العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحــوار مع الــصـوفــيـــة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 15-03-08, 10:08 AM   رقم المشاركة : 1
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


الطرق الصوفية و عمالتها للاستعمار الفرنسي التيجانية

الطرقية وعلاقتها بالاستعمار



الموضوع: ملفات الشهاب


بقلم: عبد المجيد عنتر


كان الاحتلال الفرنسي يعلم مسبقًا عمق وشدة تمسك الشعب الجزائري بحصنه الحصين، ودرعه المتين الواقي له من كل اعتداء وعدوان، الإسلام. وتأكد له ذلك بعد دخوله غازيًا قاتلاً مدمرًا، من خلال استماتة الشعب في رد العدوان، والحفاظ على هويته وإسلامه، خصوصًا وأن كل حركة، وكل ثورة، وكل انتفاضة وكل موقف باسل، كان وقودها ومحركها في النفوس الإسلام ومؤسساته الممثلة في المساجد والزوايا والكتاتيب.

وفي ذلك العهد انتشرت الطرقية والزوايا وتعددت وتنوعت في البلاد، وخول لها الإمساك بالعالم الثقافي، والتكوين الإسلامي للمجتمع الذي لم يكن يرى الإسلام إلا الطرقية. ولم يكن هذا فحسب، بل كان لمشايخ الطرق والمرابطين نفوذ عظيم، ومكانة لا تساويها مكانة عند الأهالي.. حتى إن العلماء والمفتشين والقضاة وأئمة المساجد، لا يكادون يكونون شيئًا بالقياس إلى المرابطين ومشيخة الطرق(1)، ولم يكن بوسع عالم سواء أكان مدرسًا أو أراد الوعظ والإرشاد والسعي في إصلاح العباد، أداء مهمة "إلا إذا كان ينتسب إلى طريقة من الطرق الصوفية، المنتشرة في البلاد، لأن العقيدة الراسخة في النفوس، أنه من لا شيخ له، فالشيطان شيخه"(2). وبالتالي كان من الصعب، وأحيانا من المستحيل التنكر لها، وعدم الاعتراف بها، لأن نكرانها جميعًا وعدم الانتساب إلى واحدة منها، يؤدي إلى الرمي بالمروق من الدين، والإلحاد فيه. ويدفع بالعامة إلى الانصراف عن ذلك العالم أو المصلح، لأنه مهما بلغ من العلم والفهم لا يجد في مجتمعه أنصارًا، ولا من يسمع إليه ويقتدي به، إلا انتسب إلى طريقة من الطرق الصوفية.

أمام هذا المشهد الذي آلت إليه الأمة، والذي أحكمت الطرقية فيه زمامها، كان لزامًا عليها أداء واجبات رسالية هامة على رأسها حمل راية الجهاد ومقاومة المحتل الغازي. ويسجل التاريخ لكثير من الطرق الصوفية مواقف لا تنقصها الشجاعة إزاء مواجهة العدو، ورد الظلم والدفاع عن مصالح الأمة، وخير المثال ما شهد به الأعداء. فقد كشف الضابط "دي نوفو" في كتابه "الإخوان" الصادر سنة 1845 م عن الدور الرئيس الذي أدته الطرق الصوفية في مقاومة الاحتلال، وتحدث النقيب "ريتشارد" عن ثورة الظهرة التي قامت سنة 1845 م مبرزا الدور المهم الذي قامت به الطرق الصوفية في هذه الثورة. ومن تقرير للمفتشية العامة حرر بالجزائر سنة 1864 م يعترف بالدور الخطير الذي تقوم به الطريقة الدرقاوية : "الدرقاوية كانوا معادين لنا كل العداء لأن غايتهم كانت سياسية بوجه خاص، أرادوا أن يشيدوا من جديد صرح إمبراطورية إسلامية ويطردوننا، إن هذه الطريقة منتشرة جدا في الجنوب ومن الصعب جدا مراقبتهم، لقد كانت ندوات الإخوان سرية وكانت أغلبية رؤسائهم معروفة". لقد كانت السرية التامة التي تحيط بالزوايا، وما يجري داخلها، من نشاط شيوخها والتي لم يستطع الاستعمار بما لديه من إمكانيات ووسائل الإطلاع عليها من أهم عوامل نجاحهم وصمودهم، يقول ماك ماهون سنة 1851: "يجب على الإنسان أن يقضي حياته كلها في الزاوية حتى يعرف ما يجري فيها وما يقال فيها".

وجاء في تقرير القائد الأعلى "دي توربيل" بتاريخ 4 أوت 1859 م، بعد الاضطرابات التي رافقت المعارك التي خاضوها ضد الجزائريين ما يلي: "إن مبعوثين وفدوا من مختلف أنحاء الشرق وينتمون إلى مجموعة سيدي عبد الرحمن بوقبرين الدينية الرحمانية، التي يسكن مقدمها الأكبر سي المختار بواحة أولاد جلال (بسكرة) ليسوا غرباء عما يجري، وقد كانت أشغال لجان التجمعات التي شرع فيها من نواح عدة في نفس الوقت موضوعا لخطبهم ومواعظهم". ويؤكد السيد "أوكتاف ديبون" المفتش العام للبلديات الممتزجة بالجزائر (ومن مؤلفي كتاب الطرق الدينية في الجزائر 1897 م) في تقرير بعث به إلى لجنة مجلس الشيوخ المكلفة بالجيش والتي كان يرأسها "كليمانصو" : "إننا سلفا نجد يدا مرابطية وراء كل هذه الثورات التي يقوم بها الأهالي ضدنا".

ويقول المؤرخ الفرنسي مارسيل إيميري: "إن معظم الثورات التي وقعت خلال القرن التاسع عشر في الجزائر كانت قد أعدت ونظمت ونفذت بوحي من الطرق الصوفية، فالأمير عبد القادر كان رئيسا لواحدة منها وهي الجمعية القادرية، ومن بين الجمعيات المشهورة التي أدت دورا أساسيا في هذه الثورات : الرحمانية السنوسية الدرقاوية الطيبية".

