وكان من غريب مذهب الإباضية براءتهم من صهر النبي صلى الله عليه وسلم، وابن عمه.
وأبي السبطين الحسن والحسين رضي الله عنهم.
والخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه.
فهم يبرءون منه ويتولون قاتله أو يتوقف بعضهم في أمر قاتله غير متبرء منه بل متوليا لمن تولاه.
وهذا منتشر في كتب بني إباض قد علمه عالمهم لطالبهم.
ودونوه في كتبهم.
وإن كانوا يكتمونه عن عوام مذهبهم
فإن الله قد كتب للصحابة من المحبة في القلوب ما جعلها نافرة عن كل نافر عنهم ومبغض لهم.
كرامة من الله لهم على صدقهم في متابعة نبيه صلى الله عليه وسلم وذبهم عنه.
والآن مع هذا النقل أنموذجا على طعنهم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وستجد أخي الكريم في هذا الكلام من الحقائق الدامغة لهم ما يلي:
1-أن ابن ملجم حقيق بالرضا عند من صح لديه خبره.
2-وأن من لم يبلغه خبر ابن ملجم وحاله فعليه التوقف في أمره،فلا يتولاه ولا يبرء منه.
3-وأن ابن ملجم إنما كان مقتصا من علي بمن قتله من أهل النهروان.
4-وأن في آثار شيوخهم أن ابن ملجم ما قتله إلا بعد الإعذار والإنذار والاستتابه له.
5- وأنه ما قتله إلا بعد أن أبى التوبة إلى الله والرجوع عن خطأه.
6-وأن جرم علي وإثمه أعظم من جرم ابن ملجم.
7- وأنه ليس من الإنصاف أن يلام ابن ملجم على فعله بينما لا يلام علي بن أبي طالب.
وسلم.
**********
قال السالمي في (تحفة الأعيان:1/370)
في ذكر قدوم ابن بطوطة على عمان وما شاهده من أحوال الإباضية فيها:
"
قال: ويرضون عن الشقي اللعين ابن ملجم
ويقولون فيه العبد الصالح قامع الفتنة.
قلت: أما رضاهم عن ابن ملجم فالله أعلم به، وهو قاتل علي
ومن صح معه خبره واستحق معه الولاية فهو حقيق بالرضا،
ومن لم يبلغه خبره و لا شهر عنه بما يستحق به الولاية
فمذهبهم الوقوف على المجهول،
وعلي قتل أهل النهروان
فقيل:إن ابن ملجم قتله ببعض من قتل،
و يوجد في آثارنا عن مشايخنا أنه لم يقتله إلا بعد أن أقام عليه الحجة
وأظهر له خطأه في قتلهم
وطلبه الرجوع فلم يرجع،
وابن ملجم إنما قتل نفسا واحدة
وعلي قد قتل بمن معه أربعة آلاف نفس مؤمنة في موقف واحد إلا قليلا منهم ممن نجا منهم،
فلا شك أن جرمه أعظم من جرم ابن ملجم،
فعلام يلام الأقل جرما ويترك الأكثر جرما،
ليس هذا من الإنصاف في شيء،
وأما تسميتهم له قامع الفتنة فلم نسمعها إلا من كلام ابن بطوطة هذا.