3- ارتكب السيستاني نفس الخطأ إزاء ما سموه بـ (قانون الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية) الذي صرح السيد عبد العزيز الحكيم والجلبي وآخرون ،
بأن هذا القانون فُرض عليهم فرضا وقد جاءتهم صيغته جاهزة ومعلبّة من أميركا دون أن يكون لأي عراقي دور في كتابته أو اقتراح البعض من فقراته ،
فبدلاً من أن يمارس السيستاني وظيفته كفقيه مجتهد له كلمته في أهم القضايا التي تهم الأمة والأفراد ،
ويصدر فتوى يبين فيها بطلان ذلك القانون ويكوّن قوة جماهيرية واعية ببطلانه تعمل على مناهضته أو عدم القبول به ،
ترك الأمة وأرسل برقية شكوى إلى كوفي عنان يطالبه بعدم تأييد القانون أو تكريسه ، وكأنه يشكو إلى جهة عادلة أو ذات مكانة أعلى من مكانته الفقهية .
وبعمله هذا لم يظهر كلمة الله بل طالب أن تكون كلمة كوفي عنان هي العليا وهي التي تحكم الأمة وتقرر نعم أولا ، وها هنا خطأ كبير ،
كانت النتيجة المترتبة عليه أنهم تجاهلوا شكواه وعملوا بالقانون ، ولا يزال القانون الذي اعترض عليه يعمل ،
ولم يصدر الفتوى التي تحرّمه وتحصن الناس من قبوله بل زاد على ذلك وصار يحث الناس على الانتخابات في ظل الاحتلال وظل ذلك القانون.
4- عندما حصلت التفجيرات الإجرامية في العاشر من محرم ( عاشوراء) في كربلاء والكاظمية ،
لم تصدر من السيستاني فتوى تحرّم الفعل الإجرامي وتدين الفاعل ذاته ليضع حاجزاً شرعيا يحول دون تكراره ،
بل أصدر فتوى بحرمة دخول الأراضي العراقية دون أذن السلطات !
والسلطات هم الاحتلال بالطبع ، وها هنا خطأ شرعي وقانوني كبير أكبر من ذلك الذي أشرنا إليه في الفقرة السابقة ،
إنها فتوى تعطي الشرعية للاحتلال بكل وضوح وكأنه هو صاحب الحق والسيادة في العراق يجب على الناس احترام إرادتهم وقوانينهم وعدم مخالفتهم ،
وفي نفس الوقت تخفف عن الاحتلال الضغوط الخارجية التي تأتي من الجوار وتحاربه ، وما أدرانا لعل الاحتلال هو الذي قام بتلك التفجيرات.
5- حينما ارتكب الاحتلال جرائمه الأخلاقية بحق السجناء المسلمين في أبو غريب ثارت ثائرة كل الشرفاء والخيرين في العالم وأدانوها بشدة ،
إلا السيستاني صمت وكأن شيئا لم يكن ،
لم يحرّم هذا الفعل ولم يطالب بمعاقبة الفاعلين ،
ولم يُدِن ولم يشجب كما فعل الآخرون...
فإذا كان الأمريكيون أنفسهم هم الذين كشفوها للعالم وأدانوها وطالبوا بمعاقبة المذنبين وحاكموهم ،
فماذا كان سيخسر السيستاني لو أصدر بياناً لا يكلف سوى بضع سطور وختم المرجعية ؟؟
وما السبب يا ترى من وراء صمته ؟؟
6- بعد تنصيب قوات الاحتلال العميل أياد علاوي الذي يتفاخر أمام وسائل الإعلام بكل وقاحة أنه يتعاطى مع الكثير من أجهزة الاستخبارات العالمية ( يقال أن عددها 16) وكان بعثي سابق مشهور بجرائمه ،
بدل أن يحرّم السيستاني التعاون مع هذه الحكومة ورئيسها سارع إلى تأييده وحكومته بأسرع ما يمكن .
7- أثناء التحرشات الأمريكية بالنجف وأبناء النجف وقبل الاقتراب منها اعتبر السيستاني النجف خطاً أحمراً لا يجوز تجاوزه من قبل قوات الاحتلال ،
ولكنه لم يحفظ كلمته تلك من موقعه كمرجع أمام الأمة ولا أمام الاحتلال ،
وصمت على تجاوزات خطوطه الحمراء ،
بل وعلى جرح قدسية قبة الإمام علي عليه السلام من قبل قوات الاحتلال دون أن يعلن موقفاً واضحاً إزاء ذلك سوى أنه طالب الجهات المتحاربة (الطرفين) أن تخرج من النجف ،
هل هذه مسألة في الصلاة كي يبنى حكمه على الاحتياط أم مسالة واضحة وضوح الشمس فيها طرفان حق وباطل ،
يجب عليه أن يقف مع الحق مهما كلف الأمر ، ويجب عليه أن يتمسك بالدفاع عن خطوطه الحمراء ،
ولو ببيان شجب أو إدانة ولكنه للأسف لم يفعل.
إنه من خلال تلك الممارسات يثبت للناس
أنه لا يصلح أن يكون مرجعاً
أو قائداً لمجموعة مهما كانت صغيرة
لأنه يخذلهم ولا يدافع عنهم ،
ولا حتى يظهر تعاطفه معهم بفتوى أو بيان أو كلمة موجهة ،
وهذا الموقف لا يزال يتكرر إزاء التفجيرات والاعتداءات التي ضحيتها من العراقيين وأطراف أخرى ،
فإذا أراد أن يقنعنا أن آراءه السياسية صائبة في مسالة الانتخابات أو غيرها
فليحسم لنا أولاً مسائل الصلاة التي هي في صميم اختصاصه كفقيه قضى جل عمره فيه ! ،
ومن بعد ذلك يحاول إقناعنا أنه قادر على التعاطي بمسائل السياسة
التي هي طارئة عليه وليست من ضمن اختصاصه ،
ولا حتى ضمن مسؤوليته باعتباره لا يؤمن بولاية الفقيه ،
ويرى ضرورة عزل الدين عن السياسة ...
نكرر القول :
إن البحث يمثل وجهة نظر الكاتب الشخصية ،
ولا نريد منه إلا أن يكون شهادة لله تعالى أمام الأمة العراقية ،
ومن أجل حقوقهم من الأموال الشرعية ،
والفتوى التي في ذمة السيستاني ،
وما ضاع حق وراءه مطالب .
ا. هـ مختصراً
المصدر : موقع التاريخ