إن للانتفاضات والثورات الشعبية التي قامت بها الطريقة الصوفية خلال القرن التاسع عشر أسس دينية، وهي الجهاد ضد النصارى المعادين للإسلام، وبناء على ذلك أدت الزوايا دورا كبيرا ورائعا في معظم تلك الانتفاضات وأثّرت بشكل جلي على مسارها واستمرارها، فنجد أن الشيخ "محي الدين" حمل راية الجهاد وحملها بعده ابنه "الأمير عبد القادر" لمدة سبعة عشر عاماً ذاقت فيها فرنسا ويلات الهزيمة واعترفت بدولة الأمير.. وكان من أبرز المجاهدين في جيش "الأمير عبد القادر" الشيخ "محمد بن علال" بن الولي الصالح الشيخ "مبارك" دفين القليعة وشيخ زاويتها، الذي تولى قيادة الجيوش وخاض كبريات المعارك في نواحي وهران إلى أن سقط شهيدا في معركة وقطعت رأسه ووضعت في حراب من جلد وأرسلت إلى مريديه وأتباعه. كما شهدت منطقة الظهرة في شهر يناير من عام 1845 م معركة هامة أطلق عليها الفرنسيون "انتفاضة الطرق الصوفية"، وذلك لمشاركة عديد الطرق فيها كـ: الرحمانية، القادرية، الطيببية، وانتقم المحتل من عرش أولاد رياح الساكن جنوب مدينة تنس والذي كان له شرف المشاركة في هذه الثورة.

وشهد ربوع القطر عديد الثورات كان من أبرزها، ثورة "الشريف محمد بن عبد الله" المعروف بـ "بو معزة" في منطقتي الشلف والونشريس (1846 – 1847 م) : من أتباع الطريقة الطيبيبة، استنفر القبائل والأعراش بمنطقة الظهرة والشلف والونشريس، واتسعت لتشمل التيطري والحضنة وجبال ديرة وسور الغزلان، ثم امتدت إلى نواحي أولاد جلال، حيث وجدت الزاوية المختارية وشيخها الجليل الشيخ "المختار بن عبد الرحمن" مقدم الطريقة الرحمانية كامل الدعم والمساعدة.

وثورة البطل الشيخ "بوعمامة"، التي انتشرت عبر مناطق عين الصفراء وتيارت وفرندة وسعيدة وعين صالح وتوات، وكرزاز، واستمرت ثلاثة عقود من الكفاح. وكانت ثورته امتداد لثورة سبقتها بقيادة أولاد سيدي الشيخ جنوب وهران، استمرت من سنة 1864 إلى 1880 م، وامتدت إلى جبل عمور التيطري متليلي، ورقلة، أدرار، سعيدة، غليزان، سور الغزلان....

وثورة "بن ناصر بن شهرة" من الطريقة القادرية، الذي بدأ يعد للثورة سنة 1846 م، اعتقل سنة 1851 م ووضع تحت الإقامة الجبرية رفقة عدد كبير من أتباعه من رجال الأرباع في محتشد قريبا من "بوغار". قال عنه الضابط الفرنسي "لويس رين": " كان ابن ناصر بن شهرة الملاح الحقيقي للصحراء". كما وجد المساعدة في الزاوية الرحمانية بنفطة لشيخها "مصطفى بن عزوز" التي كانت قبلة الثوار والمجاهدين، واستمر بن شهرة في كفاحه ضد الاستعمار إلى سنة 1875 م حين أرغمه باي تونس على مغادرة بلاده، فختار التوجه بحرا إلى بيروت ثم دمشق التي توفي بها سنة 1882 م.

وثورة المقراني والشيخ الحداد سنة 1871 م، التي كان الشيخ الحداد زعيمها الروحي وهو شيخ الطريقة الرحمانية التي كان لها الدور الرائد في قيام هذه الثورة بخروج طلاب الزوايا من سيدي موسى اويدير وآث وغليس وغيرها من الزوايا التابعة للطريقة الرحمانية استجابة لدعوة الجهاد...

وهكذا كان حال الطرقية والزوايا في – غالبه – إلا أن تفطن الاحتلال لقوة نفوذها فسعى لاحتوائها واستيعابها والسيطرة عليها لبسط نفوذه وإحكام سيطرته بعد أن عجز على تحقيق أمانيه باحتلال الجزائر في شهر...

وقد ورد في تقرير الملازم "بوسري" بعد اشتداد الانتفاضات والثورات سنة 1846 م : "إن مشائخ الزوايا يختارون في تدريسهم للقراءة نصوصا من القرآن معادية لنا، مما يحطم فيهم وبسرعة الشعور الذي سعينا لتطويره فيهم من طرف مؤسساتنا وتعتبر التأثيرات الدينية من ألد أعدائنا والتي يجب أن نخشاها ونخطط لها سياستنا، ولقد كانت القبائل الأشد عداء لنا هي التي تلك التي ينتشر فيها التعليم الإسلامي".

وهناك دراسة مفصلة كتبها الباحثان الفرنسيان دي بون وكوبولاني(1غ) بعنوان :"الطرق الصوفية الإسلامية، خريطة الجزائر وافريقيا وآسيا وتركيا الأوروبية"(2غ). وقد صدر هذا الكتاب سنة 1897 وتضمن 567 صفحة بالاضافة إلى العديد من الخرائط والصور التوضيحية. وأهمية الكتاب تظهر في كونه صدر برعاية حاكم الجزائر في ذلك الوقت وهو جول كانبون(3غ).

وهذه الدراسة الهامة جعلت من الطرق الجزائرية هي المحور الأساسي، وقامت بمسح شامل ودراسة عميقة وموسعة لكل ما يتعلق بهذه الطرق.

تضمن الفصل الأول دراسة موسعة للدين الإسلامي وتاريخ الإسلام والعرب. وتضمن الفصل الثاني التصوف أصله وتطوره. وتضمن هذا الفصل دراسة شاملة ودقيقة عن تطور التصوف ونشأة الطرق الصوفية وبشكل مفصل ومدقق. وفي الفصل الثالث تناول الباحثان تنظيم الطرق الصوفية(4غ) من الشيخ والخليفة والنائب والمقدم والرقيب والشاوش ..الخ.

ثم تأتي الفصول الحيوية الهامة في بناء الاستراتيجية المستقبلة للاستعمار التي تعتمد على خطة الاحتواء المزدوج بالترغيب والترهيب ودراسة نقاط القوة والضعف.

تناول الفصل الرابع(5غ) دراسة مختلف التشكيلات الطرقية المنتشرة في الجزائر وتصنيفها. وفي الفصل الخامس درس كيفية تمويل هذه الطرق الصوفية(6غ) حيث ركز التقرير عن الأوقاف والصدقات والكفارة والزيارة والتويزة ثم درس التأثير السياسي لهذه الطرق في الفصل السادس وتناولا في هذا الفصل علاقة الادارة الاستعمارية بهذه الطرق.

وهكذا يمضي التقرير المفصل في دراسة مختلف الجوانب المتعلقة بالطرق الصوفية المنتشرة في الجزائر وفي غيرها من البلاد الاسلامية. ويذكر الأمير شكيب أرسلان عن دائرة المعرف الإسلامية الفرنسية "أن في بر الجزائر بحسب تحقيقات "دوبون" و"كوبلاني" في سنة 1897 م، 23 طريقة صوفية، لها 295189 مريدًا، عليها 57 شيخًا و6000 مقدمًا، وعندها 349 زاوية. وتجبي من الإخوان كل سنة ما يقدر بسبعة ملايين فرنك"(3). فيما سجل آجيرون سنة 1851 م حوالي 533026 مريدًا على مستوى القطر واعتبر الطريقة الرحمانية أوسع الطرق انتشارا في الجزائر في ق19م(4).

ولكي يتفادى الفرنسيون مثل تلك الأحداث إلى جانب المعارضة السياسية والمعنوية، عمدوا إلى السيطرة على كل المؤسسات الدينية، وكانت أولى المؤسسات التي سعى الاستعمار للسيطرة عليها – بعد مؤسسة المسجد – مؤسسة الأوقاف وأملاكها، فأصدر قرارا بمقتضاه تم الاستيلاء على جميع أملاك الأوقاف في المناطق التي احتلها، ثم دعمه بقرار آخر يخول له الحق والشرعية لنفسه في أن يتصرف في أملاكها بالتأجير والكراء والمصادرة والتمليك وغير ذلك.. ونتيجة ذلك لم يبق بمدينة الجزائر وحدها سوى أربعة مساجد من بين 160 مسجدًا وزاوية، حولت كلها إلى كنائس ومراكز شرطة، وإصطبلات للجيوش.. والشيء نفسه وقع غداة سقوط معظم المدن.. فاختفت الكثير من المساجد والزوايا والكتاتيب القرآنية ومدارس التعليم الإسلامي، التي يصرح في شأنها "دي توكفيل" مبينًا فعلهم الشنيع في حق الأوقاف، فيقول : "لقد وضعنا أيدينا في كل مكان على هذه الأملاك (الأوقاف)، ثم وجهناها غير الوجهة التي كانت تستعمل فيها في الماضي، لقد عطلنا المؤسسات الخيرية، وهكذا تركنا المدارس تموت، والندوات العلمية تندثر"(5).

وأحكمت سلطات الاحتلال قبضتها على المساجد والزوايا والكتاتيب ومن يديرها، حتى لا تبقى مراكز إشعاع وجمع لشمل الأمة وتوجيه لها، ودفع لها لجهاد الكفار المعتدين. وتحقيقا لذلك أسندت إدارة التصرف في المساجد والمكاتب إلى أفراد بارعين في الكيد والدس. ولم يكن – في الغالب – يقدر إمام أو مدرس على إمامة الناس وتعليم الدين ولغته إلا إذ أظهر ولاءً كبيرًا أو طاعة عمياء لإدارة الاستعمار. يقول مدير مكتب الشؤون الإسلامية في الجزائر : "لقد أذللنا الدين الإسلامي، وبلغ الأمر أن لا يعين إمام وفقيه، إلا إذا شارك في أعمال الجاسوسية الإفرنسية، ثم عليه كي يرتقي في الدرجة أن يثبت قدرًا كبيراً من الحماسة والإخلاص، للإدارة الفرنسية"(6).

وتألفت تلك الفئة من بعض الشباب الذين تثقفوا في المدارس الفرنسية، وقضى الاستعمار على كل صلة لهم بالعروبة، ويضاف إليهم بعض أصحاب الطرق الصوفية الذين أشاعوا الخرافات والبدع، وبثوا روح الانهزامية والسلبية في النضال فاستخدمهم الاستعمار كجواسيس، وقد شارك في صياغتهم "ليون روش" الفرنسي في الرحلة التي قام بها إلى مصر سنة 1842 م متنكراً في زي حاج مسلم، من أجل الحصول على موافقة من العلماء على نص فتوى جاء بها من الجزائر تجعل الجهاد ضد الفرنسيين من باب إلقاء النفس إلى التهلكة، ومن ثم ضرورة الرضا بحكم الفرنسيين في الجزائر، وعدم شرعية المقاومة التي يقودها الأمير عبد القادر الجزائري(7).

وعلينا أن نذكر هنا الدور الخطير الذي لعبه الراهب شارل دو فوكو الذي أدخل بدعا كثيرة.. في عقول السذج من.. وجعل لكل قرية قديسها (الولي الصالح).. يحتفلون به على عادات الرومان وأرباب الكنيسة وأتباعها، وتذبح له القرابين وتوجه له الدعوات وذلك في كل الشمال الافريقي.. وقد ظهر عدد كبير من القديسين (الأولياء).. مثل قديس طنجة في المغرب سيدي بوعراقية وقديس الدار البيضاء سيدي بليوط وقديس سطات سيدي الغنيمي وقديس أزمور في دكالة مولاي بوشعيب، وقديس ورقلة سيدي بلخير الشطي وقديس مكناس سيدي الكامل.. !! وهكذا...!!

وقصة هذا الراهب تستحق وقفة خاصة، لما فيه من الجهد والعناء لخدمة الديانة المسيحية بكل اخلاص. إن مذهب شارل دي فوكو، تلخصه عبارته الشهيرة:"إن أفضل طريقة، لكي تُحبّ حبّا حقيقيّا، هي أن تشارك الناس في حياتهـم الواقعيّة، بأفراحها وأتراحها فيستقر في قلبك حبّ الله ذاته".
لقد ولد شارل دي فوكو في الخامس عشر من أيلول عام 1858 وترعرع في عائلة ارستقراطيّة فرنسية ثرية. فقد والديه وهو بعد في السادسة من عمره. فتعهّد جدّه بتربيته تربية مسيحيّة. ولكنه ابتعد عن الايمان في مرحلة مراهقته تدريجيا حتى فقده تماما. ولما تخرج ضابطا، استسلم لحياة ماجنة، لا أثر فيها البتة لأي شعور ايماني، فلم يلق سوى الفراغ. لقد ’’سئم ‘‘ حياة الثكنة، لكن حملة ’’عسكريّة ‘‘ أفاقة النخوة لديه، فأحب حياة المعسكرات. ويوم أعادوه الى الثكنة، قدم استقالته وأعدّ باهتمام رحلة استكشافية علمية الى المغرب ليقتحم مناطق لم تكن قد وطئتها قدم "أوروبي".

وهنا جاء تحوله فقد تأثر بالمسلمين تأثرا شديدا حيث يقول:"إن مرأى ذلك الايمان، وتلك النفوس التي كانت تعيش في حضرة الله المتواصلة، كشفا له أن ثمة ما هو أعظم وأصدق من الاهتمامات الدنيويّة‘‘. قرر أخذ دروس في الدين المسيحي الكاثوليكي ليرى ’’هل ينبغي الايمان بما يقول‘‘؟ فالتفّ حول كاهن مثقف جدا هو الاب هيفلان.

وبتوجيه من معرّفه، قََـَبِـِلَ عام 1900 في فرنسا الرُّتب المقدسة وسر الكهنوت المقدس، وحط رحاله عام 1901 في واحة بني عبّاس في الصحراء الجزائرية، قرب الحدود المغربية.

ثم بلغه أن بالامكان التغلغل في الصحراء باتجاه الجنوب، نحو منطقة الهوغار، حيث تعيش أقوام مهملة في تلك المجاهل نحو منطقة الهوغات البعيدة. فقرر المضي من دون تردد، وكتب الى مطرانه: ’’إنك تسألني هل أنا مستعدّ لأن أذهب الى أقصى المعمورة وأن أحيا الى الدينونة العامة‘‘. وهكذا قضى الأحد عشر عاما الأخيرة من حياته عند الطوارق، في منطقة (Tamanraset ) تامنراست.

أقام بضعة أكواخ بسيطة، شبيهة بأكواخ سكان القرية. لقد ترك فكرة حصن الدير، وصار يتجوّل بحريّة في القرية التي صار أحد أفرادها، يشاركهم حياتهم اليومية. وهنا لجا إلى فكرة ’’عــدم اتخاذ زيّ رهباني خاص، مـثــل يسـوع في الناصرة

كان الطوارق يتكلمون لغة يجهلها الاوروبيون، فانكبّ شارل عليها، ووضع لها عدّة معاجم وقواعد، وجمع قصائدها الشعبية في دواوين، بدقة بالغة تضفي على مؤلفاته قيمة علمية عالية. لقد كان الدين في خدمة الأهداف الاستعمارية بلا منازع.

نتائج السياسة الاستعمارية

وكان من نتيجة هذه السياسة التي مارسها الاستدمار أن آل وضع المجتمع إلى تخلف حضاري عام وشامل، لم يسلم من ذلك تدين المجتمع عامة الذي أخذ طابع الوراثة والتقليد والجمود لا أكثر، وقد زاد ضلالهم ما كانوا يرون من الجامدين والمغرورين من المنتسبين للطرق الصوفية من التمسك بها والتأييد لشيوخها الذين جعلت منهم سلطات الاحتلال مراصد لبث فكر تخديري، ومعتقدات فاسدة تزيد من قابلية الشعب للاستعمار.



فشاعت في أوساط المجتمع ظاهرة زيارة شيوخ الطرق، والعباد الصالحين الأحياء منهم والأموات، للتبرك بهم وطلب الحوائج منهم، وإقامة الولائم المكلفة حول أضرحتهم، وسط مواكب بشرية تأتي من كل حدب وصوب، لتحقق لها ما عجزوا عن تحقيقه، - بعجزهم وكسلهم وتخلفهم وقابليتهم للاستعمار – في عالم الأسباب والمسببات "فتراهم يدعون من يعتقدون فيهم الصلاح من الأحياء والأموات، يسألونهم حوائجهم من دفع الضر، وجلب النفع وتيسير الرزق وإعطاء النسل، وإنزال الغيث وغير ذلك مما يسألون. ويذهبون إلى الأضرحة التي شيدت عليها القباب، أو ظلمت بها المساجد، فيدعون من فيهت ويدقون قبورهم وينذرون لهم، ويستثيرون حميتهم بأنهم خدامهم وأتباعهم. فكيف يتركونهم وقد يهددونهم بقطع الزيارة، وحبس النذور. وتراهم هناك في ذل وخضوع وتوجه، قد لا يكون في صلاة من يصلي منهم"(8).

وأصبح الناس يعتقدون عصمة هؤلاء الأولياء، الذين أضفى عليهم طول الزمان وشيوع الجهل، نوعًا من القداسة في الاعتقاد فيهم، وشاع آنذاك مقولة "اعتقد ولا تنتقد" وطن الجميع استحالة زوال سلطانهم، فصرفوا الناس عن العمل وحببوا لهم التواكل، وأنكروا عليهم حرية الإرادة، وكادوا يجردونهم من قيمهم الإنسانية، وشاعت المنكرات في الموالد (والزردات)، وساعد في ذلك عون الإدارة الفرنسية. يصف الرئيس "فيليب قونداس" من المستعمرين الفرنسيين، كيف أن الكثير من الطرق ثابرت على انحرافها عن الطريق السوي فكانت أروع انقياداً للمستعمرين من الزنوج الوثنين فيقول : "لقد اضطر حكامنا الإداريون وجنودنا في أفريقيا إلى تنشيط دعوة الطرق الدينية الإسلامية لأنها كانت أطوع للسلطة الفرنسية، وأكثر تفهماً وانتظاماً من الطرق الوثنية التي تعرف باسم (بيليدو، وهاجون) أو من بعض كبار الكهان أو السحرة السود"(9).


ولإعطاء صورة أكثر إيضاحًا للطرقية، ومدى انصياعها للمستعمر عندما يعتقد الصوفية أنه إذا سلط الله على قوم ظالماً فليس لأحد أن يقاوم إرادة الله أو أن يتأفف منها. لدى لا ريب أن الأوروبيين قد عرفوا في الصوفية هذا المعتقد فاستغلوه في أعمالهم، فقد ذكر الزعيم الوطني مصطفى كامل المصري في كتابه "المسألة الشرقية" قصة غريبة عن سقوط "القيروان" قال : "ومن الأمور المشهورة عن الاحتلال الفرنسي للقيروان في تونس أن رجلاً فرنسياً دخل الإسلام وسمى نفسه "سيد أحمد الهادي"، واجتهد في تحصيل الشريعة حتى وصل إلى درجة عالية، وعيّن إماماً لمسجد كبير بالقيروان.. فلما اقترب الجنود الفرنسيون من المدينة استعد أهلها للدفاع عنها.. وجاءوا يسألونه أن يستشير الضريح الذي في المسجد، ودخل "سيدي أحمد الهادي" الضريح.. ثم خرج يقول : إن الشيخ ينصحكم بالتسليم لأن وقوع البلاد صار محتماً.. فاتبع القوم كلمته، ودخل الفرنسيون آمنين في 26 أكتوبر سنة 1881".

وفي كتاب "تاريخ العرب الحديث والمعاصر" تحت عنوان: "المتعاونون مع فرنسا في الجزائر: "وتتألف هذه الفئة من بعض الشباب الذين تثقفوا في المدارس الفرنسية، وقضى الاستعمار على كل صلة لهم بالعروبة، ويضاف إليهم بعض أصحاب الطرق الصوفية الذين أشاعوا الخرافات والبدع، وبثوا روح الانهزامية والسلبية في النضال فاستخدمهم الاستعمار كجواسيس" [ص 373].



ثم يعقب الدكتور "عمر فروخ" بقوله: "من أجل ذلك يجب ألا نستغرب إذا رأينا المستعمرين لا يبخلون بالمال أو التأييد بالجاه للطرق الصوفية.. وكل مندوب سامي أو نائب الملك.. لابد أنه يقدم شيخ الطرق الصوفية في كل مكان، وقد يشترك المستعمر إمعاناً في المداهنة في حلقات الذكر.

وخدمة الصوفية للاستعمار الفرنسي في مصر أيضاً معروفة، وخدمتها للإنجليز.. هل تعرف السبب الحقيقي في هزيمة "عرابي".. لقد شغل أهل الصوفية الجنود في التل الكبير في أذكار حتى نصف الليل.. ثم نام الجنود.. فدخل الإنجليز في الفجر!!

فنجد مثلاً : شيخ الطريقة التيجانية - التي كانت تسيطر على الجزائر أيام الاستعمار، معروف أنها كانت تستمد وجودها من فرنسا – صاحب السجادة الكبرى "محمد الكبير" يقول في خطبة ألقاها أمام الكولونيل يسكوني في زيارة له: "إن من الواجب علينا إعانة حبيبة قلوبنا مادياً وأدبياً وسياسياً ! ولهذا فإني أقول لا على سبيل المن والافتخار ولكن على سبيل الاحتساب والتشرف بالقيام بالواجب... أن أجدادي قد أحسنوا صنعًا في انضمامهم إلى فرنسا، قبل أن تصل إلى بلادنا. ففي سنة 1838 كان أحد أجدادي - سيدي محمد الصغير رئيس التيجانية يومئذ - قد أظهر شجاعة نادرة في مقاومة أكبر عدو لفرنسا الأمير عبد القادر الجزائري، ومع أن هذا العدو – عبد القادر - حاصر بلدتنا (عين ماضي) وشدد عليها الخناق ثمانية أشهر فإن هذا الحصار تم بتسليمِ فيه شرف لنا نحن المغلوبين وليس فيه شرف لأعداء فرنسا الغالبين؛ وذلك أن جدي أبى وامتنع أن يرى وجهاً لأكبر عدو لفرنسا فلم يقابل الأمير عبد القادر.. وفي عام 1870 حمل سيدي أحمد تشكرات الجزائريين، وبرهن على ارتباطه بفرنسا قلبيًا، فتزوج من أوريلي بيكار"(10).

وكان سيدي أحمد أول مسلم جزائري تزوج بأجنبية (هي إحدى الفرنسيات من عميلات المخابرات) على يد الكاردينال لافيجري، وفق الطقوس المسيحية، فلما مات تزوجت بشقيقه، وكان الأتباع يطلقون عليها "زوجة السيدين" ويحملون التراب الذي تمشي عليه لكي يتيمموا به، وهي كاثوليكية بقية على شركها، وقد أنعمت عليها فرنسا بوسام الشرق، وجاء في أسباب منحها الوسام، أنها كانت تعمل على تجنيد مريدين يحاربون في سبيل فرنسا كأنهم بنيان مرصوص...



ونرى من واجبنا خدمة للحقيقة والتاريخ ذكر أن الحكومة الفرنسية في زمن الانتداب على سورية حاولت نشر هذه الطريقة، واستأجرت بعض الشيوخ لهذه المهمة، فقدمت لهم المال والمكان لتنشئة جيل يميل إلى فرنسا؛ لكن مجاهدي المغرب لفتوا انتباه المخلصين من أهل البلاد إلى خطر الطريقة التيجانية، وأنها فرنسية استعمارية تتستر بالدين، فهبت دمشق عن بكرة أبيها في مظاهرات صاخبة(11).

كما نجد رجلاً آخر من رجال الطرقية المنحرفة وهو الدوَّاجي عبد القادر إمام مدرس بمسجد شرشال، يحطب عند الاختفال بتدشين المسجد سنة 1904 م فيقول : "وأعلموا أن هذه الدولة (أي فرنسا) رحمة من الرحمن، تحث على نشر العلوم وإصلاح ما فسد وقمع أهل البهتان. فلا يمكننا أن نتجاسر، فنلقي العداوة في قلوب حكومتنا، بل نبذل جهدنا في الطاعة والشكر لها، لمنافعها العظيمة"(12).

وهكذا آل مآل الإسلام على يد الطرقية ورجالها، إلى صورة باهتة من التعاليم والهدايات، تخدر شعبا بكامله وتسلمه لنوم عميق، لا يعود يحس معه بآلامه، ومشاكله وبتعسف الاستعمار في حقه. وكان على حركة عبد الحميد بن باديس الإصلاحية الجهادية أن تتحمل عبء إنقاذ الإسلام، وتجديد أمره وإحيائه، بعد أن صار غريبًا ميتًا. وأن تواجه أضدادًا أشداء ما بين مستعمر صليبي حقود، وطرقي متعصب، وشباب متفرنج منحل، وأذناب من الموظفين الدينيين(13). وأن تجابه أوضاعًا مزرية تعيشها الأمة في جميع جوانب حياتها، أوضاعًا صنعتها تخلف عقود طويلة من السنين، أوجدت مناخ القابلية للاستعمار في نفوس وواقع الأمة، وعمَّقها غزو حضاري شرس، يريد الإجهاز على أمة ومحوها من الوجود باستعماره الاستيطاني، ويعترف الإمام بن باديس أن الناس قبل نجاح حركة الإصلاح كانوا يظنون أن الإسلام إلا ما تصوره الطرق الصوفية. ومما زاد في ترويج هذه الفكرة الضالة ما رأوه من مسلك علماء الدين ضيقي الأفق الذين ساندوا الطرقية، وأيدوا شيوخها. فلما شرع هو في محاربتها في كل من رسالته "رسالة جواب سؤال عن سوء مقال" وعبر صفحه "المنتقد" و"الشهاب" ومساعدة إخوانه من رجال الإصلاح في جمعية العلماء المسلمين وصحفها.. ظن الناس أن هدم هذه الأباطيل، التي رسخت في النفوس مع الزمن وأيدها المستعمر محال. لكن الله وفق الجزائريين إلى معرفة حقيقة هذه الطرق وإلى الكشف عن أهدافها من إشاعة العقائد الباطلة وتحريف الإسلام وتشويهه، وتحطيم القيم الأخلاقية الإسلامية، ومن مساندة دولة الباطل حتى إذا دعاها داعي السلطان لبت خاضعة مندفعة، وإذا دعاها داعي الأمة ولت على أعقابها مدبرة.



والحق أن الاستعمار قد أخذ على غرة عندما سقط أعوانه من أصحاب الطرق الصوفية، فحاول حمايتهم، وبدأت صحفه(14) تدافع عن هؤلاء العملاء، وتصفهم بأنهم فرنسيين المخلصين، وتستشهد بما قاله بعض المرابطين : "إذا كنا أصبحنا فرنسيين فقد أراد الله ذلك، وهو على كل شيء قدير. فإذا أراد الله أن يكسح الفرنسيين من هذه البلاد فعل، وكان ذلك عليه أمرًا يسيرًا.. ولكنه كما ترون يمدهم بالقوة، وهي مظهر قدرته الإلهية، فلنحمد الله ولنخضع لإرادته".

لقد تلقف المتعصب هذه العثرة التي لا تُقال، وضرب لها الطبل، واستدل بها على ضعاف العقول حين أوصاهم بالتمسك بهذه الخطة - خطة الضيم - بتمويه وتضليل عجيبين، وأدرك المحتل أنها بوابة لبقائه كما قال بونابرت في خطابه لأهل مصر: "أيها العلماء والأشراف! أَعْلِموا أمتكم ومعاشر رعيتكم بأن الذي يعاديني ويخاصمني إنما خصامه من ضلال عقله، وفساد فكره؛ فلا يجد ملجأ ولا مخلصاً ينجيه مني في هذا العالم، ولا ينجو من بين يدي الله لمعارضته لمقادير الله سبحانه وتعالى، والعاقل يعرف أن ما فعلناه بتقدير الله - تعالى - وإرادته وقضائه، ومن يشك في ذلك فهو أحمق أعمى البصيرة! وأعلموا أيضاً أمتكم أن الله قدَّر في الأزل هلاك أعداء الإسلام، وتكسير الصلبان على يديَّ! وقدَّر في الأزل أني أجيء من المغرب إلى أرض مصر لهلاك الذين ظلموا فيها! وإجراء الأمر الذي أمرت به، ولا يشك العاقل أن هذا كله بتقدير الله وقضائه. وأعلموا أيضا أمتكم أن القرآن العظيم صرح في آيات كثيرة بوقوع الذي حصل، وأشار في آيات أخرى إلى أمور تقع في المستقبل، وكلام الله صدق وحق لا يتخلف!!"(15).

فانظر إلى تطابق هذا الخطاب وموافقته لخطاب المرابط من أصحاب الطرق الصوفية يتضح لك خطورة مثل هذا الطرح والآثار السيئة المترتبة عليه. وقد تأسفت الصحيفة الفرنسية على مضي زمن الطرقية الذي كان يستمع فيه الجزائريون ويخضعون فيه لكل ما يوحي به إليهم شيوخها. ولإفساد العلماء المسلمون الجزائريون كل شيء منذ عشر سنوات. فقد بذلوا الجهد في هدم سلطان المرابطين وسحق مذهبهم بآيات القرآن، وهزموهم في كل مجال بما يقتبسونه من أحاديث الرسول مما يجهله خصومهم كل الجهل. واتهموهم بأنهم خونة للإسلام وأعداء المسلمين. وعمدت الصحيفة إلى تحريض الإدارة الفرنسية على التنكيل بالعلماء فتقول : "وقد نجح هؤلاء في حمل الناس على البراءة من مواطنيهم الذين قبلوا أن يعدوا من الفرنسيين وامتنعوا عن دفنهم في مقابر المسلمين. وهؤلاء القادة ينفذون أوامر تأتيهم من القاهرة ودمشق ومكة وهي المدن التي تعمل فيها جماعات خفية لتنفيذ أغراض على جانب كبير من الخطورة. والتبعة في ذلك تقع على الحكومة الفرنسية، فهي التي تركت هؤلاء المتعصبين أو الخبيثين يبثون دعوتهم ويضعون من سلطان أصدقائنا المرابطين".

ويقول الإمام بن باديس ردًا على هذا الاستعداء بالإدارة الفرنسية في الجزائر : إنه لا يهم جماعة العلماء المسلمين أن تجهز على هذا الجريح المثخن، ويعترف بأنه حارب الطرقية لما عرف فيها من أنها بلاء على الأمة من الداخل والخارج، فبذل هو وأصحابه كل الجهد في القضاء عليها بعد أن كشف أهدافها. وهو يؤكد لمواطنيه في عام 1938 م أن جماعة العلماء قد بلغت الغاية، وأنها عزمت على أن تترك أمر فلول الطرق الصوفية للأمة حتى تتولى القضاء عليها بنفسها. ومع ذلك فإنه لا يرفض أن يمد لمن بقى من هذه الفلول، حتى تشتري نفسها، وتعمل مع بقية المسلمين يدًا واحدة، على شريطة "ألا يكونوا آلة مسخرة في يد نواح اعتادت تسخيرهم. فكل طرقي مستقل في نفسه عن التسخير فنحن نمد يدنا له للعمل في الصالح العام. وله عقليته لا يسمع منا فيها كلمة وكل طرقي أو غير طرقي يكون أدنًا سماعة وآلة مسخرة فلا هوادة بيننا وبينه حتى يتوب إلى الله. قد نبذنا إليكم على سواء.. إن الله لا يحب الخائنين"(16).

وحقيقة نجح ابن باديس وأصحابه في تصحيح المفاهيم الإسلامية، وفي بعث الجزائر بعثًا روحيا مكنها من الخلاص نهائيًا من المستعمر وعملائه.

-------------------------------------------------

الهوامش :
1- الشهاب : س1، ع13، ص : 3.
2- الشهاب : المرجع نفسه.
3- القانون الأساس للجمعية وأصولها العشرون ملحق عربي فرنسي سجل مؤتمر جمعية العلماء، دار الكتب، الجزائر، 1982 م، ص:16.
4- عن محاضرة الأستاذ عبد المنعم قاسمي الحسيني : دور الطرقية في مقاومة الاستعمار الفرنسي - الطريقة الرحمانية نموذجا -.
5- د.أبو القاسم سعد الله : الحركة الوطنية الجزائرية، ج2 1900-1930 م،ط2، الشركة الوطنية للنشر والتزيع، الجزائر، 1983م، ص : 62-63.
6- بسام العسيلي : عبد الحميد بن باديس وبناء قاعدة الثورة الجزائرية، ط2، دار النفائس، بيروت، 1983 م، ص : 65.
7- انظر: الرحلات إلى شبه الجزيرة العربية من إصدار دارة الملك عبد العزيز بالرياض، 1/249، وتاريخ الجزيرة لمسعود الجزائري، ص 284.
8- الشهاب : ج12، م6، ص : 8.
9- من كتاب [التصوف الإسلامي] للدكتور زكي مبارك، 2/301.
10- انظر دراسات في التصوف لإحسان ظهير، ص 274 نقلاً عن نشرت جريدة (لابريس ليبر) وهي جريدة فرنسية يومية استعمارية كانت تصدر في الجزائر .
11- من كتاب [في التصوف] لمحمد فهر شقفة السوري، ص217.
12- مجلة الثقافة : س1، ع6، تصدر عن وزارة الإعلام والثقافة. مطبعة بولعيد، الجزائر، نوفمبر 1972 م، ص : 33.
13- د.محمد ناصر : المقالة الصحفية الجزائرية، نشأتها، تطورها، أعلامها من 1903-1931، م1، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1978 م، ص : 92.
14- جريدة الربييليكان 22/06/1938 عن مجلة الشهاب، ج7، م14.
15- أنظر تاريخ الجبرتي.
16- الشهاب، ج11، م14، محرم 1357 – مارس 1938، ص : 204.

مراجع غربية

(1غ) Octave DEPONT et Xavier COPPOLANI
(2غ) Les confréries religieuses musulmanes. contenant 2 gravures tirées à part, 64 dans le texte et une carte en couleurs Paris, 1897, gr. in-8° br., XXVII-1 pages n. ch., 576 pages, 11 planches et 55 vignettes Avec une grande carte en couleurs se dépliant, divisée en : Cartes de l'Algérie, l'Afrique, l'Asie et la Turquie d'Europe, désignant le Domaine géographique des Confréries religieuses musulmanes. Réimpression 1987, reliure toile verte.
(3غ) Publié sous le patronage de M. Jules Cambon, Gouverneur général de l'Algérie.
(4غ) Chap. III Organisation des confréries : Cheikh — Khalifa — Naib — Moqaddem — Rakeb, Chaouch — Khouan, Derouich, Faqir, Khoddam — Moqaddemat — Khaouniat — Idjeza — Investiture, initiation — Mourid — Rapports du Cheikh et du Mourid.
(5غ) ~ Chap. IV. Dénombrements des confréries religieuses : Nature du dénombrement — Confréries répandues en Algérie, leurs principales ramifications — Enumération rapide des divers pays de l'Islam où les confréries exercent une certaine influence.
(6غ) Chap. V. Système financier : Revenus divers, dépenses : Les dignitaires des confréries bénéficiaient des aumônes obligatoires, - la masse y trouvait avantage et profit, - la Zerda, prépondérance des marabouts. — Réunion des hobous au domaine de l'Etat - Mé****************************ement des croyants - Affermissement des confréries - Ressources ordinaires et recettes accidentelles: la sadaqa ou ghafara - la ziara, droits d'investiture, - la touiza, dons volontaires de diverses natures — Un Etat dans l'Etat : Les représentants des confréries sont devenus des personnages politiques exclusivement préoccupés de leurs intérêts matériels - Evolution spirituelle et désagrégation temporelle provoquées par l'Apreté au gain - Etat des esprits - Epoque de transition — Une partie des ressources de nos sujets musulmans est envoyée dans les divers pays de l'Islam - Appauvrissement de la masse indigène - Danger économique. ~ Chap. VI. - Rôle politique des confréries religieuses : Aperçu général sur leur action politique aux différentes époques de l'histoire - leur rôle en Algérie - elles sont l'Ame du mouvement panislamique — Détente de certaines confréries en faveur des gouvernements établis — Nos relations avec les Cheikhïa, les Taïbïa, les Tidjanïa et les Qadrïa. Situation de certaines corporations hostiles par rapport à l'Algérie et aux voies de pénétration dans notre hinterland africain. ~ Chap. VII. Conclusions DEUXIEME PARTIE : NOTICES ET DOCUMENTS ~ Chap. VIII Confrérie Mère (tariqa-el-ouçoul) des Qadrïa : Son origine, sa formation, ses principes fondamentaux, son domaine géographique - Ramifications: Azaouadïa (Azaouad), Fadelïa et Lessidïa, Akbarïa, Bakkaouïa ou Bakkaïa. — Confréries dérivées des Qadrïa (trouq-el-fourou'a) : Rafa'ïa, Sa'adïa ou Djebaouïra. — Confréries aux principes extatiques similaires : Djichtïa, Badaouïa ou Ahmedïa, Beïoumïa, Doussoukïa, Maoulenïa, A'roussïa-Selamïaa ou Soulamïa, A'ïssaouïa (A'ïssaoua), Boua'lïa, Ammarïa. — Corporations de jongleurs, de visionnaires, de charmeurs, d'exorcistes, etc..., placées sous le patronage de thaumaturges vénérés : Oulad-Moussa, Oulad ben A'ouda, Beni.A.bbas Oulad-Nahal, etc. ~ Chap. IX. Ecoles des Khelouatïa : Confrérie Mère des Khelouatïa : son origine, ses principes fondamentaux, son évolution, son domaine géographique. — Confréries et ramifications issues des Khelouatïa : Sounboulïa, Goulchinïa, Ouchakïa, Djelouatïa, Bakrïa, Cherkaouïa, Semmanïa, Hafnaouïa et dérivés : saouïa, derdirïa, lessïa, deïfïa, messellamïa. Rahmanïa -les Tidjanïa. ~ Chap. X. Ecoles des Chadelïa : Confrérie mère des Chadelïa : Sa formation, ses principes fondamentaux, son domaine géographique. — Confréries dérivées des Chadelïa : Djazoulïa, zerrouqïa, youcefïa, Ghazïa, cheikhïa, Nacerïa, Chabbïa, Taïbïa, Hansalïa, Derqaoua, Madanïa, Les moukhalia. ~ Chap. XI. Confrérie mère des Naqechabendïa : Son origine, ses pratiques, ses règles mystiques, son domaine géographique — Confréries dérivées et similaires : Soleïmanïa, Baktachïa, Alouanïa, Beiramïa. Les Melamïa. ~ Chap. XII. Saharaouardïa : Ecole mystique des Saharaouardïa : son origine, ses doctrines. ~ Chap. XIII. Les Khadirïa : Ecole des Khadirïa et confréries dérivées : Mirghanïa, Senoussïa.












صورة صاحب الدور الخطير الراهب شارل دو فوكو الذي أدخل بدعا كثيرة.. في عقول السذج من.. وجعل لكل قرية قديسها (الولي الصالح).. يحتفلون به على عادات الرومان وأرباب الكنيسة وأتباعها، وتذبح له القرابين وتوجه له الدعوات وذلك في كل الشمال الافريقي.. وقد ظهر عدد كبير من القديسين (الأولياء).. مثل قديس طنجة في المغرب سيدي بوعراقية وقديس الدار البيضاء سيدي بليوط وقديس سطات سيدي الغنيمي وقديس أزمور في دكالة مولاي بوشعيب، وقديس ورقلة سيدي بلخير الشطي وقديس مكناس سيدي الكامل.. !! وهكذا...!!



http://www.chihab.net/modules.php?na...print&sid=1422






 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:14 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "