العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-09-10, 10:17 AM   رقم المشاركة : 1
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


أبو هريرة وسباق الزمن / د. نعيم محمد عبد الغني

أبو هريرة وسباق الزمن

الدكتور نعيم محمد عبد الغني

ثمانية وسبعون عاما قضاها أبو هريرة في هذه الحياة، بين مكان مولده في قبيلة دوس باليمن ومكان وفاته بالمدينة المنورة في عام 57 من الهجرة بعد أن ملأ الدنيا حديثا عن رسول الله ليكون مثار اهتمام العلماء والسفهاء على حد سواء، فأما العلماء فيقدرون حق قدره ويعرفون علمه وفضله، وأما السفهاء فيطعنون فيه ويتهمونه بالكذب والتدليس على رسول الله .

لقد كان أبو هريرة من الحفاظ المتقنين الحريصين على العلم والمضحين في سبيله بكل غال ونفيس، فعاش في صحبة رسول الله قليلا ولكنه حصل كثيرا، عاش قرابة ثلاث سنوات منها تسعة أشهر تقريبا في صحبة العلاء بن الحضرمي الذي بعثه رسول الله إلى المنذر بن ساوى عامل الفرس على البحرين، وهذه الفترة الوجيزة جمع فيها أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواها للصحابة والتابعين؛ مما جعل ذلك مثار استغراب؛ إذ كيف استطاع أبو هريرة أن يحصل هذا العلم الكثير في هذا الزمن القصير؟ وكيف استطاع أن يسبق أبا بكر وغيره من السابقين الأولين في كثرة رواية الحديث؟
وهذا الاستغراب كان محل شبهات للتشكيك في عدالة سيدنا أبي هريرة وروايته للحديث، ومن ثم الطعن فيه وفي الحديث المروي عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-

لقد أثيرت هذه الشبهات في حياة أبي هريرة من أناس يحبون أبي هريرة ويخافون عليه وعلى إكثاره من الرواية، وأثيرت أيضا من الذين لا يحبون أبي هريرة، فأرجع سبب إكثاره في الحديث للعوامل الآتية:

أولا: الخوف من كتمان العلم، يقول أبو هريرة كما في السنن الكبرى للنسائي: (إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة، والله لولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا، ثم يقرأ: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)} (البقرة).

ثانيا: ملازمة النبي وانشغاله بطلب العلم، فحصل في زمن يسير هذا الكم الكبير، يقول رضي الله عنه: (إن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشبع بطنه ويحضر ما لا يحضرون ويحفظ ما لا يحفظون).

ثالثا: دعوة الرسول له، يقول أبو هريرة كما في السنن الكبرى للنسائي: (شهدت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجلسا فقال من يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي فلا ينسى شيئا سمعه مني فبسطت بردة كانت علي حتى قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقالته ثم ضممتها إلي فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئا سمعته منه)

رابعا: حرص أبو هريرة على طلب العلم، ففي البخاري عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( لقد ظننت - يا أبا هريرة - أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه )، ومن شدة حرصه على طلب العلم كان يجوع حتى يصاب بالصرع من شدة الجوع.

ويذكر أبو هريرة أن عبد الله بن عمرو بن العاص أكثر حفظا منه للحديث لأنه كان يكتب وأبو هريرة لا يكتب فيقول: (ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب)
لقد شهد الصحابة لأبي هريرة بالفضل والعلم فذكر ابن سعد في الطبقات أن أبا هريرة حدَّث ذات مرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بحديث ( من شهد جنازة فله قيراط )، فقال ابن عمر: "انظر ما تحدث به يا أبا هريرة فإنك تكثر الحديث عن النبي فأخذ بيده فذهب به إلى عائشة، فقال: أخبريه كيف سمعتِ رسول الله يقول، فصدَّقَت أبا هريرة، فقال أبو هريرة: يا أبا عبد الرحمن والله ما كان يشغلني عن النبي غرس الوَدِيِّ، ولا الصفق بالأسواق، فقال: ابن عمر: "أنت أعلمنا يا أبا هريرة برسول الله وأحفظنا لحديثه"

وأخرج ابن كثير في تاريخه عن أبي اليسر عن أبي عامر قال: كنت عند طلحة بن عبيد الله، إذ دخل رجل فقال: يا أبا محمد، والله ما ندرى هذا اليماني أعلم برسول الله منكم؟ أم يقول على رسول الله ما لم يسمع، أو ما لم يقل، فقال طلحة: "والله ما نشك أنه قد سمع من رسول الله ما لم نسمع، وعلم ما لم نعلم، إنا كنا قوماً أغنياء، لنا بيوتات وأهلون، وكنا نأتي رسول الله طرفي النهار ثم نرجع، وكان هو مسكيناً لا مال له ولا أهل، وإنما كانت يده مع رسول الله وكان يدور معه حيث دار، فما نشك أنه قد علم ما لم نعلم، وسمع ما لم نسمع" رواه الترمذي

لقد ضحى أبو هريرة براحته ولم ينشغل بالمال واشتغل بالعلم، فكانت صحبته للنبي أشبه ببعثة دراسية تحتاج إلى تفرغ وإلى رعاية من أصحاب المال والسلطان، وهذا ما حدث في عهد النبي الذي رعاه وأطعمه وكان الصحابة أيضا يعطون ما يتقوت به، وهذا ليس تسولا كما يزعم البعض بل هو طالب علم يجمع الحديث للمجتمع المسلم ومن ثم وجبت له النفقة من هذا المجتمع حتى يتم مهمته الكبيرة، وقد أنجز أبو هريرة مهمته الكبيرة في زمن يسير، وكان في سباق مع الزمن.

عن موقع رابطة أدباء الشام






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:38 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "