاة في الآخرة , كما قال تبارك وتعالى: {{ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون }} . فمن كان تام الاهتداء منهم , تاركا للظلم الذي هو الشرك بطبيعة الحال - وليس في أهل السنة والجماعة مشرك - وتاركا للظلم الأصغر وهو المعاصي والذنوب مجتنبا للكبائر , فهذا يكون ناجيا النجاة الكاملة يوم القيامة . وأما من كان من أهل السنة والجماعة , ولكنه على معصية من المعاصي كالزنى والسرقة أو شرب الخمر أو ما شابه ذلك , فإنه يدخل في الوعيد الذي توعد الله سبحانه وتعالى به من فعل ذلك , ولكنه مع دخوله في الوعيد فإن الشفاعة له أرجى بلا شك ممن كان من أهل الكبائر من غير أهل السنة والجماعة . فمن كان من أهل السنة والجماعة فهو أرجى وأقرب إلى رحمة الله تبارك وتعالى من غيره .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة , وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة , وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة , قيل: ومن هم يا رسول الله , قال : الجماعة . وفي رواية : من كان على ما أنا عليه وأصحابي ) .
فهذا الوعيد لأهل الفرق , الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا , الذين خالفوا وصية الله سبحانه وتعالى : {{ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتضل بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون }} . هؤلاء الذين خالفوا هذه الأوامر وأمثالها يشملهم الوعيد , فهم من الثنتين والسبعين الذين هم متوعدون بالنار . " كلها في النار إلا واحدة " هذه الواحدة هي الجماعة , هي أهل السنة , هي من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . فبذلك يتبـيـن لنا معنى هذا الحديث وهذا ينقلنا إلى قضية المفاضلة بين أهل السنة والجماعة وغيرهم .
وهو أن يقال أن في غير أهل السنة والجماعة من أهل البدع التي لا تخرج عن الملة أهل الشبهات - ولا سيما الشبهات العلمية التي قد تخفى على بعض الناس كالإرجاء غير الغالي وما شابهها - هؤلاء فيهم من العبادة والزهد والجهاد والخير الشيء الكثير , وهذا واقع . ولكن نقول أنه من حيث الجملة , ما من خير ولا خصلة عند غير أهل السنة والجماعة , إلا ولأهل السنة والجماعة من ذلك النصيب الأوفر والكمال في هذه الصفة وفي هذه الخصلة . فأهل السنة والجماعة , منهم المجاهدون ومنهم القراء ومنهم العلماء ومنهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ومنهم الحافظون لحدود الله ومنهم الزهاد ومنهم كل أهل المناقب والفضل في هذه الأمة , فَخَيرِيِّتهم مطلقة , وأما غيرهم وإن شاركهم في شيء من هذه الخيرية , فإنَّ ما شاركهم فيه عند أهل السنة والجماعة أكثر وأوفر ونصيب أكبر . وأيضا سيئات بعض أفراد أهل السنة والجماعة , يوجد عند أهل البدع مثلها وأكبر منها .
وأهل السنة والجماعة وسط حتى في حياتهم العملية .
فمن أهل السنة والجماعة من كان يلي القضاء , ومن كان يلي بعض المناصب , ومن كان ذا مال وسعة وفضل . وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الكاملة , فقد كان فيهم أهل الثراء والغنى , كما كان في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أهل الفاقة والفقر , أهل الصبر والزهد , وكان في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أهل العبادة والذكر , كما كان فيهم أهل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ومن بعدهم حصل عندهم الاضطراب في ذلك , فبعضهم مال إلى الدنيا وركن إليها ولم يتحرز في قبول أي ولاية ولم يتحرز من قبول أي منصب ولا في التوسع في الدنيا والأخذ منها , وقالوا هذه خيرات وطيبات أحلها الله فتوسعوا في ذلك توسعا أخرجهم عما كان عليه السلف من التقلل من الدنيا والرغبة في الآخرة وصدق التوجه إلى الله سبحانه وتعالى . ومنهم طائفة مالت إلى العكس , فأخذوا بالزهد وتركوا متاع الحياة الدنيا , حتى أنهم حرموا الطيبات , أو على الأقل نظروا إلى من يأخذ شيئا من الطيبات بأنه خارج عن الصواب وعن إصابة الحق .
فهذا الأمر وإن كان أمرا واقعيا عمليا - أي في التطبيق العملي - إلا أنه يوصلنا ويدلنا على أن توسط أهل السنة والجماعة فيه خاصية عظمى يتميز بها أهل السنة والجماعة ؛ وهي : أنهم يدخلون في الإسلام كله ويجمعون الدين كله , وأما غيرهم فإن حاله كحال النصارى الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم : {{ فنسوا حظا مما ذكروا به}} , فهؤلاء نسوا حظا مما ذكروا به فكان {{ فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء }} , ووقع بينهم التنازع .
فالصحابة الكرام ومن سار على منهجهم من أهل السنة والجماعة جمعوا الدين كله من جميع جوانبه , فكانوا كما قال الله تبارك وتعالى : {{ يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة }} ادخلوا في الدين كله , آمنوا بآيات وأحاديث الوعيد , وآمنوا بآيات وأحاديث الوعد , آمنوا بالآيات والأحاديث التي تثبت صفات الله سبحانه وتعالى , وآمنوا بالآيات والأحاديث التي تنفي مشابهة الله سبحانه وتعالى لما خلقه من خلقه , وتثبت أنه سبحانه وتعالى {{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }} , آمنوا بالآيات التي تدل على أن صاحب الكبيرة متوعد وأنه معرض للخطر , وفي نفس الوقت آمنوا بالآيات التي تدل على أن المؤمنين المتقين المحسنيـن الأبرار في درجة عليا ومنزلة عظمى وبذلك كانوا أمة واحدة مجتمعة على الحق ومجتمعة على الهدى , رغم تباين انتباهاتهم الخاصة , فهم حققوا عبادة الله تبارك وتعالى , والتي لا تتحقق إلا بأن يكون له جل شأنه كمال الحب وكمال الخضوع وأن يُخَاف وأن يُرْجى . لا بد أن تجتمع أوصاف الرجاء والحب والخضوع , فهذه هي العبودية الحقة , كما قال تعالى : {{ إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين }} , وكما روي عن أنس ابن مالك رضي الله تعالى عنه , يقول : ( كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) . فهذا كان شأنهم , أما غيرهم فإنهم أخذوا جزء من الدين وتركوا الباقي .
فالذين أخذوا جانب الحب وقالوا نعبده تعالى بالحب , قال فيهم السلف : " من عبد الله تعالى بالحب وحده فهو زنديق " لأنهم قالوا أن المحب لا يؤاخذ المحب , فلهذا فعلوا ما شاءوا ونسوا الخوف والرجاء والخضوع . والذين عبدوا الله تبارك وتعالى بالخوف فقط , وتركوا الرجاء وأهملوه كما فعلت الخوارج هؤلاء الحرورية - الخوارج - قال السلف فيهم : " ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري " . يعبدون الله بالخوف , وينظرون إلى جانب الخوف فوصل ذلك بهم إلى تكفير مرتكب الكبيرة , وإلى القنوط وإلى اليأس من رحمة الله سبحانه وتعالى , وإلى سوء الظن بالله تبارك وتعالى , وإلى إنكار شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعة عباد الله الصالحين , كل ذلك نتيجة أنهم أخذوا بجانب الخوف فقط وتركوا الرجاء . والمرجئة عبدوا الله بالرجاء وحده وتركوا جانب الخوف فأصبحوا يرون أن من قال لا إله إلا الله فقد وجبت له الجنة وإن عمل ما عمل , وأهدروا جانب الخوف الذي قال عنه السلف : " الخوف والرجاء كجناحي الطائر لو لم يكن له جناحان لما طار " , فلا بد من وجودهما معا لتكون الحركة متزنة صحيحة .
وفق الله أهل السنة والجماعة , فكانوا جامعين بين الخوف والرجاء وبين المحبة والخضوع , وهذه هي العبودية الحقة والتأله الصحيح لله تبارك وتعالى وظهر أثر الإيمان الحقيقي والصدق في العبودية في نصر الله تبارك وتعالى لأهل السنة وفي تأييده إياهم . فإن الله سبحانه وتعالى أظهر أهل السنة والجماعة بالحجة والبرهان , فلم يوجد طائفة على الإطلاق من أهل الكلام أو من الخوارج أو من الرافضة أو المرجئة أو سائر الطوائف الضالة , طائفة أفحمت أهل السنة والجماعة بالحجة والبيان , بل جعل الله تعالى حجة أهل السنة ظاهرة وجعل كلمتهم هي العليا ( أي من حيث المنهج ومن حيث العلم وكذلك من حيث الجهاد ) , فإنه ما قامت دعوة التوحيد الصادق إلا ونصرها الله سبحانه وتعالى وأظهرها على جميع الأمة وعلى جميع الأعداء من غير الأمة . وهذا ببركة ذلك التمسك بالدين كله والإيمان بالكتاب كله وعدم التفريق فيه , وفي ذلك تصديق قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من هذه الأمة ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم أو من خذلهم ) , وفي إحدى رواياته : ( يجاهدون في سبيل الله ويقاتلون ظاهرين حتى يأتي أمر الله ) . فمن خصائص أهل السنة والجماعة هذا الظهور وهذه الغلبة , وامتن الله تبارك وتعالى عليهم بأنهم باقون متصلون غير منقطعين إلى أن يأتي أمر الله ( وهو الريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين قبيل قيام الساعة فلا يبقى إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة ) . عافانا الله وإياكم من أعمالهم وأن يدركنا ذلك الزمان . فهذا الظهور للحجة والبرهان , يصحبه إظهار الله تبارك وتعالى لهم بالنصر والتأييد والتوفيق .
ومن أعظم ما يميز أهل السنة والجماعة ومن أهم خصائصهم وأجلاها , أنهم منتسبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ... فلو سألت أي طائفة من الطوائف إلى من تنتسبون ومن أول من أظهر أو أنشأ عقيدتكم , لأخبروك . إلاّ أهل السنة والجماعة فإنهم يقولون : هذا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وأصحابه .
لو نظرنا إلى الخوارج نجد أنهم حدثوا في زمن علي رضي الله تعالى عنه .
حين التحكيم حدثت الخوارج , والمرجئة حدثت بعد ذلك , فلم يكن في الصحابة رضوان الله عليهم خارجي , ولا مرجئي , فضلا من أن يكون فيهم رافضي . والرافضة أخطر من الخوارج ومن المرجئة , وأول من أنشئها رجل زنديق , هو عبد الله ابن سبأ اليهودي . المعتزلة لو سُئِـلُوا لقالوا أن " عمر ابن عبيد " هو الذي أسس المنهج والتاريخ شاهد بذلك , التاريخ المحايد من أهل السنة وغيرهم . لو نظرنا إلى أهل الكلام , نجد أن أصولهم ترجع إلى أصول أهل الاعتزال . الصوفية , يقولون " الجنيد " سيد الطائفة , وإذا تعمقوا قليلا قالوا يبتدئ من الحسن البصري , وهذه دعوى منهم . الأشعرية , يقولون نحن ننتمي إلى أبي الحسن الأشعري , وهكذا كل طائفة تـنتـسب إلى رجل ما , ظهر في وقت ما من الأوقات . ولكن أهل السنة والجماعة لا ينتسبون إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولهذا لا يقال لهم أن أول من أوجد مذهبهم أو أنشأه أو أسسه فلان , بل ليس في مذهبهم أي شيء مما أسس , وإنما هو مذهب اتباع لا ابتداع , فلا يوجد أصل من أصول الدين في مذهب أهل السنة والجماعة إلا وهو مأخوذ من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإن وجد غير ذلك وسمي أصلا فهذا عند أهل البدع , أما عند أهل السنة والجماعة فهو بدعة محدثة ولا يعتبر من الدين أبدا , ما دام أنه قد حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أصحابه .
نكتفي بهذه الميزات وهي ليست بالطبع كل خصائص أهل السنة والجماعة , وإنما هي بعض منها , ذكرناها في إيجاز وبتركيز شديدين , والعبرة العظمى التي تهمنا نحن المسلمين هي أن نؤمن بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على منهج السلف الصالح , أهل السنة والجماعة ونتمسك بذلك قولا وعملا ونعض عليه بالنواجذ , ونعلم أنه لا نجاة للمسلمين ولا خير ولا فلاح في الدنيا ولا في الآخرة إلا بأن يكونوا على هذا المنهج السليم القويم , ويتمسكوا ويطيعوا قولا وعملا واعتقادا وجهادا ودعوة , تماما كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح الكرام , الذين ثبتوا عند المحنة والذين جددوا الدين ومن أبرزهم الأئمة الأعلام , الإمام أحمد رحمه الله تعالى , وشيخ الإسلام ابن تيمية في العصور الوسطى ثم شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في العصر الأخير , وهم كثير والحمد لله , فهؤلاء معقود لهم لواء النصر إلى يوم القيامة , كما بشر النبي صلى الله عليه وسلم وهم أيضا موعودون بالنجاة يوم القيامة عند الله تعالى, كما أخبر بذلك الصادق المصدوق .
ونسأ ل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم منهم إنه سميع مجيب ..