العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 08-01-10, 09:53 PM   رقم المشاركة : 1
النظير
شخصية مهمة







النظير غير متصل

النظير is on a distinguished road


التعاملات السرّية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة 1/2

التعاملات السرّية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة (1-2)

تأليف د. تريتا بارزي

تمهيد: هذه فقرات من كتاب تريتا بارزي الكاتب الإيراني/ الأمريكي رئيس المجلس الوطني الأمريكي الإيراني والمدرس بجامعة هوبكنز بالولايات الأمريكية المتحدة، ونهدف من نقل هذه الفقرات تقديم لب هذا الكتاب القيم والذي يتناول تاريخ العلاقات بين مثلث أمريكا إسرائيل إيران، والتحولات السياسية ومستقبل العلاقات.

ليكون القارئ المسلم والعربي على اطلاع متجدد بالدراسات الرصينة حول الموضوع من مصادر تحسب على أعضاء المثلث نفسه!

ننبه إلى أن عناوين الفقرات من وضعنا وليست من الكتاب. الراصد

أولاً:علاقات إيران وإسرائيل

إسرائيل ترفض اغتيال الخميني زمن الشاه!

فرّ الشاه، وسلّم شهبور بختيار مقاليد السلطة، وهو معارض بارز لحكم الشاه ولم يكن موضع ثقة الشاه، ولا الإسلاميين، ولا اليساريين. عرض الموساد دعمه على بختيار الذي ألمح إلى أنه سيكون مفيداً قيام إسرائيل "بإسكات الخميني"، وهو آية الله الإيراني المتشدد الذي تزعّم المعارضة في وجه الشاه من مقره خارج باريس. وعرض بختيار نصح الشاه بالتقدم بالطلب مباشرة إلى تل أبيب، ولكن إسرائيل رفضت طلب بختيار، مذكّرة رئيس الوزراء الإيراني الجديد بأن إسرائيل ليست شرطي العالم. (انقلبت الأدوار بعد عقد من ذلك. فاستناداً إلى تقارير صحفية، دخل عملاء إيرانيون منزل بختيار بباريس ـ حيث كان لاجئاً ـ وقتلوه بوحشية).(ص122)

إسرائيل تتودد إلى ثورة الخميني!

بعد شهور قليلة فقط على انتصار الثورة، وبالرغم من قطع العلاقات، عرضت تل أبيب إعادة عدد من الدبابات الإيرانية أميركية الصنع والتي كان الشاه قد شحنها إلى إسرائيل من أجل تحديثها، وقبلت إيران ذلك العرض. وسعت إسرائيل بعدة طرق إلى التودد إلى حكومة الخميني، ولكنها وجدت أن مشاعر مختلطة تنتاب طهرا إزاء مدى فائدة الدولة اليهودية. (ص140)

وزير إيراني يزور إسرائيل لشراء الأسلحة بداية حكم الخميني!

في مستهل العام 1980، أي بعد شهور من اندلاع أزمة الرهائن، قام أحمد كاشاني، النجل الأصغر لآية الله العظمى أبو القاسم كاشاني الذي لعب دوراً رئيسياً في تأميم صناعة النفط الإيرانية في العام 1951، بزيارة إسرائيل ـ وعلى الأرجح أنه كان أول إيراني يقوم بذلك بعد الثورة ـ لمناقشة مبيعات الأسلحة والتعاون العسكري ضدّ البرنامج النووي العراقي في أوزيراك. بالرغم من أنه عرّف عن نفسه بأنه "مواطن غير رسمي قلق"،
أثمرت رحلته عن موافقة بيغن على شحن إطارات لطائرات الفانتوم المقاتلة إضافة إلى شحن أسلحة إلى الجيش الإيراني. جاء قرار بيغن متناقضاً تماماً مع مصلحة الولايات المتحدة وسياسة واشنطن الصريحة القائمة على فرض عزلة على إيران لتأمين تحرير الرهائن الأميركيين. انتاب كارتر الحنق من عدم تحسس بيغن للآلام التي كنت تعاني منها أميركا. وبعد تبادل عنيف للعبارات بين الرئيسين العنيدين، وبّخ كارتر إسرائيلّ بتعليقه المبيعات المستقبلية من قطع الغيار للدولة اليهودية.

لكنّ تحدّي بغين آتى ثماره، فقد بادل آية الله الخميني الخطوة الإسرائيلية بالسماح لعدد كبير من اليهود الإيرانيين بمغادرة إيران. عبر الآلاف منهم نحو باكستان باستخدام الحافلات، ومن هناك، جرى نقلهم بواسطة الطائرات إلى أستراليا حيث سُمح لهم بالهجرة إلى الولايات المتحدة أو إلى إسرائيل. واستناداً إلى محمد رضا أمين زاده، وهو مسؤول إيراني فرّ من البلاد في العام 1985، أجرى عقيدة في الجيش الإسرائيلي اسمه يوري المفاوضات على الصفقة، والذي زار إيران في مستهل العام 1980.

كشف استعداد إيران للتعامل مع إسرائيل كيف أن المآزق التي كانت تعاني منها طهران حدّت من قدرتها على متابعة أهدافها الإيديولوجية. خلال هذه المرحلة المبكرة، أظهر الثوريون ميلاً إلى وضع الإيديولوجية جانباً لتقديم أمنهم ومصالحهم الخاصة. في لحظة معينة، قام أحد المقربين من آية الله الخميني بإخباره بأن هناك شحنة كبيرة من الأسلحة تفكر إيران بشرائها ومصدرها إسرائيل. سعى هذا الشخص إلى الحصول على موافقة آية الله الخميني على المضي قدماً في صفقة الشراء. وسأل آية الله الخميني إن كان من الضروري مناقشة مصدر الأسلحة والاستعلام عنه عند القيام بعملية الشراء، فأجاب ذلك الشخص بالنفي. فردّ عليه آية الله الخميني بهدوء، "إذاً، نحن لا نبالي".

بدا وضحاً بشكل متزايد أن خطاب إيران المعادي لإسرائيل لا يتطابق مع سياستها الفعلية. ففي الوقت الذي كانت إيران تتعامل فيه سرّاً مع الحكومة الإسرائيلي، كانت تدين علناً الدولة اليهودية، وتشكك في حقها في الوجود. على سبيل المثال، دعا وزير الخارجية الإيراني في 14 أغسطس/ آب 1980 إلى وقف مبيعات النفط إلى الدول التي تدعم إسرائيل. وبعد صخب كبير، لم يتم تنفيذ ذلك التهديد. ويشرح خبير في قضايا السياسة الخارجية الإيرانية يقيم بطهران المسألة فيقول: "لعبت المعارضة الإيديولوجية لإسرائيل دوراً لصالح هذا النظام قبل انتصار الثورة. وبعد أن تولّى الثوريون السلطة، تصرفوا بناء على مبادئ مختلفة. إحدى الركائز الأساسية للسياسة الخارجية للحكومة الثورية كانت "المعارضة الخطابية لإسرائيل، والتعاون العملي... مع الدولة اليهودية".

من الواضح، أن الترتيبات لم تكن مثالية بالنسبة إلى إسرائيل، لكن منطق المبدأ المحيطي أرغم إسرائيل على التودد إلى الإيرانيين. فتصاعد شعبية السادات في الولايات المتحدة، وعلاقات بيغن الخاصة المجمّدة مع كارتر، عقّدا الخيارات الاستراتيجية الإسرائيلية. فإذا كان التقارب الأميركي العربي بعد كامب ديفيد سيتعزز أكثر، فإن حاجة إسرائيل إلى ثقل موازِن إقليمي للعرب ـ إيران ـ سيزداد تبعاً لذلك. لذلك، كان من الضروري إبقاء الأبواب مفتوحة للفوز بإيران مجدداً. ويعلّق غاري سيك، الذي خدم في مجلس الأمن القومي الأميركي في ذلك الوقت، على ذلك بالقول: " من منظور إسرائيلي، كانت تلك خطة استراتيجية بعيدة المدى، كانت تلك السياسة المحيطية. كانوا يحاولون تكرار التجربة الأثيوبية مع إيران" . لكن في 22 سبتمبر/ أيلول 1980، تحققت تكهنات الشاه بأن صدام حسين سيهاجم إيران عندما يُعطى الفرص؛ بعد خمس سنين فقط من التوقيع على اتفاقية الجزائر. وبدلاً من أن تجد إسرائيل نفسها أكثر اعتماداً على إيران، كانت طهران هي التي وجدت نفسها فجأة في حاجة ماسة إلى قدرة إسرائيل على الحصول على الأسلحة الأميركية. (ص 141 ـ 143)


جوهر السياسة الإيرانية!

انسجمت الحقيقة مع الإيديولوجيات في طهران. فبغزو إيران، جسّد صدام حسين الخطر العربي الذي يهدد إيران، وزاد من تأثير القوى الجيوسياسية التي أوجدت المحور الإسرائيلي الإيراني قبل عدة عقود. يمكن للحماسة الإيديولوجية أن تدافع عن إيران إلى حدّ معين، ودار جدال بين الثوريين بكثافة داخل الدوائر المغلقة حول ما إذا كان يوجد شيء اسمه "مصلحة قومية" أو ما إذا كان ينبغي على الإيديولوجية وحدها أن تملي على الدولة أفعالها. مع تزايد الصعوبات الناشئة عن الحرب، مالت النقاشات بشكل متزايد إلى البراغماتية. وبالرغم من أن هذا الميل لم يبدأ إلاّ في الشهور التي تلت انتصار الثورة، فقد زاد اعتداء صدام وعزلة إيران من حدّة التحوّلات في السياسة الخارجية الإيرانية ـ في سلوكها وليس في خطابها ـ بعيداً عن الإيديولوجية ونحو النهج العملي والمنفعة الذاتية. في النهاية، لم يعد في مقدور إيران صدّ الجيش العراقي الغازي بدون توسيع قنواتها مع إسرائيل وواشنطن من أجل شراء الأسلحة وقطع الغيار للعتاد الحربي المنوع في الولايات المتحدة.

بعد أن بدأ مفهوم المصلحة القومية يفرض هيمنته، بدأ العديدون يجادلون بالحاجة إلى فتح قنوات مع الولايات المتحدة، وحتى استخدام وسطاء إسرائيليين إذا لزم الأمر. لكن كان يتعين الإبقاء على كافة الاتصالات مع الإسرائيليين سرّية لأن القنوات المفتوحة ستقوّض مصداقية إيران الإيديولوجية. لكن بدلاً من الرجوع إلى أنماط السياسة الأولى التي كان يتّبعها الشاه في تحالفه مع إسرائيل ومع الغرب، توصل الثوريون إلى استنتاج مختلف، وهو استنتاج أقرب إلى طريقة الشاه في التفكير بعد التوقيع على اتفاقية الجزائر، وهو أن غزو صدام ـ الذي لم يكن بأي حال سيقنع إيران بالتخلّي عن فكرة التقرّب من جيرانها العرب والسنّة وربط مصيرها بمصير إسرائيل ـ قوّى على نحو يوحي بالتناقض من اعتقاد حكومة آية الله الخميني بأن التوصل إلى تسوية مع العرب عامل حيوي في أمن إيران الدائم والبعيد المدى.


برزت من المأزق الاستراتيجي لإيران ـ مع جذب كل من القوى الإيديولوجية والاستراتيجية السياسةَ الخارجية الإيرانية في اتجاهات مختلفة ـ استراتيجية متعددة المراحل لا تزال تربك المحلّلين السياسيين والقادة الأجانب على حدِّ سواء. فبدلاً من تفضيل إيجاد توازن مع العرب عبر التحالف مع إسرائيل، أو السعي إلى التوصل إلى تسوية مع العرب عبر تولّي الدور الريادي في مواجهة إسرائيل، اختارت طهران القيام بالأمرين معاً عبر التمييز بين سياستها العملانية وخطابها العلني. فمن ناحية، تعاونت إيرانُ سرّاً مع إسرائيل في المسائل الأمنية، ورفعت حدّ خطابها المعادي لإسرائيل إلى مستويات أعلى بكثير للتغطية على تعاملاتها معها. هدفت هذه السياسة، التي ربما برزت كحل وسطي بين الفصائل ذات الدرجات المتفاوتة من الحماسة الإيديولوجية داخل الحكومة، إلى جعل المصالح الإيديولوجية والاستراتيجية يقويّ بعضها البعض الآخر.

تضمنت لائحة الأهداف ضمان الأمن بعيد المدى بوصفها دولة غير عربية في الشرق الأوسط، وإيجاد مكانة متفوقة في المنطقة بالرغم من الانقسام العربي ـ الفارسي أو السنّي ـ الشيعي، وأخيراً، النقاوة الإيديولوجية لحماية هوية الثورة واستخدام الإيديولوجية الإسلامية لإيران كوسيلة لتسهيل بلوغ الهدفين السابقَين.
(ص 148 ـ 149)


ضرب الشعوب العربية بحكوماتها من سياسات إيران!

لكن الإسلام السياسي والمعارضة لإسرائيل خدما غايات استراتيجية أيضاً. فبعد الفشل في تصدير الثورة وإسقاط الأنظمة في الدول العربية المجاورة، سعت إيران إلى استغلال وتوسيع الفجوة بين الشعوب العربية ـ الشارع العربي ـ وبين والحكومات الفاسدة وغير الشعبية عبر استجداء الاعتزاز الديني لدى العرب وشعورهم بالإحباط من عجز الحكومات العربية إزاء إسرائيل والقوى العظمى.
(ص 150)


العراق هو الخطر على إيران!

لكن خطاب إيران العنيف الموجّه ضدّ إسرائيل كان مجرّد خطاب؛ كلمات. ففي انتصار للواقعية على الإيديولوجية، كانت إيران حريصة على عدم ترجمة هذا الخطاب إلى أفعال ملموسة، لأن إيران لا تتحمل الدخول في مواجهة مع الدولة اليهودية في غمرة حربها مع العراق. في هذا الصدد، قال لي نائب وزير الخارجية الإيراني السابق عباس مالكي: "كان صنّاع السياسة الإيرانية أذكى من أن يجعلوا من إسرائيل خطراً مباشراً على إيران، لأنه في ذلك الوقت، كان العراق هو الخطر".
( ص 151)

حقيقة سياسة إيران ودور حزب الله!

ففي العام 1986، اندلعت اشتباكات بين حزب الله والحزب القومي السوري الاجتماعي الموالي لسوريا نتيجة للجهود سوريا الهادفة إلى إخضاع حزب الله لسيطرتها. وهذا ما وضع حليف إيران بلبنان على طرفي نقيض مع حليف إيران ضدّ العراق، فاختارت طهران الحليف الثاني. جدد قرار آية الله الخميني التأكيد على الأهداف الإيديولوجية لإيران مع ضمان عدم متابعة تلك الأهداف بطريقة نشطة بالضرورة. سيبقى تحرير القدس أداة خطابية للفوز بالشرعية في العالم العربي، ولكنه ليس قيمة مثالية في حدّ ذاتها ينبغي السعي إليها عبر القيام بأعمال ملموسة، لكي لا تتعرض حاجات إيران الأمنية قصيرة المدى إلى الخطر. يجادل نائب وزير الخارجية السابق وازي، بالقول: "جدد التأكيد على أن سياستنا تجاه المنطقة تملك جانباً ناعماً وآخر قاسياً للقوة. إننا نعبّر دائماً عن آرائنا ومعتقداتنا. لكن ذلك لا يعني أننا بحاجة إلى تجسيد تلك الآراء في سياستنا الفعلية" .

بتجنّب التورّط بشكل مباشر في القضية الفلسطينية، يمكن لإيران مراعاة حاجاتها الأكثر إلحاحاً. ويصرّ نائب وزير الخارجية السابق عباس مالكي على القول بأنه "كان قرارً استراتيجياً عميقاً. ولو أن آية الله الخميني لم يعارض في ذلك الوقت هذه الخطوة، لما كانت إيران ستتمكن من مقاتلة صدام". يمكن فهم المعارضة الشديدة المتفجرة لإسرائيل ـ التي كانت إيران في أمسّ الحاجة إليها للحصول على إمدادات من الأسلحة ـ بدون ترجمة ذلك الخطاب إلى جهود عملية فقط على ضوء مركزية طموحات إيران إلى قيادة العالم الإسلامي.


الأهم من ذلك ربما هو أن دعم إيران لحزب الله كان مدفوعاً بجهودها الهادفة إلى نشر نموذجها الإسلامي السياسي لكي تتبوأ مركزاً قيادياً في العالم الإسلامي أكثر مما كان مدفوعاً بمعارضة إسرائيل. يشرح سفير إيران لدى لبنان الأمر فيقول: "إذا ركّزنا على النقطة التي تقول بأن لبنان يعتبر قلب البلدان العربية في الشرق الأوسط، ومنصة يجري توزيع الأفكار المختلفة إلى باقي أنحاء العالم العربي انطلاقاً منها، يمكننا الاستنتاج بأن وجود حركة إسلامية في ذلك البلد سيثمر عن ظهور حركات إسلامية في مختلف أنحاء العالم العربي.
( ص 152ـ 153)


إسرائيل تساند إيران في حربها مع العراق!

بعد مرور ثلاثة أيام على دخول القوات العراقية الأراضي الإيرانية، قطع موشي دايان زيارة خاصة كان يقوم بها إلى فيينا لعقد مؤتمر صحفي لحثّ الولايات المتحدة ـ في غمرة أزمة الرهائن ـ على نسيان الماضي ومساعدة إيران على مواصلة دفاعها عن نفسها. بعد ذلك بيومين، قال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي موردخاي زيبوري لصحيفة معاريف الإسرائيلية بأن إسرائيل ستقدم مساعدات عسكرية لإيران في حال غيّرت موقفها العدائي من الدولة اليهودية: "يمكن لإسرائيل أن تقدم مساعدات هامة لإيران وأن تمكّنها ـ من وجهة نظر لوجستية ـ من مواصلة حربها مع العراق. بالطبع، هذا لا يمكن أن يحدث طالما أنه لم يطرأ تغيير جدّي في النظام الإيراني المتطرّف".


تنقلت إسرائيل برشاقة على عدة جبهات. ففي زيوريخ، أفيد بأنه تم عقد لقاء جمع بين مسؤولين إيرانيين وإسرائيليين لإبرام صفقة أسلحة. وهناك، ناقش العقيد الإسرائيلي بن يوسف ونظيره الإيراني العقيد زارابي، مدير المجمّع الصناعي العسكري بإيران اقتراحات كثيرة، منها اتفاق يسمح لتقنيين إسرائيليين بتدريب الجيش الإيراني على تعديل العتاد الحرب أميركي الصنع بيحث يتلاءم مع قطع الغيار إسرائيلية الصنع، وفي واشنطن، حثّ السفيرّ الإسرايلي لدى الأمم المتحدة، إفراييم إيفرون، وزيرَ الخراجية الأميركي إدموند موسكي على تليين موقف إدارة كارتر من مبيعات الأسلحة إلى طهران مع نقل هواجس تل أبيب من مضامين الانتصار العراقي. وعلى العكس من رغبات واشنطن، تراجع بيغن عن الوعد الذي قطعه لكارتر واستأنف مبيعات الأسلحة وقطع الغيار لإيران.
(ص155)


إيران تساعد إسرائيل على ضرب المفاعل النووي العراقي سنة 1981م!

لم تتخلَّ إسرائيل عن فكرة إعادة بناء علاقاتها مع طهران. ربما كانت اتصالات إسرائيل المكثفة مع الجيش الإيراني هي التي مهدت الطريق أمام أكثر تدخلات إسرائيل حسماً في الحرب. ففي 7 يونيو/حزيران 1981، أقلعت، ثماني طائرات إسرائيلية من طراز أف ـ 16 وأربع طائرات من طراز أف ـ 15 قاعدة إتزيون الجوية في ما أُطلق عليه العملية أوبرا. كان هدف تلك المهمة مفاعل البولتونيوم البحثي العراقي في أوزيراك والذي يُشتبه في أنه يُستخدم في تطوير موادّ لصنع أسلحة دمار شامل. أدّت الضربة الجوية إلى تدمير موقع المفاعل بسرعة، وأعادت برنامج الأسلحة النووية العراقي عدة سنين إلى الوراء. عادت جميع الطائرات إلى إسرائيل سالمة مع الغسق في عملية اعتّبرت خالية من الأخطاء، واستناداً إلى صحيفة صنداي تلغراف اللندنية، استعانت إسرائيل بصور فوتوغرافية وخرائط إيرانية للمنشآت النووية. كان هجوم أوزيراك قد نوقش من قبل ضباط إسرائيليين كبار ومندوب عن نظام آية الله الخميني بفرنسا قبل شهر من تنفيذه، استناداً إلى آري بن ميناشي الذي شارك عن قرب في الاتصالات الإسرائيلية الإيرانية في مستهلّ الثمانينيات. في ذلك الاجتماع، شرح الإيرانيون تفاصيل هجومهم غير الموفّق على الموقع في 30/ سبتمبر/ أيلول 1980، ووافقوا على السماح للطائرات الإسرائيلية بالهبوط في مطار إيراني بتبريز في حال الطوارئ. وسواء لعبت إيران دوراً في قصف أوزيراك أم لا، استغلّ العراق الهجوم الإسرائيلي في دعايته الهادفة إلى تقويض الجهود التي تبذلها إيران لإعطاء دورها القيادي في العالم الإسلامي صبغة شرعية. قال العراقيون بأن إيران تخوض حرباً إسرائيلية.
(ص 157 ـ 158)


إسرائيل هيئت المناخ لتصدير ثورة إيران للبنان!

كان العالم في العام 1983 مكاناً مختلفاً عما هو عليه اليوم. ففيما كان دونالد رامسفيلد، المبعوث الخاص للرئيس ريغان، يغدق الثناء على صدام حسين ببغداد، كانت إسرائيل تحثّ واشنطن على عدم الالتفات إلى الدعوات الإيرانية التي تطالب بتدمير الدولة اليهودية، وكان المحافظون الجدد يخططون للتقارب مع نظام الخميني، فيما كانت إيران ـ وليس الولايات المتحدة ـ تُعتبر بعيدة عن الواقع بتخيّلها بروز هلال شيعي.


بدلاً من مواجهة نفوذ إيران في المنطقة، وتحذير الغرب من الهيمنة الإيرانية، سلّمت إسرائيلُ إيرانَ عن غير قصد ـ باجتياحها لبنان ـ نجاحها الوحيد في تصدير ثورتها إلى العالم العربي. بدأ الاجتياح الإسرائيلي في 6 يونيو/ حزيران 1982 ردّاً في الظاهر على محاولة مسلّحين فلسطينيين اغتيال شلومو أرغوف، سفير إسرائيل لدى المملكة المتحدة. غير أن أرييل شارون، الذي كان حينها وزير الدفاع في إسرائيل، كان يخطط لاجتياح لبنان منذ عدة شهور بغرض التخلّص من وجود منظمة التحرير الفلسطينية هناك؛ منذ أواخر العام 1981 على أقل تقدير. مع أن منظمة التحرير كانت ملتزمة بوقف إطلاق النار منذ صيف العام 1981، حسب شارون ورئيس الوزراء مناحيم بغين أنه في حال استطاعا القضاء على وجود المنظمة بلبنان، فسيتمكنا من عكس ميل القوة الدبلوماسية المتنامية للمنظمة، وإخماد الشعلة الفلسطينية الوطنية داخل الأراضي المحتلّة.


جنوب لبنان موطن تقليدي للطائفة الإسلامية الشيعية المحرومة بلبنان. كان الشيعة مستائين من منافسة اللاجئين الفلسطينيين لهم على الموارد المحلّية، وكذلك كانوا مستائين من تصرفات منظمة التحرير في الجنوب. لكنّ الاجتياح الإسرائيلي للجنوب، وطول المدة التي بقي فيها الإسرائيليون في الجنوب، وإنشاؤهم للمنطقة الأمنية أشعر الشيعة بالخوف، وسرعان ما ثاروا على إسرائيل لأنها حرمت الشيعة من إمكانية الوصول إلى الأسواق الجنوبية، وبدأت تغرق اقتصادهم المحلّي بالبضائع الإسرائيلية، مما ألحق أضراراً جسيمة بالمصالح الاقتصادية المحلّية. بالإضافة إلى ذلك، ألحق الاجتياح الإسرائيلي الكثير من الدمار بلبنان، ولم يعمل سوى على زيادة مأساة اللبنانيين الذين كانوا يعانون أصلاً من حرب أهلية استمرّت سبع سنين. قُتل نحو من 20.000 لبناني في ذلك الاجتياح، وشُرّد 150.000 آخرون. وفي سبتمبر/ أيلول 1982، نُفذت مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين ببيروت. وبموافقة إسرائيلية ضمنية، اغتصب في تلك المجزرة، وقتل، وشوّه عدة آلاف من اللاجئين المدنيين.


هذه المحنة التي عانى منها الشيعة في ظل الاحتلال الإسرائيلي جعلتهم أكثر تقبّلاً لرسالة طهران. في مواجهة خصم إسرائيلي قوي، احتاج الشيعة إلى حليف خارجي، وكانت طهران أكثر من مستعدّة للعب هذا الدور؛ ليس بدافع من مشاعرها المعادية لإسرائيل بل لإيجاد معقل قوي لها في دولة عربية. كانت طهران في أمسّ الحاجة إلى تصدير ثورتها. وهي فشلت في ذلك في العراق بالرغم من أن أغلب السكان هم من الشيعة. والآن، وبفضل الاجتياح الإسرائيلي للبنان، حصلت إيران على فرصة لزرع بذور ثورة إسلامية في المشرق، ومن رحم الاجتياح الإسرائيلي وُلدت حركة شيعية جديدة ونشيطة تستلهم من الثورة الإيرانية. بدأت الحركة بعدد صغير من المجموعات المسلحة من الشباب المنظمين تحت راية الإسلام، وكرّست نفسها لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي. مع مرور الوقت، توحّدت هذه المجموعات ـ من خلال المعونات والمساعدات الإيرانية ـ ضمن ما تبيّن أنه أكثر أعداء إسرائيل منعة؛ حزب الله اللبناني.
(ص 161 ـ 162)


نفاق السياسة الإيرانية!

من جانبهم، أنكر الإيرانيون بشدّة إجراء أية مفاوضات مع الإسرائيليين، فأعلن رفسنجاني في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني بأننا "لم نفاوض إسرائيل أبداً... من أجل شراء أسلحة. وفي حال تبين لنا أن الأسلحة التي وصلتنا جاءت عبر إسرائيل، فلن نستخدمها في جبهات القتال". لكن رفسنجاني أوضح بأن إيران لا تزال على استعداد لتحرير الرهائن الأميركيين في لبنان في حال قامت واشنطن بتسليم الأسلحة التي اشتراها الشاه الراحل. وطالبت العناصرُ اليسارية بإيران بفتح تحقيق، لكن بعد استشعار آية الله الخميني بالضرر الذي سيلحقه الكشف عن الاتصالات الإيرانية الإسرائيلية بصورة إيران في العالم الإسلامي، تدخّل شخصياً ووضع حداً للمطالب بفتح تحقيق.


مع فتح تحقيق أو بدونه، كان ضرر كبير قد وقع أصلاً. فقد نفّست الدول العربية عن غضبها من واشنطن لدعمها إيران من خلال إسرائيل ضدّ صدام حسين. بالنسبة إلى بعض الدول، كانت الإيديولوجية الأصولية لإيران أشدّ خطراً من إسرائيل. والنتيجة هي أن هذه القضية وضعت العلاقات العربية الإيرانية على مسار لولبي هابط. فقد أصبحت العلاقات مع بعض الدول العربية غير قابلة للإصلاح. جاء ردّ طهران متوقعاً؛ المزيد من الشجب لإسرائيل ولكافة الحكومات العربية التي تفكر في التفاوض مع الدولة اليهودية. حتى أن آية الله الخميني هاجم منظمة التحرير الفلسطينية في العام التالي عندما اعترفت بإسرائيل مجادلاً بأن "تقسيم فلسطين أمر غير مقبول" وأنه يمكن إقامة دولة فلسطينية فقط عندما "يتم سحق الصهاينة واستعادة الأراضي التي سلبوها". لكن مع ظهور المدى الكامل لتعاملات إيران مع إسرائيل على العلن، باتت التصريحات الإيرانية الشاجبة في غير محلها.
(ص 181)

تحولات سياسة إسرائيل نحو إيران!

جوهر الاستراتيجية الموجّهة لإسرائيل منذ أيام من غوريون؛ المبدأ المحيطي. بالسعي إلى التوصل إلى سلام مع الدول العربية المجاورة لإسرائيل وتصوير دولة محيطية رئيسية ـ إيران ـ بأنها خطر، قلَب رابين وبيريز المبدأ المحيطي رأساً على عقب. كان التحول مثيراً للدهشة على الخصوص لأن بيريز ورابين قادا قبل بضع سنين فقط جهوداً لتحسين العلاقات بين الرئيس الأميركي رونالد ريغان ونظام آية الله الخميني بإيران. دافع بيريز عن موقفه الجديد بالمجادلة بأنه ـ بوصفه أحد الشخصيات المحظية لدى بن غوريون ـ لم يتغّير بل العالم هو الذي تغير. وبدلاً من الاعتماد على المحيط في موازنة العرب، أدى الضعف الذي اعترى العرب، وقوة المحيط، والقوى التي ضغطت في اتجاه بناء نظام جديد إلى وضع إسرائيل وإيران على طرفي متقابلَين في المعادلة الجيوسياسية الجديدة. كان ذلك المسمار الأخير في نعش مبدأ المحيط؛ فلقد بات المحيط الفارسي هو الذي يمكن أن يشكل الآن خطراً على الدولة اليهودية، وليس الجوار العربي. ففي النهاية، جاء الدور الذي تصوّره بيريز لإسرائيل في الشرق الأوسط الجديد على حساب إيران. ولكي تحتل إسرائيل المركز الرئيسي في الشرق الأوسط الجديد، ينبغي أن تبقى إيران على الهامش السياسي للمنطقة ويجب أن تستمر محرومة من الدور الذي تعتقد بأنها تستحقه. يشرح ديفيد ماهوفسكي، وهو خبير في السياسة الخارجية الإسرائيلية، هذا الوضع الجديد بالقول: "ما من شك في أنه عندما برزت احتمالات التوصل إلى سلام مع الدائرة الضيقة، برز تصوّر إيران بأنها خطر".
(ص 225ـ 226)


دفاع إسرائيل عن إيران الخميني في الثمانينات!

شهد المثلث الإسرائيلي الأميركي الإيراني تحولاً ملحوظاً في سنوات قليلة. ففي الثمانينيات، كانت إسرائيل المدافع غير المتوقَّع عن إيران والذي يختلق الأعذار لها بواشنطن، والمجازف الكبير في الضغط على إدارة ريغان لكي تفتح قنوات اتصال مع إيران. الآن، قامت إسرائيل بالعكس تماماً. أرادت إسرائيل من الولايات المتحدة أن تفرض حصاراً اقتصادياً وسياسياً على إيران. أي أن الشرق الأوسط الجديد الذي تحدث عنه شمعون بيريز والسياسة الأميركية القائمة على الاحتواء المزدوج التي دخلت حيز التأثير في العام 1993 بعد أكثر من عام على الضغوط الإسرائيلية وضعا عزلة إيران في إطار قانوني.
(ص 254 ـ 255)


حقيقة التهديد الإيراني لإسرائيل!

أهم خطر أوجدته إيران على إسرائيل بعد العام 1996 كان قدرتها على البروز كقوة إقليمية يمكنها تحدّي الاحتكار العسكري والنووي الإسرائيلي والحدّ من قدرة الدولة اليهودية على المناورة السياسية والعسكرية. لم يكن بالضرورة أن يكون التعرض لهجوم نووي إيراني في حدّ ذاته على قمة لائحة المخاوف الإسرائيلية. فإيران لا تفتقر إلى هذه القدرة وحسب، بل وحتى عندما أصبح برنامج إيران الصاروخي عملانياً، لم يكن في مقدورها تدمير إسرائيل بدون أن تجلب الدمار على نفسها بسبب قدرة إسرائيل على توجيه ضربة ثانية. فمن خلال غواصاتها النووية الألمانية الصنع، ستكون إسرائيل قادرة على الثأر من هجوم نووي تشنّه عليها إيران، مما يوفر لإسرائيل قوة ردعية منيعة. يقول غيسين" "بغض النظر عن الإجراء الذي يتخذونه، لا يمكنهم تدمير قدرة إسرائيل على الردّ". لكن يمكن لإيران الصاعدة على أقل تقدير أن تتحدى التصوّر القائم على تفوق إسرائيل العسكري وعلى قدرتها على المناورة التي تحلّت بها نتيجة لهذا التصوّر. ويجادل عموس جلعاد بأن ذلك "سيعرض للخطر صورتنا بأننا قوة عظمى لا يمكن إنزال الهزيمة بها".
(ص 292)

ثانياً: إيران والقضية الفلسطينية

رفض إيران لعملية السلام لأنها عزلتهم!

على الرغم من خطاب إسرائيل الموجّه ضدّ رجال الدين وإيديولوجية الإسلاميين التي لا يمكن التصالح معها، فهم العديد من الإسرائيليين الحسابات الاستراتيجية التي تقف خلف معارضة إيران للعملية السلمية. فقد أقرّت واشنطن وتل أبيب بأن العملية السلمية والجهود الدبلوماسية التي تبذلها إسرائيل لتشكيل نظام جديد في الشرق الأوسط تضرّان بالوضع الاستراتيجي لإيران. فخطوط التقسيم الجديدة للشرق الأوسط أصبحت بين أولئك المنضوين في عملية أوسلو وأولئك الذين هم خارجها. يمكن أن يؤدي السلام مع الفلسطينيين إلى سلام مع سوريا، وهذا بدوره يجعل ميول العالم العربي تصبّ في خانة إسرائيل، ويزيد من إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة. نتيجة لذلك، ظنّ الإسرائيليون بأن لدى إيران مصلحة استراتيجية في معارضة الجهود السلمية.

يقول إتمار رابينوفيتش، الذي كان مستشاراً لدى رئيس الوزراء إسحاق رابين والذي خدم كسفير لإسرائيل لدى الأمم المتحدة: "تخيل أنه تم إبرام اتفاق بين إسرائيل وسوريا في العام 1993، وهو الأمر الذي كان قريب المنال، وأن إيران وجدت نفسها بدون الحليف السوري، وبدون إمكانية الوصول إلى لبنان مما يجعلها تخسر قاعدة لبنان، وأن حدّة التوترات تراجعت بين إسرائيل والفلسطينيين. ستفقد السياسة الإيرانية في الشرق الأوسط العديد من أرصدتها ومواردها. ستبدأ بالتالي تطوير مصلحة لها في إفشال العملية السلمية، وإحدى الطرق الرئيسية لإفشال العملية السلمية هي في العمل مع الجماعات الفلسطينية الأصولية".


لم تكن إيران معرّضة لخطر خسارة تحالفها مع سوريا وحسب، بل وكانت العملية السلمية "ستعزز التواجد العسكري الأميركي في المنطقة، وهو دور تراه إيران خطراً على هدفها المتمثل في بسط هيمنتها الإقليمية"، كما كتب معهد سياسات الشرق الأدنى. ويقول كيث وايزمان من إيباك: "شعرت دائماً بأن الإيرانيين أحسّوا بأنهم مهددون لأسباب جيوسياسية. انظر، كان العرب سيتحلون بمزيد من الثقة بالنفس لأنهم كانوا سيشعرون بأن الإسرائيليين سيدعمونهم الآن في مواجهة إيران، فضلاً عن الأميركيين".
على الرغم من خوف إيران الواضح من العزلة، لم تتكهن واشنطن بأن إيران ستنقلب ضدّ العملية السلمية على النحو الذي قامت به. وبالاستناد إلى مارتن إندك، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق، خشيت الولايات المتحدة من أن يشكّل العراق وإيران محوراً لموازنة الولايات المتحدة، ولإفشال الجهود الهادفة إلى عزلهما. ويشرح ذلك فيقول: "كنا أكثر تركيزاً، في ذلك الوقت، على استراتيجية تدفع فيها سياسة الاحتواء المزدوج إيران إلى التقارب مع العراق". والفكرة في أن إيران ستلجأ إلى الإرهاب لم تكن شيئاً ترجحه واشنطن، حتى بالرغم من استخدام تهمة دعم الإيرانيين للإرهاب في تبرير فرض العزلة على إيران. ما قام به الإيرانيون هو أنهم تفوقوا علينا بذكائهم عبر استهداف العملية السلمية. وبالتالي، أصبحوا داعمين شديدي العدوانية للإرهاب الفلسطيني وليس لحزب الله فقط".


بدأت واشنطن تفهم الخطأ الاستراتيجي الخطير في سياستها القائمة على الاحتواء المزدوج. فبرفض مبادرات التودد الإيرانية والتخطيط لإنشاء نظام جديد في الشرق الأوسط يستند إلى إقصاء إيران، كانت الولايات المتحدة توفّر لإيران حوافز قوية لتخريب الحلقة الأضعف في السياسة، وهي المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية الهشة.

واستناداً إلى إندك، كان لدى الإيرانيين "كل الحوافز لمعارضة العملية السلمية. أما استراتيجيتنا فكانت، من ناحية، استخدام محرّك صنع السلام في تحويل المنطقة، ومن ناحية أخرى، كانت احتواء الإيرانيين عبر فرض العقوبات والعزلة عليهم. كان أحد شقّي هذه الإستراتيجية مكمّلاً للشقّ الآخر. فكلما نجحنا في صنع السلام، كلما زادت عزلة الإيرانيين، وكلما نجحنا في احتوائهم، كلما زادت فرص صنع السلام. لذلك كان لديهم حافز لإفشالنا في العملية السلمية لكي يهزموا سياسة الاحتواء والعزلة. ولهذا السبب استهدفوا العملية السلمية".
(ص 267 ـ 269)

سياسة إيران تجاه إسرائيل!

فوجئت طهران بحملة حزب العمل التي هدف من ورائها إلى عزل إيران. فقد اعتقد الإيرانيون بأن إسرائيل ستواصل الإعراض عن انتقادات إيران العنيفة الموجهة ضدّ الدولة اليهودية على غرار ما فعلت في الثمانينيات، واعتقدوا أن التفاهم الضمني بين الدولتين لا يزال سارياً من وجهة نظر الإيرانيين: ستبقى إيران مجرّد ناقد منظّر، وستستمرّ في إلقاء الخطب الملونة المعادية لإسرائيل فيما تدعم بالكلام لا بالأفعال، القضية الفلسطينية. بدورها، ستعبر إسرائيل آذاناً صمّاء لخطاب إيران، وتتذكر أن الشعارات التي تطلقها طهران لا تعكس السياسة الحقيقية لإيران. لكن التحوّل الهجومي لبيريز ورابين أشار إلى أن ذلك الزمان قد ولّى. بشكل تدريجي، بدأت إيران تدرك بأن إسرائيل آخذة في التحول إلى منافس رئيسي في بناء نظام الشرق الأوسط الجديد. بالنسبة إلى الإيرانيين، ليس هناك من اتهام إسرائيلي يكشف عن نوايا إسرائيل الحقيقية أكثر من ادّعائها أن إيران تريد الهيمنة على الشرق الأوسط.
(ص 243)


غضب إيران لعدم إشراكها في مسيرة السلام!

لم يكن السلام بين العرب وإسرائيل يشكّل بحّد ذاته خطراً على إيران. لكن غضب إيران كان يُثار فقط عندما يجتمع السلام مع جهد إسرائيلي أميركي لعزل إيران بتصويرها بأنها خطر وإقصائها عن صناعة القرار على المستوى الإقليمي. لقد خشي الإيرانيون من أن تسعى إسرائيل إلى استخدام صورة مرعبة عن إيران لزيادة تقبّل العرب لإبرام السلام مع الدولة اليهودية. وخشي رفسنجاني من أنه إذا تكللت اتفاقية أوسلو بالنجاح، واندفع العرب لإبرام سلام مع إسرائيل، ستُترك إيران في حالة من العزلة الطويلة. في النظام الجديد الذي يتمحور حول إسرائيل المزمَع إنشاؤه، ستتولى إسرائيل دور القيادة في حين ستُمنع إيران من "لعب دور يكافئ قدرتها ونفوذها". والشيء الذي كان خطراً سياسياً في الأصل يمكن أن يتحول مع الوقت إلى خطر عسكري. ويشرح مسعود إسلامي من وزارة الخارجية الإيرانية هذه الفكرة فيقول: "إذا اقترب العرب من إسرائيل، ستزداد عزلة إيران. عندئذ، تكون إسرائيل في وضع يمكّنها من تحويل نفسها إلى مشكلة كبيرة تواجه إيران". بعبارات بسيطة، سيتم إخضاع إيران للهيمنة الإسرائيلية، وهو ما بعث الخوف في نفوس الإيرانيين من "الفكرة القديمة المتمثلة في سيطرة اليهود على المنطقة من النيل إلى الفرات". أصرّ الإيرانيون على أنه في حال تم إشراك إيران في العملية السلمية، ستبرز صورة مختلفة كلّياً. يقول علي رضا علوي تابار، وهو إصلاحي إيراني بارز: "كان سيغلب علينا ميل إلى دعم الجهود السلمية والتعاون من أجلها لو أننا مُنحنا دوراً نشطاً وفاعلاً منذ البداية، بدلاً من أن يضعوا خطة مختلفة كلياً ثم يتوقعوا منّا الموافقة عليها ببساطة".


كانت إيران في عهد رفسنجاني، التي قللت من مستوى تدخلها قبل مؤتمر مدريد في القضية الفلسطينية، وأطلقت إشارات بأنها لن تقف في طريق التوصل إلى اتفاقية سلام، ستبدي استعدادها للتعاون من أجل التوصل إلى اتفاقية إسرائيلية فلسطينية لو أن أميركا قبلت بلعب إيران دوراً قيادياً في المنطقة، وفي مقابل ذلك، أنهت سياسة عزل طهران. بإشراك إيران في العملية السلمية، يمكن أن تضمن عدم الإضرار بصالحها من جراء معاهدة السلام مع إثبات قدرتها على أن تكون قوت إيجابية وباعثة على الاستقرار في المنطقة. يقول علوي تابار: "يمكننا لعب دور إيجابي جداً عندما يتم إشراكنا في العملية. تذكر كيف أننا ساعدنا على حل الصراع بين أرمينيا وأذربيجان. لقد قدّمنا مساعدات إنسانية لكِلا الطرفين، فضلاً عن وقود التدفئة الذي اشتدت الحاجة إليه خلال فصل الشتاء البارد هناك... يمكننا لعب دور إيجابي في الشرق الأوسط بكامله".


لعبة بيسبول مختلفة: بدأت إيران لأول مرة ترجمة خطابها المعادي لإسرائيل إلى سياسة عملانية. فعلى النقيض من رأي الخميني، ستتحول إيران الآن إلى دولة على خط المواجهة مع إسرائيل، لأنه إذا فشلت اتفاقية أوسلو، ستفشل معها الجهود الهادفة إلى إيجاد نظام إقليمي جديد على ظهر عزلة إيران، من دواعي السخرية أن دعم إيران لحزب الله تراجع بدرجة كبيرة في السنين السابقة بسبب التوجه الجديد للسياسة الخارجية التي انتهجها الخميني، مما جعل العديد من قادة الشيعة بلبنان يشعرون بأن إيران تخلّت عنهم. أما الآن، فقد عاد تركيز طهران مجدداً إلى حزب الله والجماعات الإسلامية الأخرى. عللت طهران بأن الموقف العلني الإيراني المعارض لإسرائيل والولايات المتحدة سيقوّي موقفها في عيون الجماهير العربية، وهذا بدوره سيزيد من صعوبة تشكيل إسرائيل لجبهة عربية إسرائيلية في مواجهة إيران. وكما فعلت عند بداية الثورة، ناشدت إيران الشارع العرب لإضعاف الحكومات العربية الموالية للغرب من الأسفل بجعلها تبدو ليّنة في مواجهة إسرائيل. كان الهدف، كما تشرح شخصية سياسية إيرانية، "إيجاد وضع لا يتمكّن فيه الإسرائيليون من التوصل إلى اتفاق، لأنه كلما زاد الوضع تأزماً، كلما صار وضعنا أحسن، لأن ذلك يوفر لنا مزيداً من الوقت".
( ص 247 ـ 249)


يتبع ..

http://alrased.net/site/topics/view/1537

[/QUOTE]







التوقيع :

هنا القرآن الكريم ( فلاش القرآن تقلبه بيديك )

_____________________

{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } التوبة 100
من مواضيعي في المنتدى
»» انفجار قرب مكتب رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ( الحكيم ) في العراق
»» الشيخ القرضاوي موقفي من الشيعة لم ولن يتغير ويكذب خبر تشيع أبنه
»» موسوعة العقائد والأديان - مكتبة صوتية متكاملة -
»» نداء عاجل لأهل السنة في المنطقة الشرقية والأحساء ..مهم جدا جدا نرجوا النشر
»» آخر طوام الرافضة يحبون ويفضلون أبو لؤلؤة المجوسي على رسولنا الكريم / فيديو
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:15 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "