العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > منتدى فضح النشاط الصفوى > منتدى نصرة سنة العراق

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-11-15, 05:19 PM   رقم المشاركة : 1
مدير موقع القادسية
مشترك جديد






مدير موقع القادسية غير متصل

مدير موقع القادسية is on a distinguished road


استعمال المال في بناء المؤسسات تجديد معاوية رضي الله عنه في مجال السياسة المالية / 2

استعمال المال في بناء المؤسسات
تجديد معاوية (رضي الله عنه) في مجال السياسة المالية/ 2-2

بقلم: د. طه حامد الدليمي

للخير باب يفضي إلى رحاب واسع، وللشر باب يؤدي إلى نتائج لا تنضبط. والمقصود هو الأساس والفكرة الرائدة التي تمثل الأصل الذي يبنى عليه. فما هو الأساس الذي بنى عليه معاوية سياسته المالية؟

استعمال المال في بناء المؤسسات لا الصرف المباشر على الناس
لقد غير معاوية الأساس الذي بنيت عليه السياسة المالية في العهد السابق وهو صرف المال في مصالح الناس كأفراد، إلى أساس آخر هو صرف المال في مصالح الناسكمجموع.
أي استعمال المال أولاً في تدعيم الدولة وتثبيت أركانها وتشييد مؤسساتها في بُناها العلوية والتحتية: العسكرية والأمنية والقضائية والتعليمية والخدمية وغيرها. فما فائدة بذل المال كله لشعب انقسم قسمين: قسم يتقوى بهذا المال على هدم الدولة، وقسم آخر يتفرج عاجزاً عن فعل شيء ضد هذا التجاوز الخطير؟!
ساهم المال السابق في تهديم ولاء الناس للدولة فعكس معاوية النتيجة بسيره على ذلك الأساس، وصار المال سبباً في تدعيم ولاء الناس للدولة. وقصير النظر يركز على الفعل مجرداً، ولا يدرك غايته فكرة، ولا نتيجته واقعاً.
وما فعله معاوية (رضي الله عنه) في هذه الجزئية هو عين سياسة النبي (صلى الله عليه وسلم) التي كانت تندرج تحت باب (المؤلفة قلوبهم). لكن ذا الخويصرة اعترض عليه حتى تجاوز قدره فقال له: "اعدل يا محمد؛ إنها والله قسمة ما أريد بها وجه الله"! وهو عين ما قاله ويقوله المخالفون لمعاوية حتى اليوم؛ ينظرون إلى الفعل كجزئية مجردة عن أساسها ونتيجتها وحيثياتها. لكن ماذا نفعل إذا كان كثير من الناس: جمهوراً ونخبة باتوا من طراز (ذي الخويصرة) بسبب تلك الثقافة السائدة الفاسدة!
لقد كانت السياسة السابقة تستعمل المال في مصلحة الأفراد، فعمل معاوية على سياسة جديدة تميل إلى استعمال المال في مصلحة الدولة، ومن خلال هذه المصلحة العامة تتحقق المصالح الخاصة للأفراد. ولم يكن في ذلك بخس لحق أحد؛ فحقوق الأفراد المالية المبينة بالشرع مكفولة لا تجاوز فيها عليهم. وإنما الكلام في المال الذي في خزينة الدولة (بيت المال). وهو، وإن كان في النهاية موضوعاً لخدمة الناس، لكنه من ناحية ثانية وهي طريقة التصرف فيه، هو حق الدولة المحض، بعد أن أدي في أصله حق الناس. مثل خمس الغنيمة بعد صرف أربعة أخماسها على مستحقيها: لا شأن للناس في تحديد طريقة التصرف فيه وتوجيهها. كما أنه لم يرد في الشرع تفصيل فيها؛ فيكون الحق في طريقة تصريفه في نهاية المطاف لولي أمر الناس، وليس للناس. وهذا ما عناه معاوية بقوله: "إنما المال مالنا والفيء فيئنا، من شئنا أعطينا ومن شئنا منعنا"([1]). لا كما فهمته الظنون الآثمة للمخالفين.
وإذ المال مال الدولة فلها الحرية في كيفية إنفاقه أو توزيعه. فعمل معاوية على توجيه عامة مال خزينة الدولة إلى ما يعود على الدولة أو الشعب ككل بالفائدة. مثل رواتب الجند وتكاليف تصنيع السلاح وأدوات الجهاد القديمة والمستحدثة مثل صناعة السفن وبناء الأساطيل حفاظاً على إدامة الفتوح ونشر الإسلام. ورواتب الحرس والشرطة وأجهزة الاستخبارات وما يقوم على توطيد الاستقرار والأمن الداخلي. ومصارف الزراعة وما تحتاجه من إصلاح الري وحفر الأنهار وإحياء الموات وغيرها من الاحتياجات. ومصارف (المؤلفة قلوبهم) لترسيخ ولائهم للدولة وكف شرهم عن الفتن. وكذلك مصاريف مؤسسات الدولة الأُخرى: القديمة والمستحدثة، مثل ديوان الخاتم والبريد والخراج والتعليم. وما يصرف للفقهاء وطلبة العلم، وعمارة المساجد وبناء المدن وعمارة البلدان وغيرها من المصارف التي تعود بالنفع الخاص على أفراد الناس، ولكن من خلال مؤسسات النفع العام للدولة.
وكان أمير المؤمنين معاوية يتابع الواقع ويواكب حاجاته بما يناسبها. فحين وقعت حوادث غش وتلاعب في الكتب التي تتضمن صرف المال، استحدث معاوية الخاتم وديوان الخاتم. "وصار هذا الديوان الجديد من أهم معالم القواعد المالية الجديدة زمن الأمويين، فكانت له نظم دقيقة، وعمال يقظون، فإذا صدر توقيع من الخليفة بأمر من الأمور أُحضر التوقيع إلى ذلك الديوان، وأُثبتت نسخته فيه، وحُزم بخيط، وختم بشمع، وختم بخاتم صاحب الديوان"([2]).
وقد كانت الدولة مهتمة بالصالح العام إلى حد قد لا يتخيله المتأخرون. فمن ذلك أن والي الموصل في عهد هشام بن عبد الملك، وفي وقت كانت ترزح فيه خزينة الدولة تحت ضغط مواجهة الأخطار الخارجية، قام بإنشاء مشروع رئيس لجر المياه عبر المدينة، وذلك بحفر قناة متفرعة من نهر دجلة تمر بالمدينة، تبنى عليها ثماني عشرة طاحونة، كلفتها ثمانية ملايين درهم. أنجز المشروع سنة (121هـ) بعد (15) سنة، وعمل عليه (5000) رجل([3]).
إن هذا التصرف في استثمار المال العام وتدبيره أولى وأنفع للناس ألف مرة من صرفه عن طريق التوزيع المباشر عليهم.
كانت هذه السياسة من أكبر عوامل الإصلاح والتجديد الذي عمله معاوية؛ وكانت الأمة آنذاك في أمس الحاجة إليه.

سياسة وسط .. تحفظ ميزات القديم وتلبي طلبات الجديد
ما من شك في أن نصيب الناس من الموارد المحددة لهم شرعاً، كالزكوات والصدقات والغنائم وغيرها، لم تتأثر بالتغييرات الجديدة. وكذلك أعطيات النساء والمواليد الجدد. ومستحقات النوازل والكوارث التي تحل بالناس، وحقوق المرضى مثل العميان والمجذومين. فلم يوقف معاوية العمل بـ(ديوان العطاء) كلياً، لكن من المؤكد أن الأساس الذي سار عليه معاوية في سياسة المال أثر عليه، ولصالح الدولة: شعباً وحكومة.
وقد ورد ما يشير إلى هذا، من أن معاوية خطب الناس فبيّن لهم أن المال مال الدولة تتصرف فيه بما تشاء مما تراه قائماً بمصالح الناس وإصلاحهم، وليس هو مال الناس يتصرفون فيه بما يشتهون وليس للحكومة غير إجراءات الصرف. والنص الوارد عنه في ذلك قوله: "إنما المال مالنا والفيء فيئنا، من شئنا أعطينا ومن شئنا منعنا"([4]). لكن يبدو أن النص حصل فيه تصرف من القادحين والمادحين على السواء. أما القادحون فقد جعلوا النص دليلاً على تعسف معاوية وتصرفه بالمال خارج ضوابط الشرع. مع أن ما يشبهه ورد عن عثمان بن عفان حين خطب الناس أيام الفتنة فقال: (ألا من كان له زرع فليلحق بزرعه، ومن كان له ضرع فليلحق فليحتلبنه. ألا إنه لا مال لكم عندنا، إنما هذا المال لمن قاتل عليه، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد). وقد مر قريباً ذكره. لكن الانحياز أعور.
وأما المادحون فقد أشكل عليهم النص – كما أرى – فوضعوا له زيادة أفادت بأن معاوية إنما قال ذلك اختباراً لغاية دينية سامية، ولم يقله مؤمناً به متبنياً له. ولو نظروا إلى النص نظر من عرف السياسة الشرعية في المال، ودرس الوضع الاجتماعي في تلك الفترة، لوضعوا القول موضعه. وعلموا أن معاوية إنما أراد بذلك أنه لا حق للناس في التحكم بمصارف هذا المال، فهذا الحق كله للدولة تعمل فيه ما تشاء من المباحات والمستحبات والواجبات على ما يرى القائمون عليه من أهل الشأن والتكليف والخبرة وأولهم الخليفة، لا على ما يرى عامة الناس ممن لا شأن لهم ولا تكليف ولا خبرة. والمال بهذا الحق مال الدولة ممثلة بالخليفة ونوابه والفيء فيئها؛ تعطي من تشاء وتمنع من تشاء. وليس هذا نفياً لحق الناس العام فيه.
إن الشيء ينفى باعتبار ويثبت باعتبار. كما أثبت الله تعالى مشيئة العبد فقال: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) (الإنسان:29)، ثم نفاها فقال: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) (الإنسان:30). فتلك مشيئة السبب، وهذه مشيئة القدر. وليست مشيئة القدر تجري اعتباطاً – حاشى لله! - بلا حكمة؛ لذا عقّب عليها فقال: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) (الإنسان:30). وعلى هذا قول معاوية: "من شئنا أعطينا ومن شئنا منعنا"؛ فليس هو عطاء ومنع بلا ضوابط مشروعة معقولة.
وفي هذا المعنى يروي ابن تيمية في (منهاج السنة:6/234) فيقول: روى محمد بن عوف الطائي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا ابن أبي مريم، عن عطية بن قيس قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان يخطبنا يقول: "إن في بيت مالكم فضلاً بعد أعطياتكم، وإني قاسمه بينكم، فإن كان يأتينا فضل عاماً قابلاً قسمناه عليكم، وإلا فلا عتبة عليّ، فإنه ليس بمالي، وإنما هو مال الله الذي أفاء عليكم"([5]). فهنا يقول معاوية بأن المال ليس ماله وإنما مال الله الذي أفاء عليهم. فالنفي باعتبار والإثبات باعتبار. اعتبر في الأول حق التصرف فأضاف المال إلى نفسه، واعتبر في الثاني حق الانتفاع فنفاه ذلك عنها.
وفي النص ما يفيد أن معاوية اختط خطاً وسطاً بين عوائد العهد الماضي ومطالب العهد الراهن. وأنه سار على سياسة استعمال المال في مصلحة الدولة أو الصالح العام، لكنه لم يهمل استعماله في مصالح الأفراد.
ولم يكن معاوية ممن يتصرف بالمال دون شعور بالمسؤولية الشرعية، حاشى وكلا. لكنه كان يجتهد كما يجتهد غيره ممن سبقه مثل علي والحسن، أو لحقه كعمر بن عبد العزيز. ومما يدل على حرصه على سلامة دينه في المال أنه لما حُضر أوصى بنصف ماله أن يرد إلى بيت المال. كان أراد أن يطيب له الباقي لأن عمر قاسم عماله"([6]).

تنويه: من أراد قراءة البحث كاملاً فإليه الرابط الخاص به
http://www.alqadisiyya3.com/index.ph...rticle&id=2556

[1]- سيأتي تخريجه لاحقاً.
[2]- السياسة الشرعية، ص130، مناهج جامعة المدينة العالمية، جامعة المدينة العالمية.
[3]- الدولة الأموية المفترى عليها، ص427، د. حمدي شاهين. مصدر سابق.
[4]- أصل النص ( كما في السلسلة الصحيحة للألباني، 4/398-399): أخرجه أبو يعلى (4/1781) من طريق ضمام بن إسماعيل المعافري عن أبي (قبيل) قال: "خطبنا معاوية في يوم جمعة، فقال: إنما المال مالنا والفيء فيئنا، من شئنا أعطينا ومن شئنا منعنا، فلم يرد عليه أحد. فلما كانت الجمعة الثانية قال مثل مقالته، فلم يرد عليه أحد. فلما كانت الجمعة الثالثة قال: مثل مقالته، فقام إليه رجل ممن يشهد المسجد، فقال: كلا بل المال مالنا والفيء فيئنا من حال بينه وبيننا حاكمناه بأسيافنا. فلما صلى أمر بالرجل فأدخل عليه، فأجلسه معه على السرير، ثم أذن للناس فدخلوا عليه، ثم قال: أيها الناس إني تكلمت في أول جمعة فلم يرد علي أحد، وفي الثانية، فلم يرد علي أحد، فلما كانت الثالثة أحياني هذا، أحياه الله، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "سيأتي قوم يتكلمون فلا يرد عليهم يتقاحمون في النار تقاحم القردة"، فخشيت أن يجعلني الله منهم، فلما رد هذا علي أحياني أحياه الله، ورجوت أن لا يجعلني الله منهم".
قال الألباني عن الحديث المرفوع: وهذا إسناد حسن لولا أن ابن عقبة لم أعرفه. لكنه قد توبع، فأخرجه أبو يعلى أيضا.. وذكر ما أثبته أعلاه. فكان ما أثبته قد ذكر للمتابعة. والحديث لا يرقى إلى مرتبة الحسن بسبب ابن عقبة. ثم قال الألباني: وأخرج المرفوع منه الطبراني في "الأوسط " (رقم - 5444) والزيادة له، وقال: "لم يروه عن أبي قبيل إلا ضمام". قلت: وهما ثقتان، على ضعف يسير في الأول منهما. والحديث قال الهيثمي في "المجمع " (5/236): "رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط " وأبويعلى، ورجاله ثقات".إ.هـ. قلت: ويتبين من هذا أن الزيادة - وهي القصة – لا ترقى إلى درجة الصحة.
[5]- ورواه الذهبي في (سير أعلام النبلاء، 3/152) فقال: أبو اليمان: حدثنا ابن أبي مريم، عن عطية بن قيس، قال: خطبنا معاوية، فقال: "إن في بيت مالكم فضلا عن عطائكم، وأنا قاسمه بينكم".
[6]- صحيح تاريخ الطبري، 4/38، د. محمد بن طاهر البرزنجي. مصدر سابق.







 
قديم 24-11-15, 02:27 AM   رقم المشاركة : 3
محمد السباعى
عضو ماسي






محمد السباعى غير متصل

محمد السباعى is on a distinguished road


جزاكم الله خيرا







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:45 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "