1 ] : كتاب " العقود الفضية في أصول الإباضية " تأليف الشيخ ! المؤرخ !! العلامة !!!: سالم بن حمد الحارثي الإباضي .
طبع هذا الكتاب مرتين : ( الأولى ) : طبعته وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان سنة 1403 هـ الموافق 1983 م وفي مقدمته رسالة بخط الشيخ ابراهيم بن سعيد العبري مفتي عام سلطنة عمان آنذاك ، أرسلها للمؤلف ، لتطبع مع الكتاب ، واعتبرها المؤلف بمثابة تقريظ له .و( الثانية ) : طبعته مكتبة تجارية خاصة في سلطنة عمان وفي مقدمته فوق ماذكر تقريظ بخطوط أربعة من كبار علماء الإباضية أحدهم هذا الذي ذكرناه سابقا ، وهو المفتي العام لسلطنة عمان آنذاك الشيخ !! إبراهيم بن سعيد العبري [[1]] وثانيهم المفتي الحالي لسلطنة عمان الشيخ !! أحمد بن حمد الخليلي[[2]] وثالثهم الشيخ !! سالم بن حمود السيابي [[3]] القاضي بمحكمة مسقط آنذاك ، ورابعهم الشيخ!! محمد بن شامس البطاشي [[4]] ، قاضي المحكمة الشرعية بمـطرح [ إحدى ولايات مسقط ] آنذاك …
هذا الكتاب سماه مؤلفه ، شيخ الإباضية الكبير بـ : " العقود الفضية في أصول الإباضية " وهو – بحق – قد جمع كثيرا من أصولهم العقائدية ، وتأريخهم السياسي ، وقد اجتمع له تقريظ شيخين تتابع كل منهما على منصب الإفتاء العام في القطر العماني ، وقد رضياه وأقراه مع أن مؤلفه سلك فيه طريقا من الوضوح في عرض أصول المذهب ، وخلطه بقليل من الألفاظ المطاطـة لتجعل له شيئا من القبول في عالم التقارب بين المذاهب ، على أن هذا القبول الذي سعى إليه لم ولن ينبت شيء منه مع ما صرح به من أصول يكفي في سوئها وشناعتها مجرد حكايتها فضلا عن التدليل على بطلانها ؛ ومع هذا ففيما أرى أن مفتيي عمان إنما قرظاه وصادقا عليه لأنه عندهما يعبر عن التسامح الكبير الذي أبداه المؤلف فيه ، والمرونة العظمى التي تظاهر بها ، والتقية الفضفاضة التي تقنع بها لإظهار المذهب في أوليات ظهوره للعالم الإسلامي في الساحات الفكرية والدينية بصورة مشرقة مقبولة ، نعم هو يمثل عندهما فيما أرى تسامحا ومرونة وتقية نظرا لما يعرفونه مما تحويه كتب المذهب الأخرى من ســوءات عقائدية تمثل حقيقة المذهب الإباضي وأصوله !!! .
هذا ومما نحن بصدد الحديث عنه هو تقرير العقيدة الإباضية التي يدينون بها ، والتي يقررها شيوخهم وعلماؤهم في صحابة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وعليه فأنقل للباحث عن الحقيقة هذا النص من الكتاب المذكور الذي ذكره المؤلف في معرض التعريف بأصول المذهب الإباضي ( ص 121 ) :
( فصل : عبدالله بن إباض
قال العلامة أحمد بن عبد الله الرقيشي من قدماء علماء عمان في " شرح اللامية " : الإباضيون منسوبون إلى إمامهم في الدين عبد الله بن إباض ) ثم ذكر نسبه ، وقـال : ( وهو الذي فارق جميع الفرق الضالة عن الحق …) ثم قال : ( وهو أول من بين مذاهبهم ، ونقض فساد اعتقاداتهم بالحجج القاهرات ، والآيات المحكمات النيرات ، والروايات النيرات الشاهرات ، نشأ في زمان معاوية بن أبي سفيان ، وعاش إلى زمان عبد الملك بن مروان ، وكتب إليه بالسيرة المشهورة ، والنصائح المعروفة المذكورة … )
( وقال العلامة الشماخي : عبد الله بن إباض المري التميمي إمام أهل التحقيق ، والعمدة عند شغب أولي التفريق ، سلك بأصحابه محجة العدل ، وفارق سبل الضلالة والجهل … وكان كثيرا ما يبدي النصائح لعبد الملك بن مروان )
( وهذه رسالته التي وجهها إلى عبد الملك بن مروان من شرح العقيدة ، وأصلها في كتاب السير العمانية القديمة :
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد ، من عبدالله بن إباض ، إلى عبدالملك بن مروان ، سلام عليك … ) ثم قال في هذه الرسالة : ( وأما ماذكرت من عثمان ، والذي عرضت من شأن الأئمة ، فإن الله ليس ينكر على أحد شهادته في كتابه ما أنزله على رسوله ، أنه من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ، والكافرون ، والفاسقون ، ثم إني لم أذكر لك شيئا من شأن عثمان والأئمة إلا والله يعلم أنه الحق … وأخبرك من خبر عثمان والذي طعنا عليه فيه ، وأبين شأنه الذي أتى عثمان ، لقد كان ما ذكرت من قد م في الإسلام وعمل به ، ولكن الله لم يجر العباد من الفتنة والردة عن الإسلام …)
( .. ثم أحدث أمورا لم يعمل بها صاحباه قبله ، وعهد الناس يومئـذ بنبيهم حديث ، فلما رأى المؤمنون ما أحدث أتوه ، فكلموه ، وذكروه بآيات الله ، وسنة من كان قبله من المؤمنين ، وقال الله : ( ومن أظلم ممن ذكر بآيات الله فأعرض عنها ، إنا من المجرمون منتقمون ) ، فسفه عليهم أن ذكروه بآيات الله ، وأخذهم بالجبروت ، وظلم منهم من شاء الله ، وسجن من شاء الله منهم ، ونفاهم في أطراف الأرض نفيا ، وإني أبين لك يا عبد الملك بن مروان ، الذي أنكر المؤمنون على عثمان ، وفارقناه عليه فيما استحل من المعاصي … ) ثم أخذ يسرد بعض ما افتراه من الكذب على ذي النورين عثمان بن عفان – رضي الله عنه – ويستشهد بآيات الوعيد فيه ، وينزلها عليه ، مثل قوله تعالى : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ، وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ، لهم في الدنيا خزي ، ولهم في الآخـرة عذاب عظيم ) قال : ( فكان عثمان أول من منع مساجد الله … )!! .وقوله تعالى : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، ما عليك من حسابهم من شيء ، وما من حسابك عليهم من شيء فتطرهم فتكون من الظالمين ) قال : ( فكان أول رجل من هذه الأمة طـــردهم .. ) إلى أن قال عن عثمان – رضي الله عنه - : : ( وبدل كلام الله ، وبدل القول ، واتبع الهوى .. ) وقوله تعالى : ( قل أرأيتم ما أنزل الله من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا ، قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ،وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة ) ، ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله ، فقد ضل ضلالا مبينا ) ، ثم عدد آيات أنزلها الله تعالى في الكافرين وينزلها هو على الخليفة الراشد ، والقانت الزاهد عثمان – رضي الله عنـه وأرضاه - ثم قال بعد ذلك : ( فلو أردنا أن نخبر بكثير من مظالم عثمان لم نحصها إلا ما شاء الله ، وكل ما عددت عليك من عمل عثمان يكفر الرجل أن يعمل ببعض هذا ، وكان من عمل عثمان أنه كان يحكم بغير ما أنزل الله ، وخالف سنة نبي الله .. وقد قال الله : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ، ويتبع غير سبيل المؤمنين ، نوله ما تولى ونصله جهنم ، وساءت مصيرا ) وقال : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلئك هم الظالمون ) ، وقال : ( ألا لعنة الله على الظالمين ، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا ) ، وقال : ( لا ينال عهدي الظالمين ) ، وقال : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ، وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ) ، وقال : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلئك هم الفاسقون ) ، وقال : ( وكذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون ) كل هذه الآيات تشهد على عثمان ، وإنما شهدنا عليه بما شهدت عليه هذه الآيات : ( والله يشهد بما أنزل إليك ، أنزله بعلمه ، والملائكة يشهدون ، وكفى بالله شهيدا ) .
ثم قال عبد الله بن إباض :
( فلما رأى المؤمنون الذي نزل به عثمان من معصية الله تبرؤوا منه ، والمؤمنون شهداء الله ، ناظرون أعمال الناس … ) (.. فعلم المؤمنون أن طاعة عثمان على ذلك طاعة إبليس .. ) ثم ذكر مقتل عثمان ، وأنهم قتلوه ، ونزل عليه قول الله تعالى : ( وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم ، وطعنوا في دينكم ، فقاتلوا أئمة الكفر ، إنهم لا أيمان لهم ، لعلهم ينتهون ) ، ثم قال : ( وقد يعمل الإنسان بالإسلام زمانا ثم يرتد عنه ، وقال الله : ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ، الشيطان سول لهم ، وأملى لهم ) .
ثم ذكر علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – بقريب مما قال في ذي النورين عثمان بن عفان ، ونزل فيه آيات من مثل التي سردها في شأن عثمان ، ثم ذكر معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – بمثل ذلك ، ثم قال :
( فمن يتول عثمان ومن معه [ ويقصد بمن معه علي بن أبي طالب ومعاوية ومن تولاهم كما يدل عليه السياق ] فإنا نشهد الله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، بأنا منهم براء ، ولهم أعداء ، بأيدينا ، وألسـنتنا ، وقلوبنا ، نعيش على ذلك ما عشنا ونموت عليه إذا متنا ، ونبعث عليه إذا بعثنا ، نحاسب بذلك عند الله … ) ثم أغلظ القول في عثمان ومحبيه ، وتعرض لذكر الخوارج ، فأثنى عليهم ، وذكرهم بخير ذكر ، وعظمهم ، وقال بعد ذلك :
( فهذا خبر الخوارج ، نشهد الله ، والملائكة أنا لمن عاداهم أعداء ، وأنا لمن والاهم أولياء ، بأيدينا ، وألسنتنا ، وقلوبنا ، على ذلك نعيش ما عشنا ، ونموت على ذلك إذا متنا … ) ثم قال : ( أدعوكم إلى كتاب الله ، .. ونبرأ ممن برئ الله منه ورسوله ، ونتولى من تولاه الله ..)
هذه هي خلاصة " السيرة المشهورة ، والنصائح المعروفة المذكورة " !!!
وقد نقلها مؤلف " العقود الفضـية " كغيرة من أئمة ومؤرخي الإباضية ، نقل مقر لها ، مفتخر بها ، عاد لها من مآثر إمام " أهل التحقيق !! ، والعمدة عند شغب أهل التفريق" !! ( الإباضية ) ، الذي ينتسبون إليه في كل أصل وفرع ، بل : إن مؤلف "العقود الفضية " أراد أن يرتفع بإمامه من شدة إعجابه بما سطـره عنه ، إلى رتبة الصحابة ، فلم يزد في تعليقه على الرسالة على قوله :
( ولم أطلع على تأريخ ولادته ولا وفاته ، ويدل بعض كلامه ، كأنه أدرك النبي – صلى الله عليه وسلم – ( فهذا الذي أدركنا عليه نبينا ) وهو ممكن …) فادعى لإمامه – زورا – مالا علم له به ، وهو لا يعرف لولادته ولا وفاته تأريخا !!! .
قال التائب : ( وكذلك كنت أيام العمى والجهالة أسير على خطا هذه العمائم ، وأعتز بهذه المآثر ، وأرددها مع الخاصة والعامة ، ولم أكن أدري يومئذ من فرط التعصب المقيت أن الاغترار بها ، إنما هو مما يشمله قول الله تعالى : ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) [الكهف : 103 – 104 ] ) انتهى كلامه .
وحتى يكون القارئ على بينة فإن رسالة عبد الله بن إباض هذه التي تقطر حقدا على أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – لا يزال يشيد بها محققوا الإباضية المعاصرون الذين يرفعون للعامة - في الملإ !!- شعار التسامح والاعتدال ، وإذا خلوا عضوا الأنامل من الغيظ على أصحاب رسول الله ومن والاهم !! .
وممن تغنى بها ، ورقص على أنغامها – كما يقال - وأوردها كاملة مشيدا بها الدكتور محمد صالح ناصر المدرس بمعهد القضاء الشرعي والإرشاد بسلطنة عمان كما قال في مقدمة كتابه " منهج الدعوة عند الإباضية " فقد أورد رسالة عبد الله بن إباض كاملة في هذا الكتاب من صفحة ( 324 ) إلى صفحة ( 337 ) ، وقد نشرت كتابه هذا مكتبة الاستقامة بمسقط سنة 1418 هـ 1997م .