بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه
علي بن أبي طالب رضي الله عنه هل هومعصوم؟ لأن الشيعة يقولون لم يفعل علي أي خطأ في حياته ؟
الحمد لله
لا شك أن الصحابة رضوان الله همخير هذه الأمة ، لأن الله اصطفاهم للتلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم , وأكرمهمبصحبته والجهاد معه , لكن مع ما لهم من فضل فإنه لا يحكم لآحدادهم بالعصمة , فاعتقاد العصمة لأحدهم مثل علي رضي الله عنه اعتقاد باطل , لكن عدم عصمته لا تزريبمكانته كأحد السابقين إلى الإسلام , وأحد المهاجرين في سبيل الله , وأحد العشرةالمبشرين بالجنة , وأحد الخلفاء الراشدين .
والشيعة لا يقولون بعصمة علي رضيالله عنه فقط ، بل يقولون بعصمة جميع أئمتهم الاثني عشر .
وعصمة الأئمة عند الشيعة لها أهميةكبرى ، وهي أصل من أصول مذهبهم .
انظر : "تاريخ الإمامة" لعبد اللهفياض (ص157.
والشيعة يبالغون في إثبات العصمةلأئمتهم ، حتى قالوا بعصمتهم من النسيان ، ومن الخطأ في الاجتهاد والتأويل .
قال المجلسي (ت 1111 هـ) في "بحارالأنوار" (25/211) :
"اعلم أنّ الإماميّة اتّفقوا علىعصمة الأئمّة عليهم السّلام من الذّنوب صغيرها وكبيرها ، فلا يقع منهم ذنب أصلاً ،لا عمداً ولا نسياناً ، ولا لخطأ في التّأويل ، ولا للإسهاء من الله سبحانه" انتهى.
فالمجلسي يثبت للأئمة العصمة منجميع الأوجه المتصورة ، من المعصية كلها الصغيرة والكبيرة، ومن الخطأ ، ومن السهووالنسيان .
وهذا الباطل يقول به إمامهمالخميني في كتابه "الحكومة الإسلامية" (ص91) ، حيث يقول عن أئمتهم : إنهم "لا يتصورفيهم السهو والغفلة" .
مع أن العصمة بهذا المعنى لم تثبتللأنبياء ، صلوات الله وسلامه عليهم ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم غير معصوممن السهو والنسيان ، بل ثبت في أحاديث كثيرة نسيانه صلى الله عليه وسلم في الصلاة .
ولما صَلَّى النبي صلى الله عليهوسلم ذات يوم صلاة وسها فيها ، أقبل على الناس بعد الصلاة وقال لهم : (إِنَّمَاأَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُفَذَكِّرُونِي) رواه البخاري (401) ومسلم (572) .
وإثبات العصمة لشخصٍ ما معناهاإثبات النبوة له ، لأن المعصوم يجب اتباعه في كل ما يقول ، ولا تجوز مخالفته في شيء، وهذه خاصة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
ولذلك قال الإمام مالك رحمه الله : كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر ، وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليهوسلم .
وقال شيخ الإسلام في "منهاج السنة" (3/174) :
"فمن جعل بعد الرسول معصوما يجبالإيمان بكل ما يقوله فقد أعطاه معنى النبوة وإن لم يعطه لفظها" انتهى .
والحقيقة : أن الشيعة باعتقادهمعصمة أئمتهم عن الخطأ والنسيان فَضَّلوهم بذلك على الأنبياء والمرسلين ، بل سووهمبرب العالمين ، فإنه سبحانه المنزه عن النسيان (لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى) طه/52 ، وقال تعالى : (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) مريم/64 .
وهذا ما صرح به الخميني ، في كتابه "الحكومة الإسلامية" (ص113)، حيث يقول : "إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن" !!
فانظر كيف جعل كلام الأئمة كالقرآن، ولم يكتف بجعله ككلام النبي صلى الله عليه وسلم !!
ثانياً :
أما قول الشيعة : إن علياً لم يفعلأي خطأ في حياته ، فهذا غير صحيح ، فله مواقف تراجع عنها، وندم عليها ، وله فتاوىواجتهادات خالف فيها السنة الصحيحة الثابتة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهالله :
"وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهندم على أمور فعلها ، من القتال وغيره ، وكان يقول ليالي صفين : لله در مقام قامهعبد الله بن عمر وسعد ابن مالك [وذلك لأنهما اعتزلا القتال] إن كان بِرًّا إن أجرهلعظيم ، وإن كان إثما إن خطره ليسير ، وكان يقول : يا حسن ، يا حسن ، ما ظن أبوك أنالأمر يبلغ إلى هذا ، ود أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة .
ولما رجع من صفين تغير كلامه ،وكان يقول : لا تكرهوا إمارة معاوية ، فلو قد فقدتموه لرأيتم الرؤوس تتطاير عنكواهلها ، وقد روي هذا عن علي رضي الله عنه من وجهين أو ثلاثة ، وتواترت الآثاربكراهته الأحوال في آخر الأمر ، ورؤيته اختلاف الناس ، وتفرقهم وكثرة الشر الذيأوجب أنه لو استقبل من أمره ما استدبر ما فعل ما فعل" انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (6/209) .
والخليفة الذي لا يعرف له فتوىخالف فيها السنة الثابتة هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وهو جدير بذلك ، فقد كانأعلم الصحابة ، وأفضلهم ، وأكثرهم ملازمة للرسول صلى الله عليه وسلم .
أما الخلفاء الثلاثة بعده [عمروعثمان وعلي رضي الله عنهم] فلهم اجتهادات خالفوا فيها السنة ، وعلي رضي الله عنهكان أكثر منهما في ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهالله :
"ولم يعرف لأبي بكر فتيا ولا حكمخالف نصا ، وقد عرف لعمر وعثمان وعلي من ذلك أشياء ، والذي عرف لعلي أكثر مما عرفلهما .
مثل قوله في الحامل المتوفى عنهازوجها : إنها تعتد أبعد الأجلين ، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهقال لسبيعة الأسلمية لما وضعت بعد وفاة زوجها بثلاث ليال : (حللت فانكحي من شئت) ولما قالت له : إن أبا السنابل قال : ما أنت بناكحة حتى يمضي عليك آخر الأجلين . قال : (كذب أبو السنابل) .
وقد جمع الشافعي في كتاب خلاف عليوعبد الله من أقوال علي التي تركها الناس لمخالفتها النص أو معنى النص جزءا كبيرا .
وجمع بعده محمد بن نصر المروزيأكثر من ذلك ، فإنه كان إذا ناظره الكوفيون يحتج بالنصوص فيقولون : نحن أخذنا بقولعلي وابن مسعود ، فجمع لهم أشياء كثيرة من قول علي وابن مسعود تركوه أو تركه الناس، يقول : إذا جاز لكم خلافهما في تلك المسائل لقيام الحجة على خلافهما ، فكذلك فيسائر المسائل ، ولم يعرف لأبي بكر مثل هذا" انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (8/299) .
فظهر بهذا أن إثبات العصمة لعليرحمه الله أو لأولاده خطأ وضلال .
ودعوى أنه لم يخطئ في حياته كذب ،يخالف الواقع .
واللهأعلم