العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-10-12, 03:46 PM   رقم المشاركة : 1
نجود طالب
عضو فعال







نجود طالب غير متصل

نجود طالب is on a distinguished road


Exclamation مقال غريب !! الرد على حجة أترضاها لاختك ؟


عبد الله السفياني




حجّة أترضاه لأمّك..؟ السّيف في موضع النّدى!

حين كثر الجدل والنّقاش حول مسلسل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي تعتزم بعض القنوات الفضائيّة بثّه في شهر رمضان المبارك، وحكم تمثيل الصّحابة -رضوان الله عليهم- قدّم كلا الطّرفين المحرّمون والمجيزون حججًا تبرّر موقفهم الشّرعيّ.
وما لفت نظري هو إحدى الحجج التي استخدمها المحرّمون حين يقولون للمجيزين ولعامّة النّاس إنّ أحدًا من المجيزين لا يرضى لأمّه ولا لأخته أن يمثّل دورها امرأة ساقطة أمام ملأ من النّاس؟ ويردّدون دائمًا العبارة النّبويّة المشهورة: (أتحبّه لأمّك؟) ..! فكيف ترضونها لأمير المؤمنين..الخ.

وما يدعوني للحديث هنا هو أمر في غاية الأهميّة يغيب كثيرًا عن أرباب الدّعوة والإصلاح، ذلكم هو الخلط البيّن والواضح بين الطّريقة البرهانيّة القائمة على الدّليل والحجّة الشّرعيّة والعقليّة، وبين الطّريقة الخطابيّة الوعظيّة القائمة على استدرار العواطف واستمالة القلوب ودفْع الهمم..الخ.

وهي من الأمور السّلبيّة التي عصفت بالدّعوة الإسلاميّة في حقبتها المعاصرة وأضرّت بها أيّما ضرر، ذلك لأنّها غيّبت بدون قصد أو بقصد دور العقل في النّظر والتّأمّل، وركّزت على جانب العاطفة والشّعور واستمالة القلوب في قضايا قد تكون في كثير من الأحيان من قضايا الفكر والعقل، ولا مجال فيها للمزايدة والعزف على وتر العاطفة.

إنّني هنا لا أنتقص الطّريقة الوعظيّة والخطابيّة؛ فهي من طرق الدّعوة والأمر والنّهي وجاء بها الأنبياء وأمروا بها، لكنّ الإشكاليّة تكمن في وضعها في غير سياقها واستخدامها في مكان ليس بمكانها؛ ممّا يلبس على النّاس ويظهر الحقّ في صورة الباطل والباطل في صورة الحقّ، خاصّة لدى العوامّ من النّاس الذين لا يميّزون بين مواضع الخطاب وسياقات اللّغة وأنواع الأدلّة ..!
وقديما قال المتنبي:

فوضْع النّدى في موضع السّيف بالعلا * مُضِرٌّ، كوضع السّيف في موضع النّدى!

هذا الضّرر الذي عناه المتنبي هو الذي أشير إليه هنا، وهو ضرر رهيف الحدّ ماضٍ في القطع، مهلك للعقل، ومقوّمات التّفكير والإبداع، وهو الذي كان سائدًا لدى خطابنا الدّعويّ في فترة ماضية، ونتج عنه جيل يمكن تعبئته عاطفيًّا وشحْنه وتحويله في بعض الأحيان إلى قنابل موقوته تتفجّر دون أن تدرك لماذا تفجّرت وفجّرت!

وسبب ذلك هو غياب العقل الذي يميّز بين ما يخصّ العقل من الخطاب، وما يخصّ العاطفة والشّعور.

ولكي لا نطيل نعود إلى حجّة هؤلاء في سياق مسلسل الفاروق -رضي الله عنه- وفي سياقات أخرى مشابهة مرّت وستمرّ على السّاحة الدّعويّة والثّقافيّة؛ لنجد أنّ عمدة هؤلاء في خطابهم الخطابيّ في مقابل الحجج والأدلّة حديث النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في المسند من حديث أبي أمامة قال: إنّ فتًى شابًا أتى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزّنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مَهْ!! مَهْ!! فقال: (ادنُهْ) فدنا منه قريبًا قال: (اجلس) فجلس، قال: (أتحبّه لأمّك؟) قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا النّاس يحبّونه لأمّهاتهم)...الحديث.

فلقائل أن يقول الآن: كيف تنكر هذه الطّريقة وقد استخدمها خير البريّة صلّى الله عليه وسلّم مع هذا الغلام وأقنعه من خلالها؟!
قلنا لو تأمّلنا الحديث وسياقه الذي ورد فيه لأدركنا الفارق الذي نتحدّث عنه، وعرفنا أنّ عدم إدراكه هو مصدر الخلل الذي أشرنا إليه سابقًا، فلو عدْنا إلى الحديث لرأينا أنّ هذا الشّابّ ما جاء يسأل عن حكم الزّنا لشبهة عنده، بل جاء وهو يعلم حرمة الزّنا مسبقًا، وإنّما جاء يستأذن فيه، والاستئذان لا يكون إلاّ لما هو ممنوع سلفًا، فالذي يشكو منه الشّابّ شهوة طاغية، وليست شبهة غالبة.

وهنا كانت الحكمة من المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- بأبي هو وأمّي، فلم يحدث الشّاب عن حكم الزّنا وتحريمه بنصّ القرآن، وإنّما خاطب وجدانه الممتلئ غيرة على عرضه؛ ليوقظ قلبه وروحه لتردع شهوته التي دفعته لطلب الإذن بالزّنا، وهذه هي الطّريقة الخطابيّة الوعظيّة التي يُراد منها تذكير الغافل، وتنبيه النّاسي، وإحياء القلوب التي ترين عليها الشّهوات..!
فسياق الحديث يدلّ على ذلك أوضح الدّلالة، وهو بيّن لمن وعاه وتأمّله أدنى تأمُّل، فالحوار بين الشّابّ والنّبيّ حوار في الإذن على شيء محرّم لدى الطّرفين، وتحريمه مستقرّ تمام الاستقرار، وليس حوارًا في الحكم الشّرعيّ والإفتاء فيه..!

ولا تحسبنّ أنّ هذه الطّريقة كانت غائبة عن أجلاّء العلماء، أو أنّها من صنع المعاصرين من المفكّرين والعلماء، بل هو أمر مستقرّ عند أهل العلم، وإليها أشار القرآن الكريم في التّمييز بين أساليب الخطاب وأنواعه، وإنّما دخل الخلل إلى الفكر الدّعويّ من خلال الوعّاظ والخطباء الذين كان لهم في كلّ فترة من فترات الإسلام تواجد كبير، وربّما طغى خطابهم الوعظيّ على الخطاب العلميّ الشّرعيّ والتبس هذا بهذا.
يقول تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِوَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ففي هذه الآية ثلاثة أساليب دعا الله نبيّه إلى دعوة النّاس من خلالها هي: الحكمة والموعظة والجدل، ولا يمكن أن تكون هذه الثلاثة شيئًا واحدًا يصلح لكلّ أحد وفي كلّ مقام وحال.
يحدّثنا ابن تيمية عن هذه الرّؤية التي نحن بصددها ببيان لا لبس فيه ولا غموض فيقول:

(الحكمة هي معرفة الحقّ والعمل به، فالقلوب التي لها فهم وقصد تُدعى بالحكمة؛ فيبيّن لها الحقّ علمًا وعملاً؛ فتقبله وتعمل به.
وآخرون يعترفون بالحقّ، لكن لهم أهواء تصدّهم عن اتباعه، فهؤلاء يُدعون بالموعظة الحسنة المشتملة على التّرغيب في الحقّ والتّرهيب من الباطل، والوعظ أمر ونهي بترغيب وترهيب، كما قال تعالى: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به) وقال تعالى: (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا)، فالدّعوة بهذين الطّريقين: لمن قبل الحقّ.

ومن لم يقبله فإنّه يُجادل بالتي هي أحسن، والقرآن مشتمل على هذا وهذا؛ ولهذا إذا جادل يسأل ويستفهم عن المقدّمات البيّنة البرهانيّة التي لا يمكن لأحد أن يجحدها؛ لتقرير المخاطب بالحقّ ولاعترافه بإنكار الباطل كما في مثل قوله: (أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون)..الخ). [الفتاوى: 19/164].

وهو كلام في غاية النّفاسة ابتعدَ عنه الخطاب الدّعويّ والشّرعيّ، فحصل الخلط بين خطاب الوعظ وخطاب البرهان، وأصبحنا نرى تجييشًا لعواطف النّاس بمثل هذه الطّرق التي تحرّكهم من الدّاخل، ولكنّها لا تصمد أمام الفكر والتّحليل.

وطريقة أترضاه لأمّك أو لأختك؟ ليست من قبيل الأدلّة العقليّة التي يحاجُّ بها؛ فالدّليل العقليّ الصّحيح الصّريح هو ما دلّ على مدلوله وألزم به الخصم، واستخدام هذه الطّريقة كدليل للمحاجّة توقع المجادل في حرج؛ إذّ قد يقول لك الطّرف الآخر: نعم أرضاه.
أضف إلى أنّ هذه الطّريقة القائمة على الحبّ والرّضا أو عدمه تختلف من بيئة لأخرى ومجتمع لآخر، فما لا ترضاه في مجتمعك وتنشئتك يرضاه غيرك، ويتّضح ذلك في المسائل الاجتهاديّة الخلافيّة بشكل واضح كمسألة كشف الوجه؟

فقد يسألك مستفتٍ من قوم يشيع فيهم كشف الوجه، ويعدّونه هو الحجاب الشّرعيّ الذي أمرهم الله به، وأنت من قوم يرون الحجاب الشّرعيّ تغطية الوجه والرّأس، ولا تقبل بحال أن تكشف أختك أو زوجتك وجهها بأيّ حال من الأحوال، وتظنّ أنّ الآخر على مثل ما أنت عليه، ثم تستخدم معه هذه الطّريقة الخطابيّة: أترضاه لأمّك، لأختك؟ فيقول لك: نعم أرضاه ..! فماذا يكون!؟ وكثير من المسائل الاجتهاديّة تختلف من مكان لآخر ومن زمنٍ لآخر..!

بل لو تأمّلت في منطوق الاستفهام الذي يُراد منه التّقرير لوجدت أنّه قائم على أفعال وجدانية (تحبّه.. ترضاه..)..؟ ممّا يشير إلى ارتباطه الوثيق بالنّفس وما يحرّكها من وعْظ.

ثم إنّ سؤال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- هو من قبيل السّؤال التّقريريّ، والاستفهام التّقريريّ لا يكون إلاّ على قضيّة يسلّم بها الطّرف الآخر وأنت تقرّره عليها ليس لذاتها، بل لما سيترتّب على إقراره بها..!

وللقائلين بحرمة تمثيل الصّحابة بناء على هذه الحجّة نقول لهم: ماذا لوقال لك المجيز: نعم أرضى أن تمثّل زوجتي أمام الملأ فأنا أعلم أنّ هذه ممثلة، وكلّ النّاس يعلمون ذلك؟ هل يُباح تمثيل الصّحابة ونسائهم بعد ذاك..!

وختامًا:
ما أريد أن أصل إليه من هذا الحديث هو ما أحبّه لنفسي وللقارئ الكريم: أن ننأى بأنفسنا عن خطابات الوعظ والتّجييش العاطفيّ في الأماكن التي لا تليق بها، وأن نحترم عقول النّاس وأفكارهم ورؤاهم، ونقدّم لهم من الأدلّة والحجج ما تقوم به الحجّة ويحصل به البيان، ومن كان من أهل الوعظ والتّذكير والخطابة فهو على خير كبير، وينفع الله به في مجاله الذي يحسنه، لكن لا يقحم نفسه في سؤالات الشّرع والعقل وتصادم الأدلّة، فما معه من بضاعة ليس هذا سوقها، وليتذكّر ما قد يجنيه ذلك على الجيل من ويلاتٍ تغيّبهم عن الوعي الذي يُراد لعقولهم أن تنشأ عليه؛ فتميّز به بين الحقّ والباطل، مستنيرة بنور الشّرع الذي هو مصباح العقول وهاديها.

وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه!

http://islamtoday.net/nawafeth/artshow-42-170336.htm









 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:20 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "